تصعيد للميليشيات في الحديدة يستبق وصول غريفيث إلى صنعاء

TT

تصعيد للميليشيات في الحديدة يستبق وصول غريفيث إلى صنعاء

صعّدت الميليشيات الحوثية في الحديدة من خروقها العسكرية للهدنة القائمة بموجب «اتفاق السويد»، قبيل الزيارة المرتقبة لمبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى صنعاء، للقاء قادة الجماعة الموالية لإيران، وبحث الاتفاق النهائي لتنفيذ الخطة المعدلة في مرحلتها الأولى لإعادة الانتشار من موانئ الحديدة.
وذكرت لـ«الشرق الأوسط» مصادر عسكرية يمنية أن الجماعة الحوثية صعّدت منذ، الخميس، هجماتها العنيفة على مواقع القوات الحكومية والمناطق المحررة، شرق الحديدة وجنوبها، في مسعى لنسف الهدنة واستدراج الجيش إلى مواجهة شاملة.
ويأتي هذا التصعيد الحوثي قبيل زيارة غريفيث إلى صنعاء، حيث أفادت مصادر أممية بأنه من المتوقَّع أن يصل اليوم إلى العاصمة الخاضعة لسيطرة الحوثيين بعد تأجيل رحلته التي كان من المزمع أن تنطلق، أول من أمس (السبت)، بسبب أمور متعلقة بالطائرة التي تنقله.
وكانت الأنباء تضاربت حول وصول المبعوث الأممي إلى اليمن، اليوم (الأحد)، إلى صنعاء من عدمه، إذ ذكر مصدر ملاحي لوكالة الأنباء الألمانية في مطار صنعاء، أن غريفيث وصل والوفد المرافق له، وكان في استقباله قيادات من الحوثيين، في الوقت الذي نقلت فيه «سكاي نيوز عربية» عن مصادر في الأمم المتحدة أن «المبعوث الدولي إلى اليمن مارتن غريفيث ما زال في الأردن، وموعد زيارته إلى صنعاء لم يُحدّد بعد».
ويسعى المبعوث إلى إنقاذ «اتفاق استوكهولم»، الذي مضى عليه نحو أربعة أشهر دون إحراز تقدم ملموس على الأرض، وسبق لمصادر التقت المبعوث أن قالت لـ«الشرق الأوسط»، إنه سيضع اللمسات الأخيرة للمرحلة الأولى من الاتفاق، التي تركز على الانسحابات من الموانئ الثلاثة (الحديدة، والصليف، ورأس عيسى) والمناطق المرتبطة بالمرافق الإنسانية.
وسيرافق غريفيث، الجنرال الدنماركي مايكل لوليسغارد، رئيس لجنة إعادة الانتشار في الحديدة، حيث من المرتقب أن تُعقد اجتماعات مع قادة الميليشيات بشأن تطبيق المرحلة الأولى من إعادة الانتشار.
ولم يخفِ غريفيث في لقاءاته مع المصادر أنه «يجب المضي قدماً في مسألة المفاوضات لإنهاء الحرب»، ولفتت المصادر التي فضّلت عدم الكشف عن هويتها إلى أن غريفيث «دائماً ما يردد القول: لدينا لحظة دبلوماسية نادرة لوقف هذه الحرب. البديل هو المجاعة والإرهاب، والشعب اليمني هو من سيدفع الثمن».
وأفادت مصادر الإعلام الحربي للقوات الحكومية في الحديدة بأن الجيش أحبط محاولة تقدم لميليشيات الحوثي بالقرب من مدينة الصالح ومصانع شركة «إخوان ثابت»، ومستشفى 22 مايو، شرق مدينة الحديدة.
ودارت، بحسب المصادر، مواجهات عنيفة اندلعت بين قوات الجيش وعناصر حوثية متسللة أسفرت عن تدمير مدرعة وعربة قتالية وإجبار مسلحي الحوثي على التراجع والفرار، وفق ما ذكره الموقع الرسمي للجيش.
