فرص «الإنقاذ» في البقاء محدودة

فرص «الإنقاذ» في البقاء محدودة
TT

فرص «الإنقاذ» في البقاء محدودة

فرص «الإنقاذ» في البقاء محدودة

مع تواصل أمواج المحتجين وزيادة الزخم الجماهيري المطالب برحيله لم يعد أمام نظام الرئيس السوداني عمر البشير سوى خيارات ضئيلة ومحدودة للبقاء، هذا الزخم الذي بلغ ذروته منذ السادس من أبريل (نيسان) وهو يصادف الذكرى الـ34 للانتفاضة الشعبية التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق جعفر النميري.
ويكاد المراقبون يجمعون على أن أيام النظام باتت محدودة، وأنه لا يملك من الحلول والفرص، غير استخدام القوة المفرطة لتفريق المحتجين الذين باتوا يتزايدون يوما بعد يوم، وباءت كل محاولات تفريقهم بالفشل. فالنظام لا يملك عصا سحرية لإنقاذ الاقتصاد والعملة الآيلة إلى الانهيار، كما لا يملك من الحلول لوقف الاحتجاجات، سوى استخدام القوة، فيما يواجه من قبل معارضيه برفض قاطع، للتعاطي معه أو الجلوس إلى حوار، بعد تصعيد المطالب ووصول سقفها إلى دعوته للرحيل.
ولليوم الثالث على التوالي، تتدخل قوات الجيش لصالح المحتجين، وتضطر إلى الدخول في مواجهات مع قوى الأمن المناصرة للنظام، وتمنعهم من تفريق المواطنين الذين يتحصنون بمئات الآلاف أمام قيادة الجيش.
ومع كل خطوة لاستخدام العنف، يزداد الحراك زخما، وسخونة، ويزداد زحفهم إلى ساحات العاصمة التي باتت مشلولة تماماً، منذ الثلاثاء الماضي. وقدر عدد المحتجين بنحو 3 ملايين شخص، ملأوا ساحات العاصمة، في مساحة تقدر بخمسة كيلومترات مربعة.
بيد أن نقطة التحول البارزة في الاحتجاجات، جاءت منذ السادس من أبريل الماضي، حيث صعد المحتجون من ضغوطهم، وشكلوا طوقاً أمام مقر القيادة العامة للجيش السوداني، للاحتماء به والضغط عليه لاتخاذ موقف بالانحياز إلى الشعب. وساهم هذا الموقف في انحياز عدد كبير من صغار الضباط والجنود إلى صفوف الحراك الشعبي، وصنع انقساماً كبيراً في أوساط قيادات الجيش.
وشكلت هذه الخطوة ضربة قوية للأجهزة الأمنية الرسمية، وقوات الدعم السريع، وكتائب الظل التي تدافع عن النظام بكل الوسائل، وأدخلها في مواجهة مباشرة مع قوات الجيش الذي رفض قادته ضرب المتظاهرين.
ويقول كثير من المراقبين، إن خيار استخدام القوة بات غير مجد، في ظل موقف الجيش الرافض لاستخدام القوة، ومطالبة الشرطة لعناصرها بعدم استخدام العنف في ظل زيادة تدفق الجماهير. وكان النظام يعول على القوات النظامية في مواجهة الاحتجاجات، لكن مع تغير مواقف هذه القوات، لم يبق أمام النظام سوى الاعتماد على ميليشياته للدفاع عن بقائه.
وبات واضحا في أوساط الجيش السوداني وجود انقسام حاد وتمرد داخله. ورفض عدد من الضباط من الرتب الصغيرة والجنود، إطاعة أوامر قادتهم الكبار من المحسوبين على النظام، بضرب المتظاهرين... بل وذهبوا لأبعد من ذلك، بانضمام أعداد منهم إلى الحراك. وحكى بعضهم هذا الموقف للمحتجين من المحيطين بهم.
وتشير مصادر داخل الجيش إلى أنه بات من المألوف سماع هتاف «تسقط بس»، وهو شعار الثوار، بشكل طبيعي داخل معسكراتهم. وعمدت قيادات الجيش منذ أمس، بسحب الذخيرة من الجنود وصغار الضباط، في خطوة لمنعهم من مواجهة الأجهزة الأمنية التي تحاول تفريق المعتصمين في مقر قيادة الجيش... وقتل حتى مساء أمس 3 من الجنود المدافعين عن المحتجين.
وتؤكد هذه المصادر أن حالة التمرد داخل صفوف الجيش باتت في ازدياد، وتتحدث عن أجواء محمومة في صفوف كبار الضباط، وتقول إن «قلوب بعضهم مع المحتجين لكن سيوفهم مع معاوية».
وتدعو رسائل من داخل القيادة العامة المحتجين إلى الخروج بكثافة، ليكون ذلك ذريعة أمام الضباط المترددين لحسم موقفهم لصالح الحراك الشعبي.
ويراهن معسكر النظام كثيرا على مسألة الوقت، لانحسار الاحتجاجات، بمد حبال الصبر، وبالدعوة لحوار مع المحتجين والمعارضين، رغم أن هذا الخيار ظل مرفوضا منذ وقت طويل، وتم تخطيه إثر تحول شعارات الحراك من شعارات مطلبية إلى المناداة برحيل النظام ورفض أي حوار معه.
وتبقى الأزمة الاقتصادية «الجبهة الأقوى» المعارضة في مواجهة النظام. ويرى محللون سياسيون أن «الأزمة الاقتصادية لو تمثلت رجلاً لقضى عليه النظام»، فالأوضاع الاقتصادية، تبدو بلا حل في الأفق، وتعتبرها مصادر أخرى، أنها «المعارض الأقوى» في مواجهة النظام، حيث لا تزال أزمة السيولة النقدية بلا حل وعجزت الدولة عن دفع رواتب الموظفين، وخلت البنوك من السيولة الكافية لدفع هذه المرتبات، وسط تدنٍّ مهول في سعر العملة، وانهيار للمؤسسات الإنتاجية الأخرى. وهو أمر يعجز النظام عن فعل شيء تجاهه، ولا توجد حلول في الأفق.
ومع تضاؤل الخيارات، أمام الرئيس عمر البشير، جاءت خطوته بالعودة مرة أخرى إلى حضن حزبه الحاكم (المؤتمر الوطني)، الذي أعلن تخليه عن رئاسته في فبراير (شباط) الماضي، حينما أعلن فرض الطوارئ.
وكان أعلن وقتها أنه يريد أن يصبح رئيسا للكل، وعلى مسافة واحدة من الجميع، وقام بتحويل مهامه ومسؤولياته إلى نائبه أحمد هارون.
وتحدث البشير إلى قيادات الحزب أول من أمس، حاثا إياهم على التحرك لمواجهة الأوضاع المضطربة، وهو ما عدته المعارضة نكوصا عن قرارات فبراير.
وتستند المعارضة إلى هذه الخطوة في تبيان أن النظام غير جاد في الحوار، ويستخدمه طوق نجاة له من الأزمة الحالية.
وحتى المعسكر الإسلاموي، لا يخلو من انقسامات، حيث يرى كثير منهم أن البشير لم يعد الخيار المفضل لهم، وأن شرعيته باتت منقوصة، ولا يصلح لقيادة الفترة المقبلة. وباتوا يحملونه وزر فشل النظام اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا وحتى أخلاقيا. أما البعض الآخر فقد عبر عن فرحته بعودة الرئيس إلى حضنهم بعد فترة قصيرة من «اليتم»، عاشوه من بعد إعلان تخليه عن رئاسة الحزب.
وتتحدث أوساط الخرطوم حاليا عن عدد من السيناريوهات، للخروج من الأزمة الحالية، أولها حدوث «انقلاب قصر»، بحيث يقوم أحد القادة الحاليين، بتسلم السلطة، وترتيب الأمور خلال الفترة الانتقالية، لكن هذا السيناريو لن يرضي المحتجين والمعارضين، ولن يحل المشكلة إنما يزيدها تعقيداً. أو أن يقوم أحد المقربين من الرئيس من قيادات الجيش بتسلم السلطة، لكن هذا الاتجاه، أيضا يجد رفضا داخل ضباط الجيش، الذين لا يحبذون أن يتولى السلطة أي من القيادات الحالية المحسوبة على النظام.
ومن السيناريوهات التي يضغط من أجلها المحتجون هو أن يقوم الرئيس بالتنحي، وتسليم السلطة للجيش وترتيب فترة انتقالية بالاتفاق مع الجيش وقيادات المعارضة. وهو خيار يستبعده كثير من المراقبين بحسب خبرتهم في متابعة التطورات.
وتزداد الصورة قتامة، وتضيق الخيارات أمام النظام مع زحف المحتجين إلى ساحات الخرطوم والضغط لتلبية مطالبهم، وبروز الضغط الدولي من قبل العواصم الغربية البارزة ومن الأمم المتحدة... وتبقى الأيام حبلى بالأخبار.



الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
TT

الحوثيون يتبنّون هجمات بالمسيّرات ضد أهداف إسرائيلية

صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)
صورة وزّعها الإعلام الحوثي تظهر صواريخ وطائرات من دون طيار (رويترز)

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجمات جديدة بالطائرات المسيّرة ضد أهداف إسرائيلية، الجمعة، إلى جانب تبنّى هجمات بالاشتراك مع فصائل عراقية موالية لطهران، دون أن يعلق الجيش الإسرائيلي على الفور بخصوص آثار هذه العمليات.

وتشن الجماعة المدعومة من إيران منذ أكثر من عام هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، فضلاً عن إطلاق الصواريخ والمسيّرات باتجاه إسرائيل تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

صاروخ أطلقه الحوثيون باتجاه إسرائيل من نوع «فلسطين 2» (إعلام حوثي)

وخلال حشد حوثي في ميدان السبعين بصنعاء، الجمعة، ادعى المتحدث العسكري باسم الجماعة يحيى سريع أن قوات جماعته نفذت عمليتين عسكريتين استهدفت الأولى هدفاً عسكرياً في عسقلان، فيما استهدفت الثانية هدفاً في تل أبيب.

وزعم المتحدث الحوثي أن العمليتين تم تنفيذهما بطائرتين مسيّرتين تمكنتا من تجاوز المنظومات الاعتراضية والوصول إلى هدفيهما.

إلى ذلك، قال سريع إن قوات جماعته نفذت بالاشتراك مع ما وصفها بـ«المقاومة الإسلامية في العراق» عمليةً عسكريةً ضد أهداف حيوية جنوب إسرائيل، وذلك بعدد من الطائرات المسيّرة، زاعماً أن العملية حققت أهدافها بنجاح.

وتوعد المتحدث الحوثي بالاستمرار في تنفيذ الهجمات ضد إسرائيل حتى توقف الحرب على غزة ورفع الحصار عنها.

19 صاروخاً ومسيّرة

في أحدث خطبة لزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، الخميس، قال إن جماعته أطلقت باتجاه إسرائيل خلال أسبوع 19 صاروخاً باليستياً ومجنحاً وطائرة مسيّرة، زاعماً أنها استهدفت تل أبيب وأسدود وعسقلان.

كما ادعى الحوثي استهداف خمس سفن أميركية في خليج عدن، منها: بارجتان حربيتان، وهدد بالاستمرار في الهجمات، وقال إن جماعته نجحت في تدريب وتعبئة أكثر من 600 ألف شخص للقتال خلال أكثر من عام.

من آثار مسيّرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في جنوب تل أبيب الاثنين الماضي (أ.ف.ب)

وتبنّى الحوثيون على امتداد أكثر من عام إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكرّرت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى. كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

أحدث الهجمات

أعلن الجيش الإسرائيلي، الاثنين الماضي، أن طائرة مسيّرة، يعتقد أنها انطلقت من اليمن، أصابت مبنى في جنوب تل أبيب، وفق ما نقلته وسائل إعلام غربية.

وقالت القناة «13» الإسرائيلية: «ضربت طائرة مسيّرة الطابق الـ15 من مبنى سكني في يفنه، ولحق دمار كبير بشقتين»، مشيرة إلى وصول قوات كبيرة إلى المكان.

وأفاد الجيش الإسرائيلي بورود «تقارير عن سقوط هدف جوي مشبوه في منطقة مدينة يفنه. ولم يتم تفعيل أي تحذير». وقالت نجمة داود الحمراء إنه لم تقع إصابات.

وأشارت قوات الإطفاء والإنقاذ، التي وصلت إلى مكان الحادث، إلى وقوع أضرار جسيمة في شقتين. كما نقل موقع «0404» الإسرائيلي اليوم عن متحدث باسم الجيش الإسرائيلي قوله: «يبدو أن الطائرة المسيّرة التي أصابت مبنى في يفنه قد انطلقت من اليمن»، مشيراً إلى أنه يجري التحقيق في الحادث.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تطلق صاروخاً ضد أهداف حوثية (رويترز)

وعلى صعيد الهجمات البحرية، كانت القيادة المركزية الأميركية أعلنت في بيان، الثلاثاء، الماضي، أنّ سفينتين عسكريّتين أميركيّتين صدّتا هجوماً شنّه الحوثيون بواسطة طائرات من دون طيّار وصاروخ كروز، وذلك في أثناء حراستهما ثلاث سفن تجارية في خليج عدن.

وقال البيان إن «المدمّرتين أحبطتا هجمات شُنّت بطائرات من دون طيار وبصاروخ كروز مضاد للسفن، لتضمنا بذلك سلامتهما وأفرادهما، وكذلك سلامة السفن المدنية وأطقمها».

وأوضح البيان أنّ «المدمرتين كانتا ترافقان ثلاث سفن تجارية تابعة للولايات المتحدة»، مشيراً إلى عدم وقوع إصابات أو إلحاق أضرار بأيّ سفن.

يشار إلى أن الهجمات الحوثية في البحر الأحمر أدت منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، كما أدت إلى مقتل 3 بحارة وإصابة آخرين في هجوم ضد سفينة ليبيرية.

وفي حين تبنى زعيم الحوثيين مهاجمة أكثر من 211 سفينة منذ بدء التصعيد، كانت الولايات المتحدة ومعها بريطانيا في أربع مرات على الأقل، نفذت منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي أكثر من 800 غارة على أهداف للجماعة أملاً في الحد من قدرتها على تنفيذ الهجمات البحرية.