«المجتمع المدني» يفشل مجدداً في اجتذاب أكثرية شعبية

رغم خوض 7 مرشحين الانتخابات الفرعية في طرابلس

لقاء بين الرئيس نجيب ميقاتي وأمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري والمرشحة الفائزة ديما جمالي خلال المعركة الأخيرة في طرابلس (الوكالة الوطنية)
لقاء بين الرئيس نجيب ميقاتي وأمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري والمرشحة الفائزة ديما جمالي خلال المعركة الأخيرة في طرابلس (الوكالة الوطنية)
TT

«المجتمع المدني» يفشل مجدداً في اجتذاب أكثرية شعبية

لقاء بين الرئيس نجيب ميقاتي وأمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري والمرشحة الفائزة ديما جمالي خلال المعركة الأخيرة في طرابلس (الوكالة الوطنية)
لقاء بين الرئيس نجيب ميقاتي وأمين عام تيار «المستقبل» أحمد الحريري والمرشحة الفائزة ديما جمالي خلال المعركة الأخيرة في طرابلس (الوكالة الوطنية)

خسارة جديدة تضاف إلى سجل خسارات «المجتمع المدني» منذ الانتخابات النيابية الماضية وحتى اليوم. فهو الذي لم ينجح في مايو (أيار) الماضي إلا بإيصال مرشح واحد له إلى الندوة البرلمانية، (النائبة بولا يعقوبيان)، فشل في الانتخابات الفرعية في طرابلس بتحقيق الخرق.
ويتحدث مصدر سياسي عن «وصول أهالي طرابلس والقسم الأكبر من اللبنانيين إلى ما يشبه حالة الاستسلام، فلا هم مستعدون بعد اليوم لتجديد البيعة لحكامهم منذ تسعينيات القرن الماضي وحتى اليوم، ولا هم مقتنعون بوجوب قلب الطاولة عليهم من خلال التصويت لمعارضيهم الذين لم يتمكنوا من أن يكونوا على ما يبدو محط ثقة»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى «إمكانية أن تكون المنظومة الحاكمة نفسها قد نجحت بالتصويب جيداً على معارضيها، والإطاحة بهم، كما إلى احتمال أن يكون التجاذب الداخلي الحاصل داخل القوى المعارضة هو الذي أضر بها، وجعلها تخرج إلى العلن بصورة الضعيفة غير القادرة على إدارة شؤونها الداخلية، فكيف بالأحرى إدارة شؤون البلد».
ولا يعتبر الوزير السابق زياد بارود، أن المجتمع المدني كان حقيقة جزءاً من المعادلة في انتخابات طرابلس باعتباره أصلاً لم يدعم مرشحاً معيناً بوجه مرشحة القوى السياسية التي فازت (ديما جمالي)، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن اعتبار قسم كبير من الناخبين أن نتيجة «فرعية طرابلس» محسومة، سواءً بسبب تحالف القوى السياسية الرئيسية في المدينة، أو بسبب عدم وجود كتلة موحدة لمواجهة هذا التحالف بمرشح معين، هو الذي أدى لإحجام القسم الأكبر منهم عن الاقتراع. ويضيف بارود: «إن حصول الانتخابات على أساس نظام أكثري في ظل ما يشبه الدائرة الفردية لم يكن عنصراً مشجعاً على الإطلاق على حصول أي مفاجآت، وإن كنا نعتبر أن النتيجة التي حصل عليها المرشح يحيى مولود ليست عابرة، ويمكن البناء عليها في انتخابات عامة مقبلة على أساس النظام النسبي»، علماً بأن مولود الذي خاض الانتخابات النيابية في شهر مايو (أيار) الماضي على لائحة «كلنا وطني» التابعة لـ«المجتمع المدني»، حصد 3295 صوتاً في «فرعية طرابلس» واعتبر بعيد إعلان النتائج أن المعارضة انتصرت في المدينة، وقالت لا للسلطة السياسية، ورد ذلك إلى نسب المشاركة في عملية الاقتراع. أما الباحثة في علم الاجتماع السياسي الدكتورة نهلة الشهال، فترى أن نسبة المشاركة المتدنية جداً في انتخابات طرابلس، التي بلغت 12.5 في المائة كان يمكن أن تكون كفيلة في أي بلد آخر بإلغاء هذه الانتخابات، باعتبارها مؤشراً واضحاً إلى كون الناخبين ملوا هذه «الكوميديا السخيفة» فارتأوا الانكفاء وملازمة منازلهم. ولا تعتبر الشهال أن «المجتمع المدني» كان هو الآخر معنياً بشكل مباشر بالانتخابات لنقول بأنه نجح أو فشل، مشيرة في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «الصراع الطائفي والمذهبي الطويل وفساد الطبقة السياسية، والأهم اليأس المسيطر على النفوس، كما عدم إيمان الأغلبية الساحقة أن توجهها لانتخاب شخصية جديدة سيغير شيئاً بالوضعية القائمة، كلها عناصر أدت لإحجام الناس المنشغلين أصلاً بالوضع الاقتصادي والمالي، الذين يترقبون في شهر سبتمبر (أيلول) المقبل مشهداً أبشع مما حصل في اليونان».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».