تونس: إضراب القطاع الخاص احتجاجاً على وقف الزيادة في الأجور

منظمة تدعو إلى تناول الحريات والمساواة بين الجنسين في الانتخابات المقبلة

TT

تونس: إضراب القطاع الخاص احتجاجاً على وقف الزيادة في الأجور

تعيش تونس بدايةً من اليوم (الجمعة) موجة من الاحتجاجات والإضرابات، التي تخوضها قطاعات تابعة للقطاع الخاص، نتيجة عدم تفعيل الزيادات في الأجور لسنتي 2018 و2019، وتشمل هذه الاحتجاجات قطاع عمال محطات توزيع المحروقات والمطاحن والمخابز، وصناعة الحليب ومشتقاته، والمصبرات الغذائية وتعليب الزيوت؛ وهو ما يمكن أن يؤدي إلى شلل شبه تام في عدد من المرافق الحياتية اليومية للمواطنين.
وتنطلق شرارة هذه الاحتجاجات، التي سبقتها احتجاجات مماثلة ضد زيادة الحكومة في أسعار المحروقات، بإقرار عمال محطات بيع المحروقات بداية من اليوم الدخول في إضراب ليومين، وذلك بعد فشل جلسة صلح بين اتحاد الشغل ومجمع رجال الأعمال حول تنفيذ زيادات متفق عليها منذ أشهر. فبينما تمسّك الطرف النقابي العمالي بالزيادة في الأجور بسبب غلاء الأسعار وارتفاع كلفة المعيشة، طالب أصحاب محطات الوقود الحكومة بالرفع أولاً من هامش الأرباح التي يحققونها؛ حتى يتمكنوا من تنفيد الاتفاقات الموقعة بين الطرفين بإشراف حكومي.
وكان الاتحاد العام التونسي للشغل واتحاد الصناعة والتجارة قد وقّعا في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي على تعديل، يقضي بزيادة نسبتها 6.5 في المائة في أجور العاملين، تشمل عدداً مهماً من الأنشطة الاقتصادية التابعة للقطاع الخاص. وأكدت المحللة السياسية نزيهة البوسعيدي، أن الاحتجاجات «باتت أسلوباً مفضلاً لتسوية الوضعيات المهنية والاجتماعية المعقدة، والطريقة المثلى لتحسين ظروف العاملين، سواء في القطاع العام أو القطاع الخاص، في ظل انسداد قنوات الحوار والتواصل الأخرى».
من جهتها، انتقدت أحزاب سياسية مشاركة بالائتلاف الحاكم هذه التحركات الاحتجاجية واعتبرتها «حملة انتخابية» سابقة لأوانها. في إشارة إلى مساندة أحزاب المعارضة لمجمل هذه التحركات الاحتجاجية.
ونجحت الحكومة التونسية بداية السنة الحالية في إلغاء إضرابات القطاع العام، ومكّنت الأجراء من زيادات تمتد على ثلاث سنوات. غير أن القطاع الخاص لم يحظ بمراجعة أجور العاملين، بسبب الصعوبات الاقتصادية التي تعرفها المؤسسة التونسية. لكن قرار الحكومة بالزيادة في أسعار المحروقات ساهم في ارتفاع منسوب الاحتجاجات، نتيجة تضرر أنشطة اقتصادية عدة من هذه الزيادة، على غرار القطاع الفلاحي وقطاع النقل العمومي الخاص على وجه الخصوص.
من جهة ثانية، دعا ائتلاف منظمات مدنية، أمس، السياسيين في تونس إلى تضمين مسألة الحقوق الفردية، بما فيها قضية المساواة بين الرجل والمرأة في برامجهم للانتخابات التشريعية والرئاسية المقررة نهاية العام الحالي، حسب تقرير لوكالة الصحافة الفرنسية أمس.
وتجرى الانتخابات التشريعية في السادس من أكتوبر (تشرين الأول)، تليها الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية في 17 من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، وقدم «الائتلاف المدني من أجل الحريات الفردية» أمس تقريره، الذي شاركت فيه أربعون جمعية بمسمى «وضع الحريات الفردية في تونس عام 2018، وسقطت الأقنعة».
وقال وحيد الفرشيشي، عضو الائتلاف: «سنفرض تواجد مسألتي الحريات والمساواة في الانتخابات، سواء بطرح الأسئلة على السياسيين، أو عندما يقومون بإعداد برامجهم الانتخابية».
وعرض التقرير انتهاكات لحقوق المرأة على صلة بالمساواة مع الرجل، والتجاوزات المرتكبة على أساس الانتهاكات المتعلقة بحرية الضمير وحرية التظاهر السلمي. ودعا الفرشيشي في هذا السياق إلى «إصلاح المنظومة القانونية وتنقيحها».



مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
TT

مصر تتحدث عن «تجربة مريرة» عمرها 13 عاماً في ملف السد الإثيوبي

سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)
سد «النهضة» الإثيوبي (حساب رئيس الوزراء الإثيوبي على «إكس»)

جدّدت مصر الحديث عن صعوبات مسار التفاوض مع إثيوبيا بشأن قضية «سد النهضة»، مؤكدة أنها «خاضت تجربة مريرة لمدة 13 عاماً»، ورهنت حدوث انفراجة في الملف بـ«توافر إرادة سياسية لدى أديس أبابا».

