«إجراءات غير شعبية» لخفض العجز في الموازنة

خوف من المساس بالرواتب

TT

«إجراءات غير شعبية» لخفض العجز في الموازنة

تتهّيب الحكومة اللبنانية الاستحقاق الذي ستناقشه الخميس المقبل، الهادف إلى تخفيض العجز في ميزانية الدولة البالغ أكثر من 8 مليارات دولار، فيما بلغت خدمة الدين 4 مليارات دولار. وأعدّ وزير المال علي حسن خليل مشروعاً بهذا الصدد يتضمن تخفيضات إذا وافق مجلس الوزراء عليه سيؤدي إلى وفر في الميزانية قيمته 20 في المائة، وفيه بعض الإجراءات «غير الشعبية».
ورغم حرص الأمانة العامة لمجلس الوزراء التي وزعت المشروع ولائحة بالتخفيضات المقترحة وتمنت على الوزراء الحفاظ على سريتها، تسربّ بعضها مثل التخفيض في رواتب الموظفين، ومما زاد في التصديق بذلك أن وزير الخارجية والمغتربين جبران باسيل أكد ذلك في كلمة خلال لقاء حزبي في بلدة البرامية في الجنوب، ولفت إلى أنه إذا لم يتجاوب الموظفون مع هذه التخفيضات سيؤدي ذلك إلى عدم صرف أي راتب لأي موظف.
وتفاعل موقف باسيل في الوسطين السياسي والشعبي سلباً مما أحدث بلبلة، دفعت أمس (الأحد)، أكثر من مسؤول إلى الإسراع في التوضيح أن أي إجراء لم يطرح بعد على مجلس الوزراء وأن المقترحات الرامية إلى التخفيضات لا تزال نظرية حتى الساعة.
وقال مصدر مواكب للاتصالات: «إن الكلام عن تخفيض الرواتب هو مجرد كلام غير مقترن بشيء عملي، لأنه إذا تقرر خفض الرواتب فهذا يعني أنه سيصار إلى اللعب بسلسلة الرتب والرواتب التي هي قانون، عندئذ نحن أمام طريقين؛ الأولى أن يرفع مجلس الوزراء مشروع قانون إلى مجلس النواب يطلب تعديلاً، أما الثانية فهي اقتراح نيابي من قبل أحد النواب إلى المجلس لإجراء التعديل»، لافتاً إلى أنه «في كلتا الحالتين هذا لم يحصل». وأضاف: «كل ما هو متداول الآن، مجرد كلام وأفكار وأشياء تطير في الهواء. كل مسؤول لديه رأي يطرحه».
واستدرك قائلاً: «إلا أنه من المؤكد والثابت هناك إعادة نظر ببعض المصاريف والتعويضات التي لا تحتاج إلى تعديل قوانين مثل الساعات الإضافية وبدلات السفر التي بوسع مجلس الوزراء اتخاذها من دون العودة إلى مجلس النواب والحد من المهمات في الخارج. وهناك مثلاً تدبير رقم 3 وإعادة النظر فيه للأسلاك العسكرية وحصرها بالأرض ميدانياً وليس الذين يعملون في المكاتب ويقومون بعمل إداري»، مشيراً إلى أن «الذين يستفيدون من تدبير رقم 3 كل الأسلاك العسكرية من دون استثناء».
وأشار إلى إلغاء بعض التعويضات المقررة عرفاً مثل الاستفادة المادية للمعين في لجنة. هذه التقديمات التي لا يلاحظها القانون أو التي لا تحتاج إلى قانون بل إلى مراسيم عادية تصدر عن مجلس الوزراء أو إلى مراسيم عادية تصدر بتوقيع رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزير المختص.
ولفت إلى أن الحديث الآن عن خفض الرواتب واللعب بسلسلة الموظفين «ليس له أي مؤشر عملي حتى الساعة»، وأنه «مجرد كلام سواء كان الوزير باسيل أو سواه. إنهم يفكرون بما هو ممكن لكن حتى الساعة ليس هناك أي شيء مطروح».
واستبعد المساس بسلسلة الرواتب، لأن ردة الفعل السلبية ستكون قوية. أما المجالات الأخرى المتاحة فهي التعويضات، والتخفيف من الساعات الإضافية، وبدلات السفر وبعض المؤسسات التي رواتبها غير محددة بقوانين وبمراسيم متخذة في مجلس الوزراء مثل رواتب بعض الموظفين والبالغة قيمتها 20 أو 25 مليون دولار، إضافة إلى مصاريف النقل.
وتجدر الإشارة واستناداً إلى المصدر نفسه أنه بالنسبة إلى شروط «سيدر»، فإن إقرار خطة الكهرباء أحدث جواً مقبولاً، لكن بالنسبة للأوروبيين فإن هذا الإقرار غير كافٍ، إذ يريد الأوروبيون إقرار الموازنة والإصلاحات التي سترد فيها والتخفيضات من ضمنها.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.