ترقُّب سياسات هجرة أكثر تشدداً بعد استقالة وزيرة الأمن الأميركية

تنحي كريستين نيلسن جاء بعد رفضها تنفيذ إغلاق المنافذ على الحدود

TT

ترقُّب سياسات هجرة أكثر تشدداً بعد استقالة وزيرة الأمن الأميركية

أثارت الاستقالة المفاجئة لوزيرة الأمن العام الأميركية كريستين نيلسن، علامات استفهام كثيرة حول الآلية التي ستتعامل بها الإدارة الأميركية مع أزمة المهاجرين على الحدود الجنوبية مع المكسيك، وإلى أي درجة يمكن لكيفن ماكالينان، المرشح لخلافة نيلسن، أن يتبع سياسة أكثر تشدداً مع المهاجرين، وفقاً لتعليمات الرئيس دونالد ترمب.
وجاءت استقالة نيلسن بعد اجتماع مع الرئيس ترمب، في المكتب البيضاوي، مساء أول من أمس، حيث رفضت نيلسن تنفيذ تعليمات الرئيس بشأن إغلاق منافذ الدخول على الحدود، ورفض قبول طلبات لجوء جديدة من المهاجرين. وبعد دقائق من انتهاء الاجتماع، أعلن ترمب عن استقالة نيلسن في تغريدة على «تويتر» جاء فيها: «ستغادر كريستين نيلسن، وزيرة الأمن الداخلي منصبها، وأود أن أشكرها على خدمتها. يسرني أن أعلن أن كيفن ماكالينان، المفوض الحالي للجمارك وحماية الحدود في الولايات المتحدة، سيصبح القائم بأعمال وزارة الأمن الداخلي. أثق بأن كيفن سيقوم بعمل رائع!».
وأعلنت نيلسن عن استقالتها في وقت متأخر مساء أول من أمس، وغردت قائلة: «وافقت على البقاء في منصب سكرتيرة حتى الأربعاء 10 أبريل (نيسان)، للمساعدة في انتقال منظم وضمان عدم تأثر مهام إدارة الأمن الداخلي الرئيسية».
وجاء في خطاب الاستقالة الذي وجّهته نيلسن إلى الرئيس ترمب: «على الرغم من التقدم الذي أحرزناه في إعادة تشكيل الأمن الداخلي لمرحلة جديدة، لقد قررت أن هذا هو التوقيت الصحيح لي للتنحي جانباً. آمل أن يحظى السكرتير القادم بدعم الكونغرس والمحاكم، لإصلاح القوانين التي قيّدت قدرتنا لتأمين حدود أميركا بشكل كامل، والتي ساهمت في إحداث تنافر في حديث أمتنا. يستحق بلدنا والرجال والنساء في وزارة الأمن الداخلي أن يكون لديهم كل الأدوات والموارد التي يحتاجون إليها لتنفيذ المهمة الموكلة إليهم. يمكنني أن أقول بثقة إن بلدنا أكثر أماناً اليوم عما كان عندما التحقت بالإدارة».
وكتبت نيلسن في خطاب استقالتها أيضاً: «قدمت استقالتي إلى الرئيس الأميركي، بعد ظهر اليوم، وشكرته على إتاحة الفرصة لي للعمل في إدارته. لقد كان شرفًا لي أن أخدم مع الرجال والنساء الشجعان في وزارة الأمن الداخلي. لا يمكنني أن أكون فخورة وأكثر تواضعاً بخدمتهم وتفانيهم والتزامهم بالحفاظ على بلدنا في مأمن من جميع التهديدات والمخاطر». وتعد مغادرة نيلسن جزءاً من عملية إصلاح ضخمة لوزارة الأمن القومي تم تصميمها ويشرف عليها كبير مستشاري ترمب، ستيفن ميلر، الذي يسعى لإحداث خلخلة في وزارة الأمن وتغيير عدد كبير من موظفيها، وفقًا لمسؤول أميركي بارز.
