الرئيس العراقي: لا نقبل أن يكون العراق منطلقاً لإيذاء جيرانه

السفير الإيراني يبلغ العراق موقف طهران بعد تصنيف «الحرس»

الرئيس العراقي برهم صالح يستقبل السفير الإيراني إيرج مسجدي في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي برهم صالح يستقبل السفير الإيراني إيرج مسجدي في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
TT

الرئيس العراقي: لا نقبل أن يكون العراق منطلقاً لإيذاء جيرانه

الرئيس العراقي برهم صالح يستقبل السفير الإيراني إيرج مسجدي في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)
الرئيس العراقي برهم صالح يستقبل السفير الإيراني إيرج مسجدي في بغداد أمس (الرئاسة العراقية)

جدّد الرئيس العراقي برهم صالح، أمس، موقف بلاده الثابت بعدم القبول أن يكون العراق منطلقاً لأي عمل، من شأنه إيذاء جيرانه أو توتير الوضع الإقليمي، فيما نقل السفير الإيراني إيرج مسجدي «موقف» و«طلبات» طهران بعد تصنيف «الحرس الثوري» منظمة إرهابية.
ودعا الرئيس العراقي، خلال استقباله أمس سفير إيران لدى العراق إيرج مسجدي، إلى «ضرورة تخفيف التوتر في المنطقة، والتأكيد على المشتركات في محاربة التطرف والإرهاب، وضمان مستقبل زاهر لشعوب المنطقة». وأكد «على الأهمية التي يوليها العراق لتعزيز علاقاته الثنائية مع إيران، منطلقاً من الوشائج الاجتماعية والثقافية والمصالح المشتركة الأمنية والاقتصادية»، وفق ما نقلت وكالة الأنباء الألمانية.
وقال صالح إن «العراق حريص على أن يكون ساحة لتلاقي مصالح دول وشعوب المنطقة، ولن يقبل أن يكون منطلقاً لأي عمل من شأنه إيذاء جيرانه أو توتير الوضع الإقليمي».
ونقلت وكالة «أرنا» الإيرانية عن مسجدي أنه بحث مع مسؤولين وشخصيات سياسية عراقية تصنيف «الحرس الثوري» الإيراني منظمة إرهابية.
وكان مسجدي مستشاراً لقاسم سليماني قائد «فيلق القدس» الذراع الخارجية لـ«الحرس الثوري» قبل تعيينه سفيراً لدى العراق الصيف الماضي.
واستخدم مسجدي مفردات وردت بصورة مشتركة في بيانات وردود كبار المسؤولين وقادة الأجهزة العسكرية، بعدما وضع ترمب الجهاز العسكري الموازي للجيش الإيراني على قائمة الإرهاب. وقال إن «الخطوة الأميركية ضد (الحرس الثوري) غير حكيمة وجاهلة».
وردّ مسجدي على أسئلة الصحافيين، عقب مشاورات أجراها أمس حول تصنيف «الحرس»، مع الرئيس العراقي، والرئيس السابق فؤاد معصوم، ورئيس «تحالف الإصلاح والإعمار» عمار الحكيم.
وأبلغ مسجدي المسؤولين العراقيين بالموقف الإيراني من الخطوة التي اتخذتها الإدارة الأميركية ضد «الحرس»، فضلاً عن تقرير إيراني للمسؤولين العراقيين حول تفاصيل «لقاءات وتفاهمات وقرارات»، توصل إليها مسؤولون إيرانيون ورئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي خلال زيارة إلى طهران الأسبوع الماضي.
وأوضح مسجدي: «كان ضرورياً أن ننقل الموضوع إلى أصدقائنا العراقيين حول القرار الأميركي»، مبدياً استغراب بلاده من أن يكون القرار في الولايات المتحدة «بيد شخص لا يلتزم بقواعد ولا بأسلوب».
سياسياً، يرعى «الحرس الثوري» ميليشيات وفصائل مسلحة موالية لإيران، ما ساعد على توسع النفوذ الإيراني في المشهد السياسي العراقي.
وطلب المرشد علي خامنئي من رئيس الوزراء العراقي، العمل على إخراج القوات الأميركية من العراق على وجه السرعة، وهو ما ينذر بتصعيد إيراني - أميركي في العراق.
ورداً على طلب إيران، أعلن قائد الأركان العراقي عثمان الغانمي ضمناً بقاء القوات الأميركية في العراق، ونُقل عنه قوله خلال مباحثات جرت مع نظيره الإيراني محمد باقري، إن «القوات الأميركية ستكون بإشراف الجيش العراقي»، مشدداً على أن الحضور الأميركي «سيقتصر على تدريب القوات العراقية».
على الصعيد الاقتصادي، لا توجد إحصائيات دقيقة عن حجم النشاط الاقتصادي لـ«الحرس الثوري» الإيراني، في العراق، لكن عباد الله عبد اللهي، القائد السابق لمجموعة «خاتم الأنبياء» الذراع الاقتصادية لـ«الحرس» قال في لقاء بخامنئي في سبتمبر (أيلول) 2016 إن استثمار الجهاز العسكري في العراق، وتحديداً مدينة النجف، تتجاوز قيمته مليار دولار، وتحدث حينذاك عن نية «الحرس» تنفيذ 30 مشروعاً في العراق، تتجاوز قيمتها ملياري دولار.
وأنشأ «الحرس الثوري» مجموعة «خاتم الأنبياء» في 1988، وتنامى دورها في زمن الرئيس السابق علي أكبر هاشمي رفسنجاني، ويفوق عدد شركاتها 800، تنشط في الاقتصاد الإيراني، ويقدر عدد العاملين فيها بـ135 ألف موظف دائم، إضافة إلى 500 ألف آخرين بعقود مؤقتة، وتقول الشركة إنها تنفذ عشرات الآلاف من المشروعات الاقتصادية في إيران، كما يقدر حجم النشاط الاقتصادي لـ«الحرس» بنحو 40 في المائة من الاقتصاد الإيراني.
ووصف مراقبون إيرانيون حينها إعلان «الحرس الثوري» بالمفاجئ؛ لأن مجموعة «خاتم الأنبياء» تواجه عقوبات دولية مشددة، بسبب دعمها فيلق «القدس» الإيراني، المدرج على قائمة العقوبات الأميركية.
يأتي ذلك وسط تطلعات لـ«الحرس الثوري» بالحفاظ على «حصته» في مشروع إعادة إعمار العراق وسوريا.
وفي أغسطس (آب) 2011، قبل تصنيف «الحرس الثوري»، أدرج الاتحاد الأوروبي قوات «فيلق القدس» على قائمة العقوبات، بسبب دعمه قوات النظام السوري في قمع المتظاهرين، كما ذكر بالاسم قادة «فيلق القدس» سليماني ومساعده محسن تشيذري.
وفي أغسطس 2018، قال قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال جوزيف فوتل، عبر حسابه في شبكة «تويتر»، إنه «من الواضح لي أن قوات فيلق (القدس) تشكل محور حملة الأنشطة المخربة والتوسعية والمكلفة في المنطقة، بما فيها سوريا والعراق ولبنان والبحرين واليمن»، مضيفاً أن «الأنشطة المخربة والمزعزعة للاستقرار والأمن في المنطقة تهدد أمن المنطقة، ولا تخدم الإيرانيين».
وكانت طهران أدرجت قوات القيادة المركزية الأميركية «سنتكوم» على قائمة المجموعات الإرهابية رداً على تسمية «الحرس» الإيراني منظمة إرهابية.



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم