ارتفاع في أداء القطاع العقاري السعودي مدفوعاً بخطط «الإسكان»

نجح في توفير كميات ضخمة من الخيارات العقارية المتنوعة بأجواء تنافسية أبقت الأسعار مستقرة

ارتفاع في أداء القطاع العقاري السعودي مدفوعاً بخطط «الإسكان»
TT

ارتفاع في أداء القطاع العقاري السعودي مدفوعاً بخطط «الإسكان»

ارتفاع في أداء القطاع العقاري السعودي مدفوعاً بخطط «الإسكان»

انتعش أداء القطاع العقاري السعودي خلال الربع الأول من العام الحالي بشكل كبير بعد أن بلغ مجموع صفقاته أكثر من 13.2 مليار دولار بمعدل ارتفاع 28.6 في المائة، مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي التي بلغت 10.3 مليار دولار، وهو الأمر الذي يعكس الإصلاحات الحكومية الحقيقية التي أجرتها الحكومة المحلية فيما يخص معالجة ملف الإسكان الذي يعتبر أحد الملفات الاقتصادية الشائكة، لترفع بذلك نسب تملك المواطنين بشكل متسارع، حيث بلغ ارتفاع صفقات القطاع السكني 34 في المائة بإجمالي 9.6 مليار دولار مقارنة بـ7.2 مليار بالفترة نفسها للعام الماضي.
وشرعت وزارة الإسكان التي تحمل على عاتقها هذا الملف في توفير الكثير من الخيارات المتاحة للمواطنين بمختلف احتياجهم وشرائحهم، وهي خطوة عملية ضمن خطوات تحقيق «رؤية المملكة 2030»، التي تسير على نحو متسارع فيما يخص تملك المواطنين، وهو رفع نسب التملك بشكل متصاعد 70 في المائة بحلول «الرؤية»؛ وهو ما دفع الوزارة إلى إطلاق أكبر خطط تملك متنوعة من الخيارات، وعلى رأسها برنامج «سكني»، الذي تم إطلاقه مطلع 2017 بتخصيص 280 ألف وحدة سكنية على مستوى المملكة، كوحدات سكنية جاهزة وتحت الإنشاء وتوزيع أراضٍ سكنية، وإصدار أرقام جديدة لصندوق التنمية العقارية، وتم تخصيص 300 ألف وحدة سكنية في 2018.
وقال محمد التميمي، المدير العام لشركة «التعدد العقاري»: إن وزارة الإسكان نجحت بشكل كبير في إنعاش القطاع العقاري ورفع نسب التملك بعد سنوات عجاف من الفجوة بين أسعار المشترين وقدرات البائعين؛ وهو ما أدى إلى تضخم كبير في الطلب مع بقاء العرض على ما هو عليه أو بزيادة طفيفة في العرض نتيجة ذلك، إلا أن ما قامت به الوزارة من تعدد البرامج وتنوعها لأكثر من 6 خيارات متعددة وتسييل ملايين الأمتار من الأراضي في المدن الرئيسية لضمان نزول العرض، كانت خطوات وقائية قبل ضخ القروض العقارية المليارية التي نجحت الحكومة في الفصل بين الضخ الهائل للتمويلات العقارية للوزارة، وعلى انعكاس ذلك بشكل سلبي على أسعار العقار نحو الارتفاع، وهو الأمر الذي سيشكل عائقاً أكبر للتملك.
وأضاف: «كان التحدي الأكبر هو تلبية مئات الآلاف من الطلبات العقارية السكنية للمواطنين بشكل مستعجل، دون أن ينعكس ذلك على التضخم الذي قد يحصل نتيجة ضخ هذه الكميات من الطلبات بشكل مفاجئ، إلا أن تسييل ملايين الأمتار من الأراضي، وهو السبب الأول في السيطرة على الأسعار ودخول الوزارة مطوراً عقارياً بأسعار منافسة أجبر السوق على النزول إلى المستوى الطبيعي وعدم تمكينها من الارتفاع؛ وذلك لوجود خيارات أخرى وفّرتها (الإسكان)، مثل الضغط على العقاريين بضريبة رسوم الأراضي في حال التمسك بمساحات شاسعة».
وبلغ متوسط الأسعار السوقية للأصول العقارية السكني، بمقارنة الربع الأول من 2019 مع الربع نفسه من العام الماضي، وجاءت النتائج مثل انخفاض متوسط الأسعار السوقية للشقق السكنية بنسبة 10.5 في المائة، ثم انخفاض متوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 17.1 في المائة، في حين سجل متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية ارتفاعاً بنسبة 23.5 في المائة.
