البشير «قبل بالتنحي بعد ضمانات» بعدم محاكمته

مصدر سوداني لـ«الشرق الأوسط»: عواصم عربية وغربية ساهمت في إقناعه

متظاهرون خرجوا إلى شوارع العاصمة السودانية قبل بيان مرتقب للجيش (أ.ف.ب)
متظاهرون خرجوا إلى شوارع العاصمة السودانية قبل بيان مرتقب للجيش (أ.ف.ب)
TT

البشير «قبل بالتنحي بعد ضمانات» بعدم محاكمته

متظاهرون خرجوا إلى شوارع العاصمة السودانية قبل بيان مرتقب للجيش (أ.ف.ب)
متظاهرون خرجوا إلى شوارع العاصمة السودانية قبل بيان مرتقب للجيش (أ.ف.ب)

كشف مصدر سوداني مطلع على ترتيبات تنحي الرئيس عمر البشير أن الأخير قبل بالتخلي عن الرئاسة، بعد "ضمانات" بعدم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية التي تلاحقه بتهمة ارتكاب "جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية" في إقليم دارفور. وقال لـ"الشرق الأوسط" إن "ضغوطاً داخلية وخارجية" لعبت دوراً في إقناع البشير بالتنحي، مشيراً إلى أن "اتصالات مع عواصم عربية وأفريقية وغربية" سبقت القرار.
وأضاف المصدر الذي طلب عدم الكشف عن هويته، أن "البشير لم يوافق على التنحي في بادئ الأمر، وأبلغ مقربين منه بتمسكه بالسلطة، لكن أطرافاً من داخل النظام أجرت اتصالات مع عدد من العواصم بما فيها الاتحاد الأوروبي، وتم وضع ترتيبات تتضمن عدم تسليمه إلى المحكمة الجنائية الدولية وتأجيل مذكرة الاعتقال الصادرة ضده وفق المادة 16 من ميثاق روما المؤسس للمحكمة". ولفت المصدر إلى أن التحرك العسكري اليوم يأتي وفق هذه التفاهمات وان التغيير الذي يمكن أن يحدث "سيحافظ على السمة الرئيسية للنظام".
ولم يتسن الحصول على رد فوري من بروكسل أو من المحكمة الدولية. كما أن وسائل الإعلام المحلية تداولت تقارير عن وضع البشير رهن إقامة جبرية.
وأكد العضو السابق في المجلس العسكري العميد صلاح كرار "وصول برقية لكل وحدات الجيش تخبرهم بأن قيادة الجيش سيطرت على السلطة، وطلبت منهم تنفيذ الأوامر. وسمع بعدها إطلاق نار مكثف احتفاء بالخطوة".



إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
TT

إرغام تربويين في صنعاء على تلقي برامج تعبئة طائفية

مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)
مسؤولون تربويون في صنعاء يخضعون لتعبئة حوثية (إعلام حوثي)

أوقفت الجماعة الحوثية عشرات القادة والمسؤولين التربويين في العاصمة المختطفة صنعاء عن العمل، وأحالتهم إلى المحاسبة تمهيداً لفصلهم من وظائفهم، بعد أن وجّهت إليهم تهماً برفض حضور ما تُسمى «برامج تدريبية» تُقيمها حالياً في صنعاء وتركّز على الاستماع إلى سلسلة محاضرات لزعيمها عبد الملك الحوثي.

وفي سياق سعي الجماعة لتعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة تحت سيطرتها، تحدّثت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن إرغام الجماعة أكثر من 50 مسؤولاً وقيادياً تربوياً يشملون وكلاء قطاعات ومديري عموم في وزارة التعليم الحوثية على الخضوع لبرامج تعبوية تستمر 12 يوماً.

ملايين الأطفال في مناطق سيطرة الحوثيين عُرضة لغسل الأدمغة (رويترز)

وبموجب التعليمات، ألزمت الجماعة القادة التربويين بحضور البرنامج، في حين اتخذت إجراءات عقابية ضد المتغيبين، وكذا المنسحبون من البرنامج بعد انتهاء يومه الأول، لعدم قناعتهم بما يتمّ بثّه من برامج وأفكار طائفية.

وكشفت المصادر عن إحالة الجماعة 12 مديراً عاماً ووكيل قطاع تربوي في صنعاء ومدن أخرى إلى التحقيق، قبل أن تتخذ قراراً بإيقافهم عن العمل، بحجة تخلفهم عن المشاركة في برنامجها التعبوي.

وجاء هذا الاستهداف تنفيذاً لتعليمات صادرة من زعيم الجماعة وبناء على مخرجات اجتماع ترأسه حسن الصعدي المعيّن وزيراً للتربية والتعليم والبحث العلمي بحكومة الانقلاب، وخرج بتوصيات تحض على إخضاع التربويين لبرامج تحت اسم «تدريبية» على ثلاث مراحل، تبدأ بالتعبئة الفكرية وتنتهي بالالتحاق بدورات عسكرية.

توسيع التطييف

تبرّر الجماعة الحوثية إجراءاتها بأنها رد على عدم استجابة التربويين للتعليمات، ومخالفتهم الصريحة لما تُسمّى مدونة «السلوك الوظيفي» التي فرضتها سابقاً على جميع المؤسسات تحت سيطرتها، وأرغمت الموظفين تحت الضغط والتهديد على التوقيع عليها.

وأثار السلوك الحوثي موجة غضب في أوساط القادة والعاملين التربويين في صنعاء، ووصف عدد منهم في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، ذلك التوجه بأنه «يندرج في إطار توسيع الجماعة من نشاطاتها الطائفية بصورة غير مسبوقة، ضمن مساعيها الرامية إلى تطييف ما تبقى من فئات المجتمع بمن فيهم العاملون في قطاع التعليم».

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

واشتكى تربويون في صنعاء، شاركوا مكرهين في البرامج الحوثية، من إلزامهم يومياً منذ انطلاق البرنامج بمرحلته الأولى، بالحضور للاستماع إلى محاضرات مسجلة لزعيم الجماعة، وتلقي دروس طائفية تحت إشراف معممين جرى استقدام بعضهم من صعدة حيث المعقل الرئيس للجماعة.

ويأتي تحرك الجماعة الحوثية لتعبئة ما تبقى من منتسبي قطاع التعليم فكرياً وعسكرياً، في وقت يتواصل فيه منذ سنوات حرمان عشرات الآلاف من المعلمين من الحصول على مرتباتهم، بحجة عدم توفر الإيرادات.

ويتحدث ماجد -وهو اسم مستعار لمسؤول تعليمي في صنعاء- لـ«الشرق الأوسط»، عن تعرضه وزملائه لضغوط كبيرة من قبل مشرفين حوثيين لإجبارهم بالقوة على المشاركة ضمن ما يسمونه «برنامجاً تدريبياً لمحاضرات زعيم الجماعة من دروس عهد الإمام علي عليه السلام لمالك الأشتر».

وأوضح المسؤول أن مصير الرافضين الانخراط في ذلك البرنامج هو التوقيف عن العمل والإحالة إلى التحقيق وربما الفصل الوظيفي والإيداع في السجون.

يُشار إلى أن الجماعة الانقلابية تركز جُل اهتمامها على الجانب التعبوي، عوضاً الجانب التعليمي وسط ما يعانيه قطاع التعليم العمومي من حالة انهيار وتدهور غير مسبوقة.