على سولسكاير أن يخرج من عباءة فيرغسون وأن يعمل بطريقته الخاصة

خسر مانشستر يونايتد أمام برشلونة الإسباني على ملعب «أولد ترافورد» في الدور ربع النهائي لدوري أبطال أوروبا، بهدف دون رد، وهو ما يعني أن النادي الإنجليزي سيكون بحاجة للفوز بهدفين مقابل هدف وحيد على ملعب «كامب نو» من أجل التأهل. لكن هل يتذكر أي شخص أن مانشستر يونايتد نجح في القيام بذلك الأمر من قبل؟
في الحقيقة، يتعين على المدير الفني لمانشستر يونايتد أولي غونار سولسكاير، أن يقوم عاجلاً أو أجلاً بشيء كمدير فني لا يتطلب بالضرورة إجراء مقارنة بينه وبين المدير الفني الأسطوري للشياطين الحمر السير أليكس فيرغسون، وربما يتمثل هذا الشيء في تحقيق الفوز على برشلونة في عقر داره، وهو الشيء الذي لم يحققه مانشستر يونايتد من قبل.
تجب الإشارة إلى أن الخسارة أمام برشلونة بهدف دون رد ليست عاراً. ورغم أنه يتعين على مانشستر يونايتد الآن القيام بشيء لم ينجح في القيام به من قبل حتى يتأهل إلى الدور التالي، فإنه قد نجح في الجولة السابقة في القيام بشيء لم ينجح أي فريق آخر في أوروبا في القيام به، عندما أطاح بباريس سان جيرمان الفرنسي رغم خسارته في المباراة الأولى على ملعبه بهدفين دون مقابل، لكنه تمكن من الفوز خارج ملعبه بثلاثة أهداف مقابل هدف وحيد ليقتنص بطاقة التأهل.
وأمام برشلونة، أدى مانشستر يونايتد مباراة جيدة، رغم الارتباك الواضح في أول 20 دقيقة، وهو الأمر الذي قد يمنح سولسكاير ثقة أكبر في المباراة المقبلة. لقد ضغط مانشستر يونايتد على برشلونة بكل قوة ومنعه من الاستحواذ على الكرة لفترات طويلة. وبدأ اللاعب الشاب سكوت ماكتوميناي يبرز كلاعب واعد في وسط الملعب ناحية اليمين، وليس مجرد لاعب خط وسط تقليدي يقوم بقطع الكرات، كما كان عليه الحال تحت قيادة المدير الفني السابق جوزيه مورينيو. ولو كان دييغو دالوت وماركوس راشفورد أكثر حسماً للفرص التي أتيحت لكل منهما، كان من الممكن أن يفوز مانشستر يونايتد بالمباراة.
لكن الحقيقة تتمثل في أن برشلونة كان يلعب بأريحية نسبية مع بداية الشوط الثاني. وقد أدرك النادي الإسباني أن خطورة مانشستر يونايتد تتمثل في الهجمات المرتدة (اتهم لويس فان غال من قبل سولسكاير بأنه يعتمد على المبالغة في النواحي الدفاعية، وشن هجمات مرتدة سريعة)، وبالتالي عمل برشلونة على منع مانشستر يونايتد من شن الهجمات المرتدة من خلال غلق المساحات الموجودة على أطراف الملعب. وبالتالي، بدا واضحاً أن سولسكاير لا يمتلك حلولاً أخرى للتعامل مع المباراة.
ولم يكن هذا سوى جانب واحد من الانتقادات التي وجهت لسولسكاير، نظراً لأن مانشستر يونايتد ظهر وكأنه لا يمتلك المهارات القادرة على التعامل مع التكتلات الدفاعية للفرق المنافسة، وهو الأمر الذي أثار الكثير من التساؤلات حول الدور الذي يقوم به اللاعب الفرنسي بول بوغبا، الذي يبدو وكأنه لاعب نموذجي للقيام بلاعب خط الوسط الذي يركض من منطقة جزاء فريقه حتى منطقة جزاء الخصم في الثمانينيات من القرن الماضي، لكن في الوقت الحالي، وفي ظل الإيقاع السريع للعب، يبدو بوغبا متحمساً للقيام بالأدوار الهجومية، لكنه لا يمتلك الإمكانات التي تؤهله للقيام بدور صانع الألعاب على أكمل وجه.
ربما لا تمثل الهزيمة أهمية كبيرة بالنسبة لسولسكاير، خصوصاً أنها جاءت أمام فريق بحجم برشلونة، ومن الممكن أن يتعرض أي فريق كبير للخسارة أمام العملاق الكاتالوني في هذا الدور من دوري أبطال أوروبا، لكن هذه هي الهزيمة الرابعة خلال 5 مباريات، تم بينها التوقيع مع سولسكاير كمدير فني دائم لمانشستر يونايتد.
ورغم أن المدير الفني لنادي توتنهام هوتسبير، ماوريسيو بوكيتينو، يعد تلميذاً نجيباً لمواطنه المخضرم مارسيلو بليسا، ويكن له كل الاحترام والتقدير للدور الذي لعبه معه، سواء مساعدته في مسيرته الكروية كلاعب، وهو في الرابعة عشرة من عمره، أو في مسيرته التدريبية، لكن بوكيتينو يرى العيوب التي ارتكبها بيلسا، ويقوم بعمله بطريقة مختلفة تماماً. ويبدو أن الشعور بالولاء يمنعه من مناقشة هذا الاختلاف على الملأ.
ويتعين على سولسكاير، عند مرحلة ما، أن يفعل الشيء نفسه، ويتعامل مع الأمور بالطريقة التي يتعامل بها بوكيتينو، وهو ما يعني أنه يتعين عليه أن يفكر بطريقة مختلفة عن «الأب الروحي» له السير أليكس فيرغسون. وكما تمكن سكوت ماكتوميناي من أن يخرج من عباءة بول بوغبا، ويلعب بطريقته الخاصة في وسط ملعب مانشستر يونايتد، يتعين على سولسكاير أيضاً أن يقدم للفريق ما هو جديد بعيداً عن المقارنة بينه وبين المدير الفني السابق جوزيه مورينيو، لأنه لا يمكن لأي ناد لكرة القدم أن يعيش إلى الأبد في ظل مدير فني سابق!
وفي هذا الصدد، ربما يقدم المدير الفني لبرشلونة، إرنستو فالفيردي، مثالاً جيداً لسولسكاير، حيث لعب فالفيردي لبرشلونة تحت قيادة يوهان كرويف، وتم تعيينه مديراً فنياً للنادي الكاتالوني لأنه أحد أبناء هذه المدرسة. لكنه كان مستعداً للمخاطرة بغضب المسؤولين، واعتمد على طريقة مختلفة عن تلك التي كان يعتمد عليها كرويف، وطلب من لاعبيه أن يعودوا جميعاً للخلف بمجرد فقدان الكرة للقيام بالأدوار الدفاعية. وبالمثل، يتعين على سولسكاير أن يخرج من عباءة فيرغسون، وأن يعمل بطريقته الخاصة، رغم أن فيرغسون نفسه لم يتمكن من الفوز على برشلونة في عقر داره بهدفين مقابل هدف وحيد!