الجزائر: مظاهرات حاشدة لإبعاد أويحيى عن رأس «التجمع الديمقراطي»

TT

الجزائر: مظاهرات حاشدة لإبعاد أويحيى عن رأس «التجمع الديمقراطي»

واجه أحمد أويحيى، رئيس وزراء الجزائر المستقيل، أمس ظرفاً صعباً بسبب تجمع عدد كبير من قياديي ومناضلي الحزب الذي يرأسه (التجمع الوطني الديمقراطي)، للمطالبة برحيله. وفي غضون ذلك أعلن رئيس الوزراء سابقاً سيد أحمد غزالي، ووزير الإعلام سابقاً، محمد السعيد، رفضهما المشاركة في «الاجتماع التشاوري»، الذي ستعقده الرئاسة غداً، تحسباً لرئاسية الرابع من يوليو (تموز) المقبل والمرفوضة شعبياً.
ونظم مناضلو «التجمع الوطني»، الذي يوصف بـ«حزب السلطة»، أمس، مظاهرة أمام مقره بالعاصمة للضغط على أويحيى قصد إبعاده من الحزب، الذي يقوده منذ سنين طويلة. وتصدر مشهد الاحتجاج، المتحدث باسم الحزب الصديق شهاب، الذي أقصاه أويحيى من هذا المنصب، إثر إبدائه مواقف معارضة للرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، عبر عنها في بداية الحراك.
واتهم شهاب في تصريحات لوسائل الإعلام أويحيى بـ«خيانة ثقة مناضلي الحزب، فقد مارس علينا خدعة بجرنا إلى دعم سياسات الرئيس طوال السنين الماضية، وفي الحقيقة كان أداة منفذة لقرارات القوى غير الدستورية». ويقصد بذلك أشخاصاً كانوا يسيرون السلطة في فترة مرض الرئيس السابق، ويصدرون القرارات نيابة عنه. وغالباً ما توجه التهمة بهذا الخصوص إلى شقيق الرئيس السابق، السعيد بوتفليقة.
وقال شهاب: «لا نريد هذا الشخص على رأس الحزب. فقد أثبت ولاءه لقوى أجنبية. كما أنه عميل يخدم أجندة معينة للنهب والسرقة... وطوال الـ20 سنة الماضية استغل أويحيى الحزب لأغراض شخصية ولتطبيق أجندة أجنبية، واليوم لدينا مطلب واحد هو رحيله لأنه شخص منبوذ من طرف الشعب الجزائري».
وشارك في المظاهرة برلمانيون ومنتخبون في مجالس بلدية، وفي مجلس ولاية الجزائر العاصمة. كما شوهد كاتب الدولة المكلف بالشباب وبرلماني الحزب سابقاً، بلقاسم ملاح ضمن المحتجين. وكان أطلق مساعي لعقد مؤتمر استثنائي للحزب بهدف انتخاب قيادة جديدة. وعلى إثر هذا الاحتجاج، أصدرت قيادة الحزب بياناً ندد بـ«التصرف الهمجي الذي صدر عن شهاب».
وعلى امتداد شهرين من المظاهرات، ظل أويحيى هدفاً للحراك بسبب تصريحات عدت «مستفزة». من بينها قوله إن «الشعب الجزائري سعيد بترشح رئيسه»، وذلك عندما أعلن بوتفليقة ترشحه لولاية خامسة في 10 من فبراير (شباط) الماضي، قبل أن يسحب ترشحه ويستقيل تحت ضغط الجيش. كما قال في بداية الحراك، عندما كان يومها رئيساً للوزراء، مبدياً معارضته له، إن «الأحداث في سوريا بدأت بالورود، ثم انزلق البلد إلى أنهار من الدماء»، وهو ما زاد من حدة الانتقادات ضده.
وعلى صعيد «الاجتماع التشاوري»، الذي دعت الرئاسة الطبقة السياسية والناشطين إلى المشاركة فيه غداً، بهدف بحث مخرج من الأزمة، نشر علي بن فليس، رئيس الوزراء سابقاً، رسالة رفعها إلى الرئيس المؤقت عبد القادر بن صالح، يعلن فيها رفضه الدعوة. وقال بن فليس، الذي يرأس حزب «طلائع الحريات»: «إن قراءتي المتأنية لدعوتكم المشاركة في لقاء تحضيري لانتخابات الرئاسة، ولإنشاء هيئة لمراقبة الانتخابات، ساهمت في تمكيني من تقدير مدى الهوة التي باتت تفصل بين الحكامة السياسية الراهنة للبلد، وسائر الشعب الجزائري؛ والغريب في هذا الأمر أن الثورة الديمقراطية السلمية الزاحفة ببلدنا لم تبخل، لا بالوضوح ولا بقوة التعبير، في إيصال آمالها وتطلعاتها».
وبحسب بن فليس، «يعد رحيل منظّر ومهندس هذا النظام السياسي المرفوض (بوتفليقة)، لا يمكن اعتباره بتاتاً زوالاً، ولا رحيلاً دون رجعة لذات النظام السياسي؛ بل على العكس تماماً، لأن النظام السياسي الذي نطق الشعب بحكمه النهائي عليه، لا يزال قائماً من خلال وجوه ورموز، تواصل الاحتفاظ بمقاليد الحكم في أهم مؤسسات الجمهورية، ولا سيما رئاسة الدولة والبرلمان والحكومة».
وأضاف بن فليس موضحاً: «إن أولوية الساعة لا تكمن إطلاقاً في مشاورات حول إحداث هيئة لتحضير الانتخابات وتنظيمها؛ إن هذه الساعة آتية في إطار الحل الشامل والكامل للأزمة السياسية الحالية، أما إحداث هيئة كهذه فليس بمقدوره أن يسهم في هذا الحل، ومن حق الجميع ألا يرى فيه سوى محاولة مكشوفة لتقزيم المطالب الشعبية والمشروعة، وإفراغ الثورة الديمقراطية السلمية من مضامينها السياسية الجوهرية؛ وبالتالي فلا تعدو هذه المبادرة أن تكون استبدال ما هو جوهري وأساسي، بما هو جزئي وثانوي».
من جهته، قال وزير الإعلام سابقاً ومرشح رئاسية 2009 محمد السعيد، في بيان إن «المشاورات بين السلطة والفاعلين السياسيين وسائر ممثلي المجتمع، أمر ضروري للوصول إلى صيغ توافقية، تضمن تقدم واستقرار المجتمع وبناء الدولة. لكنها في وضع البلاد اليوم ليست مجدية مع أطراف في السلطة، يطالب الشعب بتنحيتها، وبناء عليه، يعتبر حزب الحرية والعدالة (الحزب الذي يرأسه محمد السعيد) نفسه غير معني بهذا الاجتماع».



واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
TT

واشنطن تضرب منشأتين حوثيتين لتخزين الأسلحة تحت الأرض

واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)
واشنطن شنت نحو 950 غارة ضد الحوثيين خلال عام (الجيش الأميركي)

بعد يوم من تبني الحوثيين المدعومين من إيران مهاجمة أهداف عسكرية إسرائيلية وحاملة طائرات أميركية شمال البحر الأحمر، أعلن الجيش الأميركي، الأربعاء، استهداف منشأتين لتخزين الأسلحة تابعتين للجماعة في ريف صنعاء الجنوبي وفي محافظة عمران المجاورة شمالاً.

وإذ أقرت وسائل الإعلام الحوثية بتلقي 6 غارات في صنعاء وعمران، فإن الجماعة تشن منذ أكثر من 14 شهراً هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، وهجمات أخرى باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة، فيما تشن واشنطن ضربات مقابلة للحد من قدرات الجماعة.

وأوضحت «القيادة العسكرية المركزية الأميركية»، في بيان، الأربعاء، أن قواتها نفذت ضربات دقيقة متعددة ضد منشأتين تحت الأرض لتخزين الأسلحة التقليدية المتقدمة تابعتين للحوثيين المدعومين من إيران.

ووفق البيان، فقد استخدم الحوثيون هذه المنشآت لشن هجمات ضد سفن تجارية وسفن حربية تابعة للبحرية الأميركية في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن. ولم تقع إصابات أو أضرار في صفوف القوات الأميركية أو معداتها.

وتأتي هذه الضربات، وفقاً للبيان الأميركي، في إطار جهود «القيادة المركزية» الرامية إلى تقليص محاولات الحوثيين المدعومين من إيران تهديد الشركاء الإقليميين والسفن العسكرية والتجارية في المنطقة.

في غضون ذلك، اعترفت الجماعة الحوثية، عبر وسائل إعلامها، بتلقي غارتين استهدفتا منطقة جربان بمديرية سنحان في الضاحية الجنوبية لصنعاء، وبتلقي 4 غارات ضربت مديرية حرف سفيان شمال محافظة عمران، وكلا الموقعين يضم معسكرات ومخازن أسلحة محصنة منذ ما قبل انقلاب الحوثيين.

وفي حين لم تشر الجماعة الحوثية إلى آثار هذه الضربات على الفور، فإنها تعدّ الثانية منذ مطلع السنة الجديدة، بعد ضربات كانت استهدفت السبت الماضي موقعاً شرق صعدة حيث المعقل الرئيسي للجماعة.

5 عمليات

كانت الجماعة الحوثية تبنت، مساء الاثنين الماضي، تنفيذ 5 عمليات عسكرية وصفتها بـ«النوعية» تجاه إسرائيل وحاملة طائرات أميركية، باستخدام صواريخ مجنّحة وطائرات مسيّرة، وذلك بعد ساعات من وصول المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى صنعاء حيث العاصمة اليمنية الخاضعة للجماعة.

وفي حين لم يورد الجيشان الأميركي والإسرائيلي أي تفاصيل بخصوص هذه الهجمات المزعومة، فإن يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين، قال إن قوات جماعته نفذت «5 عمليات عسكرية نوعية» استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» وتل أبيب وعسقلان.

الحوثيون زعموا مهاجمة حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» بالصواريخ والمسيّرات (الجيش الأميركي)

وادعى المتحدث الحوثي أن جماعته استهدفت حاملة الطائرات الأميركية «يو إس إس هاري ترومان» بصاروخين مجنّحين و4 طائرات مسيّرة شمال البحرِ الأحمر، زاعماً أن الهجوم استبق تحضير الجيش الأميركي لشن هجوم على مناطق سيطرة الجماعة.

إلى ذلك، زعم القيادي الحوثي سريع أن جماعته قصفت هدفين عسكريين إسرائيليين في تل أبيب؛ في المرة الأولى بطائرتين مسيّرتين وفي المرة الثانية بطائرة واحدة، كما قصفت هدفاً حيوياً في عسقلانَ بطائرة مسيّرة رابعة.

تصعيد متواصل

وكانت الجماعة الحوثية تبنت، الأحد الماضي، إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي، زعمت أنها استهدفت به محطة كهرباء إسرائيلية، الأحد، وذلك بعد ساعات من تلقيها 3 غارات وصفتها بالأميركية والبريطانية على موقع شرق مدينة صعدة؛ حيث معقلها الرئيسي شمال اليمن.

ويشن الحوثيون هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن وباتجاه إسرائيل، ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة.

مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة الطائرات «هاري رومان»... (الجيش الأميركي)

وأقر زعيمهم عبد الملك الحوثي في آخِر خُطبه الأسبوعية، الخميس الماضي، باستقبال 931 غارة جوية وقصفاً بحرياً، خلال عام من التدخل الأميركي، وقال إن ذلك أدى إلى مقتل 106 أشخاص، وإصابة 314 آخرين.

كما ردت إسرائيل على مئات الهجمات الحوثية بـ4 موجات من الضربات الانتقامية حتى الآن، وهدد قادتها السياسيون والعسكريون الجماعة بمصير مُشابه لحركة «حماس» و«حزب الله» اللبناني، مع الوعيد باستهداف البنية التحتية في مناطق سيطرة الجماعة.

ومع توقع أن تُواصل الجماعة الحوثية هجماتها، لا يستبعد المراقبون أن تُوسِّع إسرائيل ردها الانتقامي، على الرغم من أن الهجمات ضدها لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.