وتشن ميليشيات الحوثي المدعومة من إيران هجمات متقطعة منذ ليل الخميس الماضي في محاولة لاخترق دفاعات الجيش اليمني في عدة جبهات في مديريتي حيس والتحيتا وسط حشد مستمر لعناصرها وعتادها الحربي إلى جبهات الساحل الغربي، التي تستقدمها من عدة مناطق.
إلى ذلك، استهدف الحوثيون وبشكل مكثف الأحياء السكنية المكتظة بشارع صنعاء شرق المدينة التي سبق أن حررتها قوات الجيش الوطني، وتتمركز عند أطرافها.
وفي النواحي الجنوبية من محافظة الحديدة الساحلية، قصفت الجماعة الحوثية مواقع ألوية العمالقة في منطقة الجبلية التابعة لمديرية التحيتا بالمدفعية الثقيلة، وأدى القصف إلى سقوط شهداء وجرحى من جنود ألوية العمالقة، بحسب ما أورده «المركز الإعلامي لألوية قوات العمالقة الحكومية».
وبحسب المركز، فقد قصفت الميليشيات مواقع العمالقة بالدبابات وبالمدفعية الثقيلة وبقذائف الهاون ومدفعية الهاوزر، بالتزامن مع الهجوم على المواقع بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة وبالأسلحة الرشاشة والقناصات.
وتشكك الحكومة الشرعية في جدية الميليشيات بتنفيذ الاتفاق، وتقول إن الجماعة تناور لكسب المزيد من الوقت، من أجل تعزيز تحصيناتها العسكرية واستقدام المسلحين إلى مختلف مناطق الساحل الغربي، مستغلةً عدم وجود ضربات جوية من مقاتلات التحالف الداعم للشرعية.
وأفادت المصادر الرسمية اليمنية بأن وزير الخارجية خالد اليماني ناقش، أمس، في الكويت، مع مسؤولين كويتيين مستجدات الأوضاع السياسية على الساحة اليمنية، لا سيما فيما يتعلق بتنصل ميليشيات الحوثي الانقلابية للشهر الرابع عن تنفيذ مخرجات «استوكهولم»، ورفضها البدء بإنجاز خطوات بناء الثقة التي تقوم على خروج الميليشيات من مدينة وموانئ الحديدة والصليف ورأس عيسى وإطلاق سراح جميع الأسرى والمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسراً، وفتح الممرات الإنسانية في تعز.
ونسبت وكالة «سبأ» إلى اليماني قوله إن «مجلس الأمن والمجتمع الدولي ملزمون لممارسة المزيد من الضغط على الطرف الحوثي للانصياع، وتنفيذ الاتفاقات التي تم التوصل إليها برعاية المجتمع الدولي، وهذا ما أكده خلال الاجتماع الأخير لسفراء الدول الراعية للسلام، لأن الحكومة اليمنية لا تقبل بالفشل كخيار تفرضه ميليشيات الحوثي في الحديدة».
وفي وقت سابق طالبت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة باتخاذ إجراءات فعلية ضد ميليشيات الحوثي الانقلابية بدلاً مما وصفته بـ«البيانات الكلامية بإدانة الميليشيات، التي تستمر في تماديها وتحديها السافر للإرادة الشعبية والمجتمع الدولي».
وفي حين تعتبر الدوائر الأممية والغربية أن تأخر تنفيذ إعادة الانتشار في الحديدة لا يزال في مجراه الطبيعي، بسبب كمّ التعقيدات الميدانية، يسعى المبعوث الأممي مارتن غريفيث إلى ممارسة الضغوط على الحكومة وعلى الحوثيين لإنجاح الاتفاق الذي يرى فيه كثير من الناشطين اليمنيين أنه «وُلِد ميتاً».
ووفق المصادر الحكومية اليمنية، أدت خروق الميليشيات في الحديدة إلى مقتل 120 شخصاً على الأقل وجرح أكثر من 700 آخرين من بداية سريان الهدنة في 18 ديسمبر (كانون الأول) الماضي.


