هادي للحوثيين: ألم يحن الوقت لإلقاء السلاح والبدء في السلام؟

انعقاد أول جلسة للبرلمان اليمني منذ انقلاب الحوثيين... واختيار سلطان البركاني رئيساً له بالإجماع

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال جلسة البرلمان (وزارة الإعلام اليمنية)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال جلسة البرلمان (وزارة الإعلام اليمنية)
TT

هادي للحوثيين: ألم يحن الوقت لإلقاء السلاح والبدء في السلام؟

الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال جلسة البرلمان (وزارة الإعلام اليمنية)
الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي خلال جلسة البرلمان (وزارة الإعلام اليمنية)

انطلقت الجلسة الأولى للبرلمان اليمني في مدينة سيئون بمحافظة حضرموت (شرق)، اليوم (السبت)، بحضور الرئيس عبد ربه منصور هادي، بعد توقُّف لأكثر من أربعة أعوام منذ انقلاب ميليشيات الحوثي على «الشرعية» واجتياحها للعاصمة صنعاء، وإعلانها حل البرلمان والحكومة.
وبدأت عملية انتخاب هيئة الرئاسة البرلمانية بمشاركة 141 نائباً، وتم اختيار سلطان البركاني رئيساً للبرلمان بالإجماع.
ويأتي انعقاد جلسة مجلس النواب في سيئون بناءً على قرار أصدره هادي، بموجب القانون الذي يسمح له، كرئيس لليمن، بتحديد أي منطقة داخل البلاد لعقد جلسات البرلمان، في حال عدم سماح الأوضاع الأمنية لانعقادها في العاصمة السياسية.
وفي كلمته أمام الجلسة، قال الرئيس اليمني إن الشرعية اليمنية تهدف لإنجاز سلام شامل وفق المرجعيات الثلاث، إلا أن ميليشيا الحوثي تعرقل تلك الجهود وتتعمد إفشال كل الاتفاقيات، مضيفاً: «انعقاد البرلمان يشير بوضوح إلى فشل المشروع الحوثي المدمر».
ووجّه هادي الشكر لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان لمساندتهما للشرعية اليمنية، مؤكداً أن «أهم أولوياتنا في الوقت الراهن هي هزيمة الانقلاب».
وقال هادي إن الحوثيين رفضوا كل دعوات الحوار والسلام ويتعمدون إفشال أي محاولات للحل السلمي، و«اليوم يستعيد اليمنيون إحدى أهم مؤسسات دولتهم... أدعو كل البرلمانيين الذين لم يلتحقوا بأن ينضموا إلى البرلمان».
ودعا هادي المجتمع الدولي للتصدي لمماطلات الحوثيين في مباحثات السلام، متهماً الحوثيين بسرقة المساعدات الإغاثية الموجهة لليمنيين والمتاجرة بها، مشدداً على أن مؤسسات الدولة ملتزمة بتقديم الخدمات الأساسية للمواطنين، وأن أي موظف في الدولة لا يقوم بمهام وظيفته هو خائن للوطن والشعب.
وقال الرئيس اليمني: «أناشد اليمنيين التمسك بالأمل رغم تهديدات وانتهاكات الحوثيين... لم نكن نريد الحرب وبذلنا كل ما في وسعنا لتفاديها»، مضيفاً: «أثق في النصر على الانقلاب لننطلق بعده في بناء اليمن الاتحادي الجديد».
ووجه هادي حديثه للحوثيين قائلاً: «ألم يحن الوقت لإلقاء السلاح والبدء في السلام؟ نمد يدنا بالسلام للحوثيين، لأن اليمن غالٍ وعزيز»، مضيفاً: «لا ترهنوا حاضر ومستقبل اليمن لأعداء البلاد».
من جانبه، قال سلطان البركاني رئيس البرلمان اليمني، مخاطباً الحضور، إن إيران تسعى عبر المشروع الحوثي لتثبيت نفوذها من اليمن إلى لبنان.
وأكد البركاني: «مصممون على هزيمة انقلاب الحوثيين ليستعيد الشعب اليمني دولته»، مشيداً بدور تحالف دعم الشرعية في وجه الانقلاب، ومؤكداً أن اجتماع البرلمان اليمني في سيئون يأتي متوافقاً مع مواد الدستور.
وتشهد سيئون إجراءات أمنية مكثفة لتأمين المدينة مع انطلاق أولى جلسات البرلمان.
من جانبه، اعتبر  السفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر انعقاد البرلمان اليمني خطوة تؤكد عزيمة الشعب اليمني على استعادة دولته وإنهاء مشروع ميليشيا الحوثي. 
وقال آل جابر في تغريدة: «أهنئ فخامة الرئيس اليمني ونائبه وحكومتة، والشعب اليمني الكريم على انعقاد جلسة مجلس النواب اليمني بعدد فاق النصاب القانوني،كما أهنئ رئيس مجلس النواب وهيئة رئاسته على انتخابهم. وفي خطوة تؤكد عزيمة الشعب اليمني على استعادة دولته وإنهاء مشروع الميليشيا الحوثية المدعومة من إيران».

وكان الرئيس هادي قد أمر بنقل مقر اللجنة العليا للانتخابات من صنعاء إلى عدن، وأمر بإحالة 4 قضاة عينتهم الميليشيات أعضاء في اللجنة إلى التحقيق، غير أن ذلك لم يمنع الجماعة من الاستمرار في تشكيل نسخ حوثية خاصة بها من مؤسسات الدولة المختلفة.
يذكر أن عدد نواب البرلمان اليمني يبلغ 301، غير أن 34 منهم فارقوا الحياة خلال السنوات السابقة، ويسيطر حزب «المؤتمر الشعبي» على أغلبية النواب، يليه حزب «التجمع اليمني للإصلاح».
وتقول مصادر برلمانية في صنعاء إن أكثر من 30 نائباً يرغبون في مغادرة صنعاء، غير أن الميليشيات الحوثية فرضت عليهم الإقامة الإجبارية، وهددت باستهداف ممتلكاتهم واعتقال أقاربهم، إذا غادروا إلى مناطق سيطرة القوات الشرعية.
وبعد أن قتلت الميليشيات حليفها الرئيس اليمني السابق علي عبد الله صالح في ديسمبر (كانون الأول) 2017، تمكّن العشرات من النواب المنتمين إلى حزبه (المؤتمر الشعبي) من مغادرة صنعاء، هرباً من بطش الميليشيات.
وغرد نواب يمنيون، أمس، على مواقع التواصل الاجتماعي بأنهم في طريقهم إلى الرياض، قادمين من القاهرة وإسطنبول، تمهيداً للمشاركة في اجتماع البرلمان اليمني.
ومن المفترَض أن يمارس البرلمان بعد انعقاده أدواره التشريعية المساندة للشرعية، والرقابية على أداء السلطة التنفيذية، إلى جانب قيامه بالتصديق على الاتفاقيات الدولية والمعاهدات.



انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
TT

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)
فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

بموازاة استمرار الجماعة الحوثية في تصعيد هجماتها على إسرائيل، واستهداف الملاحة في البحر الأحمر، وتراجع قدرات المواني؛ نتيجة الردِّ على تلك الهجمات، أظهرت بيانات حديثة وزَّعتها الأمم المتحدة تراجعَ مستوى الدخل الرئيسي لثُلثَي اليمنيين خلال الشهر الأخير من عام 2024 مقارنة بالشهر الذي سبقه، لكن هذا الانخفاض كان شديداً في مناطق سيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

ووفق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية، فقد واجهت العمالة المؤقتة خارج المزارع تحديات؛ بسبب طقس الشتاء البارد، ونتيجة لذلك، أفاد 65 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع بانخفاض في دخلها الرئيسي مقارنة بشهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي والفترة نفسها من العام الماضي، وأكد أن هذا الانخفاض كان شديداً بشكل غير متناسب في مناطق الحوثيين.

وطبقاً لهذه البيانات، فإن انعدام الأمن الغذائي لم يتغيَّر في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية، بينما انخفض بشكل طفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين؛ نتيجة استئناف توزيع المساعدات الغذائية هناك.

الوضع الإنساني في مناطق الحوثيين لا يزال مزرياً (الأمم المتحدة)

وأظهرت مؤشرات نتائج انعدام الأمن الغذائي هناك انخفاضاً طفيفاً في صنعاء مقارنة بالشهر السابق، وعلى وجه التحديد، انخفض الاستهلاك غير الكافي للغذاء من 46.9 في المائة في نوفمبر إلى 43 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

وضع متدهور

على النقيض من ذلك، ظلَّ انعدام الأمن الغذائي في المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية دون تغيير إلى حد كبير، حيث ظلَّ الاستهلاك غير الكافي للغذاء عند مستوى مرتفع بلغ 52 في المائة، مما يشير إلى أن نحو أسرة واحدة من كل أسرتين في تلك المناطق تعاني من انعدام الأمن الغذائي.

ونبّه المكتب الأممي إلى أنه وعلى الرغم من التحسُّن الطفيف في المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فإن الوضع لا يزال مزرياً، على غرار المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة، حيث يعاني نحو نصف الأسر من انعدام الأمن الغذائي (20 في المائية من السكان) مع حرمان شديد من الغذاء، كما يتضح من درجة استهلاك الغذاء.

نصف الأسر اليمنية يعاني من انعدام الأمن الغذائي في مختلف المحافظات (إعلام محلي)

وبحسب هذه البيانات، لم يتمكَّن دخل الأسر من مواكبة ارتفاع تكاليف سلال الغذاء الدنيا، مما أدى إلى تآكل القدرة الشرائية، حيث أفاد نحو ربع الأسر التي شملها الاستطلاع في مناطق الحكومة بارتفاع أسعار المواد الغذائية كصدمة كبرى، مما يؤكد ارتفاع أسعار المواد الغذائية الاسمية بشكل مستمر في هذه المناطق.

وذكر المكتب الأممي أنه وبعد ذروة الدخول الزراعية خلال موسم الحصاد في أكتوبر (تشرين الأول) ونوفمبر، الماضيين، شهد شهر ديسمبر أنشطةً زراعيةً محدودةً، مما قلل من فرص العمل في المزارع.

ولا يتوقع المكتب المسؤول عن تنسيق العمليات الإنسانية في اليمن حدوث تحسُّن كبير في ملف انعدام الأمن الغذائي خلال الشهرين المقبلين، بل رجّح أن يزداد الوضع سوءاً مع التقدم في الموسم.

وقال إن هذا التوقع يستمر ما لم يتم توسيع نطاق المساعدات الإنسانية المستهدفة في المناطق الأكثر عرضة لانعدام الأمن الغذائي الشديد.

تحديات هائلة

بدوره، أكد المكتب الإنمائي للأمم المتحدة أن اليمن استمرَّ في مواجهة تحديات إنسانية هائلة خلال عام 2024؛ نتيجة للصراع المسلح والكوارث الطبيعية الناجمة عن تغير المناخ.

وذكر أن التقديرات تشير إلى نزوح 531 ألف شخص منذ بداية عام 2024، منهم 93 في المائة (492877 فرداً) نزحوا بسبب الأزمات المرتبطة بالمناخ، بينما نزح 7 في المائة (38129 فرداً) بسبب الصراع المسلح.

نحو مليون يمني تضرروا جراء الفيضانات منتصف العام الماضي (الأمم المتحدة)

ولعبت آلية الاستجابة السريعة متعددة القطاعات التابعة للأمم المتحدة، بقيادة صندوق الأمم المتحدة للسكان، وبالشراكة مع برنامج الأغذية العالمي و«اليونيسيف» وشركاء إنسانيين آخرين، دوراً محورياً في معالجة الاحتياجات الإنسانية العاجلة الناتجة عن هذه الأزمات، وتوفير المساعدة الفورية المنقذة للحياة للأشخاص المتضررين.

وطوال عام 2024، وصلت آلية الاستجابة السريعة إلى 463204 أفراد، يمثلون 87 في المائة من المسجلين للحصول على المساعدة في 21 محافظة يمنية، بمَن في ذلك الفئات الأكثر ضعفاً، الذين كان 22 في المائة منهم من الأسر التي تعولها نساء، و21 في المائة من كبار السن، و10 في المائة من ذوي الإعاقة.

وبالإضافة إلى ذلك، تقول البيانات الأممية إن آلية الاستجابة السريعة في اليمن تسهم في تعزيز التنسيق وكفاءة تقديم المساعدات من خلال المشاركة النشطة للبيانات التي تم جمعها من خلال عملية الآلية وتقييم الاحتياجات.