بريطانيا تستعين بأئمة لاقتلاع جذور التطرف

كلفتهم إقناع العائدين من القتال بتبني أفكار معتدلة

معلمون وتلاميذ أثناء صلاة الظهر في مدرسة بارك فيو الثانوية بمدينة بيرمنغهام الإنجليزية ({نيويورك تايمز})
معلمون وتلاميذ أثناء صلاة الظهر في مدرسة بارك فيو الثانوية بمدينة بيرمنغهام الإنجليزية ({نيويورك تايمز})
TT

بريطانيا تستعين بأئمة لاقتلاع جذور التطرف

معلمون وتلاميذ أثناء صلاة الظهر في مدرسة بارك فيو الثانوية بمدينة بيرمنغهام الإنجليزية ({نيويورك تايمز})
معلمون وتلاميذ أثناء صلاة الظهر في مدرسة بارك فيو الثانوية بمدينة بيرمنغهام الإنجليزية ({نيويورك تايمز})

جذب مقتل الصحافي الأميركي جيمس فولي على يد ما بدا أنه جهادي بريطاني الانتباه من جديد إلى المخاطر التي يشكلها المتطرفون من شباب المسلمين البريطانيين.
تشير الحكومة إلى أن نحو 500 بريطاني وبريطانية أو أكثر ذهبوا للقتال مع الجماعات المسلحة في كل من العراق وسوريا، وقد عاد بعض منهم بالفعل.
تراقب بريطانيا مواطنيها على وسائل التواصل الاجتماعي في جزء من استراتيجيتها لمكافحة الإرهاب. ولكن تلجأ الحكومة أيضا إلى الأئمة المعارضين للتطرف من أجل المساعدة على منع المسلمين البريطانيين من تبني أفكار راديكالية وإقناع من عادوا من أرض المعركة باعتناق أفكار معتدلة.
بعد مقتل فولي، دعا قاري عاصم، إمام مسجد مكة في ليدز، المسلمين إلى «العمل مع أجهزة الاستخبارات والحكومة للتأكد من أن هذه السموم لا تصل إلى حدودنا». وفي حديثه إلى (بي بي سي)، صرح الإمام بأن خطورة انضمام مسلمي بريطانيا إلى الجماعة المتطرفة التي تعرف باسم {داعش} في تزايد نظرا لتورط بريطانيا في العراق. تسلل محمد هادي (18 عاما) من منزله في كوفنتري في صباح أحد الأيام في مارس (آذار)، مثل عشرات من المسلمين البريطانيين الذين سبقوه، ذاهبا إلى القتال مع إحدى الجماعات المسلحة في سوريا. وأصيب والداه بالصدمة والارتباك.
قال والده ماهر هادي في حوار معه: «كان طبيعيا في المنزل، شابا مسلما معتدلا». بعد مرور ثلاثة أشهر من دون ظهور أي أثر له، بدأ محمد يرسل منشورات على «تويتر» في شهر يونيو (حزيران). واتخذ له كنية إسلامية أبو يحيى الكردي، وادعى أنه انضم إلى تنظيم داعش. وصرحت والدته لصحيفة «ذا صن» بأن محمد يحصل على مصروف جيب صغير، مما يشير إلى أن شخصا آخر دفع تكاليف تذكرة الطائرة. قال هادي إن المفتاح الوحيد لمغادرة ابنه المفاجئة هو الإمام المحلي محمد شعيب، الذي كان يقوم بالتدريس للشاب في مدرسته، ووفقا لشخص على معرفة بالأسرة، فإن الإمام اصطحب محمد هادي في زيارة إلى تركيا بالقرب من الحدود مع سوريا من دون معرفة والديه. ويقول هادي إنه شك في أن هذا الإمام هو السبب في تطرف ابنه لذلك قام بمواجهته. ولكن، كما يروي هادي، نفى شعيب هذه الاتهامات، ولم تصدر اتهامات ضد الإمام بارتكاب أي جريمة، ولكنه رفض طلب إجراء حوار معه. يعلق هادي: «بالطبع لدي شكوكي، ولكن لا يوجد دليل. ماذا يمكنك أن تفعل؟». يقول الخبراء والمسؤولون إن عددا قليلا فقط من القادة الدينيين يزرعون بذور التطرف. ويكون جمهورهم من الشباب الساخط الذي يبتعد عن المساجد المحلية ويبحث عن إجابات على المسائل المهمة المعتادة لدى الشباب، بالإضافة إلى الصراعات في الشرق الأوسط.
أحيانا ينشر هؤلاء الأئمة صورة عن سمو الإسلام، تجعل من غير المسلمين شياطين وتبرر تصرفات المسلحين الذين يتبعون تفسيرات متطرفة للقرآن. إنهم حريصون على عدم الإشارة إلى حمل السلاح، ولكنهم يتحدثون عن الوضع في سوريا أو العراق أو غزة، ثم يتحدثون عن واجبات المسلم. آراؤهم متطرفة، ولكن نادرا ما تكون غير قانونية. وتزداد النزعة المتطرفة بسبب الآراء المطروحة على الإنترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، وكذلك في المحاضرات وورش العمل الصغيرة التي تقام خارج المسجد.
