يلوّح الاتحاد الأوروبي بفرض رسوم على قائمة واسعة من المنتجات الأميركية، فيما يبدو أنه سيكون تطوراً جديداً من الحرب التجارية، في الوقت الذي أظهرت فيه أحدث البيانات أن أنشطة الأعمال في منطقة اليورو شهدت نمواً شبه ثابت خلال أبريل (نيسان) مقارنة بالشهر السابق، مع ضعف الطلب، وفقاً لما أظهره مؤشر «مديري الشراء» الصادر عن «آي إتش إس ماركت».
وانخفض مؤشر «مديري المشتريات» لمنطقة اليورو هذا الشهر إلى 51.3 نقطة مقارنة بالقراءة النهائية لشهر مارس (آذار) التي بلغت 51.6 نقطة، بالمخالفة لمتوسط توقعات الخبراء لـ«رويترز» الذين رجحوا بلوغه 51.8 نقطة.
وقبل أسبوع، زاد ماريو دراغي، رئيس البنك المركزي الأوروبي، من احتمالات المزيد من الاقتصاد الأوروبي إذا ما استمر التباطؤ.
وقال كريس ويليامسون كبير الاقتصاديين لدى «آي إتش إس ماركت»: «لم يصل الأمر إلى نطاق الركود بأي صورة، لكنه يشير إلى نموّ متواضع وغير مشجِّع، وينعكس ذلك في التوقعات المتشائمة».
وأضاف أن استمرار مؤشرات «مديري المشتريات» عند تلك المستويات يشير إلى أن نمو الناتج المحلي الإجمالي في الربع الثاني سيقل قليلاً عن 0.2 في المائة، وهو مستوى دون النسبة البالغة 0.3 في المائة التي توقعتها «رويترز» في استطلاع هذا الشهر.
وزادت الأنشطة الجديدة بالكاد في أبريل، حيث ارتفع المؤشر الفرعي الخاص بها إلى 50.6 نقطة مقابل 50.5، ليظلَّ بالكاد فوق مستوى 50 نقطة الذي يفرق بين النمو والركود.
وقاد النشاط الصناعي التراجع في مؤشر مديري المشتريات، على الرغم من أن مؤشر «بي إم آي» الخاص بالصناعة ارتفع خلال أبريل إلى 47.8 نقطة مقابل 47.5 نقطة في مارس، ولكن يظل المؤشر تحت مستوى الخمسين وأقل أيضاً من متوسط توقعات «رويترز» عند 47.9 نقطة.
وانخفض مؤشر «صناعة الخدمات» بأكثر من المتوقع إلى 52.5 نقطة مقابل 53.3 نقطة في مارس، وهو ما يقلّ عن متوسط توقعات «رويترز» عند 53.2 نقطة. وانخفض مؤشر توقعات مجتمع الأعمال لنشاط الخدمات إلى 62 نقطة مقابل 62.3 نقطة.
وتعثر النمو في ألمانيا خلال الشهر الماضي، مما يرجّح استمرار التراجع الاقتصادي في أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو خلال الأشهر القليلة المقبلة.
ويقول أندرو كينينغهام، من «كابيتال إيكونومكس»، إن أكثر الأمور المحبطة في بيانات «مديري المشتريات» أن المؤشر الخاصّ بالصناعة الألمانية كان شبهَ ثابتٍ مقارنةً بالشهر السابق، وعند 44.5 نقطة، هو ما يدلِّل على استمرار الركود الصناعي.
وتراجعت عملة اليورو مقابل الدولار بعد البيانات الألمانية التي جاءت أسوأ من المتوقع. واستقرت بيانات الأنشطة في فرنسا، ثاني أكبر اقتصاد في منطقة اليورو، هذا الشهر، بعد أن تراجعت في مارس (آذار)، مع تعويض نشاط الخدمات استمرار ضعف الصناعة.
