الجهيناوي: نستلهم فكر بورقيبة في الدفاع عن قضايانا العربية

TT

الجهيناوي: نستلهم فكر بورقيبة في الدفاع عن قضايانا العربية

أكد وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي لـ«الشرق الأوسط» في مستهل حملة بلاده لتولي مقعد غير دائم في مجلس الأمن لعامي 2020 و2021 أن لقاءه مع عدد من سفراء المجموعة العربية بالأمم المتحدة في أميركا يأتي «في إطار الحملة التونسية للحصول على مقعد غير دائم، حيث ستنتخب تونس في يونيو (حزيران) المقبل. ومن الطبيعي أن نناقش مع أشقائنا العرب، الذين اعتمدوا منذ 2014 قراراً بدعم ترشيح تونس لهذه العضوية. ولذلك فعندما يأتي وزير الخارجية إلى الأمم المتحدة فعليه أن يبدأ بالمجموعة العربية... عائلته العربية».
وكان مقرراً أن يجتمع وزير الخارجية التونسي مع الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، وأعضاء مجلس الأمن والمجموعات الإقليمية المختلفة، كالأفريقية والأميركية اللاتينية والكاريبية والآسيوية، وغيرها للحصول على أوسع دعم ممكن لعضوية تونس في مجلس الأمن لعامي 2010.
وعن أولويات تونس خلال وجودها في مجلس الأمن، أكد وزير الخارجية التونسي أن أولويات بلاده في الوقت الراهن تتمثل في «الدفع نحو الدبلوماسية الوقائية حتى نقلل من النزاعات في العالم. وثانياً تكثيف التعاون مع المنظمات الإقليمية، مثل الاتحاد الأفريقي والجامعة العربية، والدولية مثل الأمم المتحدة، لتلافي ما هو موجود الآن على الساحة العربية والأفريقية، والدفع نحو التسوية السلمية للقضايا المطروحة الآن. وثالثاً كيف يكون لتونس دور من خلال تجربتها الرائدة في هذا المجال، وكيف يكون للمرأة وللشباب دور فعال في المحافظة على الأمن والسلم في العالم. هذه من الأولويات الكبرى التي ستسعى تونس إليها، بالتنسيق مع المجموعة العربية والمجموعة الأفريقية بطبيعة الحال».
وبسؤاله إن كانت تونس ستستعيد سياسات الرئيس بورقيبة في هذا المجال لتحقيق هذه الغايات، أجاب الجهيناوي مؤكدا: «نعم، نعم، نعم».
وأوضح الجهيناوي في معرض حديثه عن الأولويات الكبرى لتونس بأنها «تتمثل في الدبلوماسية الوقائية، والدفع نحو الحلول السلمية، والدور الأوسع للمرأة في صون الأمن والسلم الدوليين»، مشدداً أيضاً على قضية «صدارة قضية فلسطين» في الشرق الأوسط.
ورداً على سؤال حول ما يمكن فعله في مجلس الأمن، رداً على قرار إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترمب الاعتراف بالجولان كجزء من إسرائيل، استلهم الجهيناوي إرث الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة، حيث أوضح أن «لدى مجلس الأمن أصلاً القرار 497 لعام 1981، وهو واضح للغاية، ويؤكد أن هذه أرض تحتلها إسرائيل ويجب تحريرها. لذلك لا حاجة إلى أي جديد. المطلوب الآن هو مواصلة تثبيت ما جاء في ذلك القرار». مبرزا أنه يعود لسفراء المجموعة العربية في الأمم المتحدة مسألة مناقشة ما ينبغي القيام به لتأكيد أن تلك أرض تحتلها إسرائيل.
وبخصوص القضايا العربية، شدد الجهيناوي على أن «هدفنا أن تسترجع فلسطين صدارة اهتماماتنا، ليس نحن العرب فقط، بل أيضاً داخل المجموعة الدولية. فلسطين قضية محورية في الشرق الأوسط، ولا يمكن أن نحل القضايا الأخرى الطارئة لاحقا، قبل أن نهتم بالقضية الأصل، وهي قضية فلسطين».
وبخصوص اعتراف الولايات المتحدة بالقدس عاصمة لإسرائيل وبالجولان كجزء من إسرائيل، وكلام رئيس الوزراء الإسرائيلي عن ضم المستوطنات في الضفة الغربية إلى إسرائيل، أكد الجهيناوي أن «القضية الفلسطينية هي قضية شعوب الآن، والشعوب لن تتراجع عن حقها».
في غضون ذلك، كشف سفراء شاركوا في الاجتماع أن المشاورات شملت البحث في الخطوات التي يمكن اتخاذها، رداً على إعلان الرئيس ترمب الاعتراف بالجولان كجزء من إسرائيل، وأوضحوا أن هناك «توافقا على التحرك من دون اللجوء إلى خطوات يمكن أن تكون مضرة بالقرار 497». وبهذا الخصوص أوضح دبلوماسي، طلب عدم نشر اسمه، أن «ذلك يعني أنه ينبغي عدم اللجوء إلى إصدار مشروع قرار جديد بشأن الجولان، إذ إن أي (فيتو) من قبل أميركا، أو أي فشل يمكن أن يؤدي إلى إضعاف القرار 497 الموجود أصلاً، أو يلقي ظلالاً من الشكوك حوله».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.