توجه لترشيح الشاهد لرئاسيات تونس المقبلة

رئيس نقابة العمال {يتهم} سفير فرنسا بمحاولة «إعادة الاستعمار»

رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد (أ.ف.ب)
TT

توجه لترشيح الشاهد لرئاسيات تونس المقبلة

رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد (أ.ف.ب)
رئيس الوزراء التونسي يوسف الشاهد (أ.ف.ب)

أفاد سليم العزابي، المنسق العام لحزب «حركة تحيا تونس» المنسوب إلى رئيس الحكومة التونسية يوسف الشاهد، بأن هذا الأخير «قد يكون مرشح الحزب لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة، وهو في كل الحالات يمثل الزعيم السياسي لهذا الحزب»، الذي أعلن عن تأسيسه في 27 يناير (كانون الثاني) الماضي.
وقال العزابي، في تصريح إعلامي، إنه جرى توجيه الدعوة إلى رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي، ليكون ضيف شرف في المؤتمر التأسيسي للحركة، مثلما جرت دعوته في 6 أبريل (نيسان) الحالي لحضور الجلسة الافتتاحية لمؤتمر حزب النداء، الذي يتزعمه نجله حافظ قائد السبسي. أما بخصوص دعوة الباجي إلى رفع التجميد عن عضوية رئيس الحكومة في حزب النداء، فقد أوضح العزابي أن الشاهد الآن «هو الزعيم السياسي لحركة تحيا تونس».
من جهة ثانية، تبادل نور الدين الطبوبي، الأمين العام لاتحاد الشغل (نقابة العمال التونسيين) التهم والتصريحات العنيفة اللهجة، مع أوليفيي بوافر دارفور سفير فرنسا في تونس، ووصل الأمر إلى اتهام الدبلوماسي الفرنسي بالاستعداد لإعادة الاستعمار إلى تونس.
وفي مقابل هذه الاتهامات، نفى سفير فرنسا في تونس التهم التي أوردها الطبوبي، وقال في تصريح إعلامي إن هذه التصريحات لم تصدر عنه، واصفاً إياها بـ«المرعبة والعبثية وغير المنطقية بتاتاً».
وأضاف السفير الفرنسي، خلال حضوره برنامجاً إذاعياً: «هذه التصريحات غير معقولة وخيالية». كما أعرب عن احترامه الكبير للمنظمات النقابية، مشدداً على أن العلاقة بين تونس وفرنسا «وثيقة جداً ومبنية على الاحترام الكبير»، على حد تعبيره.
وكان الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل قد أدلى على هامش المؤتمر العادي للاتحاد الجهوي للشغل، الذي احتضنته مدينة باجة (100 كلم شمال غربي العاصمة) بتصريحات اعتبرت قاسية في حق السفير الفرنسي، إذ قال: «ما يؤلمني أن أحد السفراء، الذين لا يشرفنا وجودهم في تونس، كشف في إحدى الليالي عندما كان مخموراً عن وجهه القبيح بإعادة الاستعمار إلى تونس، وإعداد بعض الأسماء لتولي الحكم».
وبعد ردّ السفير الفرنسي على تصريحات الطبوبي، أشار هذا الأخير إلى أنه لم يسم السفير الفرنسي بالاسم، وقال إن أحد السفراء الأوروبيين «أعلن أن شخصيتين تونسيتين يجري تحضيرهما لتولي الحكم في تونس، وهما مواليان لدولة هذا السفير».
ويعود الخلاف بين الطرفين إلى شهر مايو (أيار) من السنة الماضية، حين وصف الطبوبي سفير فرنسا بأنه «شخص دون حياء، وما زال يعتبر نفسه مقيماً عاماً (القيادة الاستعمارية) في تونس».
غير أن أصل الخلاف مع سفير فرنسا يتجاوز نقابة العمال، وقد بدأت بوادره عندما بدأت تحركات السفير الفرنسي تثير استياء عدد من الأحزاب السياسية التونسية، من بينها تحالف «الجبهة الشعبية» اليساري المعارض، التي صرحت بأن أنشطة الدبلوماسي الفرنسي «تجاوزت الأعراف الدبلوماسية». فردّ الدبلوماسي الفرنسي بقوله: «أنا لا أمارس السياسة، بل أتنقل في البلاد التونسية مثلما يتنقل زميلي سفير تونس بفرنسا»، وشدد على أنه رجل ميداني، ولا يفضل البقاء في مكتبه، وإقامته بالمرسى (الضاحية الشمالية للعاصمة التونسية)، في إطار سعيه الدائم لتوطيد العلاقات بين البلدين على جميع الأصعدة، على حد تعبيره.
من جهة ثانية، تعرض نور الدين الطبوبي خلال وجوده في مدينة باجة إلى هجوم من قبل عدد من عمال «الحضائر» المحتجين، والمطالبين بتسوية وضعياتهم المهنية، وسادت حالة من الفوضى، وتطور الوضع إلى حدّ العنف اللفظي والتجريح ضد الطبوبي. الأمر الذي استدعى تدخلاً أمنياً عاجلاً، لتمكين رئيس نقابة العمال من مغادرة قاعة الاجتماعات، ومن المنتظر فتح تحقيق قضائي حول هذه الحادثة.



القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
TT

القطن المصري... محاولة حكومية لاستعادة «عصره الذهبي» تواجه تحديات

مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)
مصطفى مدبولي بصحبة عدد من الوزراء خلال تفقده مصنع الغزل والنسيج في المحلة (مجلس الوزراء المصري)

تراهن الحكومة المصرية على القطن المشهور بجودته، لاستنهاض صناعة الغزل والنسيج وتصدير منتجاتها إلى الخارج، لكن رهانها يواجه تحديات عدة في ظل تراجع المساحات المزروعة من «الذهب الأبيض»، وانخفاض مؤشرات زيادتها قريباً.

ويمتاز القطن المصري بأنه طويل التيلة، وتزرعه دول محدودة حول العالم، حيث يُستخدم في صناعة الأقمشة الفاخرة. وقد ذاع صيته عالمياً منذ القرن التاسع عشر، حتى أن بعض دور الأزياء السويسرية كانت تعتمد عليه بشكل أساسي، حسب كتاب «سبع خواجات - سير رواد الصناعة الأجانب في مصر»، للكاتب مصطفى عبيد.

ولم يكن القطن بالنسبة لمصر مجرد محصول، بل «وقود» لصناعة الغزل والنسيج، «التي مثلت 40 في المائة من قوة الاقتصاد المصري في مرحلة ما، قبل أن تتهاوى وتصل إلى ما بين 2.5 و3 في المائة حالياً»، حسب رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، الذي أكد عناية الدولة باستنهاض هذه الصناعة مجدداً، خلال مؤتمر صحافي من داخل مصنع غزل «1» في مدينة المحلة 28 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.

أشار مدبولي، حسب ما نقله بيان مجلس الوزراء، إلى أن مشروع «إحياء الأصول» في الغزل والنسيج يتكلف 56 مليار جنيه (الدولار يعادل 50.7 جنيها مصري)، ويبدأ من حلج القطن، ثم تحويله غزلاً فنسيجاً أو قماشاً، ثم صبغه وتطويره حتى يصل إلى مُنتج سواء ملابس أو منسوجات، متطلعاً إلى أن ينتهي المشروع نهاية 2025 أو بداية 2026 على الأكثر.

وتكمن أهمية المشروع لمصر باعتباره مصدراً للدولار الذي تعاني الدولة من نقصه منذ سنوات؛ ما تسبب في أزمة اقتصادية دفعت الحكومة إلى الاقتراض من صندوق النقد الدولي؛ مرتين أولاهما عام 2016 ثم في 2023.

وبينما دعا مدبولي المزارعين إلى زيادة المساحة المزروعة من القطن، أراد أن يطمئن الذين خسروا من زراعته، أو هجروه لزراعة الذرة والموالح، قائلاً: «مع انتهاء تطوير هذه القلعة الصناعية العام المقبل، فسوف نحتاج إلى كل ما تتم زراعته في مصر لتشغيل تلك المصانع».

وتراجعت زراعة القطن في مصر خلال الفترة من 2000 إلى عام 2021 بنسبة 54 في المائة، من 518 ألفاً و33 فداناً، إلى 237 ألفاً و72 فداناً، حسب دراسة صادرة عن مركز البحوث الزراعية في أبريل (نيسان) الماضي.

وأرجعت الدراسة انكماش مساحته إلى مشكلات خاصة بمدخلات الإنتاج من بذور وتقاوٍ وأسمدة، بالإضافة إلى أزمات مرتبطة بالتسويق.

أزمات الفلاحين

سمع المزارع الستيني محمد سعد، وعود رئيس الوزراء من شاشة تليفزيون منزله في محافظة الغربية (دلتا النيل)، لكنه ما زال قلقاً من زراعة القطن الموسم المقبل، الذي يبدأ في غضون 3 أشهر، تحديداً مارس (آذار) كل عام.

