الاتحاد الأفريقي يمهل السودان 15 يوماً لتسليم السلطة للمدنيين

هدد بتجميد عضوية الخرطوم... والمعارضة تطلب حل المجلس العسكري وتكوين {مجلس سيادة مدني} بديل

مظاهرة حاشدة معارضة لحكم العسكر في السودان (أ ف ب)... وفي الإطار مؤتمر صحافي لنقابة المهنيين المعارضة في الخرطوم أمس (رويترز)
مظاهرة حاشدة معارضة لحكم العسكر في السودان (أ ف ب)... وفي الإطار مؤتمر صحافي لنقابة المهنيين المعارضة في الخرطوم أمس (رويترز)
TT

الاتحاد الأفريقي يمهل السودان 15 يوماً لتسليم السلطة للمدنيين

مظاهرة حاشدة معارضة لحكم العسكر في السودان (أ ف ب)... وفي الإطار مؤتمر صحافي لنقابة المهنيين المعارضة في الخرطوم أمس (رويترز)
مظاهرة حاشدة معارضة لحكم العسكر في السودان (أ ف ب)... وفي الإطار مؤتمر صحافي لنقابة المهنيين المعارضة في الخرطوم أمس (رويترز)

أمهل الاتحاد الأفريقي، المجلس العسكري الانتقالي السوداني، 15 يوماً لتسليم السلطة للمدنيين، مهدداً بتجميد عضويته في الاتحاد، فيما تصدى محتجون لمحاولةٍ لفض الاعتصام أمام القيادة العامة للجيش ووزارة الدفاع، ومنعوا قوات مشتركة من الجيش والدعم السريع من إزالة حواجز أقاموها حول المكان.
وفي الأثناء، طالب «تجمع المهنيين السودانيين» بحل «المجلس العسكري الانتقالي»، الذي يحكم البلاد، وإقامة «مجلس سيادة مدني» يمثل فيه العسكريون، وذلك في أعقاب مطالبة «حزب الترابي» بانضمام السودان للمحكمة الجنائية الدولية لمنع تكرار جرائم عهد البشير. ووجهت السلطات الحاكمة، قوات عسكرية مشتركة، صباح أمس، إلى ثلاثة مداخل أزالت بعض المتاريس والحواجز، قبل أن تتصدى لهم حشود المعتصمين، وكونوا متاريس بشرية، تقف أمام الجرافات، قبل أن تزيل أكواماً من المعادن والمصدات الإسمنتية.
وشكلت حشود المعتصمين مانعاً بشرياً حال دون إزالة الحواجز، والتي اعتبروها محاولة لفض الاعتصام المستمر منذ السادس من الشهر الحالي، الذي تسبب في عزل عمر البشير وحل حكومته، بانحياز الجيش للشعب وتكوين مجلس عسكري انتقالي.
وواجه آلاف المعتصمين، القوة العسكرية التي حاولت إزالة الموانع، وفض الاعتصام، بهتافات من قبيل «حرية سلام وعدالة... والثورة خيار الشعب... وثورة ثورة»، وطلبوا من الجيش توفير الحماية لهم، بدلاً من محاولة إزالة الحواجز التي يحتمون بها. واستفزت المحاولات عشرات الآلاف من المواطنين الذين توافدوا في مجموعات كبيرة إلى مكان الاعتصام، لإسناد المعتصمين، وللحيلولة دون فض الاعتصام الذي يعتبره الثوار أداة ضغط على المجلس العسكري لتنفيذ مطالبهم. ونفى المتحدث الرسمي باسم المجلس العسكري الانتقالي، الفريق شمس الدين كباشي، في مؤتمر صحافي أول من أمس، عزم مجلسه فض الاعتصام بالقوة، وقال للصحافيين إنهم غيروا النظام لأنه كان يريد فض الاعتصام بالقوة، بغض النظر عن الخسائر، بيد أنه أبدى تذمره من سد الطرقات وإقامة الحواجز وتفتيش المارة.
