مسؤول أمني في الخارجية الأميركية يحذر من عمليات رداً على «صفقة القرن»

TT

مسؤول أمني في الخارجية الأميركية يحذر من عمليات رداً على «صفقة القرن»

في الوقت الذي يقوم فيه وفد أمني إسرائيلي كبير، بقيادة رئيس مجلس الأمن القومي في الحكومة، بلقاءات أمنية في البيت الأبيض، حضر إلى تل أبيب منسق مكافحة الإرهاب في وزارة الخارجية الأميركية ناثان سيلز، في زيارة لإسرائيل بغرض إجراء «مشاورات أمنية والاطلاع على مصاعبها الحدودية والأمنية لبلورة وجهة نظر الولايات المتحدة الرسمية للأوضاع والتصورات الأمنية في المنطقة». وقد صرح بأن بلاده تأخذ بالاعتبار احتمالات وأخطار تنفيذ عمليات ضد الجنود والدبلوماسيين الأميركيين، رداً على إعلان صفقة القرن.
وقد التقى سيلز مع عدد من قادة الجيش والمخابرات وقام بجولتين على الحدود الشمالية (مع لبنان وسوريا) والجنوبية (مع سيناء المصرية وقطاع غزة)، واستمع إلى شروحات ميدانية من الضباط الإسرائيليين حول ما يدور على الطرف الآخر من الحدود، خصوصاً وضع الإيرانيين وميليشياتهم في سوريا ولبنان وحركة حماس في غزة، وكذلك تنظيم داعش في سيناء. وقال سيلز إنه «على قناعة تامة بأن مفتاح الوضع الأمني في المنطقة موجود في طهران، فهي أساس البلاء». ولكنه أضاف أن «هناك تقدماً ملموساً في مكافحة النشاط الإيراني، بفضل سياسة الرئيس دونالد ترمب، خصوصاً بعد إعلانه عن الحرس الثوري الإيراني كـ(منظمة إرهابية)»، الأسبوع الماضي.
وقال سيلز، إن قادة قوات حرس الثورة تغلغلوا في كل قطاعات الاقتصاد الإيراني، والإعلان عنهم كمنظمة «إرهابية» هو بمثابة رسالة مفادها أن من يعقد صفقات معهم يتحول إلى «مشتبه به» بتمويل الإرهاب. ولكن واشنطن «تأمل في أن تعيد الشركات حساباتها لدى عقد صفقات مع إيران. فهذا الحرس يشكل داعماً أساسياً للإرهاب في العالم ويجب توجيه ضربة قاسية له». وأوضح قائلاً: «إيران كانت، حتى اليوم، تحت طائلة العقوبات بسبب دعمها للإرهاب، والآن تفرض عليها عقوبات بسبب دورها المباشر في الإرهاب. والولايات المتحدة تأخذ بمنتهى الجدية تهديدات حرس الثورة بالرد على قرار واشنطن اعتبارها «منظمة إرهابية»، مشيراً إلى أن الولايات المتحدة «تعرف ما يمكن أن يقدم عليه الإيرانيون».
وذكرت صحيفة «يديعوت أحرونوت» أن سيلز عبّر عن أمله في أن تتجند الدول الأوروبية في الصراع ضد إيران. وقال: «رأينا في المسؤولية الأوروبية بداية جيدة، ولكننا نريد رؤية أكثر من ذلك، حيث إنه إذا كانت إيران تعتقد أنها تستطيع أن يكون لها دور في الإرهاب في أوروبا، بثمن منخفض، فسوف تفعل ذلك». وأشارت الصحيفة إلى أنه عندما اطلع على «التهديدات التي تواجهها إسرائيل من قطاع غزة» وزار أحد الأنفاق التي سدتها إسرائيل عند حدودها مع قطاع غزة، قال إنه «فوجئ من كمية الموارد الكبيرة التي تخصصها حركة حماس للإرهاب ضد إسرائيل»، على حد تعبيره. وأضاف أن «الولايات المتحدة تعرف سلم أولويات حركة حماس من خلال كيفية صرف الأموال. فهي لا تصرف على تحسين مستوى حياة المواطنين، ولا للسكن، ولا للتعليم، وإنما للإرهاب ضد إسرائيل، وهو نفس المبدأ الذي نرى تطبيقه في الشمال من طرف حزب الله وإيران».
واعتبر سيلز نشاطات تنظيم داعش في سيناء، قلقاً مشتركاً للولايات المتحدة ومصر وإسرائيل. وقال إن تنظيم ولاية سيناء أثبت أنه أحد أذرع «داعش» القوية في العالم، ولذلك أعلنت عنه الولايات المتحدة تنظيماً إرهابياً، بهدف فرض عقوبات عليه ووقف تدفق الأموال إليه. وربط بين هذا التنظيم وبين نشاط حماس وحزب الله قائلا إن «الولايات المتحدة تأخذ بالاعتبار استخدام إعلان الرئيس ترمب المتوقع عن «صفقة القرن»، للقيام بعمليات إرهاب في المنطقة. وقال إنه «يأمل أن تكون الصفقة مقبولة على الطرفين، وأشار في الوقت نفسه إلى أنه من الصعب توقع ردود الفعل، ولكن واشنطن تتخذ إجراءات وقائية، سواء كان ذلك يتعلق بالجنود أم بالدبلوماسيين». وأضاف أن الولايات المتحدة ستبذل جهدها للحفاظ على أمن الجنود والدبلوماسيين، مشيراً إلى أنه في كل مرة تعلن واشنطن عن سياسة جديدة في الشرق الأوسط فإنها تقوم بفحص جوانب المعادلة كافة.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».