التلويح بفرض عقوبات أميركية على بري يستهدف داعمي «حزب الله» من طوائف أخرى

من لقاء الرئيس نبيه بري والوزير بومبيو خلال زيارة الأخير لبيروت (إ.ب.أ)
من لقاء الرئيس نبيه بري والوزير بومبيو خلال زيارة الأخير لبيروت (إ.ب.أ)
TT

التلويح بفرض عقوبات أميركية على بري يستهدف داعمي «حزب الله» من طوائف أخرى

من لقاء الرئيس نبيه بري والوزير بومبيو خلال زيارة الأخير لبيروت (إ.ب.أ)
من لقاء الرئيس نبيه بري والوزير بومبيو خلال زيارة الأخير لبيروت (إ.ب.أ)

التلويح أو التهويل بوجود نية لدى وزارة الخزانة الأميركية بفرض عقوبات على رئيس المجلس النيابي نبيه بري لم يؤخذ على محمل الجد حتى من قبل الأطراف اللبنانية التي هي على خلاف سياسي معه، وبأقل حدة عن خلافها مع «حزب الله»، ويكمن السبب في أن الإدارة الأميركية لم تصدر أي إشارة في هذا الخصوص يمكن التأسيس عليها على أنها تحضّر لمثل هذه العقوبات.
ويؤكد عدد من الوزراء والنواب ممن واكبوا عن كثب الأجواء التي سادت المحادثات التي أجراها وزير الخارجية الأميركية مايك بومبيو مع أركان الدولة اللبنانية وآخرين خلال زيارته الأخيرة لبيروت أنه قال بصراحة إن واشنطن لن تتسامح مع الذين يدعمون «حزب الله» ويتعاونون معه.
ويلفت الوزراء والنواب الذين تواصلت معهم «الشرق الأوسط» إلى أن بومبيو لمح إلى أن العقوبات ستشمل شخصيات من طوائف أخرى من غير الطائفة الشيعية في حال ثبت تعاونهم مع «حزب الله» ودعمهم له. ويؤكدون أن بومبيو قصد الأشخاص الذين يحاولون الالتفاف على القرار الأميركي بفرض عقوبات على «حزب الله» بذريعة أنه يشكّل الذراع العسكرية لإيران التي تعمل على زعزعة الاستقرار في المنطقة، ويشارك في النزاعات العسكرية التي يشهدها عدد من الدول.
ويقول الوزراء والنواب أن واشنطن لم تضع فيتو على إسناد وزارة الصحة في حكومة الرئيس سعد الحريري إلى الوزير جميل جبق المقرّب من الحزب، لكنّها حذّرت من استغلال وجوده على رأس حقيبة خدماتية لتمرير صفقات أبرزها شراء أدوية من صنع إيراني. ويعتقد هؤلاء أن الهدف من تسريب وجود نية أميركية لفرض عقوبات على الرئيس بري يكمن في تمرير رسالة ضاغطة تتجاوزه إلى من يتموضع سياسيا وربما مالياً في خندق واحد مع الحزب، وهذا لا ينطبق على بري الذي يلتقي باستمرار موفدين أوروبيين وأميركيين إلى بيروت وبناءً لطلبهم، وإن كانت محادثاتهم معه تنطلق من موقع الخلاف حول قضايا تتخطى لبنان إلى ما هو قائم في المنطقة.
ويرون أيضاً أن واشنطن تقدّر الخصوصية والتعدّدية السياسية التي يتمتع بها لبنان، وبالتالي لن تُقدم على مثل هذه الخطوة حيال الرئيس بري بأمر عمليات من شأنه أن يُحدث انقساماً في الداخل، خصوصاً أن من يصنَّفون على خانة أصدقاء الولايات المتحدة لن يغامروا بعلاقتهم به. كما أن واشنطن التي تستقبل حالياً رئيس لجنة الشؤون الخارجية في البرلمان اللبناني النائب ياسين جابر المنتمي إلى كتلة «التنمية والتحرير» برئاسة بري والمستشار الإعلامي للأخير علي حمدان ليست في وارد التسرّع في خوض مثل هذه العقوبات من دون سابق إنذار، إضافة إلى أن بري الذي يقف الآن على رأس السلطة التشريعية كان رعى التشريعات ذات الصلة المباشرة بمكافحة الإرهاب وتبييض الأموال وأدخل تعديلات على بعض نصوصها وقوبلت بارتياح من قبل المجتمع الدولي.
لذلك يعتقد الوزراء والنواب أن لا مصلحة لواشنطن بفرض ما يهلّل له البعض من عقوبات تقود حتماً إلى مقاطعة مكوّن أساسي في الطائفة الشيعية أي حركة «أمل»، لأن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى مقاطعة طائفة بكاملها تُعتبر من كبرى الطوائف في لبنان.
ويضيف هؤلاء أن الرئيس بري يشكّل نقطة ارتكاز لتحقيق الحد المطلوب من التوازن الداخلي ويرون أنه كان أول من نأى بنفسه عن مشاركة «أمل» ميدانياً في الحرب في سوريا كما فعل «حزب الله»، وتجنّب أيضاً إصدار أي موقف يُشتمّ منه بأنه مع هذه المشاركة ولو بالواسطة من خلال الحزب.
كما أن الرئيس بري المتحالف مع «حزب الله» كان أول من عارض انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية والتزم بذلك في جلسة انتخابه بخلاف موقف النظام السوري، إضافة إلى أنه يحرص على تمايزه عن الحزب ويصرّ على توثيق علاقته بالدول العربية، وهذا ما دفع النظام السوري إلى تمرير رسائل له يعبّر فيها عن انزعاجه من مواقفه، ناهيك أن رئيس المجلس لم يتوجّه إلى دمشق منذ اندلاع الحرب فيها مع أن البعض حاول تسريب معلومات عن قيامه بزيارات سرّية ما دفعه إلى التعليق بقوله إنه لن يتردد في الإعلان عن زياراته في حال حصولها، فيما زار أخيراً العراق ودعا أركان الدولة فيها للعب دور بين الرياض وطهران. فزيارة بري إلى العراق لم تقتصر على الشأن السياسي وشملت زيارة المرجع الأعلى للطائفة الشيعية في العالم السيد علي السيستاني الذي إن دلّ على شيء فإنه يؤشر إلى أن مرجعيته الدينية عربية وليست إيرانية أي اتباع «ولاية الفقيه».
وعليه، فإن بري يبقى من وجهة نظر خصومه بيضة القبّان في المعادلة السياسية، وبالتالي لا مصلحة في تبديل هذه المعادلة وصولاً إلى إلغاء التمايز في الطائفة الشيعية الذي من شأنه أن يؤمّن ورقة مجانية لـ«حزب الله» للسيطرة عليها، وهذا يقود إلى التفريط بالتنوّع الشيعي.
وفي المقابل يرى البعض أن حدود التهويل على بري تتعلّق بالضغط لانتزاع موافقته على وساطة واشنطن لترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل استناداً إلى الخط الذي رسمه فريدريك هوف، وهذا يستدعي منه تعديل موقفه لإعادة الاعتبار لهذه الوساطة.



تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

تقارير حقوقية توثّق انتهاكات الحوثيين في 3 محافظات يمنية

تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
تجمع لمسلحين حوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

سلطت أحدث التقارير الحقوقية في اليمن الضوءَ على آلاف الانتهاكات التي ارتكبتها الجماعة الحوثية ضد المدنيين في 3 محافظات، هي العاصمة المختطفة صنعاء، والجوف، والحديدة، بما شملته تلك الانتهاكات من أعمال القمع والقتل والخطف والتجنيد والإخضاع القسري للتعبئة.

وفي هذا السياق، رصد مكتب حقوق الإنسان في صنعاء (حكومي) ارتكاب جماعة الحوثيين نحو 2500 انتهاك ضد المدنيين في صنعاء، خلال عامين.

بقايا منازل فجرها الحوثيون في اليمن انتقاماً من ملاكها (إكس)

وتنوّعت الانتهاكات التي طالت المدنيين في صنعاء بين القتل والاعتداء الجسدي والاختطافات والإخفاء القسري والتعذيب ونهب الممتلكات العامة والخاصة وتجنيد الأطفال والانتهاكات ضد المرأة والتهجير القسري وممارسات التطييف والتعسف الوظيفي والاعتداء على المؤسسات القضائية وانتهاك الحريات العامة والخاصة ونهب الرواتب والتضييق على الناس في سُبل العيش.

