أبرز محطات البشير منذ الانقلاب حتى عزله

الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أ.ف.ب)
TT

أبرز محطات البشير منذ الانقلاب حتى عزله

الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أ.ف.ب)
الرئيس السوداني السابق عمر البشير (أ.ف.ب)

أعلن الفريق أول عوض بن عوف وزير الدفاع السوداني، في بيان متلفز، اليوم (الخميس)، عزل الرئيس السوداني عمر البشير بعد ما يقرب من أربعة أشهر اهتزت خلالها أرجاء السودان بصيحات الاحتجاجات الشعبية التي اندلعت في البلاد منذ 19 ديسمبر (كانون الأول) الماضي، احتجاجاً على الأوضاع المعيشية والاقتصادية قبل أن تتحول إلى سياسية تطالب الرئيس السوداني السابق عمر البشير وحكومته بالتنحي.
ورغم إعلان البشير في 22 فبراير (شباط) الماضي، فرض حالة الطوارئ لمدة عام في البلاد، وحل الحكومتين المركزية والولائية، وطلب تأجيل بحث تعديل الدستور لمنحه دورات رئاسية لا نهائية فإن هذه الإجراءات لم تشفع في إخماد صيحات المواطنين المطالبين بالتغيير.
ولعب «الانقلاب العسكري» دوراً أساسياً في مسيرة البشير السياسية، ففي 30 يونيو (حزيران) 1989 قاد انقلاباً عسكرياً على الحكومة الديمقراطية المنتخبة برئاسة رئيس الوزراء المنتخب في تلك الفترة الصادق المهدي، وتولى بعد الانقلاب منصب رئيس مجلس قيادة ثورة الإنقاذ الوطني.
وتعرض حكم البشير لمحاولات انقلاب عديدة أبرزها عام 1990 فيما تعرف بـ«حركة رمضان» والتي كانت بقيادة الفريق خالد الزين نمر، واللواء الركن عثمان إدريس وآخرين، ولكن الانقلاب فشل كلياً، وأُلقي القبض على 28 ضابطاً، وتم إعدامهم في محاكمات عسكرية في العشر الأواخر من شهر رمضان.
وفي أواخر عام 1999 حلّ البشير البرلمان السوداني بعد خلاف مع زعيم الحركة الإسلامية والزعيم الروحي للانقلاب حسن الترابي، وبعدها أصبح الترابي من أبرز معارضي حكم الرئيس عمر البشير وأميناً عاماً لحزب «المؤتمر الشعبي» المعارض في السودان، وتعرض للاعتقال عدة مرات حتى انفرجت العلاقات مع حكم عمر البشير مع إعلان الحكومة السودانية للحوار الوطني.
وشهد عهده المتواصل منذ نحو عقدين على رأس البلد الأفريقي الكبير، حربين أهليتين: الأولى في الجنوب حيث وقّع اتفاق سلام في 2005، والثانية في إقليم دارفور (غرب) مستمرة منذ 2003.
وقد أوقع النزاع في دارفور (غرب) قرابة 300 ألف قتيل حسب الأمم المتحدة، وعشرة آلاف حسب الخرطوم.
في 14 يوليو (تموز) 2008 أصدر المدعي العام لدى المحكمة الجنائية الدولية لويس مورينو أوكامبو، مذكرة توقيف بحقه في قضية دارفور، وذلك لاتهامات بأنه ارتكب جرائم حرب في إقليم دارفور، وطلب تقديمه للمحاكمة، وهي أول مرة يُتهم فيها رئيس خلال ولايته، رغم أن السودان غير موقِّع على ميثاق المحكمة، ووصفت الحكومة السودانية الاتهام بأنه «استهداف لسيادة وكرامة الوطن»، وبأنها محاكمة «سياسية فقط وليست محكمة عدل» واتهمت المحكمة بازدواجية المعايير.
وُلد الرئيس السوداني عمر حسن البشير في يناير (كانون الثاني) 1944 بقرية حوش بناقه (150 كيلومتراً شمال الخرطوم)، وتلقى تعليمه الثانوي في الخرطوم، والتحق بالجيش السوداني في سن مبكرة، قبل أن يدرس العلوم العسكرية في كلٍّ من الكلية الحربية بالقاهرة والأكاديمية العسكرية بالسودان وتخرّج عام 1966، وشارك أيضاً إلى جانب الجيش المصري في حرب السادس من أكتوبر (تشرين الأول) 1973. وهو متزوج من امرأتين وليس لديه أولاد، وزوجته الأولى هي ابنة عمه، أما زوجته الثانية فهي أرملة إبراهيم شمس الدين عضو مجلس الخلاص الوطني، ويرجع سر إقباله على الزواج من امرأة ثانية إلى تشجيع غيره من المسؤولين السودانيين على الزواج بأرامل رفاقهم ممن سقطوا في الحرب الأهلية السودانية.
وصل البشير إلى سدة الحكم عبر انقلاب عسكري أطاح برئيس الحكومة المنتخبة صادق المهدي في 30 يونيو 1989، وتسلم السلطة في السودان خلال تلك الفترة الانتقالية بالتحالف مع زعيم الجبهة الوطنية الإسلامية حسن الترابي، وقام بتطبيق الشريعة الإسلامية في السودان ما عدا الجنوب في عام 1991، وحظر الأحزاب السياسية الأخرى. وفي 16 أكتوبر 1993 نُصب البشير رئيساً للسودان، وحظر حزب الخلاص الوطني، ليستأثر لنفسه بالسلطة التشريعية والتنفيذية في آن واحد، وليعاد انتخابه عام 1996 رئيساً للبلاد لمدة 5 سنوات بعد حصوله على نسبة أصوات بلغت 75,7%.



