الحوثيون يستنزفون موارد الأندية الرياضية لتمويل «المجهود الحربي»

TT

الحوثيون يستنزفون موارد الأندية الرياضية لتمويل «المجهود الحربي»

تعاني الأندية الرياضية اليمنية من حالة نهب ممنهج تمارسه ميليشيات الحوثي التي تستنزف مقدراتها المالية لمصلحة ما تسميه «المجهود الحربي»، وتقيم الدورات الطائفية في أوساط الشباب ولاعبي الأندية بمختلف الألعاب. ويقول رياضيون إن ميليشيات الحوثي قطعت كل مستحقات الأندية التي كانت مخصصة لها، وقامت بتجميد أموال الأندية ونهبها وتسريح الموظفين واللاعبين، كما عملت على تجميد حسابات «صندوق النشء ورعاية الشباب» الخاضع لها في صنعاء، والذي تبلغ إيراداته عشرات المليارات من الريالات يتم تحصيلها من نسب مبيعات التبغ والاتصالات والإسمنت وضرائب نبتة «القات».
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن تجميد حساب الصندوق المخصص لدعم النشء ورعاية الشباب جاء بعد تعليمات من القيادي أحمد حامد؛ المعيّن مديراً لمكتب رئيس مجلس حكم الانقلاب في صنعاء؛ إذ تم وقف حساباته المصرفية وتحويلها إلى ما يسمى «المجهود الحربي ودعم جبهات القتال» ومشاريع الجماعة الطائفية والإنفاق على تحركات قادتها مع تجاهل صرف رواتب موظفي الشباب والرياضة ودفع مخصصات الأندية في مناطق سيطرة الجماعة.
وبحسب المصادر؛ لم تكتف الجماعة بقطع مخصصات الأندية وامتصاص موارد الصندوق، بل سعت إلى حجز أموال الأندية التي تملك استثمارات تجارية وعقارية. ويقول حسين المقبلي؛ وهو مسؤول إداري في نادي «الشعب»: «تبلغ عائدات الأندية التي تملك استثمارات؛ عشرات الملايين». ويضيف: «يتنوع الاستثمار لدى بعض الأندية بين عقارات مؤجرة وفنادق ومطاعم؛ إذ يصل دخل النادي الأهلي في صنعاء 10 ملايين (ريال) شهرياً (الدولار يساوي نحو 500 ريال)، ويصل في نادي الوحدة إلى 6 ملايين، بينما يصل في نادي (22 مايو) إلى أكثر من 15 مليوناً، أما في نادي الشعب فيصل إلى نحو 4 ملايين» ريال.
ويؤكد أبو زهير، وهو عضو مجلس نادي الوحدة بالعاصمة صنعاء، أن «الجماعة أوقفت الدوري المحلي في جميع الأندية التي تقع في مناطق سيطرتها، وحصرت نشاطات الأندية منذ بداية انقلابها في استقطاب النشء والشباب إلى حلقات التجييش لرفد الجبهات بهم». ويضيف: «إذا لم تكن لدى النادي استثمارات مالية ولم يرفد الجبهات بالشباب ولا يتفاعل مع فعالياتهم الثقافية؛ فمصيره الإغلاق، أو يتم استخدامه لأغراض تخص الميليشيات».
ويشير رياضيون إلى أن بطولات الاتحادات الرياضية المختلفة توقفت لعدم وجود مخصصات مالية تسيّر النشاط رغم وجود مئات الملايين في حساب صندوق النشء الخاضع للجماعة الحوثية في صنعاء.
في السياق نفسه، حوّلت الميليشيات «بيوت الشباب» إلى سجون ومعتقلات وإلى أماكن للتعذيب، في حين حولت مقرات الاتحادات الرياضية إلى استراحات وأماكن لاجتماعاتها، أما الأندية فتم تخصيصها على أنها معسكرات للتدريب وتجييش الشبان لجبهات القتال، في الوقت الذي أصبحت فيه الملاعب والصالات الرياضية ثكنات عسكرية لتخزين الأسلحة والمعدات الحربية، حسب مصادر رياضية. ويقول علي التالبي، وهو عضو نادي «العاصمة» للفروسية، لـ«الشرق الأوسط»، إن الجماعة الحوثية «استولت على ممتلكات النادي من الخيول، وصادرت خيولاً كانت مملوكة لأشخاص، وقامت بتوزيعها على عناصرها، كما عملت على إخراج بعض الخيول من النادي، ولا ندري إلى أين ذهبوا بها».
وكانت مصادر محلية في صنعاء أكدت أن «الميليشيات الحوثية أجّرت نادي الشرطة في صنعاء لأحد التجار الموالين للجماعة، والذي حول بدوره النادي إلى مطعم ومقهى للنرجيلة، وخصص بعض صالاته للاجتماعات السرية للقيادات الحوثية مع الشخصيات الاجتماعية التي يتم استقطابها». وكشفت المصادر عن أن الجماعة الحوثية حولت نادي ضباط القوات المسلحة في صنعاء إلى سجن للشخصيات الاجتماعية والقبلية التي تحاول الاعتراض على الميليشيات، ويؤكد أحد المترددين على النادي: «يسمحون لنا بالجري في أماكن معينة، بينما يمنعوننا من الاقتراب من بعض المباني داخل النادي».
ووفق آخر إحصائية لعدد الأندية في اليمن، يوجد أكثر من 360 نادياً مسجلاً في الوزارة، وهي رياضية وثقافية، ويمارس فيها من 6 إلى 7 ألعاب، إلى جانب النشاط الثقافي وفقاً للائحة، ويقع تحت سيطرة الحوثيين نحو نصف عدد هذه الأندية. ويقول قاسم معوضة، وهو لاعب تنس، لـ«الشرق الأوسط»: «على أرض الواقع؛ هناك أندية لم تعد موجودة عملياً باستثناء اسمها فقط؛ إذ تم تسريح من فيها من قبل الجماعة وتحويلها إلى ثكنات عسكرية للميليشيات».
وبحسب عدد من الإعلاميين الرياضيين، تسببت الجماعة في تدمير كثير من المنشآت الشبابية والرياضية بعد استخدامها مخازن للأسلحة، ويؤكد هؤلاء أن الحوثيين «استخدموا بعض المنشآت مراكز لإيواء أفرادهم، ما عرّض تلك المنشآت للنهب من قبل هؤلاء الأفراد، كما حدث مع مسرح وزارة الشباب والرياضة الواقع في مدينة الثورة الرياضية، الذي نهب عناصر الجماعة كل ما فيه؛ حتى الأبواب، ومصابيح الإضاءة وسماعات الصوت التي كانت مركبة في سقف المسرح».