جذب أحد مساجد كارديف الانتباه في يونيو عندما وردت تقارير بأن ثلاثة شباب منضمين إلى صفوف داعش كانوا من المترددين عليه بانتظام. ويؤكد مسجد مركز المنار أن الشباب الثلاثة تحولوا إلى التطرف بسبب المعلومات التي يتلقونها عبر شبكة الإنترنت وليس في المسجد. وصرح بيتر فاهي، رئيس شرطة مانشستر، الذي يقود استراتيجية الحكومة من أجل منع الناس من الاتجاه إلى التطرف، قائلا: «هناك بعض المساجد التي تشكل أهمية خاصة لنا. ولكن كثيرا من هؤلاء الناس ليسوا أغبياء» في إشارة إلى الدعاة المتطرفين: «وهم حذرون للغاية فيما يتعلق بعدم تجاوزهم الحد».
يقول تيموثي وينتر، عميد كلية المسلمين في كمبردج التي تدرب نحو 100 إمام سنويا، إن جزءا من المشكلة يتعلق بعدم وجود عدد كاف من الأئمة الذين يعارضون الخطاب المتطرف الذي يؤثر على الشباب الضعيف. وتابع قائلا «إن معظم الأئمة يتجنبون الحديث عن القضايا السياسية والاجتماعية المثيرة للخلافات»، مضيفا: «لا يمكنهم قضاء وقت مفيد يوميا مع كل شاب غاضب». كما أوضح أن دور الحكومة محدود لأنه يفتقد إلى «كفاءة العلماء التقليديين» وليس جميع من يشارك في جهود التخلص من التطرف على صلة بالحكومة. ويضيف وينتر: «يمكن أن تستغرق الجهود أسابيع. وهي تحقق نجاحا ولكنها تحتاج إلى عدد كبير من العاملين بها على نحو استثنائي». تحدث أحد الأئمة الذين يعملون مع الحكومة، وطلب عدم ذكر اسمه نظرا لحساسية الموضوع، عن فتى يبلغ من العمر 16 عاما، كان غاضبا بسبب الحرب الأفغانية، وأخبر الإمام أنه سوف يقوم بتسميم خط المياه المؤدي إلى إحدى الثكنات العسكرية بالقرب من لندن. «كان هذا الفتى غاضبا للغاية ومستعدا». أمضى الإمام أياما يتحدث معه، وفي مرحلة ما أمسك به وصرخ في وجهه: «ماذا دهاك؟ هل جننت؟» في النهاية، تخلى الفتى عن خطته و«عاد من جديد إلى حياته الطبيعية».
في الفترة الأخيرة، عمل الإمام مع شباب عائدين من سوريا. لم يكونوا جميعا من المسلحين ويمكن «إرشادهم للتخلي عن التطرف ولكن كثيرين منهم يعانون من أوضاع أسرية صعبة أو متاعب نفسية». يسعى إمام آخر هو محمد منور علي، الذي يدير مركزا تعليميا خيريا في إبسويتش، إلى مساعدة الشباب على فهم تعقيدات السياسة وصراعات الشرق الأوسط. ولكنه حريص على عدم الإساءة إلى فكرة الجهاد، إذ يقول: «إنها شجاعة أن ترغب في التضحية بحياتك من أجل غاية نبيلة. ولكني أقول إن هذا يجب أن يتم بطريقة مسؤولة».
وأوضح علي أن الشباب رغم فراغ صبره يستمع إليه نظرا لتاريخه الشخصي. قال علي (54 عاما) بأنه على مدار 20 عاما كان يعمل على تجنيد وتدريب المقاتلين، وقاتل شخصيا في أفغانستان وبنغلاديش والبوسنة والشيشان وكشمير والفلبين وسريلانكا. وتثير صداقته مع أنور العولقي، رجل الدين الذي ولد في أميركا وعمل مع «القاعدة» في اليمن قبل مقتله، إعجاب مستمعيه. ولكن ترك علي الجهاد في عام 2000 بعد تفكر طويل وخسارة 20 صديقا في القتال. وعن ذلك يقول: «تؤثر أشياء معينة فيك. وتبدأ في الحد من التجاهل وتتجرأ على الاستماع والانفتاح». يقاوم الرجال في الثلاثينات والأربعينات محاولات الإقناع، ولكن العمل مع الشباب المسلم أحيانا يؤتي ثماره. يشعر كثير ممن عادوا، متأثرين بالصراعات في سوريا والعراق، بـ«السأم ويرغبون في العودة إلى الحياة الطبيعية».
يقول هادي، والد محمد، إنه يشعر بالأمل، وإنه لا يزال ينتظر عودة ابنه.
* خدمة «نيويورك تايمز»



النرويج تُصدر طلباً دولياً للبحث عن شخص على صلة بـ«أجهزة بيجر حزب الله»

إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)
إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)
TT

النرويج تُصدر طلباً دولياً للبحث عن شخص على صلة بـ«أجهزة بيجر حزب الله»

إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)
إحدى ضحايا انفجارات أجهزة البيجر على نقالة خارج المركز الطبي بالجامعة الأميركية في بيروت (رويترز)

قالت الشرطة النرويجية، الخميس، إنها أصدرت طلباً دولياً للبحث عن رجل نرويجي من أصل هندي مرتبط ببيع أجهزة البيجر التي تستخدمها جماعة «حزب الله» اللبنانية وانفجرت الأسبوع الماضي.

واختفى رينسون فوسه (39 عاماً) أثناء رحلة عمل إلى الولايات المتحدة الأسبوع الماضي. وهو مؤسس شركة بلغارية ذكرت تقارير أنها جزء من سلسلة توريد أجهزة البيجر.

وقالت شرطة أوسلو، في رسالة عبر البريد الإلكتروني لوكالة «رويترز» للأنباء، «أمس، 25 سبتمبر/أيلول، تلقت شرطة أوسلو بلاغاً عن شخص مفقود فيما يتعلق بقضية البيجر».

وأضافت «فتحت الشرطة قضية أشخاص مفقودين، وأرسلنا مذكرة دولية (للبحث) عن الشخص».

وأحجم فوسه عن التعليق على مسألة أجهزة البيجر عند الاتصال به هاتفياً، يوم (الأربعاء) الموافق 18 سبتمبر (أيلول)، وأنهى المكالمة عندما سُئل عن الشركة البلغارية. ولم يستجب لعدة محاولات للتواصل معه عبر مكالمات هاتفية ورسائل نصية.

وقالت شركة «دي إن ميديا» النرويجية التي يعمل بها فوسه إنه غادر لحضور مؤتمر في بوسطن في 17 سبتمبر (أيلول)، ولم تتمكن الشركة من الوصول إليه منذ اليوم التالي. ويعمل فوسه في قسم المبيعات بالشركة.

ووفقاً لسجل الشركات البلغارية أسس فوسه شركة «نورتا جلوبال» ومقرها صوفيا في 2022. وتحقق بلغاريا في دور الشركة في توريد أجهزة البيجر المفخخة، لكنها لم تعثر على أي دليل على تصنيعها في البلاد أو تصديرها منها.

وفي وقت سابق اليوم، قال الادعاء في تايوان إنه استجوب حتى الآن 4 شهود في تحقيقاته بشأن شركة تايوانية على صلة بأجهزة البيجر التي انفجرت الأسبوع الماضي في لبنان.

وقالت مصادر أمنية إن إسرائيل مسؤولة عن انفجارات أجهزة اللاسلكي التي زادت من حدة الصراع المتنامي مع جماعة «حزب الله» اللبنانية، ولم تؤكد إسرائيل أو تنفي تورطها.

وما زالت كيفية زرع المتفجرات في أجهزة البيجر، ومتى حدث ذلك، وتفجيرها عن بُعد، لغزاً لم يتم حله. واستدعت عمليات البحث عن أجوبة تحقيقات في تايوان وبلغاريا والنرويج ورومانيا.

ونفت شركة «جولد أبوللو»، ومقرها تايوان، الأسبوع الماضي تصنيع الأجهزة المستخدمة في الهجوم، وقالت إن شركة «بي إيه سي» في المجر لديها ترخيص لاستخدام علامتها التجارية. كما قالت حكومة تايوان إن أجهزة البيجر لم تُصنع في تايوان.

وقال متحدث باسم مكتب الادعاء العام لمنطقة شيلين في تايبه، الذي يقود التحقيق في قضية «جولد أبوللو»، إنه جرى استجواب موظف حالي وموظف سابق، بصفتهما شاهدين، إضافة إلى شخصين الأسبوع الماضي.

وأضاف المتحدث: «نحقق في هذه القضية على وجه السرعة، ونسعى إلى حلها في أقرب وقت ممكن». وأحجم عن ذكر اسمي الشخصين اللذين جرى استجوابهما، أو القول ما إذا كان المدعون يخططون لاستجواب مزيد.

وفي الأسبوع الماضي، استجوب ممثلو الادعاء رئيس شركة «جولد أبوللو» ومؤسسها هسو تشينج كوانج، وتيريزا وو الموظفة الوحيدة في شركة تدعى «أبوللو سيستمز».

ولم تعلق «جولد أبوللو» على هذا التحقيق، ولم ترد على طلب آخر للتعليق، الخميس.