امتناع الدولة عن دفع مستحقات البلديات يهدد بإغراق المناطق بالنفايات

TT

امتناع الدولة عن دفع مستحقات البلديات يهدد بإغراق المناطق بالنفايات

باتت مئات البلديات في لبنان مهددة بالإقفال نتيجة عدم قبض مستحقاتها منذ نحو 14 شهراً من «الصندوق البلدي المستقل» الموضوع في عهدة وزارة المال. ورغم أن الوزير علي حسن خليل كان قد وعد بدفع هذه المستحقات مطلع العام الحالي، فإنه عاد مؤخراً ليربط الملف بإقرار الميزانية العامة في ظل تفاقم الأوضاع، وبخاصة في مناطق الأطراف، حيث القرى والبلديات فقيرة وغير قادرة على دفع رواتب موظفيها؛ ما أدى إلى تسريح عدد كبير منهم.
وتوجه النائب في الحزب «التقدمي الاشتراكي» هادي أبو الحسن، إلى رئيس الحكومة سعد الحريري خلال الجلسة النيابية التي خصصت يوم الأربعاء الماضي لتوجيه أسئلة للحكومة، بسؤال عن مصير أموال البلديات، فأجابه بأن الحل مرتبط بإقرار الميزانية. وقال أبو الحسن لـ«الشرق الأوسط» إنه طالب إثر ذلك بأن تُعطى البلديات سلفة لدفع بعض رواتب موظفيها المتراكمة من دون أن يكون هناك أي جواب حتى الساعة على الاقتراح.
ولم يستبعد أبو الحسن أن تكون أموال البلديات قد صُرفت، «علماً بأنه لا يحق للدولة التصرف بهذه الأموال التي هي ودائع لديها كما مستحقات الضمان وغيرها من المؤسسات»، وأشار إلى أن «الأزمة المالية باتت ترخي بظلالها في كل الاتجاهات؛ ما يؤدي إلى تراكم الفشل تلو الفشل». وأضاف: «بعض البلديات أقفلت وأخرى تسرح موظفيها، وهناك أزمة نفايات ستطفو قريباً باعتبار أن الكثير من هذه البلديات تشرف على جمع النفايات، كما أن بعضها يعالجها من خلال الفرز وغيره من التقنيات للتخلص منها».
وأوضح رئيس اتحاد بلديات المنية عماد مطر، أن البلديات لم تتقاض مستحقاتها منذ عام 2017، سواء من الصندوق البلدي المستقل أو من عائدات الخليوي، لافتاً إلى أن «بعض هذه البلديات كانت تدفع رواتب موظفيها من الجباية وبعض العائدات التي كانت بحوزتها، أما اليوم فالقسم الأكبر منها بات أمام حالة انهيار باعتبارها لم تعد قادرة على المقاومة». وقال مطر لـ«الشرق الأوسط»: «بعض رؤساء البلديات يقومون بمبادرة فردية لجهة دفع الرواتب من مالهم الخاص، لكن هذا لا يسري إلا على عدد محدد جداً من البلديات، فهناك قسم منها أقفل، وقسم آخر سرح عدداً كبيراً من الموظفين؛ ما ينعكس مباشرة على المواطنين لجهة الخدمات اليومية وجمع النفايات». ورجّح مطر في حال لم يتم حل الموضوع في مدة أقصاها شهران، أو ثلاثة أن نكون بصدد أزمة كبيرة. وأشار إلى أن أحد رؤساء البلديات الذي التقى وزير المال مؤخراً سأله عن مصير هذه الأموال وكان جوابه: «فلتنهار البلديات، لكن لا تنهار الدولة وماليتها».
وهناك أكثر من مصدر تؤمّن من خلاله البلديات الأموال، المصدر الأول هو الجباية الذاتية للرسوم التي تتقاضاها من خلال رخص البناء أو من خلال القيمة التأجيرية للمنازل والمؤسسات الواقعة في نطاقها البلدي، وهي الأموال تصب مباشرة في صندوق كل البلدية. أما المصدر الثاني، فهو 10 في المائة من قيمة فواتير المياه التي تجبيها مصلحة المياه، إضافة إلى رسوم تتقاضاها من شركة كهرباء لبنان. وتقبض البلديات مبلغ 600 مليار ليرة لبنانية سنوياً، أي نحو 400 مليون دولار من الجمارك رسوماً على البضائع التي يتم استيرادها، وهذه الأموال تذهب للصندوق البلدي المستقل الموضوع في عهدة وزارة المالية، وهذا هو المبلغ الذي لم يوزع على البلديات منذ عام 2017». وهناك مصدر آخر للبلديات هو رسم 10 في المائة على فواتير الهاتف الثابت والخليوي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.