الحصار الحوثي وراء انهيار المنظومة الصحية في تعز

TT

الحصار الحوثي وراء انهيار المنظومة الصحية في تعز

بعد مضي أكثر من أربعة أعوام من الحرب والحصار اللذين تشنهما ميليشيات الحوثي على مدينة تعز، انهارت المنظومة الصحية في ثالث أكبر المدن اليمنية، ولا يزال الوضع الصحي يشهد معاناة في ظل إغلاق عدد من المستشفيات أبوبها أمام المرضى والجرحى، وعرض نحو 52 منشأة صحية للقصف الحوثي. ولم تكتف ميليشيات الانقلاب بقصفها المدينة بمختلف أنواع الأسلحة، وكذلك القرى الريفية، بل إنها تواصل منع إدخال المواد الطبية إلى المستشفيات بما فيها أسطوانات الأكسجين، في ظل إطلاق مستشفيات تعز، العاملة في ظل القصف، لنداء الإغاثة لإنقاذ المرضى بما فيهم مرضى الكُلى ومرضى الكوليرا الذي يُعد التهديد الآخر للمدنيين بعد قصف الحوثيين.
مدير عام مكتب الصحة في تعز، الدكتور عبد الرحيم السامعي، قال إن «مرضى تعز يعانون من ضعف شديد جداً في الرعاية الصحية الأولية التي انهارت جراء الحرب لمدة أربع سنوات والحصار المضروب على المحافظة حتى اللحظة». وأكد لـ«الشرق الأوسط» أن «النظام الصحي بتعز تعرض إلى انهيار كامل مع الأحداث، وانهارت معه جميع المرافق الأخرى مثل المياه الصالحة للشرب والصرف الصحي وصندوق النظافة التي كانت بالأساس مهلهلة ومتصدعة وضعيفة، وأتت الحرب على ما تبقى منها». وأردف: «صحيح أن المدينة بدأت تتعافى، لكن ببطء، ويمكن أن تعود إلى نقطة الصفر في أي لحظة».
وحول ما إذا كانت ميليشيات الانقلاب زادت من معاناة سكان تعز بسبب الحصار، شدد الدكتور السامعي على أن «حرب الميليشيات هي المسؤول الأول عن هذه المعاناة، ما أدى لانتشار الأوبئة والأمراض مثل الكوليرا وأمراض الطفولة القاتلة القابلة للتمنيع عن طريق التطعيمات، التي كانت قد اختفت وبدأت بالظهور من جديد مثل الشلل الرخو والسعال الديكي والحصبة والدفثيريا وغيرها. وهناك وفيات جراء هذه الأمراض، وعلى سبيل المثال بلغ عدد الوفيات بسبب الكوليرا منذ يناير (كانون الثاني) الماضي حتى اليوم 31 حالة».
وكانت غرفة عمليات محافظة تعز، أكدت أن إجمالي عدد حالات اشتباه الكوليرا حتى يوم الأربعاء الماضي، بلغت 5488 حالة، كما بلغ إجمالي عدد الحالات المؤكدة بالفحص الزراعي 335. وسجل مكتب الصحة في تعز تعرض «52 منشأة صحية إلى القصف المباشر، على المرافق الصحية والمستشفيات، من قبل الانقلابيين»، حسبما أفاد مدير مكتب الصحة الدكتور عبد الرحيم السامعي، الذي قال إن «الانقلابيين مستمرون في قصفهم على المرافق الصحية، وحتى الآن هناك 60 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل بشكل جزئي من مجموع 423 مرفقاً بين مستشفى ومركز صحي ووحدة صحية، وهناك مستشفيان مديرية متوقفان تماماً عن الخدمة نتيجة إغلاقهما». وأضاف: «ما زال الانقلابيون يمنعون دخول الأدوية والمواد الطبية بما فيها أسطوانات الأوكسجين ومستلزمات الغسيل الكلوي، ويتم تغطية هذه الاحتياجات من التبرعات التي تمر من المنفذ الوحيد في الجزء الجنوبي الغربي إلى عدن، التي لا تغطي كل الاحتياجات». وأشار إلى أن «احتياجات المستشفيات الملحة تتلخص في توفير الأدوية والمواد الطبية، وفي إعادة ترميم المستشفيات وتأثيثها، وإعادة الكادر النازح وموازنات تشغيلية». وذكر أن عدد القتلى المدنيين في تعز منذ بداية الحرب بلغ نحو 4500 وأكثر من 18000 جريح منهم ما يقرب من 400 معاق.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».