السلطة تطلق حملة واسعة ضد «صفقة القرن»: لا نريد عيديتكم

بعد إعلان كوشنير أن الخطة ستطرح بعد شهر رمضان... والاتحاد الأوروبي يدرس إصدار إعلان مبادئ

جاريد كوشنير (أ.ب)
جاريد كوشنير (أ.ب)
TT

السلطة تطلق حملة واسعة ضد «صفقة القرن»: لا نريد عيديتكم

جاريد كوشنير (أ.ب)
جاريد كوشنير (أ.ب)

قالت السلطة الفلسطينية بأنها لا تقبل «عيديات» من الولايات المتحدة، وأن أي أموال لن تبدل في الموقف الفلسطيني الرافض لـ«صفقة القرن»، وذلك قبل نحو شهر ونصف على إعلانها المرتقب.
وقال رئيس الوزراء الفلسطيني محمد اشتية، بأن «السلطة الفلسطينية لن تستسلم بفعل الحرب المالية التي تقودها الولايات المتحدة من جانب وإسرائيل من الجانب الآخر، من أجل القبول بصفقة القرن»، مطالبا الدول بإنقاذ حل الدولتين بدلا من البيانات الكثيرة. وجاء موقف اشتية المعروف ضمن حملة واسعة ستبدأها السلطة ضد «صفقة القرن». وأكد نبيل شعث، كبير المستشارين الفلسطينيين للشؤون الخارجية، أن السلطة «ستشن حملة واسعة ضد صفقة القرن» لأنها تهدف إلى «القضاء على القضية الفلسطينية».
وأصدرت وزارة الخارجية الفلسطينية بيانا وجهت فيه رسالة لمستشار الرئيس الأميركي (صهره) جاريد كوشنير ومبعوثه لعملية السلام جيسون غرينبلات، قالت فيها بأن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى «عيديتهم» بعد شهر رمضان المبارك، في إشارة إلى إعلان كوشنير أنه سيطرح خطة السلام المعروفة بصفقة القرن بعد رمضان. وقالت الخارجية بأن إدارة ترمب نفذت الغالبية العظمى من الشق السياسي للخطة، ولم يبق منها إلا القليل، مؤكدة أن «إعلان ترمب بأن القدس عاصمة لدولة الاحتلال الجزء الأبرز في هذه الصفقة، كما أن نقل السفارة الأميركية من تل أبيب إلى القدس جزء آخر منها».
وتساءلت الخارجية: «إذا لم تكن هذه الإجراءات والقرارات الأميركية جزءاً من صفقة القرن، فما هي إذاً؟ هل هي خطوات تمهيدية لما قد يكون أسوأ؟ أم أن الإدارة الأميركية بدأت فعلا بتنفيذ الخطة بشكل تدريجي وعلى مراحل دون الإعلان المسبق عنها؟ ويتبقى بعد ذلك كما تحدث كوشنير وغرينبلات، ما يسمى بالشق الاقتصادي من الخطة الذي يعلق عليه فريق ترمب الكثير من الآمال، ولذا أبقوه إلى ما بعد شهر رمضان كعيدية لشعبنا، واهمين بأن الأموال يمكن أن تشتري موافقة الفلسطينيين على بيع وطنهم أو الصمت على تصفية حقوقهم».
وأضافت الخارجية: «نقول لكوشنير وغرينبلات بأن الشعب الفلسطيني ليس بحاجة إلى عيديتهم بعد شهر رمضان المبارك». وعادت الخارجية إلى التذكير بالقرارات الأميركية مثل إغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، والإعلان عن قطع المساهمات المالية لـ«الأونروا»، وإطلاق حملة تحريض تستهدف الوكالة ومصداقية أدائها، والإعلان أن إسرائيل لها الحق بالاستيطان في أي مكان بالأرض المحتلة، وضم القنصلية الأميركية العامة التي أنشئت في القدس في العام 1844 إلى سفارة أميركا في القدس، ومحاصرة السلطة الفلسطينية ماليا، ووقف المساعدات المالية المقدمة لها وللمشاريع التنموية بما فيها دعم مستشفيات القدس، والاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، وقالت بأن هذا كله جزء من صفقة القرن.
