استياء نيابي من العجز عن توظيف خريجين جدد في الوظائف الرسمية

TT

استياء نيابي من العجز عن توظيف خريجين جدد في الوظائف الرسمية

تتوسّع تحذيرات رؤساء أحزاب وقيادات لها دورها وحضورها التاريخي في لبنان من مخاطر ما قد تصل إليه الأوضاع الاقتصادية والمالية من إفلاس في ظل الأزمات الخانقة التي تصيب الاقتصاد اللبناني.
ويقول أحد النواب من كتلة نيابية وازنة لـ«الشرق الأوسط» إنه في هذه الأجواء «لا يمكننا توظيف أي خريج جامعة وفي أي موقع وهذا لم يسبق أن حصل في تاريخ لبنان، حيث البطالة مستشرية والهجرة عادت إلى سابق عهدها، ما يذكر بحقبة السبعينات والثمانينات من القرن الماضي، وصولاً إلى أن هناك ضغوطاً هائلة من الدول المانحة من (سيدر) إلى بروكسل، مبدين استياءهم لعدم حصول أي إصلاحات بنيوية من قبل الحكومة حتى الآن»، لافتاً إلى أن مردّ التأخر في إنجاز الإصلاحات «يعود إلى الخلافات السياسية الحادة والأوضاع الإقليمية المحيطة بلبنان، التي لها ارتدادات سلبية على ساحته الداخلية».
ويحمّل رئيس حزب «الوطنيين الأحرار» النائب السابق دوري شمعون في حديث لـ«الشرق الأوسط» العهد جزءاً من المسؤولية والجزء الآخر للحكومة، قائلاً إن هذه الأوضاع المزرية «باتت تشكّل عامل خوف عند المواطن اللبناني في ظل غياب فرص العمل والبطالة وعدم توفر السيولة نتيجة هذه الأزمات المعيشية والحياتية». ولكن شمعون يستطرد متابعاً: «لا أخاف على لبنان من الإفلاس فوضعه المصرفي متماسك وهو غير اليونان وبعض الدول الأخرى، وعلى هذا الأساس أطمئن الجميع بأن لبنان يعاني من أزمات وهذا ما نقر به، ولكن لن يذهب باتجاه الإفلاس».
وعن مسألة النازحين يؤكد شمعون أن «النظام السوري وعلى رأسه بشار الأسد لا يريد عودتهم إلى سوريا، لا سيما أن الأزمة لم تنتهِ بعدُ، وتحديداً عسكرياً، ولا بد من تغيير هذا النظام، وربما ذلك أمر يجب أن يحصل في وقت ليس ببعيد»، كاشفاً أن عدم عودة النازحين إلى سوريا «في جزء منها هي مسألة طائفية، وهذه هي الأسباب الحقيقية، إذ إن هناك منعاً لعودة السني إلى سوريا، ونقطة على السطر، وهذه معلومات ووقائع لا يجب تجاهلها وفق المعطيات التي نملكها، فمع تقديرنا واحترامنا للشيعي وللعلوي، ولا أتحدث هنا بشكل طائفي أو مذهبي، إنما مَن يُسمَح له بالعودة هو الشيعي والعلوي».
وإزاء ما يُطرح من استقالة الحكومة ربطاً بالخلافات حول النازحين والتطبيع مع سوريا إلى ملفات أخرى، لا يرى شمعون أن في هذه المسألة عجباً أو مفاجأة «لأننا أمام حكومة غير منسجمة، وهي تتألّف من كل وادي عصا، دون أن نغفل ما تعانيه من سطوة من النظام السوري وإيران عبر (حزب الله)، ممّا يضع رئيسها سعد الحريري أمام حائط مسدود، وبالتالي هو مكبّل أمام هذه السطوة والسياسات المؤثرة عليها وعلى قراراتها ودورها ونهجها». وقال شمعون: «ما نشهده بوضوح من خلال العهد ووزير الخارجية عبر دفاعهم المستميت عن النظام السوري وإيران أن سياستها الخارجية تصب باتجاه هذا المحور».
وعن العقوبات الأميركية ومن المجتمع الدولي على «حزب الله» وإيران، يقول شمعون إن «حزب الله» وفي الآونة الأخير اعتقد البعض أنه يعود إلى ما يُسمى بـ«اللبننة» وهو الذي يقاتل في سوريا ولديه تحالف عقائدي مع إيران، حيث قراره ودوره يصبّ في طهران، إنما أرى بعد هذه العقوبات أنه «يساير على المستوى اللبناني الداخلي في ظل هذه العقوبات المالية والإجراءات المتخَذَة من واشنطن والمجتمع الدولي بحقه وبحق إيران». وأضاف: «أرى أن الدور الإيراني لم يعد كما السابق بل بات صعباً، وذلك يُستدل عليه بوضوح في لبنان من خلال عصر النفقات الذي تقدم عليه طهران تجاه (حزب الله) وأعوانه، وبناء عليه فإيران ستعيد حساباتها على الساحة اللبنانية، وهذا ما سينسحب على (حزب الله) الذي يتلقى كل الدعم العسكري والمالي من طهران».
وغاب شمعون عن قداس «التوبة والمغفرة» الذي أُقيم في بلدته دير القمر من قبل «التيار الوطني الحر» الذي يرأسه وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل، وحضره النائب السابق وليد جنبلاط. وحول غيابه، يقول شمعون: «إن المصالحة الحقيقية وما سمي بمصالحة الجبل التاريخية إنما أُنجزت في عام 2001 بحضور البطريرك الماروني مار نصر الله بطرس صفير، والنائب السابق وليد جنبلاط، وقيادات مسيحية سياسية وروحية ووطنية، لذا يسأل: لماذا هذا القُدّاس في دير القمر؟ هل لنبش القبور ونكء الجراح؟». ويعتبر شمعون القداس «محطة سياسية شعبوية من قبل التيار الوطني الحر تمس مشاعر الناس وأهالي الشهداء ولهذا السبب لم أشارك فيه احتراماً لأهالي الشهداء».
وعن مقاطعته لزيارة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون في قصر بعبدا، يقول شمعون: «لقد التقيته يوم كنتُ نائباً خلال الاستشارات النيابية، والآن ليس هناك من شيء يدفعني لزيارته». ويشير إلى أنه يتابع «النشاط الرئاسي عبر الإعلام».



مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
TT

مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي

وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري يلتقي ولي العهد الكويتي الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح (الخارجية المصرية)

أكدت مصر خلال زيارة وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي للكويت، على دعم القاهرة الكامل للأمن الخليجي بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري، وسط لقاءات ومباحثات تناولت مجالات التعاون، لا سيما الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة.

تلك الزيارة، بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، تأتي تأكيداً على مساعي مصر والكويت لتعميق التعاون وزيادة التنسيق الإقليمي بوتيرة أكبر ونشاط أوسع، خصوصاً في ضوء علاقات البلدين التاريخية، وكذلك حجم الاستثمارات بين البلدين الكبيرة، مشددين على أهمية التنسيق بين بلدين مهمين في المنطقة.

واستهل عبد العاطي زيارته إلى الكويت بلقاء ولي العهد الشيخ صباح خالد الحمد المبارك الصباح، الأحد، مؤكداً «عمق العلاقات التاريخية والروابط الأخوية التي تجمع البلدين الشقيقين، وتوافر الإرادة السياسية لدى قيادتي البلدين من أجل تطوير العلاقات لآفاق أرحب»، مبدياً «الحرص على تعزيز التعاون والتنسيق مع دولة الكويت وزيادة وتيرته»، وفق بيان صحافي لـ«الخارجية المصرية».

وأبدى الوزير المصري «تطلُّع مصر لتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري والاستثماري بين البلدين، أخذاً في الحسبان ما اتخذته الحكومة المصرية من خطوات طموحة لجذب الاستثمارات، وتنفيذ خطة الإصلاح الاقتصادي»، مشدداً على «دعم مصر الكامل للأمن الخليجي، بوصفه جزءاً لا يتجزأ من الأمن القومي المصري».

وفي مايو (أيار) الماضي، قال سفير الكويت بالقاهرة، غانم صقر الغانم، في مقابلة مع «القاهرة الإخبارية» إن الاستثمارات الكويتية في مصر متشعبة بعدة مجالات، وتبلغ أكثر من 15 مليار دولار، بينها 10 مليارات دولار للقطاع الخاص.

كما اجتمع عبد العاطي مع الشيخ فهد يوسف سعود الصباح، رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي، مؤكداً «الحرص على الارتقاء بعلاقات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق طموحات ومصالح الشعبين الشقيقين»، وفق بيان ثانٍ لـ«الخارجية المصرية».