يقول لـ«الشرق الأوسط»: «زرعت قطناً الموسم الماضي، لكن التقاوي لم تثمر كما ينبغي... لو كنت أجَّرت الأرض لكسبت أكثر دون عناء». وأشار إلى أنه قرر الموسم المقبل زراعة ذرة أو موالح بدلاً منه.

نقيب الفلاحين المصري حسين أبو صدام (صفحته بفيسبوك)

على بعد مئات الكيلومترات، في محافظة المنيا (جنوب مصر)، زرع نقيب الفلاحين حسين أبو صدام، القطن وكان أفضل حظاً من سعد، فأزهر محصوله، وحصده مع غيره من المزارعين بقريته في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن أزمة أخرى خيَّبت أملهم، متوقعاً أن تتراجع زراعة القطن الموسم المقبل مقارنة بالماضي (2024)، الذي بلغت المساحة المزروعة فيه 311 ألف فدان.

تتلخص الأزمة التي شرحها أبو صدام لـ«الشرق الأوسط» في التسويق، قائلاً إن «المحصول تراكم لدى الفلاحين شهوراً عدة؛ لرفض التجار شراءه وفق سعر الضمان الذي سبق وحدَّدته الحكومة لتشجيع الفلاح على زراعة القطن وزيادة المحصول».

ويوضح أن سعر الضمان هو سعر متغير تحدده الحكومة للفلاح قبل أو خلال الموسم الزراعي، وتضمن به ألا يبيع القنطار (وحدة قياس تساوي 100 كيلوغرام) بأقل منه، ويمكن أن يزيد السعر حسب المزايدات التي تقيمها الحكومة لعرض القطن على التجار.

وكان سعر الضمان الموسم الماضي 10 آلاف جنيه، لمحصول القطن من الوجه القبلي، و12 ألف جنيه للمحصول من الوجه البحري «الأعلى جودة». لكن رياح القطن لم تجرِ كما تشتهي سفن الحكومة، حيث انخفضت قيمة القطن المصري عالمياً في السوق، وأرجع نقيب الفلاحين ذلك إلى «الأزمات الإقليمية وتراجع الطلب عليه».

ويحدّد رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن التابع لوزارة الزراعة، الدكتور مصطفى عمارة، فارق سعر الضمان عن سعر السوق بنحو ألفي جنيه؛ ما نتج منه عزوف من التجار عن الشراء.

وأكد عمارة أن الدولة تدخلت واشترت جزءاً من المحصول، وحاولت التيسير على التجار لشراء الجزء المتبقي، مقابل أن تعوض هي الفلاح عن الفارق، لكن التجار تراجعوا؛ ما عمق الأزمة في السوق.

يتفق معه نقيب الفلاحين، مؤكداً أن مزارعي القطن يتعرضون لخسارة مستمرة «سواء في المحصول نفسه أو في عدم حصول الفلاح على أمواله؛ ما جعل كثيرين يسخطون وينون عدم تكرار التجربة».

د. مصطفى عمارة رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية (مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار المصري)

فرصة ثانية

يتفق المزارع ونقيب الفلاحين والمسؤول في مركز أبحاث القطن، على أن الحكومة أمامها تحدٍ صعب، لكنه ليس مستحيلاً كي تحافظ على مساحة القطن المزروعة وزيادتها.

أول مفاتيح الحل سرعة استيعاب أزمة الموسم الماضي وشراء المحصول من الفلاحين، ثم إعلان سعر ضمان مجزٍ قبل موسم الزراعة بفترة كافية، وتوفير التقاوي والأسمدة، والأهم الذي أكد عليه المزارع من الغربية محمد سعد، هو عودة نظام الإشراف والمراقبة والعناية بمنظومة زراعة القطن.

ويحذر رئيس قسم بحوث المعاملات الزراعية في معهد بحوث القطن من هجران الفلاحين لزراعة القطن، قائلاً: «لو فلاح القطن هجره فـلن نعوضه».

أنواع جديدة

يشير رئيس غرفة الصناعات النسيجية في اتحاد الصناعات محمد المرشدي، إلى حاجة مصر ليس فقط إلى إقناع الفلاحين بزراعة القطن، لكن أيضاً إلى تعدد أنواعه، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن القطن طويل التيلة رغم تميزه الشديد، لكن نسبة دخوله في المنسوجات عالمياً قليلة ولا تقارن بالقطن قصير التيلة.

ويؤكد المسؤول في معهد بحوث القطن أنهم استنبطوا بالفعل الكثير من الأنواع الجديدة، وأن خطة الدولة للنهوض بصناعة القطن تبدأ من الزراعة، متمنياً أن يقتنع الفلاح ويساعدهم فيها.