«تطمينات» عراقية لإيران بشأن الوجود الأميركي

عبد المهدي: بغداد لن تكون ضمن منظومة العقوبات

نائب الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء العراقي على هامش مباحثات أمس (إرنا)
نائب الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء العراقي على هامش مباحثات أمس (إرنا)
TT

«تطمينات» عراقية لإيران بشأن الوجود الأميركي

نائب الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء العراقي على هامش مباحثات أمس (إرنا)
نائب الرئيس الإيراني ورئيس الوزراء العراقي على هامش مباحثات أمس (إرنا)

أكد رئيس الأركان العراقي عثمان الغانمي أن القوات الأميركية باقية في العراق، لكنه سعى إلى طمأنة الجانب الإيراني بأن وجود تلك القوات سيكون ضمن أطر محددة لتدريب القوات العراقية، على أن يضبط تحركها الجيش العراقي. وقال نظيره الإيراني محمد باقري إن طهران حصلت على طمأنة عراقية، على المستويين السياسي والعسكري، بعدم الامتثال للعقوبات الأميركية. وأشار بيان لمكتب رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي إلى أنه أبلغ نائب الرئيس الإيراني بأن «العراق ليس ضمن منظومة العقوبات على إيران».
وقال رئيس الأركان الإيراني محمد باقري، عقب مباحثات مع نظيره العراقي عثمان الغانمي، إن الجانب العراقي «طمأن» إيران بـ«ضبط» وجود القوات الأميركية، ونقل عن مسؤولين عراقيين أن «حضور القوات الأميركية سيقتصر على تدريب القوات العراقية» وأنهم «سيكونون تحت سيطرة الجيش العراقي»، بحسب ما نقلته وكالة «تسنيم»، الناطقة باسم «الحرس الثوري».
وتعد تصريحات الغانمي أول موقف عراقي غداة طلب المرشد الإيراني علي خامنئي من رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي العمل على إخراج القوات الأميركية من العراق على وجه السرعة، معتبراً وجود القوات الأميركية خطراً على المجموعة السياسة الحالية، وعلى رأسها الحكومة والبرلمان العراقي.
وفي شأن متصل، أوضح باقري موقف العراق من العقوبات الأميركية، مؤكداً أن «مسؤولين سياسيين وعسكريين قدموا تطمينات بعدم مشاركة العراق في العقوبات الأميركية ضد إيران».
كما نوه باقري بأنه توصل إلى اتفاق مع نظيره العراقي، بشأن التعاون ضد التهديدات الجوية، بعدما أبلغه قلق إيران إزاء «تهديدات جوية من الحدود الغربية».
وأشار باقري إلى تفاهم لإقامة علاقات تعاون عسكري، تشمل تدريبات ومناورات مشتركة، وعزا ذلك إلى «التهديدات والرغبات المشتركة»، موضحاً أنه بحث مختلف القضايا الحدودية، مع التركيز على تجريف شط العرب، تحت حماية أمنية مشتركة بين البلدين.
وبدوره، طمأن رئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي الإيرانيين، بشأن عدم امتثال بلاده للعقوبات الأميركية، وقال تحديداً: «موقف العراق أنه ليس ضمن منظومة العقوبات على إيران».