وناشد التقرير كل الهيئات والمنظمات الفاعلة المعنية بحقوق الإنسان باتخاذ مواقف حازمة، والضغط على الجماعة الحوثية لإيقاف انتهاكاتها ضد اليمنيين في صنعاء وكل المناطق تحت سيطرتها، والإفراج الفوري عن المخفيين قسراً.

11500 انتهاك

على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة ضد السكان في محافظة الجوف اليمنية، وثق مكتب حقوق الإنسان في المحافظة (حكومي) ارتكاب الجماعة 11500 حالة انتهاك سُجلت خلال عام ضد سكان المحافظة، شمل بعضها 16 حالة قتل، و12 إصابة.

ورصد التقرير 7 حالات نهب حوثي لممتلكات خاصة وتجارية، و17 حالة اعتقال، و20 حالة اعتداء على أراضٍ ومنازل، و80 حالة تجنيد للقاصرين، أعمار بعضهم أقل من 15 عاماً.

عناصر حوثيون يستقلون سيارة عسكرية في صنعاء (أ.ف.ب)

وتطرق المكتب الحقوقي إلى وجود انتهاكات حوثية أخرى، تشمل حرمان الطلبة من التعليم، وتعطيل المراكز الصحية وحرمان الموظفين من حقوقهم وسرقة المساعدات الإغاثية والتلاعب بالاحتياجات الأساسية للمواطنين، وحالات تهجير ونزوح قسري، إلى جانب ارتكاب الجماعة اعتداءات متكررة ضد المناوئين لها، وأبناء القبائل بمناطق عدة في الجوف.

ودعا التقرير جميع الهيئات والمنظمات المحلية والدولية المعنية بحقوق الإنسان إلى إدانة هذه الممارسات بحق المدنيين.

وطالب المكتب الحقوقي في تقريره بضرورة تحمُّل تلك الجهات مسؤولياتها في مناصرة مثل هذه القضايا لدى المحافل الدولية، مثل مجلس حقوق الإنسان العالمي، وهيئات حقوق الإنسان المختلفة، وحشد الجهود الكفيلة باتخاذ موقف حاسم تجاه جماعة الحوثي التي تواصل انتهاكاتها بمختلف المناطق الخاضعة لسيطرتها.

انتهاكات في الحديدة

ولم يكن المدنيون في مديرية الدريهمي بمحافظة الحديدة الساحلية بمنأى عن الاستهداف الحوثي، فقد كشف مكتب حقوق الإنسان التابع للحكومة الشرعية عن تكثيف الجماعة ارتكاب مئات الانتهاكات ضد المدنيين، شمل بعضها التجنيد القسري وزراعة الألغام، والتعبئة الطائفية، والخطف، والتعذيب.

ووثق المكتب الحقوقي 609 حالات تجنيد لمراهقين دون سن 18 عاماً في الدريهمي خلال عام، مضافاً إليها عملية تجنيد آخرين من مختلف الأعمار، قبل أن تقوم الجماعة بإخضاعهم على دفعات لدورات عسكرية وتعبئة طائفية، بغية زرع أفكار تخدم أجنداتها، مستغلة بذلك ظروفهم المادية والمعيشية المتدهورة.

الجماعة الحوثية تتعمد إرهاب السكان لإخضاعهم بالقوة (إ.ب.أ)

وأشار المكتب الحكومي إلى قيام الجماعة بزراعة ألغام فردية وبحرية وعبوات خداعية على امتداد الشريط الساحلي بالمديرية، وفي مزارع المواطنين، ومراعي الأغنام، وحتى داخل البحر. لافتاً إلى تسبب الألغام العشوائية في إنهاء حياة كثير من المدنيين وممتلكاتهم، مع تداعيات طويلة الأمد ستظل تؤثر على اليمن لعقود.

وكشف التقرير عن خطف الجماعة الحوثية عدداً من السكان، وانتزاعها اعترافات منهم تحت التعذيب، بهدف نشر الخوف والرعب في أوساطهم.

ودعا مكتب حقوق الإنسان في مديرية الدريهمي المجتمع الدولي إلى التدخل العاجل لإيقاف الانتهاكات التي أنهكت المديرية وسكانها، مؤكداً استمراره في متابعة وتوثيق جميع الجرائم التي تواصل ارتكابها الجماعة.