وفي صلب الموضوع، تحدث علي التميمي، وهو مستثمر يمتلك شركته العقارية الخاصة، بأن هناك ثقة كبيرة في السوق السعودية، وضخ كميات هائلة من التمويل عبر الاتفاقية المعروفة بين البنوك و«الإسكان»، ساعد بشكل كبير في القفزة الحاصلة في السوق، إلا أن الأسعار لم تشهد تغيراً ملحوظاً؛ وذلك لتنوع احتياجات العملاء وإطلاق الوزارة الكثير من المبادرات والبرامج التي أجبرت فيها المطورين على البيع بأسعار منافسة، عبر توفير خيارات ضخمة جعلت المطورين يرضخون للواقع، خصوصاً أن هناك نسبة وعي كبيرة، وتقييد الوزارة القطاعات المساندة العقارية بشكل كبير مثل نظام «إيجار»، وأن ما تفعله «الإسكان» هو عبارة عن منظومة متكاملة من الإجراءات نجحت في تطبيقها.
وحول تأثير وفرة الخيارات السكنية على قطاع التأجير مثلاً، قال: إن السوق السعودية كانت في حاجة ماسة في بعض الأحيان إلى قرارات تنظيمية أكثر من ضخ مالي لتنظيم أدائها الذي لطالما عانى من العشوائية، تماماً مثل برنامج «إيجار» الذي قام بإعادة تهذيب القطاع من جديد، خصوصاً أن السوق حجمها كبير ومترامي الأطراف، وتفتقر بشدة إلى هيكلة واضحة في نظامها الأساسي، الذي يسير حالياً بتخبط وعشوائية لا يتناسبان مع حجم السوق الكبيرة التي يفترض أن تكون مرتبة ومتناسقة»، في ظل شغور أعداد كبيرة من الوحدات السكنية نتيجة خروج نسبة كبيرة من الوافدين وتسهيل عملية تملك المساكن.
وأطلقت وزارة الإسكان خلال الفترة الماضية برنامجاً حكومياً متخصصاً لتوفير خيارات سكنية للمواطنين، من بينها تسهيل عملية الحصول على التمويل بدعم من الدولة، عبر تقديم الدعم للمواطنين بتحمل الأرباح عن القروض العقارية، للإسهام في رفع نسبة التملك إلى 70 في المائة بحلول عام 2030، وسجّل التمويل العقاري المقدم للأفراد خلال شهر فبراير (شباط) الماضي زيادة قياسية في حجم التمويل بنحو 121 في المائة، مقارنة بالشهر نفسه من العام الماضي؛ وبذلك بلغ إجمالي حجم التمويل العقاري المقدم من البنوك السعودية والشركات التمويلية الأخرى.
من جانبه، أشار بندر النملة، الخبير العقاري، إلى أن الجميع متوجس من أن يلقي رفع نسب التملك بشكل كبير بظلاله سلباً على القيمة، إلا أن ما حدث يعتبر نادراً، وهو عدم ترك المطورين في السوق يقررون قيم الوحدات في ظل انفرادهم وكميات الطلب المهولة، لكن ما حدث كان تدريجياً لاحتواء الطلب وضخ العرض بكميات ضخمة قبل التلويح بالطلب، حيث شرعت الحكومة في فرض ضريبة الأراضي وضريبة العقار التجاري للضغط على المحتكرين من أجل تسييل السوق، كما أن دخول الوزارة بالكثير من الخيارات المختلفة من توفير الوحدات بأسعار منافسة للشقق والفلل التي قامت ببنائها، بالإضافة إلى توفير خيار الأراضي المجانية والبناء الذاتي، وهو ما وسع السوق لتستوعب العرض الضخم دون تأثر يذكر.
وأشار بأن هناك نقطة قد تكون غير محسوبة إلى حد كبير تكاد تكون الوحيدة، وهي شح العمالة أو محدوديتهم في ظل التوسع الكبير الحاصل في السوق، لافتاً بأن الحل لذلك هو استقدام شركات مقاولات عالمية ضخمة لضخ العرض عبر أسعار تنافسية، وأيضاً تقديم أفكار جديدة ومبتكرة في البناء والإنشاء عبر البصمة التي تتميز بها هذه الشركات التي لن تكون مؤثرة على الشركات المحلية التي ستتسع لها السوق، لكن بسعر عادل.
وأوضحت المؤشرات العقارية، أن متوسط الأسعار السوقية للأصول العقارية السكنية خلال فترة الـ12 شهراً السابقة حتى نهاية شهر مارس (آذار) من العام الحالي، مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي، فقد جاءت نتائجها على النحو التالي: انخفاض سنوي لمتوسط سعر الشقق السكنية بنسبة 11.7 في المائة، ثم انخفاض سنوي لمتوسط الأسعار السوقية للفلل السكنية بنسبة 12.0 في المائة، بينما سجل متوسط السعر السوقي للمتر المربع للأرض السكنية ارتفاعاً سنوياً بنسبة 7.2 في المائة.


مقالات ذات صلة

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

عالم الاعمال «أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

«أنكس للتطوير» تكشف عن مشروع «إيفورا ريزيدنسز» في دبي

أعلنت شركة «أنكس للتطوير»، التابعة لمجموعة «أنكس القابضة»، إطلاق مشروعها الجديد «إيفورا ريزيدنسز» الذي يقع في منطقة الفرجان.

الاقتصاد العاصمة السعودية الرياض (واس)

بفضل النمو السكاني... توقعات باستمرار ارتفاع الطلب على العقارات السعودية

تتوقع وكالة «ستاندرد آند بورز غلوبال» للتصنيف الائتماني، أن يظل الطلب على العقارات السكنية في السعودية مرتفعاً، لا سيما في الرياض وجدة، وذلك بفضل النمو السكاني.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد جناح سلطنة عمان في معرض «سيتي سكيب العالمي 2024» بالرياض (وزارة الإسكان العمانية)

سلطنة عمان تعرض مشروعات استثمارية في معرض «سيتي سكيب» بالرياض

عرضت سلطنة عمان خلال مشاركتها في أكبر معرض عقاري عالمي، «سيتي سكيب 2024» الذي يختتم أعماله الخميس في الرياض، مشروعاتها وفرصها الاستثمارية الحالية والمستقبلية.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد ارتفعت الإيجارات السكنية بنسبة 11 % في أكتوبر (واس)

التضخم في السعودية يسجل 1.9 % في أكتوبر على أساس سنوي

ارتفع معدل التضخم السنوي في السعودية إلى 1.9 في المائة خلال شهر أكتوبر على أساس سنوي.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
الاقتصاد زوار يطلعون على أحد مشاريع الشركة الوطنية للإسكان في معرض «سيتي سكيب العالمي» (الشرق الأوسط)

«سيتي سكيب»... تحالفات محلية ودولية لرفع كفاءة العقار بالسعودية

شهد معرض «سيتي سكيب العالمي»، المقام حالياً في الرياض، عدداً من التحالفات المحلية والدولية ضمن الشركات المجتازة لبرنامج «الدعم والتمكين للتطوير العقاري».

بندر مسلم (الرياض)

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
TT

هل تعزز زيادة الإيجار من مستقبل جزيرة كوني في نيويورك؟

أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل
أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند ومجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل

يتعين على ديانا كارلين الانتهاء من تأليف الكتاب الذي تعمل عليه بشأن متعة امتلاك بوتيك لولا ستار، ذلك المتجر الصغير والساحر للغاية في ممشى كوني آيلاند، على مدى السنوات الـ19 الماضية. لكن بدلا من ذلك، انتابت السيدة كارلين حالة من الخوف والتوتر منذ أن عرض عليها مالك المتجر الذي تعمل فيه عقدا جديدا للإيجار منذ عدة أسابيع - تزيد فيه القيمة الإيجارية بنسبة 400 في المائة دفعة واحدة. وقالت: «إنني أتساءل إن كان ينبغي علي أن أطلب لافتات (التوقف عن العمل!)».
وفي الصيف الماضي، كانت كوني آيلاند في حي بروكلين بمدينة نيويورك تزدحم بالباحثين عن الاستمتاع على الشواطئ ومختلف أشكال الترفيه الأخرى، ولكنها تميل لأن تكون أكثر هدوءا في فصل الشتاء. وقبل أكثر من عشر سنوات مضت، تعهدت مدينة نيويورك بإنشاء وجهة سياحية ذات حديقة مائية، وساحة كبيرة، وحلبة للتزلج على الجليد، تعمل على مدار السنة، مع ملايين الدولارات من الاستثمارات السكنية والتجارية.
وفي الأثناء ذاتها، قال مايكل بلومبيرغ - عمدة مدينة نيويورك آنذاك، إنه سوف تتم حماية مطاعم الأكل والمتاجر الرخيصة في المنطقة. وكان مارتي ماركويتز رئيس مقاطعة بروكلين قد أعلن في عام 2005 أن الخطة المزمعة سوف تحافظ على الروعة التي تنفرد بها كوني آيلاند مع روح المحبة والمرح المعهودة. ولكن على غرار الكثير من الخطط الكبرى في مدينة نيويورك، لم تتحقق الرؤية الكاملة للمشروع بعد. فلقد بدت كوني آيلاند خالية بصورة رسمية بعد ظهيرة يوم من أيام يناير (كانون الثاني) الماضي، وصارت بعيدة كل البعد عما تعهدت به إدارة المدينة عن الجاذبية والنشاط على مدار العام كما قالت. إذ تهب الرياح الصاخبة على منشآت مدن الملاهي الشهيرة مثل لونا بارك وستيبلشيز بارك، ولكن لا وجود لحلبة التزلج أو الحديقة المائة، حيث لم يتم إنشاء هذه المنشآت قط.
والآن، وفي مواجهة آلة التحسين التي تتحرك بوتيرة بطيئة للغاية، أصبحت مجريات العمل شديدة الغرابة في كوني آيلاند مجبرة على الدخول إلى حالة من عدم اليقين بشأن المستقبل. تقول السيدة كارلين: «إنهم يحاولون الآن تحويل ساحة اللعب المخصصة لعوام الناس إلى ملعب خاص بالأثرياء فقط».
وكانت السيدة كارلين، رفقة 5 آخرين من أصحاب الشركات الصغيرة في كوني آيلاند - وهم: ناثان فاموس، وروبي بار آند جريل، وبولز دوتر، ومطعم توم، وبيتش شوب - يتفاوضون على عقود جديدة للإيجار تمتد لمدة 10 سنوات مع شركة «زامبيرلا»، وهي الشركة المالكة للمتنزه الإيطالي التي تعاقدت معها مدينة نيويورك قبل عشر سنوات لبناء وإدارة منطقة لونا بارك الترفيهية في كوني آيلاند، والتي تعد الشركات الصغيرة المذكورة جزءا لا يتجزأ منها.
وجاءت شركة «زامبيرلا» بشروط جديدة: زيادة القيمة الإيجارية من 50 إلى 400 في المائة لكل شركة من الشركات المذكورة. وتقول السيدة كارلين عن ذلك: «إنني أعشق كوني آيلاند، والحصول على هذا المتجر على الممشى السياحي كان من أحب أحلام حياتي. ولكن ليست هناك من طريقة أتمكن بها من تحمل الشروط الجديدة».
وفي رسالة وصلت إلى صحيفة «نيويورك تايمز» من أليساندرو زامبيرلا رئيس الشركة المذكورة، جاء فيها: «نحن نهتم بشؤون كوني آيلاند ومستقبلها، ونحن ملتزمون بتحويلها إلى أقوى مجتمع يمكن بناؤه. وذلك هو السبب في تواصلنا مع المستأجرين لضمان نجاح أعمالهم ضمن المحافظة على شخصية كوني آيلاند المميزة».
ورفض السيد زامبيرلا، الذي كان في رحلة سفر إلى إيطاليا، الإجابة عن أسئلة محددة طرحتها عليه صحيفة «نيويورك تايمز»، غير أنه أضاف يقول إن ثلاثة من أصل ست شركات قد وافقت بالفعل على عقود الإيجار الجديدة ووقعت عليها، وإن الشركات الأخرى تحقق تقدما ملموسا على هذا المسار.
أثارت الزيادات المقترحة في القيمة الإيجارية على الشركات الست الصغيرة حالة من الشد والجذب الشديدة المستمرة منذ سنوات داخل كوني آيلاند.
ففي عام 2009، وبعد مواجهة استغرقت 4 سنوات كاملة حول أفضل خطط إحياء وتجديد المنطقة، ابتاعت المدينة تحت رئاسة مايكل بلومبيرغ 7 أفدنة في منطقة الترفيه المضطربة من المطور العقاري جوزيف سيت مقابل 95.6 مليون دولار.
وأراد مايكل بلومبيرغ استعادة المنطقة إلى سابق عهدها، والتي بدأت تواجه الانخفاض منذ ستينات القرن الماضي، من خلال تعزيز تطوير المتاجر والشقق على طول طريق سيرف في المنطقة. وكانت الشركات التي افتتحت في فصل الصيف تنتقل إلى جدول زمني للعمل على مدار العام، مما يساعد على تعزيز رؤية مايكل بلومبيرغ باعتبار كوني آيلاند أكبر مدينة للملاهي الترفيهية والحضرية في البلاد.
ثم استأجرت شركة «زامبيرلا» الأرض من المدينة، مما أتاح لها افتتاح مدينة لونا بارك الترفيهية في عام 2010، مع إملاء عقود الإيجار الخاصة بالشركة مع أصحاب الشركات الصغيرة، ومطالبة هذه الشركات بتسليم جانب من الأرباح المحققة إلى المدينة.
وتعرضت الشركات العاملة على الممشى السياحي في المنطقة للإغلاق، حيث عجزت عن الاتساق مع الرؤية الجديدة للشركة الإيطالية. وكانت شركات صغيرة أخرى، مثل متجر السيدة كارلين، قد عاد للعمل بعد قرار الإخلاء الذي تعرضت له في عهد المطور العقاري جوزيف سيت.
وبحلول عام 2012، كانت جهود الانتعاش جارية على قدم وساق، وشهدت المنطقة نموا في الجماهير والإيرادات. وقالت السيدة كارلين إنها حققت أرباحا بنسبة 50 في المائة تقريبا بعد تولي شركة «زامبيرلا» مقاليد الأمور.
وقال سيث بينسكي، الرئيس الأسبق لمؤسسة التنمية الاقتصادية، حول المنطقة: «يعتقد أغلب الناس أنه قد جرى تطوير المنطقة لتتوافق مع التاريخ المعروف عن كوني آيلاند». ومع ذلك، فإن منطقة الملاهي لا تعمل على مدار السنة. وقال مارك تريغر، عضو مجلس المدينة الممثل لقطاع بروكلين الذي يضم كوني آيلاند، إنه يعتقد أن الوضع الراهن نابع من ندرة الاستثمارات من قبل مجلس المدينة وعمدة نيويورك بيل دي بلاسيو ضمن أهداف المدينة لعام 2009. وقال السيد تريغر: «لا تعرف الشركات إلى أين تذهب كوني آيلاند في ظل إدارة دي بلاسيو للمدينة. فهناك قصور واضح في الرؤية ولا وجود للخطط الشاملة بشأن تحسين المنطقة». وأضاف أن الوعود غير المتحققة منحت شركة «زامبيرلا» قدرا من النفوذ لإضافة المزيد من الأعباء على المستأجرين للمساعدة في استرداد الأرباح المهدرة. وقال إن هؤلاء المستأجرين قد استثمروا أموالهم هناك تحت فكرة تحول هذه المنطقة إلى وجهة سياحية تعمل طوال العام، مع حركة السير على الممشى طيلة السنة، على العكس من 3 إلى 4 أشهر من العمل فقط في العام بأكمله. ولا يمكن لأحد السماح بتحويل الأراضي العامة إلى سلاح باسم الجشع لإلحاق الأضرار بالشركات الصغيرة.
ولقد أعربت السيدة كارلين رفقة العشرات من العمال الآخرين في كوني آيلاند عن اعتراضهم على زيادة القيمة الإيجارية وذلك بالوقوف على درجات سلم مجلس المدينة في أوائل شهر ديسمبر (كانون الأول) الماضي.
وفي مقابلة أجريت مع صحيفة «نيويورك تايمز»، وصف نورمان سيغيل محامي الحقوق المدنية قرار شركة «زامبيرلا» بأنه غير مقبول تماما، وأضاف أنه ينبغي على عمدة نيويورك بيل دي بلاسيو التدخل في الأمر. وأضاف المحامي سيغيل أن إدارة مجلس المدينة يجب أن تطالب الشركة الإيطالية طرح شروط إيجارية معقولة، وإذا لم يحدث ذلك، فينبغي على المدينة التفكير جديا في سحب عقد الإيجار من شركة «زامبيرلا»، التي أفادت في محاولة لتحسين النوايا بأنها سوف تمدد الموعد النهائي للسيدة كارلين لتوقيع عقد الإيجار الخاص بها حتى يوم الأربعاء المقبل.
وقالت السيدة كارلين عن ذلك: «يقضي صاحب الشركة عطلته في إيطاليا في حين أنني أبذل قصارى جهدي لمجرد إنقاذ متجري الصغير ومصدر معيشتي الوحيد». ورفض السيد زامبيرلا وأصحاب الشركات الخمس الأخرى التعليق على عقود الإيجار الخاصة بهم، برغم أن الكثير من الشخصيات المطلعة على الأمر أكدوا أن الزيادة تتراوح بين 50 في المائة للمتاجر الكبيرة و400 في المائة لمتجر السيدة كارلين الصغير، والتي قالت إنها تعتقد أن الشركات الأخرى لم تتحدث عن المشكلة علنا خشية الانتقام من الشركة الإيطالية ومخافة قرارات الطرد.
وأضافت السيدة كارلين تقول: للتعامل مع الزيادات المطلوبة في الإيجار قرر أصحاب المتاجر رفع الأسعار، وإن أحد المطاعم أجرى تغييرات للانتقال من مطعم للجلوس وتناول الطعام إلى مطعم للوجبات السريعة للحد من التكاليف.
واستطردت السيدة كارلين تقول: «حاولت تقديم الالتماس إلى مجلس المدينة مرارا وتكرارا من خلال المكالمات الهاتفية ورسائل البريد الإلكتروني والاحتجاجات خلال الشهر الماضي - ولكن لم يتغير شيء حتى الآن. وقال لها مجلس المدينة إنه غير قادر على المساعدة وليس هناك الكثير مما يمكن القيام به، ولكنني لا أوافق على ذلك، فهم أصحاب الأرض التي يستأجرها منهم زامبيرلا».
وقال المحامي سيغيل إن الزيادات باهظة للغاية لدرجة أنها قد تكون سببا وجيها للتقاضي، وأضاف: «هناك عدد من السوابق القضائية في ذلك إذا قررت المحكمة أن ما تقوم به الشركة غير معقول، ويمكن أن يكون ذلك من المطالب القانونية المعتبرة في حد ذاتها».
وليست هناك مؤشرات عامة في مجلس المدينة بشأن خطط سحب عقد الإيجار من زامبيرلا، أو التدخل، إذ إن زيادة القيمة الإيجارية لا تنتهك الاتفاقية المبرمة بين مجلس المدينة وبين شركة زامبيرلا. ونفت السيدة جين ماير، الناطقة الرسمية باسم عمدة نيويورك، الادعاءات القائلة بأن إدارة المدينة تفتقد للرؤية الواضحة أو الخطة الشاملة حيال كوني آيلاند. وقالت إن المدينة أنفقت 180 مليون دولار على تطوير البنية التحتية في كوني آيلاند خلال السنوات العشر الماضية، مع التخطيط لتوسيع نظام النقل بالعبّارات في نيويورك إلى كوني آيلاند بحلول عام 2021.
وأضافت السيدة ماير تقول: «تلتزم إدارة المدينة بالمحافظة على شخصية كوني آيلاند مع ضمان الإنصاف والمساواة والاستعداد للمستقبل». في حين تساءل المحامي سيغيل: لمن يُخصص هذا المستقبل؟ وهو من مواطني المدينة ونشأ في حي بروكلين، واعتاد قضاء فترات من الصيف على الممشى السياحي هناك، ويتذكر إنفاق دولار واحد لدخول مدينة الملاهي ثم العودة لتناول وجبة العشاء الشهية لدى مطعم ناثان فاموس المعروف، وقال: «علينا مواصلة الكفاح لإنقاذ كوني آيلاند التي نحبها».
- خدمة «نيويورك تايمز»