المعارضة الموريتانية تتظاهر للتحذير من «تزوير» الانتخابات الرئاسية

طالبت بإشراكها في لجنة تنظيم الاستحقاق... وحضور مراقبين دوليين

TT

المعارضة الموريتانية تتظاهر للتحذير من «تزوير» الانتخابات الرئاسية

دعا أربعة مرشحين معارضين للانتخابات الرئاسية في موريتانيا إلى مظاهرات في شوارع العاصمة نواكشوط، تنطلق مساء اليوم (الخميس) للتحذير من أي محاولة لتزوير الانتخابات الرئاسية، التي ستنظم نهاية شهر يونيو (حزيران) المقبل.
وعقد المرشحون الأربعة مؤتمراً صحافياً أمس بأحد فنادق نواكشوط، أعلنوا فيه أن الشروط الكفيلة بضمان شفافية الانتخابات الرئاسية «غير متوفرة»، وأكدوا قلقهم حيال إمكانية وقوع عمليات «تزوير» لصالح مرشح مدعوم من طرف النظام والحكومة، هو الجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني. والمرشحون الأربعة هم بيرام ولد الداه أعبيدي، وهو ناشط حقوقي مدعوم من حزب الصواب البعثي، وسيدي محمد ولد ببكر وهو وزير أول أسبق مدعوم من طرف حزب «تواصل» الإسلامي، ومحمد ولد مولود وهو معارض تاريخي مدعوم من طرف حزبه اليساري، بالإضافة إلى مرشح حزب تكتل القوى الديمقراطية (اشتراكي).
وطالب المرشحون الأربعة في مؤتمرهم الحكومة بالاستجابة لمطالب المعارضة لتحقيق ضمان شفافية الانتخابات، وهي المطالب التي سبق أن تسلمتها الحكومة. وتتضمن إعادة هيكلة اللجنة الوطنية المستقلة للانتخابات، ومنح نصف مقاعد لجنة تسييرها للمعارضة، بالإضافة إلى مراجعة اللائحة الانتخابية، وحضور مراقبين دوليين (الاتحاد الأوروبي)، وضمان حياد الدولة والإدارة، ومنع استغلال المال العمومي.
وكانت الحكومة قد أعربت في وقت سابق عن استعدادها للاستجابة لهذه المطالب، باستثناء مطلب إعادة هيكلة لجنة الانتخابات، وقالت إنها على استعداد لمنح المعارضة مقعدين فقط من أصل 11 مقعداً، وهو ما رفضته الأخيرة، مؤكدة أنها لن تقبل بأقل من النصف.
وقال المرشحون في بيان مشترك إن اللجنة الانتخابية بتشكيلتها الحالية «لا يمكن أن تقود مسلسلا انتخابيا له مصداقية»، فيما قال محمد ولد مولود «لن نقاطع الانتخابات، ولكن سنطلب من ناخبينا عدم قبول التزوير والتصدي له». مؤكدا أن «المفتاح الأول لشفافية الانتخابات هو التوازن في الهيئة المشرفة عليها»، وأن «تسعة من أعضاء اللجنة الانتخابية الأحد عشر أعلنوا دعمهم للمرشح محمد ولد الغزواني، وهذا إخلال واضح باستقلاليتها»، وفق تعبيره.
أما الناشط الحقوقي بيرام ولد الداه أعبيدي فقد دعا الموريتانيين إلى ما سماه «هبة شعبية» من أجل رفض «التزوير»، مشيراً إلى أن هذه الهبة يجب أن «تبدأ بمواكبة التسجيل وحتى التصويت وفرز الأصوات، وصولاً إلى إعلان النتائج»، وقال إن النظام «يسعى إلى ضرب إرادة الشعب، ورميها عرض الحائط».
من جهة أخرى، قال الوزير الأول الأسبق سيدي محمد ولد ببكر إن المشاركة في الانتخابات، رغم الشكوك حول نزاهتها، «خيار استراتيجي» اتخذته المعارضة «لأن المقعد الشاغر لا يخدم مصلحة البلد»، معتبراً «تزوير نتائج الانتخابات لن يخدم أي مرشح لأنه سيخلق كثيرا من المشاكل للبلد».
وتجري في موريتانيا نهاية شهر يونيو المقبل انتخابات رئاسية حاسمة، ستنتهي بانتخاب رئيس جديد في أول عملية تناوب سلمي على السلطة في تاريخ البلد، المشهور بالانقلابات العسكرية. علما بأن الدستور يمنع الرئيس الحالي محمد ولد عبد العزيز من الترشح لولاية رئاسية ثالثة، وهو الذي حكم موريتانيا لولايتين رئاسيتين (2009 - 2019).
لكن ولد عبد العزيز، الذي يستعد لمغادرة السلطة، أعلن في كثير من المرات أنه لن يتخلى عن مشروعه التنموي، مؤكدا أنه لن يقبل بوصول المعارضة إلى الحكم، وقدم رفيقه ورجل ثقته الجنرال المتقاعد محمد ولد الغزواني مرشحا له وللأغلبية الرئاسية.
وكان ولد الغزواني قد تقاعد من الجيش نهاية العام الماضي، وهو الذي كان يتولى منصب قائد أركان الجيوش الموريتانية لعدة سنوات، وخاض انقلابيين عسكريين رفقة ولد عبد العزيز عامي 2005 و2008. وتربطهما علاقة متينة تعود إلى سنوات الشباب، حيث درسا معاً في الكلية العسكرية الملكية بمدينة مكناس المغربية في سبعينات القرن الماضي.
أما المعارضة التي ترى في هذه الانتخابات فرصة للتغيير، فقد فشلت في خوضها بمرشح موحد بسبب خلاف فكري بين حزب «تواصل» وحزب «اتحاد قوى التقدم» (يساري)، ما دفع أحزاب المعارضة إلى تقديم مترشحين، وتوقيع اتفاق سياسي للتعاون والتنسيق في الشوط الأول من الانتخابات، والتحالف وراء المرشح الذي ينجح في الوصول إلى الشوط الثاني.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.