وفيما يواصل الآلاف الاعتصام أمام مقر الجيش، وجه «تجمع المهنيين السودانيين»، الذي يقود الاحتجاجات، نداءً عاجلاً لمؤيديه للعودة لمكان الاعتصام، وقال، في بيان، «هنالك محاولة لفض الاعتصام من أمام القيادة العامة، وإزالة جميع المتاريس»، وتابع: «نرجو من الجميع التوجه فوراً إلى ساحات الاعتصام لحماية ثورتكم ومكتسباتكم».
وفي تطور جديد، طالب «تجمع المهنيين السودانيين» بـ«حل المجلس العسكري الانتقالي»، وتكوين «مجلس سيادة مدني» يمثل فيه العسكريون، وإقالة رئيس القضاء والنائب العام.
وقال عضو الوفد المفاوض لـ«تجمع المهنيين السودانيين»، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، محمد ناجي الأصم، «نطالب بإلغاء المجلس العسكري الحالي، واستبداله بمجلس سيادة مدني يمثل فيه العسكريون».
وأوضح الأصم أن «قوى الحرية والتغيير» سلمت قائمة مطالبها للمجلس العسكري، وعلى رأسها «تكوين مجلس سيادي مدني»، ما يعني حل المجلس العسكري الانتقالي.
وحسب الأصم، فإن مهام المجلس الذي تتمسك به المعارضة، تتمثل في «حل حزب المؤتمر الوطني، ووضع أصوله وممتلكاته تحت الحراسة، ومصادرة أمواله، وحل مؤسساته الاقتصادية، وتحويلها لإشراف وزارة المالية».
وتتضمن المهام «حل الميليشيات التابعة للنظام البائد»، والممثلة في «الأمن الشعبي والأمن الطلابي». وقال الأصم إنهم متمسكون بإقالة رئيس القضاء ونوابه، واختيار رئيس جديد للقضاء، وتعيين نائب عام جديد، لتلقي البلاغات في جرائم النظام منذ 1989، ولتحقيق مطالب العدالة الانتقالية.
وتتضمن المطالب إلغاء القوانين المقيدة للحريات كافة فوراً وتفصيلاً، ومن بينها «قانون جهاز الأمن، وقانون النظام العام، وقوانين النقابات والاتحادات المهنية، وقانون الصحافة والمطبوعات».
وحسب الأصم، فإن المجلس، وبالتوافق مع قوى الثورة، يشكل حكومة مدنية انتقالية بكامل الصلاحية التنفيذية، تنفذ برنامج «قوى الحرية والتغيير»، وتعمل على وقف الحرب، ومخاطبة جذور المشكلة السودانية، ومعالجة آثارها، ووقف التدهور الاقتصادي، وتحسين حياة المواطنين.
ويقوم المجلس بإعداد ترتيبات آنية من أجل تحقيق سلام عادل ووقف الحرب، والإشراف على تدابير الفترة الانتقالية، للانتقال من نظام شمولي إلى نظام تعددي، وهيكلة الدولة والخدمة والعسكرية، بما يحفظ استقلاليتها ومهنيتها، إضافة إلى إعادة بناء المنظومة الحقوقية والعديلة، بما يضمن استقلال القضاء وعدله.
وشدد التجمع المهني على قيام الحكومة الانتقالية المزمعة بالقبض على عمر البشير، وقادة جهاز الأمن والاستخبارات، وكل رموز النظام، وتقديمهم لمحاكمات عادلة.
من جهة أخرى، أعلن رئيس المجلس العسكري الانتقالي عبد الفتاح البرهان، تعيين الفريق أول هاشم عبد المطلب، رئيساً للأركان المشتركة للجيش السوداني، بديلاً للفريق أول كمال عبد المعروف، الذي أحيل للتقاعد بقرار من رئيس المجلس العسكري الانتقالي.
وفي السياق، التقى السفير البريطاني بالخرطوم عرفان صدّيق، بنائب رئيس المجلس العسكري الانتقالي محمد حمدان دقلو، الملقب بـ«حميدتي»، وأبلغه بـ«أهم طلب له، وهو ألا يستخدم العنف، وألا تجري أي محاولة لفض الاعتصام بالقوة».
