قبرص جاهزة للوساطة بين لبنان وإسرائيل

بهدف تسهيل الوصول إلى حل للنزاع البحري

TT

قبرص جاهزة للوساطة بين لبنان وإسرائيل

أعلنت قبرص أمس عن جاهزيتها للعب دور لتسهيل التوصل إلى حل للنزاع البحري بين لبنان وإسرائيل، وذلك خلال محادثات موسعة بين لبنان وقبرص تناولت ملف استكشافات الطاقة في المياه الاقتصادية، وأسست لاتفاق يُوقّع في سبتمبر (أيلول) المقبل بشأن استكشافات جديدة على الحدود البحرية اللبنانية والقبرصية في المتوسط.
وطغى ملف الغاز البحري على المحادثات التي جرت أمس في بيروت بين وزيري الخارجية والطاقة في لبنان وقبرص. وتوسعت لتتناول ترسيم الحدود البحرية والمنشآت التي يمكن أن تكون، فضلاً عن التنقيب والتصنيع والتصدير بين الدولتين، وفقا لما أبلغ به مصدر دبلوماسي مشارك في المحادثات لـ«الشرق الأوسط».
وتعهد الجانب القبرصي بعدم خرق السيادة اللبنانية في أي اتفاق مستقبلي بعد أن حصل ذلك في عام 2013 عندما خرقت قبرص مشروع الاتفاق الموقع بالأحرف الأولى حول حقوق لبنان وقبرص وإسرائيل في المنطقة الاقتصادية الخالصة، ويلزم نيقوسيا بعدم المباشرة بتنفيذ هذا المشروع قبل موافقة الأطراف الثلاثة. فقد خرقت قبرص الاتفاق ووقعت مع إسرائيل اتفاقا ثنائيا على أساس أن لبنان لم يكن جاهزا لاستكمال ما ورد في المشروع منذ عام 2013. وقدّر الخبير اللبناني أن مساحة 800 متر هي ملك لبنان وليس إسرائيل وسارعت الولايات المتحدة إلى إرسال موفد للتوسط لحل النزاع الذي وصل إلى حد التهديد بقصف أي تحد إسرائيلي في حال عدم تراجع إسرائيل عن هذه المساحة المحتمل أن تكون مليئة بخزانات الغاز وسواها.
وتعهد وزير الطاقة القبرصي، أمس، بالاتصال بإسرائيل لمعالجة هذا الخلل في الاتفاق في وقت فشلت واشنطن في هذه المهمة بواسطة موفدين.
ويعد موعد السابع من الشهر المقبل مهماً للطرفين اللبناني والقبرصي، حيث اتفقا على جردة مخصصة لمقارنة نقاط التوافق والاختلاف بينهما. وخلال القمة الثلاثية اللبنانية والقبرصية واليونانية المزمع إقامتها في يونيو (حزيران) المقبل، يكون التقييم أدق على أن يتجه في أول سبتمبر إلى التوقيع على اتفاقية التقاسم بين لبنان وقبرص في موضوع النفط.
وأعلن وزير الخارجية اللبناني جبران باسيل أمس الاتفاق مع قبرص على تسريع إبرام اتفاقيات ثنائية بشأن النفط عند الحدود البحرية بين البلدين، آملاً بتوصل الجانبين في الفترة المقبلة إلى «حلف نفطي وغازي». وقال باسيل خلال مؤتمر صحافي عقده في بيروت مع نظيره القبرصي: «حددنا مواعيد للوصول إلى اتفاقيات مشتركة» لافتاً إلى تحديد «موعد أولي في 7 مايو (أيار) لمقارنة نقاط التوافق وأي نقاط اختلاف». وأوضح: «المرحلة الثانية في يونيو مع عقد قمة لتقييم أدق»، مضيفاً: «سنحاول في سبتمبر أن نكون قد أنهينا اتفاقية التقاسم حول موضوع النفط، على أن يلحق ذلك بدء مباحثات للاتفاق بين الحكومتين حول الحدود والخطوط وكل الإنشاءات التي يمكن أن تكون مشتركة لنقل وتصدير كل ما يتعلق بالنفط والغاز». ومن المقرر، وفق باسيل، أن يتم في العام المقبل إطلاق حفر بئر استكشافية من جهة قبرص، تقع على الحدود اللبنانية القبرصية، وهو ما يتطلب «الاستعجال باتفاقاتنا الثنائية» على حد قوله. وأكد باسيل أنه «لا مجال أمام لبنان لخسارة وقت إضافي». معتبراً قبرص بلداً «يمكن التعاون معه والاعتماد عليه».



الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يكثّفون حملة الاعتقالات في معقلهم الرئيسي

جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)
جنود حوثيون يركبون شاحنة في أثناء قيامهم بدورية في مطار صنعاء (إ.ب.أ)

أطلقت الجماعة الحوثية سراح خمسة من قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرتها، بضمانة عدم المشاركة في أي نشاط احتجاجي أو الاحتفال بالمناسبات الوطنية، وفي المقابل كثّفت في معقلها الرئيسي، حيث محافظة صعدة، حملة الاعتقالات التي تنفّذها منذ انهيار النظام السوري؛ إذ تخشى تكرار هذه التجربة في مناطق سيطرتها.

وذكرت مصادر في جناح حزب «المؤتمر الشعبي» لـ«الشرق الأوسط»، أن الوساطة التي قادها عضو مجلس حكم الانقلاب الحوثي سلطان السامعي، ومحافظ محافظة إب عبد الواحد صلاح، أفضت، وبعد أربعة أشهر من الاعتقال، إلى إطلاق سراح خمسة من أعضاء اللجنة المركزية للحزب، بضمانة من الرجلين بعدم ممارستهم أي نشاط معارض لحكم الجماعة.

وعلى الرغم من الشراكة الصورية بين جناح حزب «المؤتمر» والجماعة الحوثية، أكدت المصادر أن كل المساعي التي بذلها زعيم الجناح صادق أبو راس، وهو عضو أيضاً في مجلس حكم الجماعة، فشلت في تأمين إطلاق سراح القادة الخمسة وغيرهم من الأعضاء؛ لأن قرار الاعتقال والإفراج مرتبط بمكتب عبد الملك الحوثي الذي يشرف بشكل مباشر على تلك الحملة التي طالت المئات من قيادات الحزب وكوادره بتهمة الدعوة إلى الاحتفال بالذكرى السنوية للإطاحة بأسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962.

قيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يتعرّضون لقمع حوثي رغم شراكتهم الصورية مع الجماعة (إكس)

في غضون ذلك، ذكرت وسائل إعلام محلية أن الجماعة الحوثية واصلت حملة الاعتقالات الواسعة التي تنفّذها منذ أسبوعين في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لها (شمال)، وأكدت أنها طالت المئات من المدنيين؛ حيث داهمت عناصر ما يُسمّى «جهاز الأمن والمخابرات»، الذين يقودهم عبد الرب جرفان منازلهم وأماكن عملهم، واقتادتهم إلى معتقلات سرية ومنعتهم من التواصل مع أسرهم أو محامين.

300 معتقل

مع حالة الاستنفار التي أعلنها الحوثيون وسط مخاوف من استهداف قادتهم من قبل إسرائيل، قدّرت المصادر عدد المعتقلين في الحملة الأخيرة بمحافظة صعدة بنحو 300 شخص، من بينهم 50 امرأة.

وذكرت المصادر أن المعتقلين يواجهون تهمة التجسس لصالح الولايات المتحدة وإسرائيل ودول أخرى؛ حيث تخشى الجماعة من تحديد مواقع زعيمها وقادة الجناح العسكري، على غرار ما حصل مع «حزب الله» اللبناني، الذي أشرف على تشكيل جماعة الحوثي وقاد جناحيها العسكري والمخابراتي.

عناصر من الحوثيين خلال حشد للجماعة في صنعاء (إ.ب.أ)

ونفت المصادر صحة التهم الموجهة إلى المعتقلين المدنيين، وقالت إن الجماعة تسعى لبث حالة من الرعب وسط السكان، خصوصاً في محافظة صعدة، التي تستخدم بصفتها مقراً أساسياً لاختباء زعيم الجماعة وقادة الجناح العسكري والأمني.

وحسب المصادر، تتزايد مخاوف قادة الجماعة من قيام تل أبيب بجمع معلومات عن أماكن اختبائهم في المرتفعات الجبلية بالمحافظة التي شهدت ولادة هذه الجماعة وانطلاق حركة التمرد ضد السلطة المركزية منذ منتصف عام 2004، والتي تحولت إلى مركز لتخزين الصواريخ والطائرات المسيّرة ومقر لقيادة العمليات والتدريب وتخزين الأموال.

ومنذ سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد وانهيار المحور الإيراني، استنفرت الجماعة الحوثية أمنياً وعسكرياً بشكل غير مسبوق، خشية تكرار التجربة السورية في المناطق التي تسيطر عليها؛ حيث نفّذت حملة تجنيد شاملة وألزمت الموظفين العموميين بحمل السلاح، ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى مناطق التماس مع القوات الحكومية خشية هجوم مباغت.

خلق حالة رعب

بالتزامن مع ذلك، شنّ الحوثيون حملة اعتقالات شملت كل من يُشتبه بمعارضته لسلطتهم، وبررت منذ أيام تلك الحملة بالقبض على ثلاثة أفراد قالت إنهم كانوا يعملون لصالح المخابرات البريطانية، وإن مهمتهم كانت مراقبة أماكن وجود قادتها ومواقع تخزين الأسلحة في صنعاء.

وشككت مصادر سياسية وحقوقية في صحة الرواية الحوثية، وقالت إنه ومن خلال تجربة عشرة أعوام تبيّن أن الحوثيين يعلنون مثل هذه العمليات فقط لخلق حالة من الرعب بين السكان، ومنع أي محاولة لرصد تحركات قادتهم أو مواقع تخزين الصواريخ والمسيرات.

انقلاب الحوثيين وحربهم على اليمنيين تسببا في معاناة ملايين السكان (أ.ف.ب)

ووفق هذه المصادر، فإن قادة الحوثيين اعتادوا توجيه مثل هذه التهم إلى أشخاص يعارضون سلطتهم وممارساتهم، أو أشخاص لديهم ممتلكات يسعى قادة الجماعة للاستيلاء عليها، ولهذا يعمدون إلى ترويج مثل هذه التهم التي تصل عقوبتها إلى الإعدام لمساومة هؤلاء على السكوت والتنازل عن ممتلكاتهم مقابل إسقاط تلك التهم.

وبيّنت المصادر أن المئات من المعارضين أو الناشطين قد وُجهت إليهم مثل هذه التهم منذ بداية الحرب التي أشعلتها الجماعة الحوثية بانقلابها على السلطة الشرعية في 21 سبتمبر (أيلول) عام 2014، وهي تهم ثبت زيفها، ولم تتمكن مخابرات الجماعة من تقديم أدلة تؤيد تلك الاتهامات.

وكان آخرهم المعتقلون على ذمة الاحتفال بذكرى الإطاحة بنظام حكم أسلافهم في شمال اليمن، وكذلك مالك شركة «برودجي» التي كانت تعمل لصالح الأمم المتحدة، للتأكد من هوية المستفيدين من المساعدات الإغاثية ومتابعة تسلمهم تلك المساعدات؛ حيث حُكم على مدير الشركة بالإعدام بتهمة التخابر؛ لأنه استخدم نظام تحديد المواقع في عملية المسح، التي تمت بموافقة سلطة الحوثيين أنفسهم