«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

«هدنة غزة»: غموض يكتنف مصير المفاوضات وترقب لنتائج «جولة القاهرة»

صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
صبي فلسطيني يحمل فانوساً وهو يمشي في حي دمرته الحرب بجنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

غموض يكتنف مصير الهدنة في قطاع غزة مع انتهاء المرحلة الأولى دون أفق واضح للخطوة التالية، وسط تمسك كل طرف بموقفه، ومحاولات من الوسطاء، كان أحدثها جولة مفاوضات في القاهرة لإنقاذ الاتفاق، وحديث عن زيارة مرتقبة للمبعوث الأميركي، ستيف ويتكوف، إلى إسرائيل ضمن مساعي الحلحلة، وسط مخاوف من عودة الأمور إلى «نقطة الصفر».

تلك التطورات تجعل مصير المفاوضات بحسب خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، في مهب الريح وتنتظر تواصل جهود الوسطاء وخصوصاً ضغوط أميركية حقيقية على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو؛ للوصول لصيغة مقبولة وتفاهمات بشأن مسار الاتفاق لاستكماله ومنع انهياره، وخصوصاً أن «حماس» لن تخسر ورقتها الرابحة (الرهائن) لتعود إسرائيل بعدها إلى الحرب دون ضمانات حقيقية.

وبعد 15 شهراً من الحرب المدمّرة، بدأت الهدنة في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وانتهت مرحلتها الأولى (42 يوماً)، السبت، وشملت إفراج «حماس» وفصائل أخرى عن 33 من الرهائن بينهم 8 متوفين، مقابل إطلاق سراح نحو 1700 فلسطيني من سجون إسرائيل، فيما لا يزال 58 محتجزين داخل قطاع غزة، بينهم 34 يؤكد الجيش الإسرائيلي أنهم قد تُوفوا، وسط انتظار لبدء المرحلة الثانية المعنية بانسحاب نهائي ووقف للحرب على مدار 42 يوماً، وأخرى ثالثة معنية بإعمار القطاع.

وأفادت صحيفة «تايمز أوف» إسرائيل، السبت، بأن نتنياهو أجرى، مساء الجمعة، مشاورات مطولة مع كبار الوزراء ومسؤولي الدفاع بشأن الهدنة، على غير العادة، في ظل رفض «حماس» تمديد المرحلة الأولى «ستة أسابيع إضافية» ومطالبتها بالتقدم إلى مرحلة ثانية.

وطرحت المشاورات بحسب ما أفادت به «القناة 12» الإسرائيلية، السبت، فكرة العودة إلى القتال في غزة، في حال انهيار الاتفاق، لافتة إلى أن الولايات المتحدة تضغط لتمديد المرحلة الأولى.

فلسطينيون نزحوا إلى الجنوب بأمر إسرائيل خلال الحرب يشقُّون طريقهم عائدين إلى منازلهم في شمال غزة (رويترز)

بينما نقلت «تايمز أوف إسرائيل»، السبت، عن مصدر دبلوماسي إسرائيلي، أن وفد بلادها عاد من محادثات تستضيفها القاهرة منذ الخميس بشأن المراحل المقبلة وضمان تنفيذ التفاهمات، كما أعلنت الهيئة العامة للاستعلامات المصرية الرسمية، لكن المحادثات «ستستأنف السبت»، وفق الصحيفة.

وأكدت متحدث «حماس»، حازم قاسم، السبت، أنه لا توجد حالياً أي «مفاوضات مع الحركة بشأن المرحلة الثانية»، وأن «تمديد المرحلة الأولى بالصيغة التي تطرحها إسرائيل مرفوض بالنسبة لنا»، وفق ما نقلته وكالة «رويترز»، دون توضيح سبب الرفض.

ويرى الخبير الاستراتيجي والعسكري، اللواء سمير فرج، أن مصير المفاوضات بات غامضاً مع تمسك إسرائيل بطلب تمديد المرحلة الأولى، ورفض «حماس» للتفريط في الرهائن أهم ورقة لديها عبر تمديد لن يحقق وقف الحرب.

ولا يمكن القول إن المفاوضات «فشلت»، وفق المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، الذي لفت إلى أن هناك إصراراً إسرائيلياً، على التمديد والبقاء في 3 بؤر عسكرية على الأقل في شمال وشرق القطاع و«محور فيلادليفيا»، بالمخالفة لبنود الاتفاق ورفض من «حماس».

لكنّ هناك جهوداً تبذل من الوسطاء، والوفد الإسرائيلي سيعود، وبالتالي سنكون أمام تمديد الاتفاق عدة أيام بشكل تلقائي دون صفقات لحين حسم الأزمة، بحسب الرقب.

ونقلت صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية عن مصادر، قولها إنه إذا وافقت «حماس» على تمديد المرحلة الأولى من خلال الاستمرار في تحرير دفعات من الرهائن، فإنها بذلك تخسر النفوذ الرئيسي الوحيد الذي تمتلكه حالياً. وذلك غداة حديث دبلوماسي غربي كبير لصحيفة «تايمز أوف إسرائيل»، أشار إلى أن نتنياهو يستعد للعودة إلى الحرب مع «حماس».

طفل يسير في حي دمرته الحرب تم وضع زينة شهر رمضان عليه في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

ووسط تلك الصعوبات، استعرض وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي، بالقاهرة، مع رئيس وزراء فلسطين، محمد مصطفى مستجدات الجهود المصرية الهادفة لتثبيت وقف إطلاق النار في غزة وتنفيذ كل بنوده خلال مراحله الثلاث، وخطط إعادة الإعمار في قطاع غزة في وجود الفلسطينيين على أرضهم وترتيبات القمة العربية غير العادية المقرر عقدها يوم 4 مارس (آذار) الحالي بالقاهرة، مؤكداً دعم مصر للسلطة الفلسطينية ودورها في قطاع غزة.

ويعتقد فرج أن حل تلك الأزمة يتوقف على جدية الضغوط الأميركية تجاه إسرائيل للوصول إلى حل، مؤكداً أن التلويح الإسرائيلي بالحرب مجرد ضغوط لنيل مكاسب في ظل حاجة «حماس» لزيادة دخول المواد الإغاثية في شهر رمضان للقطاع.

وبعد تأجيل زيارته للمنطقة، ذكر ويتكوف، الأربعاء، خلال فعالية نظّمتها «اللجنة اليهودية-الأميركية»، إنه «ربّما» ينضمّ إلى المفاوضات يوم الأحد «إذا ما سارت الأمور على ما يرام».

ويرجح الرقب أن الأمور الأقرب ستكون تمديد المرحلة الأولى من الاتفاق مع ضمانات واضحة لأن الوسطاء و«حماس» يدركون أن إسرائيل تريد أخذ باقي الرهائن والعودة للحرب، مشيراً إلى أن «الساعات المقبلة بمحادثات القاهرة ستكون أوضح لمسار المفاوضات وتجاوز الغموض والمخاوف الحالية».