مقالات ذات صلة

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي رئيس الحكومة اليمنية أحمد عوض بن مبارك (سبأ)

وعود يمنية بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات الحكومية

وعد رئيس الحكومة اليمنية، أحمد عوض بن مبارك، بإطلاق عملية شاملة لإعادة بناء المؤسسات، ضمن خمسة محاور رئيسة، وفي مقدمها إصلاح نظام التقاعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحولون المنازل المصادرة إلى معتقلات

أفاد معتقلون يمنيون أُفْرج عنهم أخيراً بأن الحوثيين حوَّلوا عدداً من المنازل التي صادروها في صنعاء إلى معتقلات للمعارضين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة البنك المركزي اليمني في صنعاء الخاضع لسيطرة الجماعة الحوثية (أ.ف.ب)

تفاقم معاناة القطاع المصرفي تحت سيطرة الحوثيين

يواجه القطاع المصرفي في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية شبح الإفلاس بعد تجريده من وظائفه، وتحولت البنوك إلى مزاولة أنشطة هامشية والاتكال على فروعها في مناطق الحكومة

وضاح الجليل (عدن)
الخليج جاسم البديوي الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية (مجلس التعاون)

إدانة خليجية للاعتداء الغادر بمعسكر قوات التحالف في سيئون اليمنية

أدان جاسم البديوي، الأمين العام لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، الاعتداء الغادر في معسكر قوات التحالف بمدينة سيئون بالجمهورية اليمنية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.