«تحالف الإصلاح» يطالب بموقف عراقي موحّد حيال تصنيف «الحرس» الإيراني إرهابياً

دعا إلى اجتماع عاجل للرئاسات الثلاث والقوى السياسية

TT

«تحالف الإصلاح» يطالب بموقف عراقي موحّد حيال تصنيف «الحرس» الإيراني إرهابياً

في وقت دخل فيه تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني إرهابياً طبقاً للقائمة الأميركية، حيز التنفيذ أول من أمس، دعا «تحالف الإصلاح والإعمار»؛ (ثاني أكبر تحالف في البرلمان العراقي)، إلى اجتماع عاجل للرئاسات الثلاث والقيادات السياسية بهدف بلورة موقف عراقي موحد حيال هذه التطورات.
وقال بيان للتحالف إن الهيئة السياسية «لتحالف الإصلاح والإعمار عقدت اجتماعها الدوري، وناقشت عدداً من الملفات المدرجة على جدول أعمالها؛ وعلى رأسها مساعي إغاثة أهالي ميسان، وكذلك المخطط التشريعي للفصل التشريعي الثاني للبرلمان العراقي. وفي المحور الدولي والإقليمي ناقش المجتمعون التصعيد الأميركي الأخير ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية». وأشار البيان إلى أنه «في الوقت الذي تحيي فيه الهيئة السياسية لتحالف الإصلاح والإعمار الروح الوطنية العالية لدى المواطنين وحالة التلاحم والنخوة تجاه أبناء شعبنا المتضررين من السيول، ولا سيما في محافظة ميسان، فإنها تدعو الحكومة المركزية والحكومات المحلية ومنظمات المجتمع المدني والمواطنين والقوى السياسية للاستمرار بدعم المتضررين من السيول، وضرورة تعويض المتضررين ونقلهم إلى أماكن آمنة، وأهمية أخذ الحيطة والحذر والاستعداد لمواجهة السيول القادمة في محافظة ميسان والمحافظات الأخرى».
كما شدد المجتمعون على «أهمية إقرار التشريعات اللازمة للحد من ظواهر الفساد، والتي تساعد الحكومة في مساعيها بهذا الاتجاه، كما أكدت الهيئة السياسية على أن تعديل قانون انتخابات مجالس المحافظات يمثل أولوية قصوى، وضرورة إعطاء الأولوية أيضا للقوانين التي تمت دراستها وصياغتها (في دورات سابقة) ووصلت إلى مراحل متقدمة وتوقفت لأسباب سياسية».
وفي المحور الدولي والإقليمي، عبرت الهيئة عن «قلقها إزاء التطورات والتصعيد في الموقف الأميركي في قضايا القدس والجولان و(الحرس الثوري) الإيراني، ودعت إلى اجتماع عاجل للرئاسات الثلاث والقيادات السياسية لدراسة تداعيات هذا التصعيد الخطير واتخاذ ما يلزم من مواقف تجاه ذلك، كما دعا المجتمعون الحكومة العراقية للاستمرار بسياسة الحياد الإيجابي وتجنيب العراق مضاعفات هذا الصراع، مشددين على أهمية الوحدة والتماسك لدرء جميع الأخطار عن عراقنا الحبيب».
