الحريري يحاور مكونات الحكومة لوضع خريطة طريق لموازنة متقشفة

بعدما صارح اللبنانيين بخطورة الوضع المالي

TT

الحريري يحاور مكونات الحكومة لوضع خريطة طريق لموازنة متقشفة

لم ينطلق رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري من فراغ عندما دقّ ناقوس الخطر محذّراً من الوصول بالبلد إلى كارثة حقيقية خلال سنة في حال لم تتخذ قرارات تقشّفية تمنع الانهيار، خصوصاً أن الوضع المالي لا يسمح بزيادة الإنفاق، وأنه بات على الحكومة أن تتقدم بموازنة يغلب عليها التقشّف، «وهذا يتطلب من الجميع تضافر الجهود، بدلاً من الغرق في مزايدات شعبوية والتلهّي في تقاذف المسؤولية، التي من شأنها أن تعوق إعلان حالة الاستنفار القصوى للوصول بالبلد ولو تدريجياً إلى بر الأمان».
والصرخة التي أطلقها الرئيس الحريري أمام البرلمان في جلسته الأخيرة تنم عن رغبته في مصارحة اللبنانيين من جهة؛ وفي مخاطبة الحشود النقابية والمهنية التي احتشدت في «ساحة رياض الصلح» بالتزامن مع انعقاد الجلسة، احتجاجاً على ما يتردد من أن الحكومة عازمة على خفض رواتب العاملين في القطاع العام.
ومع أن الحريري نفى أن تكون لدى الحكومة نية لخفض الرواتب، فإنه في المقابل حرص على مصارحة اللبنانيين بأن «الوضع لم يعد يحتمل مزيداً من الإنفاق وكأن البلد بألف خير»، داعياً إلى التكاتف من أجل التفاهم على الخطوات التي لا مفر منها لاتباع سياسة تقشّفية متوازية مع بدء الإعداد لمشروع الموازنة للعام الحالي.
وعلمت «الشرق الأوسط» أن الحوار الذي يجريه الحريري مع المكونات الأساسية في الحكومة ينطلق من ضرورة التفاهم على مجموعة من التدابير يمكن أن تشكّل رزمة لسياسة شد الأحزمة التي يُفترض أن تتبعها بوصفها خريطة طريق لإقرار موازنة من سماتها الرئيسية التقشّف.
ولفتت مصادر وزارية إلى أنه «من السابق لأوانه تسليط الضوء على مضامين هذه التدابير، ما دام الحوار حول عناوينها لم ينقطع، وبالتالي لا جدوى من الأخذ بالشائعات»، وأن «يُترك إصدار الأحكام النهائية عليها إلى ما بعد الإعلان عنها وإدراجها في صلب الموازنة».
وأكدت المصادر الوزارية أن «هدف الإجراءات التي يجري التداول فيها، هو ضمان إنقاذ الجمهورية من الانهيار». وقالت إنه «لا مصلحة في إصدار الأحكام على النيات وصولاً إلى محاكمة الحكومة ميدانياً قبل أن يصار إلى تظهير ما يراد منها بغية الحفاظ على الاستقرار المالي؛ ومنه عدم المس بالقدرة الشرائية لليرة اللبنانية». وكشفت عن أن الحريري «يتواصل مع الجميع للتفاهم على التدابير التي يجب أن توضع في سلة واحدة يُشترط أن تحظى بإجماع المكونات السياسية المشاركة في الحكومة، لئلا تنقسم إلى فريق مؤيد وآخر معارض».
وبكلام آخر؛ «يرى الحريري أن هذه الإجراءات لن ترى النور إذا قرر فريق أو أكثر داخل الحكومة أن يتظاهر ضد حكومته، لأن هناك صعوبة في أن تجتمع المعارضة والموالاة تحت سقفها».
ويراهن الحريري - بحسب مصادره - على أن إجماع الوزراء على تأييد الإجراءات والدفاع عنها يُفترض أن ينسحب على المجلس النيابي الذي تتمثّل معظم كتله النيابية في الحكومة، «وبهذا يكون قطع الطريق على انزلاق البعض؛ سواء في الحكومة أو في البرلمان، إلى المزايدات الشعبوية. ناهيك بأن تأمين التكاتف بين الحكومة والبرلمان سيقود حتماً إلى تنفيس الاحتقان في الشارع، لأن الهيئات النقابية ليست معزولة عن القوى السياسية النافذة في السلطتين التشريعية والتنفيذية» كما تقول المصادر نفسها لـ«الشرق الأوسط».
