أول مساءلة برلمانية للحكومة استهلت بملف «التوظيفات العشوائية»

نقاش خطة الكهرباء أرجئ إلى الأسبوع المقبل

من جلسة مجلس النواب أمس (موقع المجلس)
من جلسة مجلس النواب أمس (موقع المجلس)
TT

أول مساءلة برلمانية للحكومة استهلت بملف «التوظيفات العشوائية»

من جلسة مجلس النواب أمس (موقع المجلس)
من جلسة مجلس النواب أمس (موقع المجلس)

خضعت الحكومة اللبنانية، أمس، لأول مساءلة برلمانية، حيث طُرح عليها 13 سؤالاً، طغت عليها مسألة التوظيف العشوائي، وكان لافتاً تأكيد الحريري أن «كل القوى السياسية تدخلت ووظفت»، متعهداً بوقف التوظيف لمدة 3 سنوات في الإدارات العامة، كما كان لافتاً تأكيده أنه «لا يُعقل أن يمتد التوقيف في السجون لسنوات من دون محاكمات، ويجب تسريع محاكمات الإسلاميين وغيرهم».
وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري في مستهل الجلسة العامة للأسئلة والأجوبة عن عقد جلسة تشريعية الأربعاء المقبل في 17 الحالي. وقالت مصادر سياسية مواكبة: إن هذه الجلسة ستكون مخصصة لمناقشة خطة الكهرباء التي أقرتها الحكومة اللبنانية الاثنين الماضي. ويفترض بحسب القانون، أن تُحال إلى لجنة الأشغال العامة والطاقة في البرلمان التي يرأسها النائب نزيه نجم بعد 48 ساعة على إقرارها في الحكومة؛ تمهيداً لإحالتها من اللجنة البرلمانية الفرعية إلى الهيئة العامة للمجلس.
وقالت مصادر سياسية مواكبة لـ«الشرق الأوسط»: إن تأجيل بري جلسة إقرار خطة الكهرباء للأسبوع المقبل، يعود إلى توجه لدى النواب لتحسين القانون، حيث «هناك بعض الشوائب لا بد من تنقيتها».
وأوضحت المصادر، أن بعض الشوائب مرتبطة «بضرورة تعديل المادة 288» التي تنص على إنشاء هيئة تسمى «هيئة تنظيم قطاع الكهرباء» تتولى تنظيم ورقابة شؤون الكهرباء وفقاً لأحكام هذا القانون، وتتمتع بالشخصية المعنوية وبالاستقلال الفني والإداري والمالي، ويكون مركزها في بيروت. وتقول المصادر: إن التمديد 3 سنوات للمادة، بحسب ما أقرته الحكومة، «يعني أن تشكيل الهيئة الناظمة مؤجل إلى 3 سنوات، وهذا أمر لا تقبله القوى السياسية».
إضافة إلى ذلك، ثمة شق متعلق بالربط بين الحلول الموقتة والدائمة؛ إذ على من يريد الالتزام بإنشاء المعامل بموجب الخطة الدائمة أن يؤمّن مستلزمات المرحلة في مرحلة الانتقالية، ويعمل لتخفيف العجز عن الحكومة. وثمة نقطة ثالثة لدى مجلس النواب، مرتبطة بضرورة تعيين مجلس الإدارة لمؤسسة كهرباء لبنان، وألا تكون هناك مماطلة، ويقترح بعض النواب أن تكون هناك آلية للحث على تعيين أعضاء مجلس الإدارة والتسريع فيها. وتطرق النقاش في الجلسة إلى ملف التوظيفات العشوائية، حيث لفت الرئيس نبيه بري إلى أن الموضوع معلق لمزيد من الدرس. وقال رئيس الحكومة سعد الحريري؛ تعليقاً على ملف التوظيفات: إن «الموضوع شائك وهذا لم يكن توظيفاً انتخابياً أو سياسياً، وكل القوى السياسية تدخلت ووظفت، وخصوصاً في أوجيرو، والأحزاب كلّها تدخلت في توظيفات أوجيرو، كما تم توظيف 3000 شخص في الأجهزة العسكرية والأمنية، لكن هناك اقتراحات في الحكومة لإجراء مناقلات داخل الإدارة». وقال: «لا شك أن أخطاء حصلت في التوظيف؛ لذلك أقفلنا باب التوظيف عبر الحكومة في الموازنة المقبلة».
من جهة ثانية، أشار الحريري رداً على سؤال، إلى أنه «لا يُعقل أن يمتد التوقيف في السجون لسنوات من دون محاكمات، ويجب تسريع محاكمات الإسلاميين وغيرهم».
وبعد جلسة الأسئلة، استقبل بري الحريري الذي قال بعد اللقاء: «اليوم (أمس) كانت جلسة أسئلة وأجوبة للحكومة، وهذا أمر صحي، ويجب أن تحصل هذه الجلسات دوماً ليرى الناس ماذا نفعل في الحكومة، ومجلس النواب له الحق في أن يعرف ما الذي تقوم به الحكومة».
وأضاف: «في موضوع الموازنة علينا أن نتخذ قرارات صعبة، وأعمل مع معظم الأطراف السياسية من أجل أن يكون هناك إجماع كامل على الموازنة؛ لأن خوفي أن يحصل هنا كما حصل في اليونان، وهذا ما لا يجب أن يحصل، فلا يخف أحد لأننا سنقوم بإجراءات تنقذ البلد من أي مشكل اقتصادي، ويجب أن نوقف المزايدات على بعضنا بعضاً، ونرى مصلحة البلد المالية والاقتصادية، وكيف سنحقق نمواً في الاقتصاد ونقوم بإجراءات ليست كبيرة كثيراً، لكن قاسية قليلاً، نتحملها سنة أو سنتين ثم تعود الأمور كما كانت».
وقال رداً على سؤال: «هذه الإجراءات تنقذ لبنان، وليس لدي شك في الأمر، والأساس هو أن نؤمّن الإجماع على الإصلاحات من أجل أن نكون جميعاً في خط واحد، ونشرح للناس لماذا نقوم بهذا الأمر، ولماذا وصلنا إلى هنا».



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.