وفي هذا السياق، أكدت ندى شاكر جودت، عضو البرلمان عن تحالف الإصلاح والإعمار، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أن «الأهم بالنسبة لنا ألا نكون منطقة وسطى بين كتلتين متصارعتين كلتاهما تريد أن تستخدم أرضنا ساحة لتصفية حساباتها مع الأخرى، وأقصد بذلك إيران والولايات المتحدة الأميركية»، مبينة أنه «حان الوقت لكي نتخذ مواقف حاسمة حيال مثل هذه الأمور، لأننا لسنا منصة أو بديلاً لهذا أو ذاك، وهو ما يتعين علينا توضيحه بشكل لا يقبل الجدل حيال ما يمكن أن تشهده المنطقة من تطورات خلال الفترة المقبلة بسبب المواقف التي اتخذتها إدارة ترمب حيال إيران».
وأشارت النائب إلى أن «العراق يجب أن يتخذ موقفاً حيادياً مسؤولاً ينسجم مع سياسة الحياد الإيجابي في وقت يتعين فيه علينا ألا نقبل بأن تتخذ إيران من العراق منطقة لتصفية حساباتها مع أميركا بصرف النظر عن طبيعة العلاقة التي تربطنا مع إيران وهي علاقة جوار وصداقة». وتابعت: «حان الوقت لأن نفرق بين العلاقات الطبيعية بين الدول وبين ميل هذه العلاقة لصالح هذا الطرف بالضد من ذاك أو بالعكس، خصوصاً في حال بدت العلاقة غير متكافئة».
وأوضحت جودت أن «العراق يعاني مشكلات كثيرة يجب الالتفات إليها من قبل القوى السياسية؛ حيث لا يزال اقتصادنا هشاً ويتطلب منا التركيز، كما أننا خرجنا تواً من الحرب ضد الإرهاب وهو ما يتطلب العمل على ترصين الجبهة الداخلية، ولذلك فإننا لسنا في وضع يسمح لنا بأن ندخل في أي محور مع أي طرف، لأننا سنكون الطرف الخاسر في مثل هذه المعادلة».
في السياق نفسه، يرى الدكتور إحسان الشمري، رئيس «مركز التفكير السياسي» في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «قرار الرئيس الأميركي تصنيف (الحرس الإيراني) منظمة إرهابية أدخل العراق في منطقة الحرج على مستوى الدولة، وعلى مستوى صانع القرار السياسي، وكذلك على صعيد القوى السياسية»، مبيناً أن «هناك تبايناً في طبيعة التعاطي مع القرار». وقال إن «العراق غير الرسمي لا يمكنه اتخاذ موقف موحد حيال هذا الأمر؛ بل حتى القرار الرسمي سيبقى في إطار الحياد بين الموقفين، وهو ما يعني أن العراق سيبقى في المنطقة الرمادية». ويرى الشمري أن «العراق على مستوى الحكومة يريد أن يوجه رسالة بأنه دولة توازن ودولة فاصلة في طبيعة الصراع، حيث لا يريد أن يكون دولة ضد حيال أي من الطرفين».
وبشأن اجتماع الرئاسات والقوى السياسية بناء على دعوة تحالف الإصلاح، أكد الشمري أن «هذا الاجتماع إن حدث فلن يخرج عن دائرة التصريحات والمواقف الوسطية، حيث سيضع في حساباته تداعيات القرار على المنطقة والعراق، وبالتالي فإنه لن يخرج برؤية يمكن أن نتلمس فيها موقفاً يمكن أن يبعد العراق عن دائرة الحياد بأي حال من الأحوال».