وفي هذا السياق، تقول مصادر وزارية أخرى إن مقارنة وضع لبنان مع التجربة اليونانية لا يعني أن هناك من سيهبّ لإنقاذه، «لأن الفارق بينهما يكمن في أن دول الاتحاد الأوروبي سارعت إلى إنقاذ اليونان من أزمتها الاقتصادية، فيما سيتطلع لبنان إلى من ينقذه إذا لم يُحسن الإفادة من مؤتمر (سيدر)». وتؤكد أن «العناوين الرئيسية لخطة التقشّف التي ستُدرجها الحكومة في مشروع الموازنة تقوم على خفض الإنفاق الجاري لمصلحة زيادة الإنفاق الاستثماري الذي لحظه مؤتمر (سيدر) والذي يفتح الباب أمام تأمين مزيد من فرص العمل».
وتدحض المصادر ما يشاع من وجود نية لدى الحكومة لخفض الرواتب أو المس بذوي الدخل المحدود، وتقول إن «الفكرة التي يجري التداول فيها تقوم على اتخاذ تدبير موقّت يقضي بتجميد دفع جزء من الزيادة المترتبة على إقرار (سلسلة الرتب والرواتب) شرط مراعاة السواد الأعظم من العاملين في القطاع العام».
وترى أن هناك ضرورة لمعالجة «الانفلاش الوظيفي» الذي يشكو منه القطاع العام، «وهذا يتطلب تجميد التوظيف لثلاث سنوات، إضافة إلى معالجة التهرُّب الضريبي وبعض الإعفاءات الجمركية، ومكافحة الفساد، ووقف الهدر، ووضع خطة عملية لمنع استمرار عمليات التهريب المنظّمة عبر المعابر غير الشرعية على طول الحدود اللبنانية - السورية، خصوصاً بعدما ارتفعت وتيرتها وباتت تحرم الخزينة اللبنانية مبالغ مالية تقدّر بملايين الدولارات، إضافة إلى ضبط الاستيراد في مطار بيروت وفي الموانئ اللبنانية، خصوصاً أن الحديث عن (صفر هدر) في الجمارك لا يلقى من يدافع عنه».
وتقول المصادر إن «هناك ضرورة لضبط الإفراط في الإنفاق ورفع الضريبة على الفوائد من 7 في المائة إلى 10 في المائة، والطلب من المصارف اللبنانية خفض الفوائد على سندات الخزينة التي تستدين الدولة بموجبها من المصارف، إضافة إلى إعادة النظر في الرواتب المرتفعة والمخصصات الخيالية لكبار الموظفين وبعض رؤساء وأعضاء عدد من المجالس». وتؤكد أن «وقف الإفراط في الإنفاق يستدعي إعادة النظر في التعويضات الخاصة برؤساء الجمهورية والمجالس النيابية السابقين، إضافة إلى النواب السابقين، مع ضرورة تقليص عدد السفارات في الخارج التي لا ضرورة لها، وتنظيم سفر الوفود الوزارية وإمكانية خفضها لينوب السفراء عن الوزراء في تمثيل لبنان في عدد من المؤتمرات».
كما أن خفض عدد السفارات «يجب أن يسري على الملحقين الاقتصاديين والثقافيين الذين جرى تعيينهم أخيراً، وكذلك هناك ضرورة للحد من ساعات العمل الإضافية لكبار الموظفين».
ويبقى السؤال عن الأسلاك العسكرية والأمنية، وما إذا كان التقشُّف قد يشمل بعض الضمانات التي تُقدّم لهم، «مع أن هذا الموضوع يُبحث بصمت، لكن هناك نية لتجميد التقاعد المبكّر للعسكريين الذين يتقدّمون بطلب تسريحهم بعد أن يمضوا 18 سنة في الخدمة».
ومع أن هذا التجميد يتطلب تعديل القوانين التي تنص على تقاعدهم المبكر، فإن «رفع سن التقاعد لهؤلاء بات ضرورة، وقد لا يلقى اعتراضاً من المؤسسات العسكرية والأمنية. إضافة إلى وجود خطة لدى الحكومة تقضي بخفض سقف الدعم الذي تقدّمه للكهرباء، لأنه يؤدي حتماً إلى خفض العجز في هذا القطاع. وعليه، فإن إقرار مشروع الموازنة قد لا يحتاج إلى شهرين أو أكثر لإعداده وبصيغته النهائية وإحالته إلى البرلمان للتصديق عليه، شرط أن يتأمّن له الإجماع الحكومي والنيابي لقطع الطريق على المزايدات الشعبوية».



البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.