مساعٍ يمنية لإصدار بيان أممي يؤكد عرقلة الحوثي للسلام

زعيم الجماعة الانقلابية يتشبث ببقاء الحديدة تحت يده... وغريفيث يغادر صنعاء خالي الوفاض

TT

مساعٍ يمنية لإصدار بيان أممي يؤكد عرقلة الحوثي للسلام

غادر المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث، العاصمة اليمنية، أمس، بعد زيارة قصيرة، التقى خلالها زعيم الجماعة الحوثية، ضمن مساعيه لإقناعه بالموافقة على خطة إعادة الانتشار من موانئ الحديدة في مرحلتها الأولى؛ وذلك تزامناً مع تأكيد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني على بذل مساعٍ لإصدار بيان من مجلس الأمن يؤكد عرقلة الحوثيين للسلام.
وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء، أن لقاء غريفيث بزعيم الجماعة عبد الملك الحوثي انتهى دون موافقة الحوثي على الخطة الأممية التي وضعها رئيس لجنة تنسيق إعادة الانتشار الجنرال مايكل لوليسغارد، ووافق عليها الجانب الحكومي. وأفادت المصادر بأن زعيم الميليشيات جدّد لغريفيث تمسك جماعته باستمرار بقاء الحديدة وموانئها في قبضة ميليشياته أمنياً وإدارياً ومالياً، مع وجود إشراف أممي شكلي، مع رفضه أي وجود للقوات الحكومية الشرعية. وبحسب المصادر نفسها، حرص الحوثي على الانحراف من جوهر الحديث مع غريفيث إلى أمور أخرى بعيدة عن اتفاق الحديدة، ومن بينها المناورة بالملف الاقتصادي، والضغط على الأمم المتحدة للسماح باستمرار تدفق النفط الإيراني عبر ميناء الحديدة، الذي تقدمه إيران مجاناً لدعم المجهود الحربي الحوثي. ولم يدلِ غريفيث بأي تصريح لدى مغادرة مطار صنعاء، كما أن الميليشيات الحوثية لم تشر إلى مقابلته أحداً غير زعيم الجماعة الحوثية، على غير عادته خلال الزيارات السابقة.
وزعم المتحدث باسم الجماعة ووزير خارجيتها الفعلي محمد عبد السلام، المقيم في مسقط، أن زعيمه الحوثي التقى غريفيث بعد وصوله الاثنين إلى صنعاء، وناقش معه اتفاق الحديدة وضرورة الإسراع في تنفيذه بعيداً عن اختلاق عراقيل خارج اتفاق السويد. وبحسب البيان، الذي جاء على هيئة تغريدات على «تويتر»، قال المتحدث باسم الجماعة الحوثية: إن زعيم الجماعة ركز خلال اللقاء على الأوضاع الإنسانية في مناطق سيطرة الجماعة، وما وصفه بـ«القيود التعسفية على التجارة وحرية الحركة، وتقاعس الدور الفاعل للأمم المتحدة، واستمرار غلق مطار صنعاء، وانتشار الأمراض، وتوقف ملف الأسرى».
وفي الوقت الذي تلقت فيه الجماعة الموالية لإيران ضربة موجعة، بعد التدابير التي لجأت إليها الحكومة الشرعية أخيراً لتجفيف مصادر تمويل الحرب الحوثية من النفط الإيراني، وصف الحوثي هذه الإجراءات «بالتعسفية».
وأكد وزير الخارجية اليمني خالد اليماني، أن الحكومة اليمنية تبذل بالتنسيق مع دول تحالف دعم الشرعية، مساعي لإصدار بيان من مجلس الأمن يفصح للمرة الأولى بأن الميليشيات الحوثية المدعومة من إيران هي الطرف المعرقل لكل المساعي الرامية إلى دفع جهود السلام. وقال اليماني لـ«الشرق الأوسط» إنه سيلتقي خلال اليومين المقبلين الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش في نيويورك، وممثلي عدد من الدول الأعضاء في مجلس الأمن والدول الفاعلة في صنع القرار بالمجلس، للحديث عن التطورات الأخيرة، مشيراً إلى أن هذا التحرك يسير في إطار الضغط على المجتمع الدولي ليفصح بأن الميليشيات الحوثية طرف معرقل للسلام ولا يرغب في وقف الحرب. وأضاف أن هذا التحرك يأتي بالتنسيق مع السعودية والإمارات، كما يوجد تحرك في مسار آخر يستهدف دول الاتحاد الأوروبي من خلال لقاءات مباشرة في بروكسل للحديث حول القضايا ذاتها. وكشف اليماني عن لقاء مرتقب سيجمعه مع مسؤولين في موسكو للتباحث حول الأزمة اليمنية، مؤكداً أن اللقاءات سيكون لها مردود إيجابي؛ لأن روسيا دولة فاعلة في الساحة الدولية وتتمتع بالعضوية الدائمة في مجلس الأمن، ومن المهم التواصل معها. وشدد على أن الحكومة اليمنية أبدت استعدادها للدخول في السلام الذي يرتكز على خطوات مهمة في بناء الثقة، ثم الانتقال لوقف الحرب بالوصول إلى اتفاقات نهائية في اليمن، إلا أن الطرف الانقلابي ليسن لديه قناعة بأن السلام هو الطريق الأفضل لليمنيين وللمنطقة. واعتبر اليماني أن تحركات غريفيث وزيارته الأخيرة إلى صنعاء تعد محاولة أخيرة لإنقاذ اتفاق استوكهولم، وتنفيذ بنوده التي تنص على الانسحاب الكامل من ميناء الحديدة، وصليف، وراس عيسى.
وبيّن أن الميليشيات الانقلابية طرحت جملة من الأعذار والحجج الواهية لتتهرب من تنفيذ التزامات استوكهولم، وأبرزها الانسحاب الكامل، ومن تلك الأعذار صعوبة انسحابهم من الحديدة، تحت ذريعة أن الجيش اليمني وقوات التحالف ستنقض على المدينة وتحتلها، وهذا مغاير لما يجري على الأرض من التزام الحكومة اليمنية ببنود الاتفاق رغم انتهاكات الحوثيين المتكررة. وأضاف اليماني، أن زيارة غريفيث إلى صنعاء تعد الثامنة منذ اتفاق استوكهولم، وطيلة هذه الزيارات تقدم قيادات الميليشيات التعاون والموافقة على تنفيذ البنود، لكن بمجرد انتهاء الزيارة، تنقلب الميليشيات على كل ما تم وتصعّد الموقف بجملة من الخروقات، معتبراً أن «هذه هي حقيقة التفاوض الحوثي على الطريقة الإيرانية التي لن تنتهي أبداً».
ولفت اليماني إلى أن إيران قالتها صراحة خلال اجتماعها مع دول الاتحاد الأوروبي مؤخراً، بأنها تريد مقابلاً للانسحاب من الحديدة، وأن المقابل ينبغي أن يكون رفع العقوبات المفروضة على إيران وترك المجال مفتوحاً لها للانقضاض النهائي على دول محددة في المنطقة للسيطرة عليها، وهذا ما تبحث عنه إيران في هذه المرحلة.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

العالم العربي مقاتلون حوثيون جدد جرى تدريبهم وإعدادهم أخيراً بمزاعم مناصرة قطاع غزة (إعلام حوثي)

الحوثيون يواجهون مخاوفهم من مصير الأسد بالقمع والتحشيد

لجأت الجماعة الحوثية إلى مواجهة مخاوفها من مصير نظام الأسد في سوريا بأعمال اختطاف وتصعيد لعمليات استقطاب وتطييف واسعة وحشد مقاتلين

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
TT

الإرياني يتهم الحوثي بالعيش في «غيبوبة سياسية» غداة تهديده المنادين بسيناريو سوريا

زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)
زعيم الحوثيين ظهر في أحدث خطبه متشنجاً وحاول طمأنة أتباعه (إ.ب.أ)

تعليقاً على الخطبة الأخيرة لزعيم الحوثيين عبد الملك الحوثي، والتي حاول فيها ترهيب اليمنيين من الانتفاضة ضد انقلاب جماعته على غرار ما حدث في سوريا، بشّر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني باقتراب ساعة الخلاص من طغيان الانقلابيين في بلاده، وقال إن تلك الخطبة تؤكد أن الرجل «يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، ولا يرى ما يحدث حوله».

وكان الحوثي حاول في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن يطمئن جماعته بأن الوضع في اليمن يختلف عن الوضع السوري، مراهناً على التسليح الإيراني، وعلى عدد المجندين الذين استقطبتهم جماعته خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم محاربة أميركا وإسرائيل ومناصرة الفلسطينيين في غزة.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

وقال الإرياني في تصريح رسمي: «إن المدعو عبد الملك الحوثي خرج من كهفه بخطاب باهت، مرتبك ومتشنج، في محاولة بائسة لترهيب اليمنيين، وتصوير ميليشياته الإيرانية كقوة لا تُقهر».

وأضاف أن تلك الخطبة «تؤكد مرة أخرى أن زعيم الميليشيا الحوثية يعيش حالة من الغيبوبة السياسية، لا يرى ما يحدث من حوله، ولا يدرك حجم الزلزال الذي ضرب المنطقة وأدى إلى سقوط المشروع التوسعي الإيراني، الذي سُخرت له على مدار أربعة عقود الإمكانات البشرية والسياسية والإعلامية والاقتصادية والعسكرية والدينية، وارتداداته القادمة على اليمن بكل تأكيد».

وأشار وزير الإعلام اليمني إلى أن الحوثي بدلاً من الاعتراف بأخطائه وخطاياه، والاعتذار والبحث عن مخرج له ولعصاباته، خرج ليهدد اليمنيين مجدداً بسفك دمائهم، مُكرراً مفردات التهديد والتخويف التي سبق أن استخدمها حسن نصر الله زعيم «حزب الله» ضد اللبنانيين والقوى السياسية اللبنانية.

وتساءل الإرياني بالقول: «ألم يردد حسن نصر الله، زعيم ميليشيا (حزب الله)، نفس الكلمات والوعيد؟ أين هو اليوم؟ وأين تلك (القوة العظيمة) التي وعد بها؟».

خطاب بائس

تحدث وزير الإعلام اليمني عن اقتراب ساعة الخلاص من الانقلاب، ووصف الخطاب الحوثي بـ«البائس»، وقال إنه يعكس واقعاً متجذراً في عقلية التطرف والعنف التي يُروج لها محور طهران، ويُظهر مدى تماهي الحوثي مع المشروع الإيراني المزعزع للأمن والاستقرار في المنطقة، وأضاف: «إن ما يمر به الحوثي اليوم هو مجرد صدى لما مر به نصر الله وغيره من زعماء الميليشيات المدعومة من إيران».

مسلح حوثي خلال تجمع في صنعاء (إ.ب.أ)

ونوّه الإرياني إلى أن البعض كان ينتظر من زعيم الميليشيا الحوثية، بعد سقوط المحور الفارسي والهزيمة المُذلة لإيران في سوريا، التي كانت تمثل العمود الفقري لمشروعها التوسعي في المنطقة، و«حزب الله» خط دفاعها الأول، أن يخرج بخطاب عقلاني يعتذر فيه لليمنيين عن الانقلاب الذي أشعل نار الحرب، وعن نهر الدماء والدمار والخراب الذي خلّفه، وعن الجرائم والانتهاكات التي ارتكبها بحقهم على مدى السنوات الماضية.

وتابع الوزير اليمني بالقول: «على عبد الملك الحوثي أن يعلم أن ساعة الخلاص قد اقتربت، فقد بات اليمنيون الذين عانوا الويلات منذ عقد من الزمان، وسُفكت دماؤهم ونهبت أموالهم، وهُتكت أعراضهم، وشهدوا بأم أعينهم أسوأ أنواع التعذيب والانتهاكات في المعتقلات السرية، أكثر إصراراً من أي وقت مضى على تحرير وطنهم من قبضة ميليشياته الفاشية، ولن يفوتوا هذه اللحظة التاريخية، وسيبذلون الغالي والنفيس لتحرير وطنهم والحفاظ على هويتهم الوطنية والعربية».

مفاجآت سارة

أكد الإرياني أن المستقبل يحمل النصر لليمنيين، وأن الأيام «حبلى بالمفاجآت السارة» - وفق تعبيره - وأن مصير الميليشيات الحوثية لن يكون مختلفاً عن باقي الميليشيات الإيرانية في المنطقة. وشدد الوزير على أن اليمن لن يكون إلا جزءاً من محيطه العربي، وسيظل يقاوم ويواجه الظلم والطغيان والتسلط حتى يستعيد حريته وسيادته، مهما كلف ذلك من تضحيات.

اليمنيون يأملون سقوطاً قريباً لانقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران (إ.ب.أ)

وأضاف الوزير بالقول: «الشعب اليمني، الذي دفع ولا يزال أثماناً باهظة في معركة البقاء، لن يتوانى عن دفع المزيد من التضحيات لإعادة وطنه حراً مستقلاً خالياً من النفوذ الإيراني التخريبي، وتحقيق النصر والتحرر والكرامة».

يشار إلى أن الأحداث المتسارعة في سوريا التي قادت إلى سقوط نظام بشار الأسد فتحت باب التطلّعات في اليمن نحو سيناريو مشابه يقود إلى إنهاء انقلاب الجماعة الحوثية المدعومة من إيران بأقل التكاليف، خصوصاً بعد الضربات التي تلقتها طهران في لبنان، وصولاً إلى طي صفحة هيمنتها على دمشق.