«الجيش الليبي» يتقدم في 7 محاور... و«الوفاق» تقصف تمركزات لحفتر

المسماري: تركيا وقطر تدعمان ميليشيات طرابلس

صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بمدرسة للأطفال بعد تعرضها لقصف جوي بضواحي طرابلس (رويترز)
صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بمدرسة للأطفال بعد تعرضها لقصف جوي بضواحي طرابلس (رويترز)
TT

«الجيش الليبي» يتقدم في 7 محاور... و«الوفاق» تقصف تمركزات لحفتر

صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بمدرسة للأطفال بعد تعرضها لقصف جوي بضواحي طرابلس (رويترز)
صورة تظهر حجم الدمار الذي لحق بمدرسة للأطفال بعد تعرضها لقصف جوي بضواحي طرابلس (رويترز)

كثّف سلاح الطيران، التابع لـ«الجيش الوطني» الليبي، وتيرة هجماته على طرابلس، ومعدل غارته الجوية على معسكرات وتمركزات للميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق الوطني التي يرأسها فائز السراج، في وقت شدد فيه رئيس الوزراء الإيطالي جوزيبي كونتي على أن أي تدخل عسكري أجنبي في ليبيا «لن يشكل حلاً للصراع».
وقال الجنرال عبد السلام الحاسي، قائد مجموعة عمليات المنطقة الغربية التي تقود معارك الجيش في طرابلس، في تصريحات نقلتها وسائل إعلام محلية، إن قواته باتت على بعد عدة كيلومترات قليلة فقط من قلب العاصمة طرابلس. كما طمأنت شعبة الإعلام الحربي، التابعة لـ«الجيش الوطني»، سكان المدينة بأن ما سمع من دوي انفجارات بمنطقة وادي الربيع ومحيطها «مجرد صوت استهداف سلاح الجو، في غارة ناجحة ضد أحد مخازن الأسلحة والذخائر الخاصة بالجماعات الإرهابية»، وقالت: «لقد تمت إصابة الهدف بدقة بالغة، مما يضعف تعزيزات العدو وقدراته المنهارة، فيما تعانق معنوياتنا السماء».
وكانت الشعبة قد بثت أمس مشاهد حية لما سمته «عملية نوعية للقوات ضد المجموعات الإرهابية والميليشيات المسلحة» في طرابلس، وأوضحت أن العملية أسفرت عن «مقتل العشرات من الإرهابيين، ومصادرة آلياتهم وأسلحتهم وعتادهم»، لكنها تحفظت على ذكر مكان العملية.
وأظهرت لقطات مصورة التقطها سكان محليون تصاعد دخان من معسكر في تاجوراء، حيث تتمركز الكتيبة 33 مشاة، التي يقودها المتطرف بشير خلف الله، الملقب بالبقرة، عقب غارة جوية نفذها الجيش.
وقال اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، في بيان له مساء أول من أمس، إن قوات الجيش «تقدمت لليوم التاسع على التوالي من سبعة محاور رئيسية نحو العاصمة».
وكان المسماري قد أعلن، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس من مدينة بنغازي، عن «عودة التكتلات الإرهابية في طرابلس أكثر من ذي قبل، وتنظيم (القاعدة) بأجنحته كافة، بشكل كبير، بالتنسيق مع تنظيم (داعش)»، مشيراً إلى ظهور قيادات من الصف الأول لتنظيم «القاعدة» في طرابلس. وقال بهذا الخصوص: «أمامنا مباشرة تنظيم (القاعدة) الذي يحاول توظيف خبرته في أفغانستان، ومعه إعلام مضلل»، لافتاً إلى أن هناك دولاً تدعم الإرهابيين في طرابلس «تمويلاً وتسليحاً وتدريباً، وبغطاء سياسي». وتابع المسماري موضحاً: «رصدنا طائرات تحمل الأسلحة للإرهابيين»، ورأى أن هناك دولاً «مثل تركيا وقطر تغامر بمستقبل مصالحها واستثماراتها مع ليبيا من خلال دعم المجموعات الإرهابية».
كان سلاح الجو بـ«الجيش الوطني» قد شن غارات جوية استهدفت مواقع عسكرية في العاصمة طرابلس، ومدينة زوارة (غرب البلاد). وقال أحد حراس معسكر الدفاع الجوي ببلدية تاجوراء، الواقعة على بعد 20 كيلومتراً شرق ضواحي العاصمة طرابلس، إن «ضربة جوية استهدفت المعسكر، وعدداً من العربات المسلحة كانت رابضة في ساحة المعسكر»، لافتاً إلى أن طائرات الجيش أقلعت من قاعدة عقبة بن نافع الجوية، غرب البلاد.