وزاد عبد المهدي أنه سيعمل على «وضع العراق في مكانة المناسب في العالم العربي والإسلامي»، مشيراً إلى أن غيابه «ليس مصلحة للأشقاء والجيران والأصدقاء، ونؤمن بأن المشتركات بين دول المنطقة أقوى وأبقى من الخلافات، وهذا هو موقفنا الصريح الواضح».
وأجرى عبد المهدي، أمس، مباحثات مع نائب الرئيس الإيراني إسحاق جهانغيري، في ثاني أيام زيارته إلى طهران، معرباً عن عزم الجانبين على «بحث الملفات المهمة، بما يحقق مصالح الطرفين»، بما فيها شط العرب.
وحرص عبد المهدي على توجيه رسالة واضحة إلى الجانب الإيراني، عندما «جدد موقف العراق بالانفتاح على جميع دول الجوار من أجل بناء منطقة مستقرة متعاونة، ورفض سياسة المحاور والاعتداء على أي دولة».
وبحسب بيان صادر من مكتب رئيس الوزراء العراقي، فإن اللقاء «بحث ملفات الكهرباء والنقل، وتسهيل سفر المواطنين في البلدين، لتشجيع النشاط السياحي ومردوداته الاقتصادية، والتعاون في المجالات التجارية والمصرفية، بحضور الوزراء والمسؤولين من الوفدين».
ومن جانبه، قال جهانغيري إن طهران تعمل على رفع الموانع من تنمية العلاقات الاقتصادية بين البلدين، مشيراً إلى أنه أجرى مباحثات «مهمة للغاية لتنمية العلاقات الثنائية»، بحسب وكالة «إيسنا» الحكومية.
وقال جهانغيري إن بلاده «أرسلت قوات استشارية، بطلب من الحكومة العراقية، لدعم السيادة والاستقرار وتنمية العراق»، مشيراً إلى أن «إيران تعتبر العراق جسراً للتعاون مع الدول التي تحترم السيادة العراقية».
وزاد جهانغيري أن الاتفاقيات المبرمة بين الجانبين «ستجلب آثاراً إيجابية لدول المنطقة»، لافتاً إلى استعداد الحكومة الإيرانية لنقل تجاربها إلى العراق ودول الجوار.
واتهم جهانغيري الولايات المتحدة بالعمل على تقييد علاقات إيران والعراق «على خلاف مصلحة البلدين»، مشدداً على خطط ثنائية للوصول إلى تبادل تجاري بقيمة 20 مليار دولار حتى العام المقبل.
كما دعا جهانغيري الدول الراغبة بالمشاركة في إعادة إعمار العراق إلى استخدام طريق الترانزيت الإيرانية «الآمنة والرخيصة والقريبة».
وفي غضون ذلك، نقل الموقع الإخباري لوزارة النفط الإيرانية (شانا) عن الوزير بيغن زنغنه قوله إن العراق وإيران توصلا إلى تفاهم بشأن تطوير حقلين نفطيين على الحدود المشتركة بينهما.
وذكر زنغنه أن التفاهم يتعلق بتطوير حقلي نفت شهر وخرمشهر (المحمرة)، بحسب وكالة «رويترز».
ويستورد العراق نحو 1.5 مليار قدم مكعبة قياسية من الغاز يومياً من إيران، عبر خطوط أنابيب في جنوب وشرق البلاد. وأشار زنغنه إلى أن العراق يدين لإيران بنحو مليار دولار، قيمة إمدادات غاز في السابق.
وقال زنغنه: «في ظل افتقار قطاعي البتروكيماويات والغاز بالعراق إلى التطوير، ثمة آفاق مشرقة للتعاون بين البلدين».
ونقل موقع شانا عن أمير حسين زماني نيا نائب وزير النفط الإيراني للتجارة والشؤون الدولية قوله اليوم إن إيران وافقت أيضاً على المساعدة في تطوير حقول مشتركة، وإعادة بناء مصافٍ قديمة، والمساهمة في بناء شبكة لإمدادات الغاز.



تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
TT

تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي: أحداث 7 أكتوبر كان ممكناً منعها

قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)
قوات الأمن الإسرائيلية تقف في موقع هجوم طعن بالقدس (رويترز)

نشر جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) ملخصاً لتحقيقاته في إخفاقاته خلال الفترة التي سبقت هجوم جماعة «حماس» في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) 2023، وخلص إلى وجود إخفاقات داخل المنظمة، لكنه أشار في الغالب إلى عناصر خارجية مثل التقسيم غير الواضح للمسؤوليات مع الجيش الإسرائيلي، وسياسة حكومية دفاعية مفرطة فيما يتعلق بغزة على مرِّ السنين، وعدم ملاءمة جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي لمواجهة عدو يشبه في طريقة قتاله «حماس»، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل».

ويقول جهاز الأمن إن هناك حاجة إلى تحقيق أوسع نطاقاً، وهو تلميح محتمل إلى الحاجة المتصورة إلى لجنة تحقيق حكومية، التي رفض رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، تأسيسها.

ويقول الجهاز إن كثيراً من نتائج التحقيق لا يزال سرِّياً، لأنها ستكشف عن أدوات وأساليب استخباراتية سرية لدى «شين بيت».

وقد توصَّل التحقيق إلى أن «شين بيت» فشل في توفير تنبيه للهجوم الواسع النطاق الذي شنَّته «حماس» في السابع من أكتوبر. ولم تسفر إشارات التحذير التي تلقاها «شين بيت» في ليلة السادس من أكتوبر عن اتخاذ إجراءات كبرى من الأجهزة الإسرائيلية.

وبينما تمكَّن فريق صغير من ضباط النخبة من «شين بيت»، والشرطة الإسرائيلية الذين تم نشرهم على حدود غزة قبل الهجوم من المساهمة في القتال، فإنهم لم يتمكَّنوا من منع الهجوم الضخم الذي شنَّته «حماس».

رونين بار رئيس جهاز الأمن الداخلي (شين بيت) يشارك في حفل أُقيم في متحف ياد فاشيم للهولوكوست في القدس يوم ذكرى الهولوكوست... 5 مايو 2024 (متداولة)

أسباب الفشل

يشير التحقيق إلى أسباب عدة، تتعلق بالاحتراف والإدارة لدى الأجهزة الإسرائيلية، التي أسهمت في الفشل في صدِّ هجوم 7 أكتوبر. ويقول «شين بيت»: «تم فحص الفشل التنظيمي بدقة، وتم تعلم الدروس، وما زال يتم تعلمها».

بالإضافة إلى ذلك، وجد التحقيق أن «شين بيت» لم يقلل من شأن «حماس»، بل على العكس من ذلك، حيث كان لدى الجهاز «فهم عميق للتهديد، وكانت لديه مبادرات ورغبة في إحباط التهديد، خصوصاً (القضاء) على قادة (حماس)».

وبحسب التحقيقات، فإن هناك أسباباً عدة وراء عدم قيام جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) بإعطاء أي إنذار مسبق للهجوم الشامل الذي شنَّته «حماس»:

- خطط «حماس» للغزو البري، التي حصل عليها الجيش الإسرائيلي في وثيقة تُعرَف باسم «أسوار أريحا»، لم يتم التعامل معها بشكل صحيح على مدى سنوات عدة، ولم يتم تحويل الخطط إلى سيناريو يتدرب عليه الجيش وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي.

- عدم وضوح تقسيم المسؤولية بين الجيش الإسرائيلي وجهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي فيما يتعلق بالمنظمة التي ينبغي لها أن تقدم إنذاراً للحرب، وسط تحوّل «حماس» من جماعة عسكرية صغيرة إلى قوة عسكرية كاملة.

- وفق التحقيق، كان تركيز جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي (شين بيت) على إحباط الهجمات الإرهابية، ولم تكن أساليبه قابلةً للتطبيق على عدو يتصرف كجيش.

- خلال الليل بين السادس والسابع من أكتوبر، كانت هناك فجوات في «التعامل مع المعلومات ودمج الاستخبارات»، فضلاً عن العمليات التي لم تتبع البروتوكول المعتاد، ونقص «الاندماج» مع استخبارات الجيش الإسرائيلي.

- كانت هناك فجوات في عمل آليات الإشراف الاستخباراتي.

- كان التقييم هو أن «حماس» كانت تحاول تسخين الوضع بالضفة الغربية، ولم تكن مهتمةً بفعل ذلك في قطاع غزة.

- كان لدى «شين بيت» «فهم غير صحيح» لقوة الحاجز الحدودي الإسرائيلي مع غزة وقدرة الجيش الإسرائيلي على الرد.