ويعطي ترشيح ترمب لكيفن ماكالينان، إشارة إلى مدى الصرامة التي يُمكن أن تتبعها وزارة الأمن الداخلي في تعاملها مع المهاجرين، خصوصاً بعد إعلان ترمب عن أن رون فيتيلو سيتولى رئاسة إدارة الجمارك والهجرة.
ومن غير المرجح أن يتم ترشيح ماكالينان بديلاً دائماً لنيلسن، كما أنه ما زال غير واضح ما إذا كان سيتعين عليه الاستقالة من منصبه كمفوض لمكتب الجمارك وحماية الحدود، حتى يتولى منصب القائم بأعمال وزارة الأمن الداخلي أم لا.
ومن المعروف عن ماكلينان تشدّده فيما يتعلق بقضية المهاجرين والحدود. فعلى الرغم من عمله مفوضاً لمكتب الجمارك وحماية الحدود منذ الأيام الأولى لإدارة ترمب، فإنه لم يبرز بشكل كبير إلا بعد المقابلة التي أجرتها معه صحيفة «نيويورك تايمز» في 2018، عندما وصف ماكالينان محاولة ترمب وقف الانفصال العائلي على الحدود بأنه «إعادة تقويم مهمة». وليس من الواضح ما إذا كانت نيلسن قد قررت المغادرة طواعية أم أنها تعرضت لضغوط للاستقالة، أو أن الرئيس طلب منها ذلك خلال اجتماع يوم الأحد، إلا أنه من المرجح بشكل كبير أن نيلسن لم تكن ترغب، ولم تكن مستعدة، لتقديم استقالتها، إلا أنها أيضاً لم تقاتل من أجل الاحتفاظ بها. وعلى الرغم من أن استقالة جاءت بصورة مفاجئة، فإن الشائعات حول تنحي نيلسن كانت قد ترددت على مدى أشهر. لكن تلك الشائعات ترددت بقوة عندما طالب ترمب، يوم الجمعة الماضي، بضرورة اتخاذ إجراءات صارمة ضد الهجرة غير الشرعية، ويتضمن ذلك وقف قبول طلبات اللجوء من المهاجرين، وهو ما رفضته نيلسن واعتبرته غير قانوني.
ودافعت نيلسن بشكل قوي عن سياسة «عدم التسامح مطلقاً» التي أدت إلى الانفصال العائلي عند الحدود، وألقت باللوم على الكونغرس في الثغرات الموجودة في قوانين الهجرة ودعت إلى إصلاحها. وقالت للصحافيين في مؤتمر صحافي العام الماضي: «ما دام ظل الدخول غير القانوني يمثل جريمة جنائية، فإن وزارة الأمن القومي لن تنظر في الاتجاه الآخر».
وجدير بالذكر أنه منذ تأكيد تعيين نيلسن، في ديسمبر (كانون الأول) 2017، شهدت في العديد من الأحيان أوقاتاً صعبة، في علاقاتها مع الرئيس ترمب. ولم يتردد الرئيس عن التعبير عن إحباطه من زيادة أعداد المهاجرين الذي يأتون ويدخلون الولايات المتحدة بصورة غير شرعية. ويعني رحيل نيلسن أيضاً أن ثلاثاً من أهم الإدارات في الحكومة الأميركية ستتم إدارتها من خلال قائمين بالأعمال وليسوا وزراء. وتشمل هذه الوزارات: الأمن القومي والبنتاغون والداخلية. وكانت نيلسن أيضاً واحدة من أربع نساء فقط يشغلن مناصب على مستوى مجلس الوزراء في إدارة ترمب، ولا تزال الآن وزيرة النقل إيلين تشاو، ومديرة وكالة الاستخبارات المركزية جينا هاسبل، ووزيرة التعليم بيتسي ديفوس.



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».