كما نفذ سلاح الجو ضربة جوية استهدفت معسكراً للدفاع الجوي بمدينة زوارة، التي تبعد 120 كيلومتراً غرب طرابلس.
ومن جانبه، قال محمد قنونو، المتحدث باسم قوات السراج، في مؤتمر صحافي بطرابلس، إن سلاح الجو التابع لها نفذ «ضربة جوية ناجحة» على قاعدة الوطية، التابعة للجيش الوطني، «ضمن ست غارات» استهدفت تمركزات لقوات الجيش في مواقع مختلفة.
ومع استمرار القتال في ضواحي العاصمة الليبية طرابلس، تحدثت الأمم المتحدة عن ورود تقارير حول زيادة استخدام المدفعية الثقيلة، وأعربت عن قلقها إزاء تأثير هذه الاشتباكات على الظروف المعيشية الصعبة للمواطنين العاديين. وقالت في بيان للمتحدث الرسمي باسمها، ستيفان دو جاريك، مساء أول من أمس: «القتال يؤثر أيضاً على الوضع الاقتصادي، ومن المتوقع أن تؤدي زيادة عمليات السحب النقدي من البنوك، وتخزين السلع، إلى تفاقم نقص السيولة، وارتفاع أسعار السلع».
وفى انشقاق عسكري لافت للانتباه على حكومة السراج، أعلنت هيئة التنظيم وإدارة الجيش التابع للحكومة، بحسب وسائل إعلام محلية، أول من أمس، دعمها لعملية تحرير العاصمة من قبل «الجيش الوطني»، مؤكدة عزمها الانضمام له، وتنفيذ أمر الموت عندما تحين اللحظة المناسبة.
وفي المقابل، قال فائز السراج، رئيس حكومة «الوفاق»، لدى اجتماعه أمس بطرابلس مع رئيس بعثة الأمم المتحدة، غسان سلامة، إن القوات التابعة لحفتر ما زالت مستمرة في استخدام الطيران والقصف العشوائي لمناطق مدنية، تشمل البيوت والبنية التحتية، كان آخرها قصف مدرسة بمنطقة عين زارة، أمس.
وطبقاً لبيان وزعه مكتبه، فقد أبلغ السراج المبعوث الأممي بحالات لانتهاك حقوق الإنسان من قبل القوة المعتدية، من بينها تجنيد الأطفال للقتال في صفوفها، بينما أكد سلامة رفضه التام لأي اعتداء على المدنيين والمنشآت المدنية، باعتباره يشكل انتهاكاً خطيراً للقانون الإنساني الدولي، مؤكداً أن الجهود لم تتوقف لإنهاء هذه الحرب.
كانت حكومة السراج قد دعت، على لسان وزير خارجيتها محمد سيالة، مجلس الأمن الدولي إلى التحرك لوقف هجوم قوات الجيش الوطني لتحرير طرابلس، حيث قال للصحافيين مساء أول من أمس: «نريد تدخلاً سياسياً، وليس عسكرياً... ونأمل في أن يتمكن مجلس الأمن الدولي من أن يوقف القوات التي تهاجم العاصمة، وأن يقنع الدول التي تدعمها بتغيير موقفها».
بدورها، كشفت وزيرة الدفاع الإيطالية إليزابيتا ترينتا النقاب، أمس، عن وجود وحدة عسكرية إيطالية، تضم نحو 400 جندي، في مدينة مصراتة (غرب ليبيا)، وفقاً لـوكالة «أكي»، مشيرة إلى أن وحدة أخرى تعمل في ميناء طرابلس لتوفير أنشطة الدعم لخفر السواحل والبحرية، بناء على طلب السلطات المحلية.
من جهة ثانية، تتزايد المخاوف الدولية والمحلية من وضعية المهاجرين غير الشرعيين المحتجزين في مراكز للإيواء، تديرها حكومة «الوفاق الوطني» بالعاصمة الليبية طرابلس، تضم قرابة 20 ألف مهاجر، وذلك بسبب تزايد حدة الاقتتال، وتوقف إمداد بعض المراكز بمواد الإعاشة، ما دفع بعضها للجوء إلى «أهل الخير» لتوفير الطعام لهم.
وقال مصدر بجهاز مكافحة الهجرة بالعاصمة إن «غالبية مراكز احتجاز المهاجرين الواقعة في طرابلس مُعرضة في أي وقت للقصف»، لكنه لفت إلى أن «السلطات في الجهاز لن تتركهم للنيران العشوائية... ويتم نقل المحتجزين المضارين إلى أماكن بديلة». وأضاف المصدر، الذي رفض ذكر اسمه، لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أنه جرى في السابق نقل 150 مهاجراً من مركز احتجاز عين زارة بجنوب طرابلس، إلى مرفق التجمع والمغادرة بالمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، عندما اقتربت الاشتباكات من مقرهم.