وحسب تغريدة لعرفان على «تويتر»، فإنه أبدى دعمه لـ«تجمع المهنيين» لتشكيل حكومة مدنية تتولى إدارة البلاد، وذلك بعد يوم واحد من صدور بيان مشترك من «الترويكا» الغربية (بريطانيا، والولايات المتحدة الأميركية، والنرويج) قالت فيه إن مطلب الشعب السوداني بـ«التغيير» لم يتحقق بعد، وإن الوقت حان للمجلس العسكري والأطراف الأخرى لفتح حوار شامل للانتقال لحكم مدني.
من جهة أخرى، طالب «حزب المؤتمر الشعبي» (أسسه زعيم الإسلاميين السودانيين حسن الترابي) بتقديم طلب للانضمام لـ«ميثاق روما»، المكون لـ«المحكمة الجنائية الدولية»، لمحاكمة الرئيس المخلوع عمر البشير بالداخل. وقال الأمين العام للحزب علي الحاج محمد، في مؤتمر صحافي بالخرطوم، أمس، إن على المجلس العسكري الانتقالي حل جهاز الأمن والمخابرات، وإن قبول «استقالة المدير السابق لجهاز الأمن والمخابرات صلاح قوش لا يكفي»، وتابع: «من الضروري نقل مهام الجهاز للشرطة».
وأشار الحاج إلى ضرورة تقديم طلب للانضمام إلى المحكمة الجنائية الدولية و«ميثاق روما»، باعتبار أن الوجود في القضاء العالمي مسألة مهمة، وضمان لعدم تكرار ما حدث من فظاعات وانتهاكات لحقوق الإنسان في عهد البشير.
وكان قوش قد قدم استقالته لرئيس المجلس العسكري عبد الفتاح البرهان، على خلفية مطالب الثوار بتنحيه باعتباره أحد أهم أعمدة النظام السابق، وفي وقت لاحق أعلن البرهان إحالة الرجل الذي يحمل رتبة الفريق أول إلى التقاعد.
ودعا الحاج لتقصير مدة الفترة الانتقالية على ألا تتجاوز عاماً واحداً على أقصى تقدير، على عكس ما أعلنته قيادة الجيش بأن الفترة الانتقالية تستمر لعامين، فيما تطالب «قوى الحرية والتغيير» بفترة انتقالية مدتها أربع سنوات. وأضاف الحاج: «نحن نختلف مع المجلس العسكري في مدة الفترة الانتقالية، ونطالب بأن تكون مدتها القصوى عاماً واحداً، خصوصاً أن دولاً أوروبية تقول إن ما جرى في السودان انقلاب».
واعتبر الحاج استمرار الاعتصام، الذي يطالب المجلس بفضه، «ضمانة مهمة»، لتحقيق طلبات الثوار، وأثناء ذلك قطع الحاج بأن حزبه لن يشارك في الحكم خلال الفترة الانتقالية.
من جهته، أمهل «مجلس السلم والأمن»، التابع للاتحاد الأفريقي، المجلس العسكري الانتقالي السوداني، فترة 15 يوماً لتسليم السلطة لحكومة مدنية، مهدداً بتعليق عضويته في الاتحاد حال عدم إيفائه بالطلب.
ونقلت تقارير صحافية من مقر الاتحاد بالعاصمة الإثيوبية، أديس أبابا، أن مجلس السلم الأفريقي عقد اجتماعاً بشأن تطور الأوضاع في السودان. ونقلت عن رئيس الدورة الحالية لمجلس السلم والأمن الأفريقي، النيجيري بانكولي أديوه، إن مجلسه يرفض استيلاء المجلس العسكري الانتقالي على السلطة في السودان، وتابع: «تجب مراعاة احترام رغبات الشعب السوداني في تكوين حكومة مدنية»، وتابع: «ندين بشدة الإطاحة برئيس منتخب، وحل الحكومة الذي لا يتوافق مع دستور البلاد».



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.