وجدَّد وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، في لقاء تلفزيوني، مساء السبت، تأكيده «محورية حقوقها المائية من مياه النيل»، وقال إن بلاده «ترفض الممارسات الأحادية، من الجانب الإثيوبي، بشأن مشروع (السد)».

وتقيم إثيوبيا مشروع سد النهضة على رافد نهر النيل الرئيسي، منذ 2011، ويواجَه مشروع السد باعتراضات من دولتَي المصب مصر والسودان؛ للمطالبة باتفاق قانوني ينظم عمليات «تشغيل السد».

وشدد وزير الخارجية المصري على «ضرورة التوصل إلى اتفاق قانوني مُلزم بشأن السد الإثيوبي»، وقال إن «بلاده لها تجربة مريرة امتدت إلى 13 عاماً دون التوصل إلى أي نتيجة بشأن (سد النهضة)»، مشيراً إلى أن «أديس أبابا ليست لديها الإرادة السياسية للوصول لاتفاق قانوني».

وعدّ عبد العاطي ملف المياه «قضية وجودية لمصر والسودان»، وقال إن «موقف الدولتين متطابق بشأن السد الإثيوبي».

وتنظر القاهرة لأمنها المائي بوصفه «قضية وجودية»، حيث تعاني مصر عجزاً مائياً يبلغ 55 في المائة، وتعتمد على مورد مائي واحد هو نهر النيل بنسبة 98 في المائة، بواقع 55.5 مليار متر مكعب سنوياً، وتقع حالياً تحت خط الفقر المائي العالمي، بواقع 500 متر مكعب للفرد سنوياً، وفق بيانات وزارة الري المصرية.

ورهن عبد العاطي الوصول لاتفاق بين الدول الثلاث بشأن السد بـ«ضرورة توافر الإرادة السياسية لدى إثيوبيا؛ من أجل التوصل لاتفاق قانوني». وقال إن «ممارسات أديس أبابا الأحادية بملء بحيرة السد وتشغيله انتهاك لمبادئ القانون الدولي، باعتبار نهر النيل نهراً دولياً مشتركاً عابراً للحدود».

وفي وقت سابق، أعلن رئيس الوزراء الإثيوبي، آبي أحمد، قرب «اكتمال بناء مشروع السد»، وقال، في شهر أغسطس (آب) الماضي، إن «إجمالي المياه في بحيرة السد ستصل إلى 70 مليار متر مكعب، نهاية عام 2024».

ويرى الأمين العام المساعد الأسبق لمنظمة الوحدة الأفريقية، السفير أحمد حجاج، أن «الحكومة الإثيوبية لم تلتزم باتفاقيات التعاون المبرَمة بينها وبين مصر والسودان، خصوصاً إعلان المبادئ الذي جرى توقيعه عام 2015، بين الدول الثلاث»، إلى جانب «مخالفة الاتفاقيات الدولية، المتعلقة بالأنهار العابرة للحدود، والتي تقضي بعدم إقامة أي مشروعات مائية، في دول المنابع، دون موافقة دول المصب»، منوهاً بأن «أديس أبابا لم تستشِر القاهرة والخرطوم بخصوص مشروع السد».

ووقَّعت مصر وإثيوبيا والسودان، في مارس (آذار) 2015، اتفاق «إعلان مبادئ» بشأن سد النهضة، تضمَّن ورقة تشمل 10 مبادئ وتعهدات تلتزم بها الدول الثلاث، من بينها التزام إثيوبيا «بعدم إحداث ضرر جسيم لدولتي المصب».

وفي تقدير حجاج، فإن «الجانب الإثيوبي لم يشارك في مسارات التفاوض بشأن السد، بحسن نية». وقال إن «أديس أبابا أفشلت المفاوضات بسبب التعنت وغياب الإرادة السياسية لإبرام اتفاق قانوني بشأن السد»، ودلل على ذلك بـ«عدم التجاوب الإثيوبي مع توصيات مجلس الأمن بضرورة الوصول لاتفاق نهائي بشأن السد».

كان مجلس الأمن قد أصدر بياناً، في سبتمبر (أيلول) 2021، حثّ فيه مصر وإثيوبيا والسودان على «استئناف المفاوضات؛ بهدف وضع صيغة نهائية لاتفاق مقبول وملزِم للأطراف بشأن ملء (السد) وتشغيله ضمن إطار زمني معقول».

بدوره، يعتقد خبير الشؤون الأفريقية المصري، رامي زهدي، أن «القاهرة واجهت صعوبات عدة في مسار مفاوضات سد النهضة؛ بسبب تعنت الجانب الإثيوبي». وقال إن «أديس أبابا لم تُثبت جديتها في جولات التفاوض على مدار 13 عاماً»، معتبراً أن ما يحرك الجانب الإثيوبي «المكايدة السياسية ضد القاهرة، وممارسة ضغوط جيوسياسية عليها».

وحذّرت وزارة الخارجية المصرية، في خطاب إلى مجلس الأمن، نهاية أغسطس الماضي، من «تأثيرات خطيرة للسد على حصتي مصر والسودان المائيتين». وأشارت إلى «انتهاء مسارات المفاوضات بشأن سد النهضة بعد 13 عاماً من التفاوض بنيّاتٍ صادقة». وأرجعت ذلك إلى أن «أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل إلى حل».