«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
TT

«الرئاسي اليمني» يُطلق حرباً على الفساد في المؤسسات الحكومية

مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)
مجلس القيادة الرئاسي في اليمن يبدأ حملة واسعة لمكافحة الفساد وحماية المال العام (سبأ)

في خطوة غير مسبوقة تهدف إلى مواجهة الفساد المستشري في المؤسسات الحكومية وحماية المال العام، أعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن حزمة من الإجراءات المنسقة لمكافحة الفساد وغسل الأموال وتمويل الإرهاب، وتعزيز المركز القانوني للدولة، وذلك بعد تلقي المجلس تقارير من الأجهزة الرقابية والقضائية حول قضايا فساد كبرى وقعت في الأعوام الأخيرة.

وأفاد الإعلام الرسمي بأنه، بناءً على توصيات من رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، صدرت توجيهات مستعجلة لاستكمال إجراءات التحقيق في القضايا قيد النظر، مع متابعة الجهات المتخلفة عن التعاون مع الأجهزة الرقابية.

وشدد مجلس الحكم اليمني على إحالة القضايا المتعلقة بالفساد إلى السلطة القضائية، مع توجيهات صريحة بملاحقة المتهمين داخل البلاد وخارجها عبر «الإنتربول» الدولي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي (سبأ)

وأمر العليمي -حسب المصادر الرسمية- بتشكيل فريق لتقييم أداء هيئة أراضي الدولة وعقاراتها، التي تواجه اتهامات بتسهيل الاستيلاء على أراضيها من قِبل شخصيات نافذة. كما شدد على إلغاء جميع التصرفات المخالفة للقانون وملاحقة المتورطين.

وبينما تشير هذه الخطوات الجادة من مجلس القيادة الرئاسي إلى التزام الحكومة اليمنية بمكافحة الفساد، وتحسين الأداء المؤسسي، وتعزيز الشفافية، يتطلّع الشارع اليمني إلى رؤية تأثير ملموس لهذه الإجراءات في بناء دولة القانون، وحماية موارد البلاد من العبث والاستغلال.

النيابة تحرّك 20 قضية

ووفقاً لتقرير النائب العام اليمني، تم تحريك الدعوى الجزائية في أكثر من 20 قضية تشمل جرائم الفساد المالي، وغسل الأموال، وتمويل الإرهاب، والتهرب الضريبي. ومن بين القضايا التي أُحيلت إلى محاكم الأموال العامة، هناك قضايا تتعلّق بعدم التزام بنوك وشركات صرافة بالقوانين المالية؛ مما أدى إلى إدانات قضائية وغرامات بملايين الريالات.