- لم يتم التشكيك في نوايا «حماس» المزعومة بشكل كافٍ في أثناء التقييمات.

- كانت المعلومات الاستخباراتية قليلة نسبياً، بما في ذلك نتيجة لحرية العمل المحدودة في قطاع غزة، خصوصاً من قبل «شين بيت» بشكل مستقل.

بناء قوة «حماس»

كما توصَّل تحقيق «شين بيت» إلى أسباب عدة مكَّنت «حماس» من بناء قواتها لهجوم السابع من أكتوبر، واتخاذ القرار بتنفيذ الهجوم وفق تحقيقات جهاز الأمن الداخلي الإسرائيلي:

- كانت سياسة إسرائيل تجاه غزة تتمثل في الحفاظ على فترات من الهدوء، الأمر الذي مكَّن «حماس» من بناء قوة هائلة.

- تدفق الأموال إلى غزة وتسليمها إلى الجناح العسكري لحركة «حماس».

- التآكل المستمر لردع إسرائيل.

- وبحسب التحقيق، محاولة التعامل مع منظمة «إرهابية» على أساس الاستخبارات والتدابير الدفاعية، مع تجنب المبادرات الهجومية.

- ومن بين العوامل المُحفِّزة لقرار «حماس» بتنفيذ الهجوم، الانتهاكات الإسرائيلية على الحرم القدسي، والموقف تجاه السجناء الفلسطينيين، والإدراك بأن المجتمع الإسرائيلي أصبح ضعيفاً.

رئيس «شين بيت» الإسرائيلي رونين بار (يمين) ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي حينها الفريق أول هرتسي هاليفي (يسار) يجريان تقييماً مع كبار الضباط في خان يونس جنوب قطاع غزة... 11 ديسمبر 2023 (الجيش الإسرائيلي)

رئيس «شين بيت»: أتحمّل المسؤولية

وفي بيان مصاحب، قال رئيس «شين بيت»، رونين بار، إن الوكالة «لم تمنع مذبحة السابع من أكتوبر... وبصفتي رئيساً للمنظمة، سأتحمل هذا العبء الثقيل على كتفي لبقية حياتي».

وأضاف: «كشف التحقيق أنه لو تصرف جهاز (شين بيت) بشكل مختلف، في السنوات التي سبقت الهجوم وخلال ليلة الهجوم - سواء على المستوى المهني أو المستوى الإداري - لكان من الممكن تجنب المذبحة. هذا ليس المعيار الذي توقَّعناه من أنفسنا، أو الذي توقَّعه الجمهور منا».

وتابع: «يظهر التحقيق أن جهاز (شين بيت) لم يقلل من شأن منافسنا، بل على العكس من ذلك، فقد أخذ زمام المبادرة، وذهب إلى الهجوم وحاول قطع التهديد في مهده ، ولكن على الرغم من كل هذا، فشلنا».

ويضيف بار أن التحقيق الحقيقي في الإخفاقات يتطلب تحقيقاً أوسع نطاقاً يجسد أيضاً الاتصال والتعاون بين العناصر الأمنية والسياسية.

ويقول: «إن الطريق إلى الإصلاح، كما أكد التقرير، يتطلب عملية واسعة من الوضوح والحقيقة». وأضاف: «لذلك طلبت من لجنة التحقيق والقيادة العليا للوكالة التحقيق ومناقشة، ليس فقط الأسباب التي أدت إلى فشل الخدمة، بل أيضاً إلقاء نظرة واسعة على جميع عمليات العمل ذات الصلة في المنظمة، بوصفها جزءاً من الدروس المستفادة وفرصةً للتغيير الشامل. لكن هذا يتطلب أيضاً الاستعداد للتغيير في الواجهة السياسية والأمنية، وإلا فإن الفشل قد يعود في المستقبل».

وأضاف: «أعتقد أن هذه المنظمة قوية، ومستقرة، ومتواضعة، وقيمها أكثر احترافية مما كانت عليه عشية المذبحة».