أسعار المواد الغذائية في دمشق «تحلّق» قبل شهر رمضان

الحكومة السورية «تتفرج» على معاناة أهالي العاصمة

أسعار المواد الغذائية في دمشق «تحلّق» قبل شهر رمضان
TT

أسعار المواد الغذائية في دمشق «تحلّق» قبل شهر رمضان

أسعار المواد الغذائية في دمشق «تحلّق» قبل شهر رمضان

قبل نحو شهر من رمضان الكريم، يهجس سكان في دمشق في كيفية تدبر أمرهم، مع تراجع الأحوال المعيشية لشريحة كبيرة منهم، في شكل فاق تحمل قدرتهم على التحمل.
وخلال الحرب المستمرة منذ أكثر من ثماني سنوات، تضاعفت الأسعار في عموم المناطق السورية أكثر من 12 مرة، بعد تراجع سعر صرف الليرة أمام الدولار الأميركي إلى نحو 550 ليرة للدولار، بعد أن كان نحو 50 ليرة قبل الحرب، مع بقاء مرتبات الموظفين على حالها التي كانت عليها قبل عام 2011 (الراتب الشهري لموظف الدرجة الأولى 40 ألف ليرة). ضاقت سبل العيش على الغالبية العظمى من الناس، وبات 87 في المائة من السوريين يعيشون تحت خط الفقر، بحسب أرقام البنك الدولي.
اللافت هذه الأيام، ومع فرض العقوبات الأميركية على دمشق، أن عموم مناطق سيطرة الحكومة تشهد تحليقاً جديداً في الأسعار، التي تضاعفت مرتين أو ثلاث مرات عما كانت عليه قبل عدة أشهر. وأكثر ما طال الغلاء الجديد المواد الغذائية والخضراوات والفاكهة واللحوم، بالترافق مع تواصل أزمات خانقة في توفر الغاز المنزلي، ونقص كبير في وقود التدفئة والبنزين، وانقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة، ما زاد أكثر من معاناة المواطنين، وجعل الحياة بالغة الصعوبة.
«أبو مروان» رجل في العقد السابع من عمره، كان ينظر بحسرة على بعد أمتار من لافتات الأسعار في سوق مساكن برزة شمال دمشق، من دون أن يقترب من البسطات والباعة، ذلك أن سعر كيلوغرام البطاطا يبلغ 400 ليرة، والبندورة 500، والباذنجان 600، والفاصولياء الخضراء 1000، والثوم 2000. بينما يبلغ سعر كيلوغرام الفريز ما بين 500 إلى 700، والتفاح ما بين 300 إلى 600، والبرتقال نحو 200 ليرة.
العجوز، وبلهجة تدل على أنه ينحدر من مناطق جنوب سوريا، يقول لـ«الشرق الأوسط»: «نار... نار الدنيا (الأسعار)»، ويضيف بصوت مرتفع نوعاً ما، لفت انتباه متجولين في السوق: «هذه الأيام ندبر حالنا بالبيض. رمضان صار على الأبواب».
ولم يؤدِّ تراجع موجة البرد وظهور خضراوات ربيعية جديدة، مثل الفول الأخضر والبازلاء والكوسا، إلى انخفاض أسعار باقي الخضراوات، مثل البطاطا والبندورة والباذنجان، كما يحصل في كل عام عند قدوم فصل الربيع؛ لا بل صدم الناس بأن الخضراوات الجديدة تباع بثلاثة أضعاف ما كانت عليه في العام الماضي؛ حيث يصل سعر كيلوغرام الفول الأخضر البلدي إلى 500 ليرة، والبازلاء إلى 600.
وشهر رمضان المقبل الذي يصادف قدومه الأيام العشرة الأولى من مايو (أيار)، يعد الثامن من نوعه الذي يمر على السوريين في ظل الحرب التي تشهدها البلاد، وقد غيبت أحداثها ومنعكساتها في شكل شبه كامل، عادات وطقوس كان الدمشقيون يمارسونها لاستقبال الشهر الفضيل، وهم توارثوها عن آبائهم وأجدادهم، وطالما تفاخروا بها خلال قرون ماضية.
وبعد أن اعتادت غالبية أهالي دمشق في سنوات ما قبل الحرب، على التحضير لاستقبال شهر رمضان قبل نحو شهر أو أسبوعين من قدومه، عبر تسوق كميات كبيرة من المواد الغذائية والعصائر من أسواق دمشق الشهيرة، لتحضير أطباق متعددة من الطعام وأنواع مختلفة من الحلويات على وجبات الإفطار، لوحظ خلال سنوات الحرب أن معظمهم بات يكتفي بشراء ما هو ضروري جداً فقط، وبكميات قليلة، بسبب الفقر الذي باتوا يرزحون تحت وطأته.
«مريم» وهو اسم مستعار لربة عائلة مؤلفة من ستة أشخاص، تعيش في ريف دمشق الغربي بعد نزوحها منذ بداية الحرب من دير الزور، تؤكد لـ«الشرق الأوسط»، أن غالبية الأسر حالياً، وبسبب الانقلاب الجذري في أوضاعها المعيشية «تعيش على الكفاف، ونحن منهم»، وتضيف: «بات قدوم رمضان يشكل هماً كبيراً، فإذا كانت العائلة في الشهر العادي تحتاج إلى 300 ألف ليرة، فمعنى ذلك أنها في رمضان تحتاج إلى 600، وربما مليون. والسؤال: من أين؟». وتوضح أن «الكبار ربما يتفهمون الوضع، ولكن الأولاد الذين سيشاهدون شتى أنواع المأكولات والحلويات في الأسواق، ماذا نفعل معهم؟ لا نستطيع القول إلا: الله يعيننا».
وإذا كان كثير من الناس وجدوا ضالتهم في لحم «الفروج» (الدجاج) في سنوات الحرب الماضية، كون سعره بقي أرخص من لحم الخروف بكثير، ويمكن لذوي الدخل المحدود الإقدام على شرائه مرة كل شهر، فإن هؤلاء فجعوا بارتفاع سعره؛ حيث قفز سعر الكيلوغرام من نحو 800 ليرة إلى 1300، بينما ارتفع سعر كيلوغرام لحم «العواس» (الغنم) إلى نحو 7 آلاف ليرة، بعد أن كان نحو 5 آلاف.
ويقول موظف في إحدى المؤسسات الحكومية لـ«الشرق الأوسط»، فضل عدم ذكر اسمه: «نسينا اللحم. المهم حالياً أن يبقى الخبز على حاله»، ويضيف: «على أساس هناك حكومة ملزمة بالناس، فلتُزد رواتبهم، فلتطعمهم الآن وبكرة في رمضان!»، ويتابع: «الحكومة تركت الناس للصدفة... لا يهمها وإن لم يأكلوا بالمرة... أو أكلوا تراباً... أو حجارة!».



رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.