كما تناولت النيابة العامة ملفات فساد في عقود تنفيذ مشروعات حيوية، وعقود إيجار لتوليد الطاقة، والتعدي على أراضي الدولة، وقضايا تتعلق بمحاولة الاستيلاء على مشتقات نفطية بطرق غير مشروعة.

مبنى المجمع القضائي في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن (سبأ)

ومع ذلك، اشتكت النيابة من عدم تجاوب بعض الجهات الحكومية مع طلبات توفير الأدلة والوثائق، مما أدى إلى تعثر التصرف في قضايا مهمة.

وأوردت النيابة العامة مثالاً على ذلك بقضية الإضرار بمصلحة الدولة والتهرب الجمركي من قبل محافظ سابق قالت إنه لا يزال يرفض المثول أمام القضاء حتى اليوم، بعد أن تمّ تجميد نحو 27 مليار ريال يمني من أرصدته مع استمرار ملاحقته لتوريد عشرات المليارات المختلسة من الأموال العامة. (الدولار يساوي نحو 2000 ريال في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية).

وعلى صعيد التعاون الدولي، أوضحت النيابة العامة أنها تلقت طلبات لتجميد أرصدة أشخاص وكيانات متورطين في غسل الأموال وتمويل الإرهاب. وبينما أصدرت النيابة قرارات تجميد لبعض الحسابات المرتبطة بميليشيات الحوثي، طلبت أدلة إضافية من وزارة الخزانة الأميركية لتعزيز قراراتها.

تجاوزات مالية وإدارية

وكشف الجهاز المركزي اليمني للرقابة والمحاسبة، في تقريره المقدم إلى مجلس القيادة الرئاسي، عن خروقات جسيمة في أداء البنك المركزي منذ نقله إلى عدن في 2016 وحتى نهاية 2021. وتضمنت التجاوزات التلاعب في الموارد المالية، والتحصيل غير القانوني للرسوم القنصلية، وتوريد إيرادات غير مكتملة في القنصلية العامة بجدة وسفارتي اليمن في مصر والأردن.

وأفاد الجهاز الرقابي بأن التجاوزات في القنصلية اليمنية في جدة بلغت 156 مليون ريال سعودي، تم توريد 12 مليون ريال فقط منها إيرادات عامة، في حين استولت جهات أخرى على الفارق. أما في مصر فتم الكشف عن استيلاء موظفين في السفارة على 268 ألف دولار من إيرادات الدخل القنصلي باستخدام وثائق مزورة.

وفي قطاع الكهرباء، كشف تقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة عن مخالفات جسيمة في عقود توفير المشتقات النفطية، تضمّنت تضخيم تكلفة التعاقدات وإهدار المال العام بقيمة تزيد على 285 مليون دولار. كما أشار التقرير إلى اختلالات في عقود السفينة العائمة لتوليد الطاقة التي تضمنت بنوداً مجحفة وإعفاءات ضريبية وجمركية للشركة المتعاقد معها.

وتحدّث الجهاز الرقابي اليمني عن اعتداءات ممنهجة على أراضي الدولة، تشمل مساحة تزيد على 476 مليون متر مربع، وقال إن هذه الاعتداءات نُفّذت بواسطة مجاميع مسلحة وشخصيات نافذة استغلّت ظروف الحرب لنهب ممتلكات الدولة. كما تم تسليم أراضٍ لمستثمرين غير جادين تحت ذرائع قانونية؛ مما تسبّب في إهدار أصول حكومية ضخمة.

وحسب التقارير الرقابية، تواجه شركة «بترومسيلة» التي أُنشئت لتشغيل قطاع 14 النفطي في حضرموت (شرق اليمن)، اتهامات بتجاوز نطاق عملها الأساسي نحو مشروعات أخرى دون شفافية، إلى جانب اتهامها بتحويل أكثر من مليار دولار إلى حساباتها الخارجية، مع غياب الرقابة من وزارة النفط والجهاز المركزي.