وزير الخارجية المصري يجتمع مع رئيس الوزراء بالإنابة ووزير الداخلية ووزير الدفاع الكويتي الشيخ فهد يوسف سعود الصباح (الخارجية المصرية)

فرص استثمارية

عرض الوزير المصري «الفرص الاستثمارية العديدة التي تذخر بها مصر في شتى القطاعات، والتي يمكن للشركات الكويتية الاستفادة منها، فضلاً عن الاتفاق على تبادل الوفود الاقتصادية، وتشجيع زيادة الاستثمارات الكويتية في مصر»، مبدياً «ترحيب مصر ببحث مجالات التعاون الأمني والعسكري لمواجهة التحديات الأمنية المختلفة».

كما بحث الوزير المصري في لقاء مع وزيرة المالية ووزيرة الدولة للشؤون الاقتصادية والاستثمار، نوره الفصام، الفرص الاستثمارية المتاحة في مصر بشتى القطاعات، وسط تأكيد على حرص الجانب المصري على تعزيز الاستثمارات الكويتية في مصر وإمكانية تعزيز نشاط الشركات المصرية لدعم عملية التنمية في الكويت.

ووفق خبير شؤون الخليج في «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» بالقاهرة، الدكتور محمد عز العرب، فإن الزيارة تحمل أبعاداً عديدة، أبرزها الحرص المصري على تطوير العلاقات المصرية العربية، ومنها العلاقات مع الكويت لأسباب ترتبط بالتوافقات المشتركة بين البلدين والتعاون ليس على المستوى السياسي فحسب، بل على المستوى الأمني أيضاً.

التنسيق المشترك

البعد الثاني في الزيارة مرتبط بالاستثمارات الكويتية التي تستحوذ على مكانة متميزة وسط استثمارات خليجية في مصر، وفق عز العرب، الذي لفت إلى أن الزيارة تحمل بعداً ثالثاً هاماً مرتبطاً بالتنسيق المشترك في القضايا الإقليمية والدولية خاصة وهناك إدراك مشترك على أولوية خفض التصعيد والتعاون الثنائي بوصفه صمام أمان للمنطقة.

تحديات المنطقة

يرى الكاتب والمحلل السياسي الكويتي، طارق بروسلي، أن زيارة عبد العاطي «خطوة مهمة في إطار العلاقات التاريخية الوطيدة بين البلدين، وتعكس عمق التفاهم والاحترام المتبادل بين قيادتي البلدين والشعبين الشقيقين».

وتحمل الزيارة قدراً كبيراً من الأهمية، وفق المحلل السياسي الكويتي ورئيس «المنتدى الخليجي للأمن والسلام» فهد الشليمي، خصوصاً وهي تأتي قبيل أيام من القمة الخليجية بالكويت، مطلع الشهر المقبل، وما سيتلوها من ترأس الكويت مجلس التعاون الخليجي على مدار عام، فضلاً عن تحديات كبيرة تشهدها المنطقة، لا سيما في قطاع غزة وحربها المستمرة منذ أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية الرسمية، الأحد، بأن أمير البلاد الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح تلقى رسالة شفهية من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي تتعلق بالعلاقات الأخوية المتميزة بين البلدين والشعبين الشقيقين وآخر المستجدات الإقليمية والدولية، خلال استقبال ولي العهد لوزير الخارجية المصري.

كما نوهت بأن عبد العاطي التقى رئيس الوزراء بالإنابة، و«جرى خلال اللقاء استعراض العلاقات الثنائية وسبل تعزيز التعاون بين البلدين إضافة إلى بحث آخر المستجدات على الساحتين الإقليمية والدولية».

تطوير العمل الدبلوماسي

وتهدف الزيارة، وفق بروسلي، إلى «تعميق التعاون في عدة مجالات والتنسيق المشترك في المواقف على الصعيدين الإقليمي والدولي، لا سيما في قضايا فلسطين وسوريا ولبنان واليمن»، مرجحاً أن تسهم المباحثات المصرية الكويتية في «زيادة فرص التعاون الاقتصادي والتجاري وتعزيز الاستثمارات وزيادة التنسيق الأمني ومواجهة التحديات الأمنية المشتركة».

ويعتقد بروسلي أن الزيارة «ستكون فرصة لبحث تطوير العمل الدبلوماسي، ودعم البرامج التعليمية المتبادلة بين البلدين والخروج بمذكرات تفاهم تكون سبباً في تحقيق التكامل الإقليمي، وتعزيز التعاون في ظل التحديات المشتركة بالمنطقة».

بينما يؤكد الشليمي أن الزيارة لها أهمية أيضاً على مستوى التعاون الاقتصادي والتجاري، خصوصاً على مستوى تعزيز الاستثمارات، إضافة إلى أهمية التنسيق بين وقت وآخر بين البلدين، في ظل حجم المصالح المشتركة الكبيرة التي تستدعي التعاون المستمر.