تطلق كلمة «الزهر» في تونس على الحظ فيقال: «عنده الزهر» أي أن الحظ يقف إلى جانبه، لكنها تتجاوز هذا الاستعمال اليومي لتصل إلى مساحات أشجار «النارنج» التي تطلق روائحها الزكية لتفوح في المنطقة بأسرها وتحولها إلى فضاء مفتوح لأفضل الروائح.
موسم جني وتقطير الزهر في منطقة «الرأس الطيب» وهي التسمية القديمة لولاية - محافظة - نابل، انطلق خلال هذه الأيام ليتواصل على طول خمسة أسابيع يطيب فيها خاطر العائلات التي تسري في الصباح الباكر نحو حقول النارنج لتجني أفضل الزهرات على وقع الندى الصباحي الممزوج بشدو الطيور.
ويجمع سكان منطقة نابل حبات الزهر ثم يقطرونها ويستخرجون ماءها الفواح الذي يدخر لموسم الاحتفالات، ولتحضير عدد من الأكلات التقليدية ويستخدم كذلك في العلاج عند ارتفاع درجات حرارة الجسم. وتعتبر مدن نابل ودار شعبان الفهري وبني خيار من أهم مدن الوطن القبلي المنتجة للزهر وهي توفر وحدها أكثر من 90 في المائة من المنتوج المحلي.
وحسب إفادة نبيل المرزوقي (من سكان نابل) فإن الوزنة الواحدة من الزهر توفر نحو أربعة لترات من ماء الزهر وهي تعادل قارورتين من الحجم الكبير التي تسمى لدى أهل الاختصاص (الفاشكة). وتسمى قارورة الزهر التي تتخذ شكلا مختلفا عن بقية القوارير (الفاشكة)، وقد اتخذتها بعض المدن ميزة لها، إذ تتوسط هذه القارورة مدينة بني خيار المعروفة بغابات الزهر أو شجر النارنج.
ويقدر إنتاج جهة نابل من الزهر خلال هذا الموسم بما بين ألف و1400 طن وتوفر ما بين 3 و4 ملايين دينار تونسي (نحو1.3مليون دولار) من العائدات المالية السنوية من خلال الصادرات التي توجه في معظمها إلى أسواق الاتحاد الأوروبي المجاور. وقد انطلقت عمليات استخراج زيت «النيرولي» الذي يتم تصديره إلى مدينة «غراس» الفرنسية منذ سنة 1903 وباتت المنطقة تصدر سنويا ما بين 500 و700 كيلوغرام من هذه الزيوت التي تستعمل في صناعة أرقى أنواع العطور في العالم. وتتسابق عدة دور للعطور العالمية على مادة «النيرولي» المميزة لروح تلك العطور وتنشط نحو 10 وحدات صناعية لاستخراج ماء الزهر وتصدير معظمه إلى الخارج.
«زهور الحظ»... تضاعفت أسعارها في «الرأس الطيب»
موسم جني وتقطير الزهر في تونس
«زهور الحظ»... تضاعفت أسعارها في «الرأس الطيب»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة