كتاب شباب من أميركا اللاتينية: نحن أبناء عصر الإنترنت

قالوا لـ «الشرق الأوسط» إنهم لم يعودوا تحت ظلال ماركيز ويوسا وفوينتيس

كتاب شباب من أميركا اللاتينية: نحن أبناء عصر الإنترنت
TT

كتاب شباب من أميركا اللاتينية: نحن أبناء عصر الإنترنت

كتاب شباب من أميركا اللاتينية: نحن أبناء عصر الإنترنت

ترى هل ما زال كتاب أميركا اللاتينية الشباب يعيشون تحت ظلال الأساتذة الكبار، أمثال غابرييل غارسيا ماركيز وكارلوس فوينتيس وماريو فارغاس يوسا وخوليو كورتازار، الذين أدخلوا آداب أميركا اللاتينية إلى المحافل العالمية في أرجاء المعمورة كافة؟ وإذا لم يكن الأمر كذلك في عصر وسائل الاتصال الاجتماعي، فما هي ملامح الأدب الشاب في هذه القارة المهمة أدبياً؟
خمسة من المؤلفين، الذين هم دون سن الأربعين، تحدثوا لجريدة «الشرق الأوسط» عن رؤيتهم للماضي الأدبي، والواقع الحالي، وتجاربهم في عصر الثورة المعلوماتية، وكيف يمكن للأدب الاتساق مع شبكات التواصل الاجتماعي، وهم: كارلوس فونسيكا، الروائي المنحدر من أصول في كوستاريكا وبورتوريكو، مؤلف رواية «دموع العقيد» و«متحف الحيوانات»؛ والروائي المكسيكي إيميليانو مونغي، صاحب رواية «الأراضي المحروقة» ورواية «فلنسحب تلك الظلال»؛ والروائية البيرونية كلوديا أوللوا، المعروفة بقصصها القصيرة؛ والروائية البوليفية ليليانا كولانزي، التي نشرت كتابين من الكتب القصصية تحت عنوان «العطلات الدائمة» و«العالم الميت»؛ ثم الروائي الكولومبي فيليب ريستربو، مؤلف كتاب «أنماط المراوغة» و«ليس من السهل أن تكون شهيراً».
تقول الكاتبة كلوديا عن علاقتها بوسائل الاتصال الاجتماعي: «كانت لديّ مدونة أكتب من خلالها، وظننت أن التفاعل المباشر مع القراء أمر مثير للاهتمام. ولم يتعلق الأمر بما هو متعمد أو مقصود، فعندما أكتب أنسى تماماً العالم، بما فيه من قراء، ولكن الأمر كان مثيراً عندما أبلغني أحدهم ذات مرة أنه يساوره الشعور نفسه، سواء بسواء».
أما الكاتبة ليليانا كولانزي، فتذكر أن وسائل التواصل الاجتماعي ساعدتها على «قراءة توصيات الكتاب والقراء الآخرين بشأن المؤلفين والكتب التي يفضلون قراءتها». ومن هذا المنطلق، بدأت تبحث عن هذه الكتب لقراءتها بنفسها، وهي تعتقد أن ذلك من أفضل سمات مواقع التواصل الاجتماعي التي خبرتها حتى الآن.
الروائي كارلوس لا يشكك في آفاق مستقبل الأدب عبر منصات التواصل الاجتماعي، قائلاً: «بكل تأكيد، هناك مستقبل. والأكثر إثارة للاهتمام هو حقيقة أن اللغة تتدفق بسرعة فائقة عبر تلك المنصات والمواقع. وهناك قدر معتبر من الفورية مع السرعة الفائقة التي يتسم بها كل شيء من حولك في الكتابة، كما أشعر أنه عندما أجلس لكي أكتب، فإن ذلك التدفق اللغوي الفوري يتجمد كي يعاود الرجوع بشيء من الاهتمام والانتباه والعناية. بالطبع، هناك فرق واضح بين كيفية عمل اللغة في هذين العالمين، ولا أعتقد أنهما متضادان في شيء، وأن أحدهما هو أفضل من الآخر، بل إنهما في حقيقة الأمر سبيلان مختلفان لتناول العمل نفسه».
هل يمكن عقد مقارنة بين حالة الأدب في أميركا اللاتينية اليوم وبين «الطفرة» التي عرفها أدب أميركا اللاتينية مع ماركيز وفوينتيس ويوسا وكورتازار؟ وهو الموضوع الذي كثيراً ما سئل عنه هؤلاء المؤلفون. هل ما يزال لتلك الطفرة أثرها المستمر؟
يقول إيميليانو مونغي: «يبدو لمن ينظر من الخارج أننا نحظى برابطة عميقة تجمعنا. ما بين الطفرة وبيننا يوجد جيلان أو ثلاثة أجيال من الأدباء والكتاب، ولذلك كان الآخرون هم من حملوا مشعل تلك الحركة، وانطلقوا بها إلى الأمام. وليست لديّ علاقة تربطني بذلك سوى كوني قارئاً لتلك الأدبيات، عندما كنت يافعاً».
أما فيليب ريستربو، فيقول: «كنا جميعا من صغار القراء لهؤلاء المؤلفين. ولا أحمل حيالهم سوى الشعور بالإعجاب، والتعلم من كثير منهم، ولكنني لم أقرأ لكثيرين منهم منذ سنوات. لقد كان أمراً مهماً في حينه، ولكن من العسير الوقوف على ماهية شيء ابتعد به الزمن عنا بالفعل، وصارت الرابطة معه أكثر وهناً مع مرور الأيام».
ولكن هل يكتبون بأسلوب مختلف الآن؟
يجيب مونغي: «لقد ألفت كتابين حول موضوع العنف، وكتباً حول موضوعات أخرى. والمعروف أنه ليس هناك من أحد في أميركا اللاتينية يكتب حول العنف، رغم أن أميركا اللاتينية قارة مترامية الأطراف، تجري فيها كثير من أعمال العنف طيلة الوقت. لكن أسلوب تناول العنف تختلف زاويته باختلاف الجيل المعاين له عن جيل (الطفرة) من أبناء الأجيال الماضية».