وأضافت أن «إنهاء ملف القدس واللاجئين والمستوطنات والأمن، سيتبعه الإعلان من جانب الرئيس ترمب بالاعتراف بسيادة إسرائيل على أجزاء كبيرة من الضفة الغربية المحتلة وما تسمى بالكتل الاستيطانية الضخمة. ووفقاً للمعطيات السياسية فإن إدارة ترمب ستستكمل تنفيذ الشق السياسي من الصفقة من خلال تشجيع إقامة كيان فلسطيني منفصل في قطاع غزة».
وتابعت أن «فريق ترمب يتسابق بالإدلاء بمزيد من التصريحات والمواقف بشأن ما تُسمى بصفقة القرن لخلق ضجيج مُشوّق للمشهد المُنتظر كما يدعون، كان آخرهم كوشنير مُعلنا انشغاله في تحضير هدايا العيد للشعب الفلسطيني من خلال عرض تلك الصفقة بعد شهر رمضان المبارك، في دردشة علنية لن تكون بتقديرنا الأخيرة، إذا ما تذكرنا المواعيد المُتضاربة التي تم الإعلان عنها أميركياً لطرح صفقة القرن».
وأكدت الوزارة أن فريق ترمب نسق هذه الخطة المزعومة بتفاصيلها مع الجانب الإسرائيلي وتحديداً مع بنيامين نتنياهو خلال زياراته المتكررة إلى واشنطن وعشرات اللقاءات مع فريق ترمب، الذي أنصت باهتمام لاشتراطات ولاءات وتحفظات نتنياهو وأخذ بها في صياغاته للخطة حرصاً منه على ضمان موافقة رئيس الوزراء الإسرائيلي عليها وأن لا تتعارض مع مواقفه السياسية.
وجاء الهجوم الفلسطيني على كوشنير وخطته بعدما صرح بأن الخطة الأميركية المُقترحة للسلام بين إسرائيل والفلسطينيين، المعروفة إعلاميا باسم «صفقة القرن»، ستُعرض بعد عيد الفطر السعيد، أي في بداية شهر يونيو (حزيران) المقبل. وأضاف كوشنير كما نقل عنه في اجتماع مغلق لمجموعة من سفراء الدول الأجنبية عُقد في واشنطن، أن «الخطة ستتطلب تنازلات من كلا الجانبين»، وأنه «يجب أن يكون هناك تفهم للصفقة» على حد تعبيره. ويريد الفلسطينيون تجنيد دول إلى جانبهم ويكزون أكثر على موقف للاتحاد الأوروبي وآخر روسي. وسيزور الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بروكسل، بعد نحو أسبوعين. وقالت تقارير إسرائيلية، بأن الاتحاد الأوروبي يدرس إصدار بيان يحتوي على مبادئ الدول الـ28 الأعضاء، حول السلام في الشرق الأوسط، إذا لم تشمل «صفقة القرن» الأميركية، مبادئ الاتحاد بهذا الخصوص.
وسيكرر البيان مواقف الاتحاد الأوروبي فقط، دون طرح مقترح خطة جديدة من قبل بروكسل. وقبل أسبوع، رأت وزيرة الخارجية الأوروبية فديريكا موغيريني، أن «حل الدولتين تلاشى، بل تقطع إربا إربا».



دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
TT

دعوات حكومية ودولية لتكثيف الاستجابة الإنسانية في اليمن

زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)
زيادة كبيرة في حجم احتياجات الاستجابة الإنسانية في اليمن يقابلها نقص في التمويل (الأمم المتحدة)

مع توجّه الحكومة اليمنية بطلب إلى الأمم المتحدة لعقد مؤتمر للمانحين لجهة دعم خطة الاستجابة الإنسانية في البلاد، بعد تزايد الاحتياجات الإنسانية الملحَّة، جددت منظمات دولية وأممية الدعوة إلى زيادة التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية.

وفي حين تواصل الجماعة الحوثية إعاقة جهود الإغاثة في البلاد، ذكر الإعلام الرسمي أن سفير اليمن لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أكد على ضرورة أن تظل الأزمة الإنسانية في اليمن على رأس أولويات الأمم المتحدة والمجتمع الدولي للحد من المعاناة المتزايدة، داعياً إلى تكثيف الجهود للإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المختطَفين والمعتقَلين، ومحاسبة المسؤولين عن مختلف الانتهاكات، في إشارة إلى الجماعة الحوثية.

وفي بيان اليمن أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة، خلال الجلسة الخاصة بتعزيز تنسيق المساعدات الإنسانية والإغاثية، حذَّر السعدي المجتمع الدولي من خطورة تجاهل الانتهاكات التي ترتكبها الجماعة الحوثية لخدمة أجندتها السياسية، بما في ذلك استخدام المساعدات الإنسانية لخدمة أهدافها العسكرية وتحويل المناطق الخاضعة لسيطرتها إلى سجون لمن يعارضونها.

أكثر من 19 مليون يمني بحاجة إلى المساعدات خلال العام المقبل حسب تقديرات أممية (الأمم المتحدة)

وأعاد البيان اليمني التذكير بأهمية نقل مقرات الوكالات الأممية والمنظمات الدولية إلى العاصمة المؤقتة عدن لضمان سلامة العاملين في المجال الإنساني، وتوفير بيئة آمنة للعمل بعيداً عن التدخلات؛ ما يساهم في تحسين القدرة على إيصال المساعدات إلى الفئات المحتاجة في مختلف المناطق. وتتهم الحكومة اليمنية وأوساط إغاثية وحقوقية محلية وأممية ودولية الجماعة الحوثية بالاستمرار في اختطاف العاملين بالمجال الإغاثي، وتبني حملات إعلامية مسيئة للعمل الإنساني، ورفض الاستجابة لطلبات عائلات المختطفين بالسماح بزيارتهم والاطمئنان على صحتهم الجسدية والنفسية، وتقديم الرعاية لهم.

سوء التنظيم والتخطيط

وجدَّدت الحكومة اليمنية التذكير بالأضرار الكبيرة التي تسببت بها الفيضانات والسيول التي ضربت عدة مناطق يمنية هذا العام، إلى جانب مختلف التطرفات المناخية التي ضاعفت من الآثار الناجمة عن الحرب في مفاقمة الأوضاع الإنسانية والاقتصادية؛ ما زاد من أهمية وضرورة تكثيف دعم المجتمع الدولي لليمن في مواجهة هذه التحديات.

جهات دولية تتهم الجماعة الحوثية بإعاقة أعمال الإغاثة بعد اختطاف موظفي المنظمات (رويترز)

ولا يتوقع جمال بلفقيه رئيس اللجنة العليا للإغاثة في الحكومة اليمنية أن يكون الدعم كبيراً أو كافياً لمواجهة مختلف المتطلبات والاحتياجات، مشيراً إلى أن عملية حشد الأموال لا بد أن تقترن بكيفية تنظيم إدارة العمل الإنساني والإغاثي، وخلق شراكة حقيقية بين الحكومة اليمنية والقطاع الخاص، والمنظمات المحلية والجهات الإغاثية الحالية، لإيصال المساعدات.

وفي حديثه لـ«الشرق الأوسط»، يصف بلفقيه الأزمة الإنسانية في بلاده بالأشد قسوة؛ ما يجعل من غير الممكن على اليمنيين الصمود أمام متطلبات معيشتهم، في ظل استمرارها وتصاعدها، منوهاً بأن حجم الأموال التي يمكن الحصول عليها ليس مهماً إذا لم يتم تنظيم عمليات الإغاثة للوصول بكفاءة إلى كل المستحقين.

وانتقد بلفقيه، وهو أيضاً مستشار وزير الإدارة المحلية، التوجهات الأممية الموسمية لزيادة التمويل، عند نهاية عام وبداية عام جديد، مع غياب التخطيط والتنظيم الفاعلين، وعدم مراعاة الاحتياجات المحلية للمتضررين من الأزمة الإنسانية في كل محافظة.

