الخلاف على الأولويات يهدد التوافق الهش بين الكتل العراقية

البرنامج والضمانات أهم في نظر الكرد والعرب السنة من حكومة لا تستمر طويلا

صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي وهو يستقبل رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس
صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي وهو يستقبل رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس
TT

الخلاف على الأولويات يهدد التوافق الهش بين الكتل العراقية

صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي وهو يستقبل رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس
صورة وزعها مكتب رئيس الوزراء العراقي المكلف حيدر العبادي وهو يستقبل رئيس البرلمان سليم الجبوري أمس

فيما دعا «التحالف الوطني الشيعي» شريكيه الرئيسين في المعادلة السياسية العراقية، التحالفين السني والكردي، إلى الإسراع بتقديم مرشحيهما لشغل الحقائب الوزارية قبل نهاية المهلة الدستورية لرئيس الوزراء المكلف حيدر العبادي - أكد قياديان، سني وكردي، أن الاتفاق على البرنامج الحكومي والضمانات أفضل بكثير من تشكيل حكومة قد لا تستمر طويلا أو تبقى عاجزة عن تقديم الحلول للمشكلات والأزمات التي تمر بها البلاد.
وقال «التحالف الوطني»، في بيان لهيئته القيادية بعد اجتماعها أمس، إن «المجتمعين ناقشوا الرؤى والأفكار التي تقدمت بها اللجنة المكلـفة التفاوض، والتي أعدتها وفق التصورات الوطنية التي تضمن حقوق المكوِنات كافة بما يتفق مع الدستور العراقي باعتباره الدعامة الأساسية لبناء الدولة». وأشار البيان إلى أنه «جرى الاتفاق خلال الاجتماع على المضي في مواصلة الحوارات مع الكتل السياسية؛ لإنضاج ورقة وطنية تـعتمد في البرنامج الحكومي للدورة المقبلة، علاوة على مطالـبة الكتل كافة بالإسراع بتقديم أسماء مرشـحيها لشغل المناصب الوزارية».
في سياق ذلك، عد القيادي البارز في «المجلس الأعلى الإسلامي» ونائب رئيس الجمهورية السابق عادل عبد المهدي أن رئيس الوزراء المكلف، لن يتنازل أو يتعسف إن أعطى حقا دستوريا أو طالب بتنفيذ التزام، مشددا على ضرورة احترام ما هو حق وواجب دستوري وعدم قسر التفسيرات المجحفة لأي طرف. وقال عبد المهدي في بيان له، إن «إعداد منهاج حكومي، يتضمن المحاور الأساسية لتجاوز الانحرافات والأخطاء المتبادلة أمر مهم للبدء بعهد جديد يستثمر المتحقق ويتجاوز التعطيلات والانحرافات، ولعل النقطة الجوهرية، هي أن شركاء الوطن بأطيافهم وألوانهم المختلفة، هم شركاء حقيقيون في القرار الأمني والسياسي والاقتصادي وسياسات البلد الأساسية، في إطار مؤسسات وتوازنات حددها الدستور، والتي لم تفعل إما لعدم استكمال القوانين المطلوبة، وإما بسبب سياسات الاستفراد والتجاوز وإما التعطيلات المتبادلة».
كرديا، حذر اجتماع للقيادة الكردية مع الوفد المفاوض مع بغداد من «فشل» مساعي إنقاذ البلاد، وإجهاض الجهد الوطني، «إذا لم تضح ملامح البرنامج الحكومي، وترتبط بضمانات مؤكدة، للاتفاقات المبرمة»، ودعا إلى دعم الجهد العسكري للبيشمركة «فورا»، في إطار توحيد الجهود ضد الإرهاب. وفي هذا السياق، أكد القيادي في «التحالف الكردستاني»، مؤيد طيب، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «الحديث عن سقوف عالية من قبل الأكراد والسنة، وهو ما باتوا يعدونه بمثابة ضياع فرصة أمام العبادي، أشبه بكلام حق يراد به باطل، إذ إن إظهار الشركاء كأنهم هم المعرقلون أو أن مطالبهم ذات سقوف عالية أمر غير صحيح، لأن ما يهمنا هو ليس مجرد تشكيل حكومة، بل تحقيق المطالب الدستورية».
وأضاف طيب أن «الكرة الآن ليست في ملعب (التحالف الوطني) فقط، بل في ملعب العبادي تحديدا، لأن عليه أن يستوفي مهمات إنجاح مهمته، ليس من خلال نوع من تبادل الأدوار مع بعض أطراف (التحالف الوطني)، بل من خلال تقديم تعهدات حقيقية وبسقوف زمنية لكي نقبل مبدأ الشراكة والمشاركة معا». وأوضح أن «هناك تصريحا للسيد العبادي بدا غريبا وغير مطمئن، حيث قال قبل أيام إن (التحالف الوطني) لديه الأغلبية الكافية لتمرير تشكيل الحكومة، إذ إن تهديدا مبطنا مثل هذا لا ينسجم مع متطلبات الشراكة الوطنية المطلوبة». وأشار طيب إلى أنه «إذا كان العبادي حريصا على الشراكة الحقيقية وعدم تكرار أخطاء الماضي يتوجب عليه إعطاء تطمينات للشركاء، لأن السنة والأكراد لم يعد يهمهم مجيء رئيس وزراء فقط بقدر ما يهمهم بناء البلد والشراكة الحقيقية».
في السياق نفسه، أكد القيادي في «تحالف القوى العراقية» (الكتلة السنية في البرلمان) محمد الخالدي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «المطلوب من العبادي ألا يكون مثل سلفه المالكي لأن سياسة التسويف لن تجدي نفعا بعد الكوارث التي حصلت في البلاد». وأضاف أنه «ليس مهما بالنسبة لنا تشكيل وزارة حتى ننقذ العبادي أو من سواه، بل نريد لهذه الوزارة أن تكون قوية وقادرة على إخراج البلد من الأزمات العاصفة التي يمر بها». وأوضح العبادي أن «الفشل الآن مع نهاية المهلة الدستورية أفضل من حكومة عليلة تستمر لسنوات ولا تحقق شيئا، ما عدا الفساد المالي والإداري».



مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
TT

مصر لتعزيز الشراكة مع أوروبا في مجال المياه

وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)
وزير الري المصري خلال استقباله سفيرة الاتحاد الأوروبي بالقاهرة (الري المصرية)

تسعى الحكومة المصرية، لتعزيز الشراكة مع الاتحاد الأوروبي، في مجال إدارة الموارد المائية، في ظل تحديات كبيرة تواجهها تتعلق بـ«محدودية مواردها». وخلال لقائه سفيرة الاتحاد الأوروبي في القاهرة أنجلينا إيخورست، الاثنين، ناقش وزير الموارد المائية والري المصري هاني سويلم، التعاون بين الجانبين، في «إعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجتها».

وتعاني مصر عجزاً مائياً، حيث يبلغ إجمالي الموارد المائية، نحو 60 مليار متر مكعب سنوياً، في مقابل احتياجات تصل إلى 114 مليار متر مكعب سنوياً، وبنسبة عجز تقدر 54 مليار متر مكعب، وفق «الري المصرية».

وتعتمد مصر على حصتها من مياه نهر النيل بنسبة 98 في المائة، والبالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.

وحسب بيان لـ«الري المصرية»، ناقش سويلم، مع سفيرة الاتحاد الأوروبي، مقترحات تطوير خطة العمل الاستراتيجية (2024-2027)، طبقاً للأولويات المصرية، مشيراً إلى الدعم الأوروبي لبلاده في مجالات «رفع كفاءة الري، وإعادة استخدام المياه، وتقنيات معالجة المياه، والتكيف مع تغير المناخ».

ووقَّعت الحكومة المصرية، والاتحاد الأوروبي، إعلاناً للشراكة المائية، خلال فعاليات مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ، COP28، الذي عُقد في دبي عام 2023، بهدف تحقيق الإدارة المستدامة للموارد المائية، وتعزيز الحوار، وتبادل الخبرات.

وأوضح وزير الري المصري أن «الإجراءات التي تتبعها بلاده لرفع كفاءة استخدام المياه، تندرج تحت مظلة الجيل الثاني لمنظومة الري»، منوهاً بقيام الوزارة حالياً «بتأهيل المنشآت المائية، ودراسة التحكم الآلي في تشغيلها لتحسين إدارة وتوزيع المياه، والتوسع في مشروعات الري الحديث»، إلى جانب «مشروعات معالجة وإعادة استخدام المياه، ودراسة تقنيات تحلية المياه من أجل الإنتاج الكثيف للغذاء».

ومن بين المشروعات المائية التي تنفذها الحكومة المصرية، بالتعاون مع عدد من دول الاتحاد الأوروبي، «البرنامج القومي الثالث للصرف، وتحسين نوعية المياه في مصرف (كيتشنر)، وتحديث تقنيات الري لتحسين سبل عيش صغار المزارعين في صعيد مصر، ومراقبة إنتاجية الأراضي والمياه عن طريق الاستشعار عن بعد».

وتعوِّل الحكومة المصرية على الخبرات الأوروبية في مواجهة ندرة المياه، وفق أستاذ الموارد المائية، في جامعة القاهرة، نادر نور الدين، الذي أشار إلى أن «القاهرة سبق أن استعانت بخبراء أوروبيين لصياغة حلول للتحديات المائية التي تواجهها مصر»، وقال إن «كثيراً من المقترحات التي قدمها الخبراء تنفذها الحكومة المصرية في سياستها المائية، ومن بينها التوسع في مشروعات معالجة المياه، وتحلية مياه البحر، واعتماد نظم الري الحديث».

وللتغلب على العجز المائي شرعت الحكومة المصرية في تطبيق استراتيجية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037 باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تشمل بناء محطات لتحلية مياه البحر، ومحطات لإعادة تدوير مياه الصرف بمعالجة ثلاثية، إضافة إلى تطبيق مشروع تحول للري الزراعي الحديث.

ويعتقد نور الدين، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الخبرة الأوروبية في مجال تطوير إدارة المياه والتغيرات المناخية هي الأفضل في هذا المجال»، مشيراً إلى أن «القاهرة تسعى إلى الاستفادة من المنح الأوروبية المقدَّمة في تلك المجالات، وخصوصاً، التكيف مع التغيرات المناخية»، معتبراً أن «التعامل مع العجز المائي في مصر من أولويات السياسة المائية المصرية».

ويُعد الاتحاد الأوروبي من أهم الشركاء في المجال التنموي بالنسبة لمصر، وفق أستاذ الموارد المائية بجامعة القاهرة، عباس شراقي، الذي أشار إلى أن «التعاون المائي بين الجانبين يأتي ضمن الشراكة الاستراتيجية الشاملة التي جرى توقيعها بين الحكومة المصرية والاتحاد الأوروبي، لتطوير التعاون بمختلف المجالات».

ويرى شراقي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «الاتحاد الأوروبي يمتلك التكنولوجيا والخبرات الحديثة بشأن تطوير استخدام المياه، خصوصاً في الدول التي تعاني من شح مائي».