«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد
TT

«سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد

هدى حمد
هدى حمد

صدرت حديثاً عن «منشورات تكوين» في الكويت متوالية قصصية بعنوان «سأقتل كل عصافير الدوري» للكاتبة العُمانيّة هدى حمد. وتأتي هذه المتوالية بعد عدد من الروايات والمجموعات القصصية، منها: «نميمة مالحة» (قصص)، و«ليس بالضبط كما أريد» (قصص)، و«الأشياء ليست في أماكنها» (رواية)، و«الإشارة برتقاليّة الآن» (قصص)، «التي تعدّ السلالم» (رواية)، «سندريلات في مسقط» (رواية)، «أسامينا» (رواية)، و«لا يُذكَرون في مَجاز» (رواية).

في أجواء المجموعة نقرأ:

لم يكن ثمّة ما يُبهجُ قلبي أكثر من الذهاب إلى المصنع المهجور الذي يتوسطُ حلّتنا. هنالك حيث يمكن للخِرق البالية أن تكون حشوة للدُّمى، ولقطع القماش التي خلّفها الخياط «أريان» أن تكون فساتين، وللفتية المُتسخين بالطين أن يكونوا أمراء.

في المصنع المهجور، ينعدمُ إحساسنا بالزمن تماماً، نذوب، إلا أنّ وصول أسرابٍ من عصافير الدوري بشكلٍ متواترٍ لشجر الغاف المحيط بنا، كان علامة جديرة بالانتباه، إذ سرعان ما يعقبُ عودتها صوتُ جدي وهو يرفع آذان المغرب. تلك العصافير الضئيلة، التي يختلطُ لونها بين البني والأبيض والرمادي، تملأ السماء بشقشقاتها الجنائزية، فتعلنُ انتهاء اليوم من دون مفاوضة، أو مساومة، هكذا تتمكن تلك الأجنحة بالغة الرهافة من جلب الظُلمة البائسة دافعة الشمس إلى أفولٍ حزين.

في أيامٍ كثيرة لم أعد أحصيها، تحتدُّ أمّي ويعلو صوتها الغاضب عندما أتأخر: «الغروبُ علامة كافية للعودة إلى البيت»، فأحبسُ نشيجي تحت بطانيتي البنية وأفكر: «ينبغي قتل كلّ عصافير الدوري بدمٍ بارد».

وهدى حمد كاتبة وروائيّة عُمانيّة، وتعمل حالياً رئيسة تحرير مجلة «نزوى» الثقافية.