«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
TT

«الجبهة الوطنية»... حزب مصري جديد يثير تساؤلات وانتقادات

مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)
مصريون بمحافظة القاهرة يشاركون في حملة جمع توكيلات لحزب «الجبهة الوطنية» الجديد (صفحة الحزب - فيسبوك)

ما زال حزب «الجبهة الوطنية» المصري الجديد يثير انتقادات وتساؤلات بشأن برنامجه وأهدافه وطبيعة دوره السياسي في المرحلة المقبلة، خاصة مع تأكيد مؤسسيه أنهم «لن يكونوا في معسكر الموالاة أو في جانب المعارضة».

وكان حزب «الجبهة الوطنية» مثار جدل وتساؤلات في مصر، منذ الكشف عن اجتماعات تحضيرية بشأنه منتصف الشهر الماضي، انتهت بإعلان تدشينه في 30 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وتمحورت التساؤلات حول أسباب ظهوره في هذه المرحلة، وهل سيكون بديلاً لحزب الأغلبية في البرلمان المصري (مستقبل وطن)، لا سيما أن مصر مقبلة على انتخابات برلمانية نهاية العام الجاري.

هذه التساؤلات حاول اثنان من مؤسسي الحزب الإجابة عنها في أول ظهور إعلامي مساء السبت، ضمن برنامج «الحكاية» المذاع على قناة «إم بي سي»، وقال وكيل مؤسسي حزب «الجبهة الوطنية» ووزير الإسكان المصري السابق عاصم الجزار، إن «الحزب هو بيت خبرة هدفه إثراء الفكر وإعادة بناء الوعي المصري المعاصر»، مؤكداً أن الحزب «لا يسعى للأغلبية أو المغالبة، بل يستهدف التأثير النوعي وليس الكمي».

وأضاف: «هدفنا تشكيل تحالف من الأحزاب الوطنية القائمة، إذ لن نعمل وحدنا»، معلناً استعداد الحزب الجديد، الذي لا يزال يستكمل إجراءات تأسيسه رسمياً، للتحالف مع «أحزاب الأغلبية مستقبل وطن وحماة وطن والمعارضة والمستقلين أيضاً بهدف خدمة المصلحة الوطنية»، مستطرداً: «لن نكون أداة لتمرير قرارات، بل أداة للإقناع بها».

وشدد الجزار على أن «الحزب لا ينتمي لمعسكر الموالاة أو للمعارضة»، وإنما «نعمل لمصلحة الوطن».

وهو ما أكده رئيس «الهيئة العامة للاستعلامات» بمصر وعضو الهيئة التأسيسية لحزب «الجبهة الوطنية»، ضياء رشوان، الذي قال: «سنشكر الحكومة عندما تصيب ونعارضها عندما تخطئ»، مشيراً إلى أن «مصر ليس لها حزب حاكم حتى يكون هناك حديث عن موالاة ومعارضة».

الانتقادات الموجهة للحزب ارتبطت بتساؤلات حول دوره في ظل وجود نحو 87 حزباً سياسياً، وفق «الهيئة العامة للاستعلامات»، منها 14 حزباً ممثلاً في البرلمان الحالي، يتصدرها حزب «مستقبل وطن» بأغلبية 320 مقعداً، يليه حزب «الشعب الجمهور» بـ50 مقعداً، ثم حزب «الوفد» بـ39 مقعداً، وحزب «حماة الوطن» بـ27 مقعداً، وحزب «النور» الإسلامي بـ11 مقعداً، وحزب «المؤتمر» بـ8 مقاعد.

ورداً على سؤال للإعلامي عمرو أديب، خلال برنامج «الحكاية»، بشأن ما إذا كان الحزب «طامحاً للحكم ويأتي بوصفه بديلاً لحزب الأغلبية»، قال رشوان: «أي حزب سياسي يسعى للحكم، لكن من السذاجة أن نقول إن حزباً يعمل على إجراءات تأسيسه اليوم سيحصد الأغلبية بعد 8 أو 10 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحزب لن يعيد تجارب (الهابطين من السماء)». واستطرد: «لن نسعى للأغلبية غداً، لكن قد يكون بعد غد».

وأضاف رشوان أن «الحزب يستهدف في الأساس إعادة بناء الحياة السياسية في مصر بعد فشل تجربة نظام الحزب الواحد في مصر منذ عام 1952»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إحياء تحالف 30 يونيو (حزيران)»، لافتاً إلى أن «التفكير فيه هو ثمرة للحوار الوطني الذي أثار زخماً سياسياً».

طوال ما يزيد على ساعة ونصف الساعة حاول الجزار ورشوان الإجابة عن التساؤلات المختلفة التي أثارها إعلان تدشين الحزب، والتأكيد على أنه «ليس سُلمة للوصول إلى البرلمان أو الوزارة»، وليس «بوابة للصعود»، كما شددا على أن «حزب الجبهة يضم أطيافاً متعددة وليس مقصوراً على لون سياسي واحد، وأنه يضم بين جنباته المعارضة».

وعقد حزب «الجبهة الوطنية» نحو 8 اجتماعات تحضيرية على مدار الأسابيع الماضي، وتعمل هيئته التأسيسية، التي تضم وزراء ونواباً ومسؤولين سابقين، حالياً على جمع التوكيلات الشعبية اللازمة لإطلاقه رسمياً.

ويستهدف الحزب، بحسب إفادة رسمية «تدشين أكبر تحالف سياسي لخوض الانتخابات البرلمانية المقبلة، عبر صياغة تفاهمات سياسية واسعة مع الأحزاب الموجودة»، إضافة إلى «لمّ الشمل السياسي في فترة لا تحتمل التشتت».

ومنذ إطلاق الحزب تم ربطه بـ«اتحاد القبائل والعائلات المصرية» ورئيسه رجل الأعمال إبراهيم العرجاني، حتى إن البعض قال إن «الحزب هو الأداة السياسية لاتحاد القبائل». وعزز هذه الأحاديث إعلان الهيئة التأسيسية التي ضمت رجل الأعمال عصام إبراهيم العرجاني.

وأرجع الجزار الربط بين الحزب والعرجاني إلى أن «الاجتماعات التحضيرية الأولى للحزب كانت تجري في مكتبه بمقر اتحاد القبائل؛ كونه أميناً عاماً للاتحاد»، مؤكداً أن «الحزب لا علاقة له باتحاد القبائل». وقال: «العرجاني واحد من عشرة رجال أعمال ساهموا في تمويل اللقاءات التحضيرية للحزب». وأضاف: «الحزب لا ينتمي لشخص أو لجهة بل لفكرة».

وحول انضمام عصام العرجاني للهيئة التأسيسية، قال رشوان إنه «موجود بصفته ممثلاً لسيناء، ووجوده جاء بترشيح من أهل سيناء أنفسهم».

وأكد رشوان أن «البعض قد يرى في الحزب اختراعاً لكتالوج جديد في الحياة السياسية، وهو كذلك»، مشيراً إلى أن «الحزب يستهدف إعادة بناء الحياة السياسية في مصر التي يقول الجميع إنها ليست على المستوى المأمول».

بينما قال الجزار: «نحن بيت خبرة يسعى لتقديم أفكار وحلول وكوادر للدولة، ونحتاج لكل من لديه القدرة على طرح حلول ولو جزئية لمشاكل المجتمع».

وأثارت تصريحات الجزار ورشوان ردود فعل متباينة، وسط تساؤلات مستمرة عن رؤية الحزب السياسية، التي أشار البعض إلى أنها «غير واضحة»، وهي تساؤلات يرى مراقبون أن حسمها مرتبط بالانتخابات البرلمانية المقبلة.

كما رأى آخرون أن الحزب لم يكن مستعداً بعد للظهور الإعلامي.

بينما أشار البعض إلى أن «الحزب ولد بمشاكل تتعلق بشعبية داعميه»، وأنه «لم يفلح في إقناع الناس بأنه ليس حزب موالاة».

وقال مستشار مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية الدكتور عمرو الشوبكي لـ«الشرق الأوسط» إن «الحزب قدم حتى الآن كلاماً عاماً دون تصور أو رؤية واضحة للإصلاح التدريجي»، موضحاً أنه «من حيث المبدأ من حق أي جماعة تأسيس حزب جديد».

وبينما أكد الشوبكي أن ما عرضه المسؤولون عن الحزب الجديد بشأن «عدم طموحه للحكم لا يختلف عن واقع الحياة السياسية في مصر الذي يترك للدولة تشكيل الحكومة»، مطالباً «بتفعيل دور الأحزاب في الحياة السياسية»، فالمشكلة على حد تعبيره «ليست في إنشاء حزب جديد، بل في المساحة المتاحة للأحزاب».