الدوري الإيطالي «بلا طعم» في ظل هيمنة يوفنتوس

قال المدير الفني لنادي يوفنتوس الإيطالي، ماسيميليانو أليغري، قبل أسابيع قليلة، وبالتحديد عقب أول خسارة لفريقه في الدوري الإيطالي الممتاز هذا الموسم: «لقد اعتقدنا أننا فزنا بالفعل بلقب الدوري الإيطالي الممتاز، لكن الأمر ليس كذلك». ورغم خسارة يوفنتوس في هذه المباراة أمام جنوا بهدفين دون رد، فإن درع الدوري الإيطالي الممتاز يتجه صوب تورينو للعام الثامن على التوالي. وقبل 7 جولات من نهاية المسابقة، يغرد يوفنتوس منفرداً في صدارة الترتيب بفارق 18 نقطة كاملة عن أقرب منافسيه، وهو ما يعني أن يوفنتوس لا يواجه منافسة قوية على المستوى المحلي.
لكن متى أصبح من السهل توقع الفريق الفائز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز بهذه الطريقة؟ في البداية، تجب الإشارة إلى أن هذه هي المسابقة التي حصل فيها المهاجم الأرجنتيني الفذ غابرييل باتيستوتا على لقب واحد فقط للدوري خلال 10 سنوات كاملة من التألق في الملاعب الإيطالية، بالإضافة إلى أنها هي المسابقة نفسها التي حرمت كثيراً من اللاعبين العظماء من أمثال جوزيبي سينيوري وأنطونيو دي ناتالي، وحتى الظاهرة البرازيلية رونالدو، من الفوز بأي لقب للدوري. وعندما كان مستوى الدوري الإيطالي الممتاز أقوى كثيراً مما هو عليه الآن، كنا نشهد معركة حامية الوطيس بين عمالقة كرة القدم، وكان الدوري الإيطالي الممتاز هو الدوري الأكثر قوة وإثارة في عالم الساحرة المستديرة. ونستعرض هنا ما حدث في 5 مواسم لإثبات ذلك.

1990 - 1991: سامبدوريا
حول الملياردير الإيطالي باولو مانتوفاني نادي سامبدوريا إلى قوة كبيرة في كرة القدم الإيطالية في ذلك الوقت، وحصل الفريق على كأس الكؤوس الأوروبية عام 1990. لكن النادي كان يريد المزيد. وكان المدير الفني الصربي فودين بوسكوف، الذي تولى قيادة الفريق قبل 4 سنوات، حاضراً لقيادة النادي للحصول على لقب الدوري الإيطالي الممتاز. وكانت المنافسة شرسة للغاية، حيث كان نادي ميلان يضم الثلاثي الهولندي الرائع ماركو فان باستن ورود خوليت وفرانك ريكارد، في حين كان إنتر ميلان يضم لاعبي منتخب ألمانيا الغربية الفائز مؤخراً بلقب كأس العالم لوثر ماتيوس وأندرياس بريمه ويورغن كلينسمان. لكن سامبدوريا كان فريقاً قوياً للغاية، ولم يخسر سوى 3 مباريات فقط طوال الموسم. وأحرز النجم الإيطالي جيانلوكا فياللي 19 هدفاً في 26 مباراة، في الوقت الذي أحكم فيه جيانلوكا بايليوكا وبيترو فيرشود السيطرة على الأمور في الخط الخلفي، ليقودوا النادي للحصول على اللقب الأول، والأخير حتى الآن، للدوري الإيطالي الممتاز.
1999 - 2000: لاتسيو

بعد أن خسر نادي لاتسيو أمام ميلان في اليوم الأخير من موسم 1998 - 1999. قرر رئيس لاتسيو، سيرجيو كراجنوتي، التخلي عن أي شكل من أشكال الحذر، وأبرم صفقات قوية للغاية، فتعاقد مع خوان سيباستيان فيرون ونيستور سينسيني من بارما في ذلك الصيف، بالإضافة إلى كل من سيموني إنزاغي ودييغو سيموني. وأصبح لاتسيو بقيادة المدير الفني السويدي سفين غوران إريكسون يمتلك كل العناصر والأسلحة التي تمكنه من المنافسة بكل قوة على لقب الدوري الإيطالي الممتاز.
ومع ذلك، كان يوفنتوس هو الفريق الوحيد القادر على التفوق على لاتسيو، حيث كان في حاجة للفوز بأي نتيجة على بيروجيا في اليوم الأخير من الموسم لكي يتوج بلقب آخر للدوري الإيطالي الممتاز. لكن يوفنتوس فشل في تحقيق الفوز، وأهدر نجم الفريق فيليبو إنزاغي عدداً من الفرص السهلة في ظل طقس متقلب وأمطار غزيرة. ومع تصاعد الضغوط على يوفنتوس، استغل أليساندرو كالوري بعض الرعونة في الجانب الدفاعي وأطلق تسديدة مدوية في مرمى «السيدة العجوز». وفي روما، سحق لاتسيو نادي ريجينا بثلاثية نظيفة ليفوز بلقب الدوري الإيطالي الممتاز للمرة الثانية في تاريخه. وقال إريكسون عقب نهاية المباراة: «لم أكن أعتقد أبداً أن الأمر سيكون جميلاً بهذا الشكل. الألقاب الأخرى التي فزت بها في أي مكان آخر في أوروبا لا يمكن مقارنتها بهذا اللقب».
2000 - 2001: روما

أطلق رسام عصر النهضة جيوتو على روما اسم «مدينة الصدى، ومدينة الأوهام، ومدينة الحنين». وفي 17 يونيو (حزيران) 2001، أدرك المدير الفني الإيطالي فابيو كابيلو ما كان يعنيه جيوتو بهذه الكلمات، فقبل 5 دقائق فقط من نهاية آخر مباراة في ذلك الموسم، كان فريقه روما على وشك التتويج بلقب الدوري الإيطالي الممتاز. ونزل الجمهور إلى أرض الملعب للاحتفال، لكن كابيلو كان يعلم جيداً أنه يتعين عليه أن يتحلى بالصبر. وقبل ذلك بـ3 أشهر، شاهد المدير الفني الإيطالي غابرييل باتيستوتا وفينشنزو مونتيلا وهما يتلاعبان بفيرونا ويساعدان فريقهما للفوز بـ3 أهداف مقابل هدف وحيد لكي يمنحا روما صدارة جدول الترتيب بفارق 9 نقاط عن أقرب منافسيه. وأجمع النقاد والمحللون على أن ذئاب العاصمة الإيطالية سيحصلون على اللقب.
لكن الفريق خسر أمام فيورنتينا وتعثر في المباريات التالية وسمح ليوفنتوس بتقليص فارق النقاط إلى نقطتين فقط قبل الجولة الأخيرة من الموسم. وكان من المرجح أن يفوز يوفنتوس، بقيادة مديره الفني كارلو أنشيلوتي، على أتالانتا على ملعبه في الجولة الأخيرة، وبالتالي كانت مهمة روما واضحة تماماً وهي ضرورة الفوز على بارما على ملعب الأوليمبيكو لكي يحصل على اللقب. وكالعادة، كان النجم الإيطالي الكبير فرانشيسكو توتي هو المنقذ، فبعد مرور 19 دقيقة، سدد توتي، البالغ من العمر 24 عاماً آنذاك، كرة قوية في شباك الحارس جيانلويجي بوفون، قبل أن يضيف مونتيلا وباتيستوتا هدفين آخرين ويتوج روما بلقب الدوري الإيطالي.

2001 - 2002: يوفنتوس
ماذا يفعل أي فريق عندما يفقد خدمات لاعب بقدرات وإمكانات النجم الفرنسي زين الدين زيدان؟ ربما كان أفضل تعويض لذلك هو التعاقد مع بافيل نيدفيد وجيانلويجي بوفون، وهذا هو ما قام به نادي يوفنتوس. انتقل زيدان إلى ريال مدريد في صفقة قياسية، وهو ما كان يعني فقدان يوفنتوس ألمع نجومه. لكن مارسيلو ليبي لم يكن لينتظر للعام الرابع من دون الحصول على لقب «الاسكوديتو»، وقاد الفريق للمنافسة بكل قوة على اللقب ووصل إلى الجولة الأخيرة وهو على بُعد نقطة واحدة فقط من المتصدر إنتر ميلان.
وبدا الأمر كأن المدير الفني الأرجنتيني هيكتور كوبر في طريقه لقيادة إنتر ميلان للحصول على اللقب، لكن النتائج السيئة خلال الجولات الحاسمة أمام أتالانتا وتشيفو فتحت الباب أمام يوفنتوس وروما للمنافسة. وكان إنتر ميلان بحاجة للفوز خارج ملعبه على لاتسيو في الجولة الأخيرة لكي يحصل على اللقب. تقدم إنتر ميلان مرتين بهدفين لكريستيان فييري ولويجي دي بياجيو، وكان ذلك يكفي للحصول على الدرع، لكن لاتسيو سجل 4 أهداف. وكان مشجعو يوفنتوس، الذين شاهدوا فريقهم يفوز بثنائية نظيفة على أودينيزي، يستمتعون وهم يرون النجم البرازيلي رونالدو وهو يبكي على مقاعد البدلاء. وقال رونالدو: «لقد بكيت بسبب هذه الهزيمة. ما يؤلمني أكثر هو أن اللقب كان في متناول أيدينا».

2007 - 2008: إنتر ميلان
تراجعت قوة وشعبية الدوري الإيطالي الممتاز بشكل كبير بعد فضحية التلاعب في نتائج المباريات، لكن موسم 2007 - 2008 أثبت أن كرة القدم الإيطالية لا تزال قادرة على جذب أنظار عشاق كرة القدم حول العالم. وبينما كان يوفنتوس يترنح بعد هبوطه، كان إنتر ميلان هو المرشح بلا منازع للفوز باللقب. لكن روما كان قد عاد بكل قوة تحت قيادة المدير الفني لوتشيانو سباليتي، وتغلب على ريال مدريد ذهاباً وعودة في دوري أبطال أوروبا في ذلك الموسم، كما فاز بلقب كأس إيطاليا وكأس السوبر الإيطالي في ذلك العام. صعد إنتر ميلان إلى صدارة جدول ترتيب الدوري الإيطالي في شهر سبتمبر (أيلول)، ونجح في توسيع الفارق مع أقرب منافسيه إلى 11 نقطة، لكن روما كان يلاحقه بكل قوة، ونجح في تقليص الفارق إلى نقطة واحدة في اليوم الأخير من المسابقة. وبدا الأمر كأن إنتر سيفوز على بارما ليحتفظ باللقب. يتذكر النجم السويدي زلاتان إبراهيموفيتش هذه الأجواء في سيرته الذاتية، قائلاً: «كنا نشعر بقلق شديد. لو خسرنا أو تعادلنا أمام بارما، وفاز روما على كاتانيا - وهو ما كان روما سيفعله بالتأكيد لأن كاتانيا كان يتذيل جدول الترتيب - كان ذلك يعني أننا سنسقط قبل خط النهاية ونخسر كل شيء اعتقدنا أننا فزنا به».
ولم يكن إبراهيموفيتش قد شارك في أي مباراة منذ 29 مارس (آذار)، لكن في ظل حاجة إنتر ميلان الماسة إلى أي هدف، أشركه روبرتو مانشيني في بداية الشوط الثاني. وبعد 11 دقيقة فقط على نزوله أرض الملعب، نجح النجم السويدي في إحراز هدف التقدم وقيادة فريقه للحصول على لقب الدوري الإيطالي الممتاز على حساب روما، الذي أصبح ضحية أخرى للمنافسة الشرسة في كرة القدم الإيطالية في ذلك الوقت.