الحكومة التونسية «تحاصر» المحتكرين وتدهم مخازن التبريد

TT

الحكومة التونسية «تحاصر» المحتكرين وتدهم مخازن التبريد

دعا يوسف الشاهد رئيس الحكومة التونسية الولاة (كبار المسؤولين في الجهات) إلى «محاربة ظاهرة الاحتكار والضرب على أيدي المحتكرين وضبط الأسعار». وقال في اجتماع أمس في مدينة سوسة (وسط - شرق تون)، مخاطبا الولاة بالقول: «لديكم كل الصلاحيات للتدخل دون انتظار القرار من المركز (أي من الحكومة)» وذلك من خلال متابعة تزويد الأسواق قبل فترة قليلة من حلول شهر الصيام.
وأشار إلى ضرورة وضع خريطة طريق تتعلق بالفترة المقبلة يتم من خلالها تحديد الأولويات وضبط كيفية التدخل الناجع على المستوى المحلي.
وكان الشاهد زار فجر أمس سوق الجملة للخضراوات والغلال بالمكنين (المنستير) وتفقد تزويد السوق واطلع على أسعار الخضراوات والغلال، في إطار خطة حكومية عاجلة وشاملة لخفض الأسعار والحفاظ على المقدرة الشرائية للتونسيين.
وشدد الشاهد في تصريح على أن الحكومة ستعمل على التخفيض في الأسعار بهدف توفير كل المواد الاستهلاكية، مؤكدا أن الحكومة لن تدخر أي جهد لمحاربة الاحتكار والضرب بقوة على أيدي المحتكرين. وأضاف: «لا مجال للعب بقوت التونسيين».
وفي السياق ذاته، نفذت فرق المراقبة الاقتصادية التابعة لوزارة التجارة حملات دهم لمخازن التبريد بكافة الجهات في محاولة للضغط على المحتكرين ومحاصرة مضارباتهم على مستوى الأسعار.
على صعيد غير متصل، أغلق سائقو أجرة تونسيون محتجون مداخل المدن في أكثر من 13 ولاية (محافظة) تونسية، وطالبوا الحكومة بالتراجع الفوري عن الزيادة التي أقرتها في أسعار المحروقات. وشلت هذه العملية حركة المرور بمعظم المدن التونسية، وتدخلت الوحدات الأمنية لتسيير حركة المرور، خاصة بعد أن أغلق السائقون مفترقات الطرق ومنعوا السيارات من المرور من خلال الجلوس على قارعة الطريق.
وشملت عمليات غلق الطريق ولايات (محافظات) العاصمة التونسية (أربع ولايات في تونس الكبرى وهي أريانة وبن عروس ومنوبة وتونس) وصفاقس وزغوان وبنزرت وسوسة وقابس وسليانة والمهدية ونابل القيروان.
في غضون ذلك، أقدم عدد من التونسيين على غلق بعض الطرقات بولاية صفاقس بسبب التحركات الاحتجاجية التي نفذها سائقو الأجرة والنقل الجماعي في المناطق الريفية، وذلك على خلفية الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات وغلاء المعيشة.
وقال سفيان الزعق المتحدث باسم وزارة الداخلية التونسية إن الوحدات الأمنية بولاية بنزرت (60 كلم شمال العاصمة التونسية) تدخلت بالقوة لفتح الطريق وتسيير حركة المرور بعدد من المدن التونسية بعد فشل جلسات حوار مع المحتجين، وأكد على اقتياد الوحدات الأمنية ستة أشخاص من أصحاب سيارات الأجرة الفردية وتقديمهم للتحقيق بشأن تعطيل حركة المرور.
وأكدت مصادر نقابية أن وحدات الأمن التونسي حجزت عددا من سيّارات المحتجين في كل من سوسة وبنزرت، وذلك إثر استعمال تلك السيارات في غلق الطرقات.
وقال فوزي الخبوشي رئيس الاتحاد التونسي لسائقي الأجرة إن الإضراب سلمي وإن المحتجين رفعوا مطلبا أساسيا وحيدا وهو ضرورة تراجع الحكومة عن الزيادة الأخيرة التي أقرتها في أسعار المحروقات.
ووصف الخبوشي الصراع الذي يخوضه أصحاب سيارات الأجرة بـ«صراع الموت»، وأشار إلى معاناة أصحاب سيارات التاكسي جراء الزيادات المتكررة في أسعار المحروقات، وأكد أنهم أصبحوا غير قادرين على تأمين مصاريف السيارات والمحروقات فضلا عن الالتزامات العائلية، على حد تعبيره.
وأكد الخبوشي أنهم لن يتراجعوا عن الإضراب المفتوح وسيتم إلغاؤه فقط في حال تراجع الحكومة عن الزيادة الأخيرة في أسعار المحروقات.
وحمل الحكومة المسؤولية عن تعطيل مصالح التونسيين وإثقال كاهل الجميع بالزيادات، بالإضافة إلى التراجع الاقتصادي الذي تشهده البلاد.
وانتقد قيادات الاتحاد التونسي للصناعة والتجارة (تجمع رجال الأعمال) على خلفية رفضها مساندة هذه التحركات الاحتجاجية.



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.