فيضانات الصيف الماضي في اليمن فاقمت من الأزمة الإنسانية وزادت من احتياجات الإغاثة (الأمم المتحدة)

من جهتها، أكدت منظمة «هيومن رايتس ووتش» أن اليمن أصبح يعيش «واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم»، وفقاً لبيانات الأمم المتحدة؛ ما يزيد من احتياجات التمويل والتعاون الأكبر بين الجهات الفاعلة الوطنية والدولية لتقديم المساعدات الأساسية، بما فيها الغذاء والمياه والإمدادات الطبية.

واتهمت المنظمة، في بيان حديث لها، الجماعة الحوثية، باحتجاز وإخفاء 17 شخصاً على الأقل من موظفي الأمم المتحدة، بالإضافة إلى عشرات الموظفين من المنظمات غير الحكومية ومنظمات المجتمع المدني والشركات الخاصة، ومواصلة احتجازهم دون تهم.

إيقاف التمويل

نقلت «هيومن رايتس ووتش» عن الأمم المتحدة، أن 24.1 مليون يمني، أي ما يساوي 80 في المائة من السكان، بحاجة إلى المساعدات الإنسانية والحماية».

ونبهت المنظمة الدولية إلى أن الحكومة السويدية أقرَّت، أواخر الشهر الماضي، «الإنهاء التدريجي» لمساعداتها الإنمائية لليمن، على خلفية الإجراءات التدميرية المتزايدة للجماعة الحوثية في الأجزاء الشمالية من اليمن، ومنها اختطاف موظفي الأمم المتحدة.

كما دعت الأمم المتحدة والمجتمع الدولي تصعيد مطالبة الحوثيين بالإفراج عن المعتقلين، وتنسيق جهودهما بشكل أفضل في هذا الهدف المشترك. وقالت: «يجب أن تضاعف وكالات الأمم المتحدة الجهود لحماية ودعم موظفيها المتبقين في اليمن».

رغم تراجع تمويل الإغاثة في اليمن لا تزال وكالات أممية تقدم مساعدات للنازحين والمحتاجين (الأمم المتحدة)

ويتفق الباحث الاقتصادي، عادل السامعي، مع مسؤول الإغاثة اليمني، بلفقيه، حول سوء إدارة أموال الإغاثة في اليمن، وتسبب ذلك في حلول جزئية ومؤقتة للأزمة الإنسانية في البلاد. ويوضح السامعي لـ«الشرق الأوسط» أن هناك تراجعاً ملحوظاً في تمويل خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن بسبب «الفساد» الذي أضر بالعملية الإغاثية وتجيير كثير من أوجه الدعم والمساعدات لصالح الجماعة الحوثية.

ويلفت إلى أن هناك تراكماً للفجوات بين الاحتياجات التي تفرضها الأزمة الإنسانية في اليمن والتمويل الموجَّه لها؛ فبعد أن كانت متطلبات الاستجابة الإنسانية خلال الـ12 عاماً الماضية تزيد على 33 مليار دولار، جرى تحصيل أقل من 20 مليار دولار فقط.

وخلال الأسبوع الماضي، كشفت الأمم المتحدة عن حاجتها إلى 2.5 مليار دولار لدعم خطة الاستجابة الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل (2025).

بسبب اختطاف الجماعة الحوثية موظفي الإغاثة في اليمن تراجعت عدد من الدول عن تمويل الاستجابة الإنسانية (أ.ف.ب)

وحذَّر «مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)»، في بيان له، من أن الظروف المعيشية لمعظم اليمنيين ستظل مزرية في عام 2025. ومن المتوقَّع أن تؤدي فرص كسب العيش المحدودة وانخفاض القدرة الشرائية إلى تعميق عدم الاستقرار الاجتماعي والاقتصادي.

ووفقاً للمكتب الأممي، فإن 19.54 مليون شخص في اليمن بحاجة إلى المساعدة خلال العام المقبل، من بينهم 17 مليون شخص (49 في المائة من السكان) سيواجهون انعدام الأمن الغذائي الشديد، مع معاناة 5 ملايين شخص من ظروف «الطوارئ». بينما يؤثر سوء التغذية الحاد على نحو 3.5 مليون شخص، بمن في ذلك أكثر من 500 ألف شخص يعانون من سوء التغذية الحاد الشديد.