وكشف الاتحاد الأوروبي، مساء أول من أمس، عن قائمة واسعة من المنتجات الأميركية، انطلاقاً من «الكاتشاب» وصولاً إلى «قطع السيارات»، التي ستُفرض عليها رسوم رداً على الدعم المالي الذي تتلقاه مجموعة «بوينغ»، وسط مخاوف من اندلاع حرب تجارية مجدداً عبر الأطلسي.
وأفاد بيان لمفوضة التجارة في الاتحاد الأوروبي سيسيليا مالمستروم بأنه «يجب أن يكون بمقدور الشركات الأوروبية أن تنافس بشروط منصفة ومتساوية (...)، علينا مواصلة الدفاع عن التكافؤ في صناعتنا».
ويأتي التحرّك الأوروبي لاتخاذ تدابير تصل قيمتها إلى 12 مليار دولار ضد «بوينغ»، في أعقاب مطلب مشابه من الولايات المتحدة بفرض رسوم جمركية على بضائع من الاتحاد الأوروبي بقيمة 11 مليار دولار كتعويض على الدعم المالي الذي يقدمه التكتل لشركة «إيرباص».
وستحدد منظمة التجارة العالمية القيمة النهائية للرسوم التي سيكون بإمكان الطرفين فرضها، إذ يرجح أن يكون المبلغ الذي تقرره الهيئة الدولية أقل بكثير من ذاك الذي يطالبان به.
ويتواصل النزاع التجاري بشأن «بوينغ» و«إيرباص» منذ 14 عاماً، إذ يتبادل الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الاتهامات أمام منظمة التجارة العالمية بتقديم مساعدات مالية غير قانونية منذ التسعينات إلى مجموعتيهما الأبرز لصناعة الطيران. وأصرّت مالمستروم على أن الاتحاد الأوروبي يريد فض النزاع ودياً.
وقالت: «بينما نحتاج إلى أن نكون على استعداد لاتخاذ إجراءات مضادة في حال عدم وجود حل آخر، لا أزال أعتقد أن الحوار هو ما يجب أن يسود بين شريكين كبيرين على غرار الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة».
ويأتي الخلاف على وقع موجة الحمائية التي أطلقها الرئيس الأميركي دونالد ترمب ضد أوروبا، بينما لا يزال تهديد واشنطن بفرض رسوم على واردات السيارات يخيّم على العلاقات بين الطرفين. وعلى أمل تجنّب اندلاع حرب تجارية وإرضاء ترمب، وافق الاتحاد الأوروبي، الاثنين الماضي، على إطلاق مفاوضات رسمية للتوصل إلى اتفاق تجاري محدود مع واشنطن.
وكان الاتفاق التجاري جزءاً من هدنة تم التفاوض عليها في يوليو (تموز) بين الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي بعدما فرضت الولايات المتحدة رسوماً جمركية على واردات الحديد الصلب والألمنيوم لا تزال مُطبّقة.
لكن تزداد الشكوك بشأن إمكانية نجاح هذه المحادثات التجارية مع إصرار الاتحاد الأوروبي على إبقاء المنتجات الزراعية خارج أي اتفاق، وهو موقف يثير حفيظة ترمب.
وهددت إدارة ترمب في وقت سابق هذا الشهر بفرض رسوم رداً على الدعم المالي الذي تتلقاه مجموعة «إيرباص». وتستهدف الرسوم سلسلة منتجات بينها المروحيات وقطع الطائرات وجبنة «غاودا».
وكتب ترمب في تغريدة بتاريخ 9 أبريل أن «الاتحاد الأوروبي استغل الولايات المتحدة في مجال التجارة لسنوات. سيتوقف ذلك قريباً».
وخيّم نزاع إدارة ترمب الأكبر مع الصين الذي أحدث هزّة في الاقتصاد العالمي على النزاع التجاري بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
الاتحاد الأوروبي يصعّد ضد ترمب... مع ضعف اقتصاد منطقة اليورو
دعم صناعة الطيران قد يمهد لمعركة جديدة من الرسوم الحمائية
الاتحاد الأوروبي يصعّد ضد ترمب... مع ضعف اقتصاد منطقة اليورو
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة