لبنان يتابع الأنباء عن عقوبات أميركية قد تطال برّي

TT

لبنان يتابع الأنباء عن عقوبات أميركية قد تطال برّي

أعطت تصريحات وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، أمس، زخماً للأنباء التي ترددت مؤخراً حول عقوبات أميركية ستطال رئيس المجلس النيابي نبيه برّي و«حركة أمل» بسبب علاقتهما بـ«حزب الله» وإيران؛ إذ أعلن بومبيو خلال مؤتمر صحافي عقده في واشنطن أنه خلال زيارته الأخيرة إلى بيروت أوضح للمسؤولين هناك، ومن بينهم رئيس مجلس النواب نبيه بري، أن الولايات المتحدة الأميركية لن تتحمل استمرار صعود «حزب الله» في لبنان، وأن «عليهم أن يواجهوا هذا الحزب الذي يعمل مع إيران، وهو ليس حركة سياسية؛ بل جماعة مسلحة».
ورداً على سؤال حول فرض عقوبات على بري، لفت بومبيو إلى «أننا أوضحنا أننا سنقيّم العقوبات على كل أولئك المرتبطين بـ(حزب الله)».
وبعد أن كان مسؤولون لبنانيون يتعاطون مع المعلومات الصحافية بخصوص العقوبات على بري باعتبارها غير صحيحة وتندرج في إطار «التشويش»، أتت تصريحات وزير الخارجية الأميركي لتجعلهم يعيدون التدقيق في المعطيات الواردة. وقال رئيس لجنة الشؤون الخارجية والمغتربين النائب ياسين جابر الذي يزور واشنطن في إطار وفد نيابي يشارك في اجتماعات البنك الدولي وصندوق النقد الدولي، لـ«الشرق الأوسط» إنه يتم التدقيق والتفكير في المعطيات الجديدة، وإنه حتى الساعة لا يوجد قرار أو موقف رسمي بعد تصريحات بومبيو.
من جهته، أكد النائب في «حركة أمل» محمد نصر الله لـ«الشرق الأوسط» أنه لم تصل إليهم أي إشارة رسمية بخصوص عقوبات تطال الرئيس بري أو شخصيات في الحركة، لافتاً إلى أنه في كل الأحوال يتوجب أخذ المعلومات المتداولة بعين الاعتبار. وأضاف: «تصريحات بومبيو الأخيرة أبقت الباب مفتوحاً على كل الاحتمالات، ومن المفيد في هذه المرحلة الانتظار لنرى كيف ستتبلور الأمور»، لافتاً إلى أن زيارة الوفد النيابي إلى واشنطن غير مرتبطة بموضوع عقوبات جديدة قد تطال الرئيس بري أو شخصيات أخرى، «لكن إذا اصطدم أعضاء الوفد بطروحات مماثلة، فلا شك في أنه ستكون لديهم الأجوبة المناسبة».
كذلك جزمت مصادر مقربة من «حركة أمل» بأن قيادة الحركة لم تُبلغ بأي شيء رسمي مرتبط بعقوبات أميركية أو بأي أسماء قد تطالها هذه العقوبات، لافتة في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه «لا يمكن استبعاد شيء من الإدارة الأميركية بعد قراراتها الأخيرة في المنطقة؛ وآخرها ضم الجولان إلى إسرائيل». وأضافت: «لكن فرض عقوبات على رئيس المجلس النيابي لا يمكن أن يمر مرور الكرام، وسيكون على الدولة اللبنانية التعاطي معه وليس (حركة أمل) حصراً لأننا هنا نتحدث عن رئيس البرلمان اللبناني وليس حصراً عن رئيس (حركة أمل)».
وأعلنت الخارجية الأميركية أنها أدرجت في لائحة العقوبات 40 جهة مرتبطة بـ«حزب الله» في عام 2018، وهذا العدد الأعلى خلال سنة واحدة، متعهدة بمواصلة العمل لكشف وتعطيل الشبكات التي يستخدمها الحزب لتمويل عملياته وزعزعة الاستقرار في مختلف أنحاء العالم، بما في ذلك لبنان.
ونقلت «الشرق الأوسط» عن أوساط في الكونغرس الشهر الماضي أن عدداً من أعضائه من الحزبين «الجمهوري» و«الديمقراطي» يعدّون قائمة عقوبات جديدة ضد «حزب الله» لإقرارها في الأسابيع المقبلة.
وكان سفير لبنان في واشنطن غابي عيسى قد استبق تصريحات وزير الخارجية الأميركي مؤكداً أن ما يتم تداوله بخصوص عقوبات تطال بري «معلومات غير صحيحة»، لافتاً إلى أنه تواصل مع مختلف الجهات في الإدارة الأميركية وأُبلغ بأنه ليس هناك من أي أمر في هذا الإطار.
وعدّ سفير لبنان السابق في واشنطن رياض طبارة أنه «لم يعد خافياً على أحد أن هناك هجمة أميركية جديدة على إيران وتوابعها، وأنها ستترجم برزمة جديدة من العقوبات التي يُرجح أن تكون الكبرى على الإطلاق»، لافتاً في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بعد إدراج «الحرس الثوري» الإيراني على قائمة الإرهاب، وبالتالي شموله بالعقوبات، «فإن ذلك سيعني إعلان حرب اقتصادية أميركية كاملة على طهران». وأضاف: «نحن نتوقع شيئاً مماثلاً، لكننا نستبعد في الوقت عينه أن تكون واشنطن بصدد فرض عقوبات على شخصيات وأحزاب تتعاطف مع (حزب الله) مثل (حركة أمل) ورئيس المجلس النيابي نبيه بري، خصوصاً أن للأخير علاقات طيبة مع الدول العربية وكثير من الدول الغربية. أضف أن ذلك سيدفع ببري أكثر فأكثر إلى حضن (حزب الله)، علماً بأن الهدف الأميركي هو استقطاب قسم من شيعة لبنان لا زيادة تلاحمهم».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.