مقالات ذات صلة

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)
خاص الرئيس اليمني رشاد العليمي خلال استقبال سابق للسفيرة عبدة شريف (سبأ)

خاص سفيرة بريطانيا في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»: مؤتمر دولي مرتقب بنيويورك لدعم اليمن

تكشف السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، عن تحضيرات لعقد «مؤتمر دولي في نيويورك مطلع العام الحالي لحشد الدعم سياسياً واقتصادياً للحكومة اليمنية ومؤسساتها».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي فتاة في مخيم مؤقت للنازحين اليمنيين جنوب الحُديدة في 4 يناير الحالي (أ.ف.ب)

انخفاض شديد في مستويات دخل الأسر بمناطق الحوثيين

أظهرت بيانات حديثة، وزَّعتها الأمم المتحدة، تراجعَ مستوى دخل الأسر في اليمن خلال الشهر الأخير مقارنة بسابقه، لكنه كان أكثر شدة في مناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

ضاعفت الجماعة الحوثية من استهدافها الأكاديميين اليمنيين، وإخضاعهم لأنشطتها التعبوية، في حين تكشف تقارير عن انتهاكات خطيرة طالتهم وأجبرتهم على طلب الهجرة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ومحافظ مأرب ورئيس هيئة الأركان خلال زيارة سابقة للجبهات في مأرب (سبأ)

القوات المسلحة اليمنية: قادرون على تأمين الممرات المائية الاستراتيجية وعلى رأسها باب المندب

أكدت القوات المسلحة اليمنية قدرة هذه القوات على مواجهة جماعة الحوثي وتأمين البحر الأحمر والممرات المائية الحيوية وفي مقدمتها مضيق باب المندب الاستراتيجي.

عبد الهادي حبتور (الرياض)

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
TT

رسائل السيسي لـ«طمأنة» المصريين تثير تفاعلاً «سوشيالياً»

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال مشاركته الأقباط الاحتفال بعيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

حظيت رسائل «طمأنة» جديدة أطلقها الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، خلال احتفال الأقباط بـ«عيد الميلاد»، وأكد فيها «قوة الدولة وصلابتها»، في مواجهة أوضاع إقليمية متوترة، بتفاعل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي.

وقال السيسي، خلال مشاركته في احتفال الأقباط بعيد الميلاد مساء الاثنين، إنه «يتابع كل الأمور... القلق ربما يكون مبرراً»، لكنه أشار إلى قلق مشابه في الأعوام الماضية قبل أن «تمر الأمور بسلام».

وأضاف السيسي: «ليس معنى هذا أننا كمصريين لا نأخذ بالأسباب لحماية بلدنا، وأول حماية فيها هي محبتنا لبعضنا، ومخزون المحبة ورصيدها بين المصريين يزيد يوماً بعد يوم وهو أمر يجب وضعه في الاعتبار».

السيسي يحيّي بعض الأقباط لدى وصوله إلى قداس عيد الميلاد (الرئاسة المصرية)

وللمرة الثانية خلال أقل من شهر، تحدث الرئيس المصري عن «نزاهته المالية» وعدم تورطه في «قتل أحد» منذ توليه المسؤولية، قائلاً إن «يده لم تتلوث بدم أحد، ولم يأخذ أموال أحد»، وتبعاً لذلك «فلا خوف على مصر»، على حد تعبيره.

ومنتصف ديسمبر (كانون الأول) الماضي، قال السيسي في لقاء مع إعلاميين، إن «يديه لم تتلطخا بالدم كما لم تأخذا مال أحد»، في إطار حديثه عن التغييرات التي تعيشها المنطقة، عقب رحيل نظام بشار الأسد.

واختتم السيسي كلمته بكاتدرائية «ميلاد المسيح» في العاصمة الجديدة، قائلاً إن «مصر دولة كبيرة»، مشيراً إلى أن «الأيام القادمة ستكون أفضل من الماضية».

العبارة الأخيرة، التي كررها الرئيس المصري ثلاثاً، التقطتها سريعاً صفحات التواصل الاجتماعي، وتصدر هاشتاغ (#مصر_دولة_كبيرة_أوي) «التريند» في مصر، كما تصدرت العبارة محركات البحث.

وقال الإعلامي المصري، أحمد موسى، إن مشهد الرئيس في كاتدرائية ميلاد المسيح «يُبكي أعداء الوطن» لكونه دلالة على وحدة المصريين، لافتاً إلى أن عبارة «مصر دولة كبيرة» رسالة إلى عدم مقارنتها بدول أخرى.

وأشار الإعلامي والمدون لؤي الخطيب، إلى أن «التريند رقم 1 في مصر هو عبارة (#مصر_دولة_كبيرة_أوي)»، لافتاً إلى أنها رسالة مهمة موجهة إلى من يتحدثون عن سقوط أو محاولة إسقاط مصر، مبيناً أن هؤلاء يحتاجون إلى التفكير مجدداً بعد حديث الرئيس، مؤكداً أن مصر ليست سهلة بقوة شعبها ووعيه.

برلمانيون مصريون توقفوا أيضاً أمام عبارة السيسي، وعلق عضو مجلس النواب، محمود بدر، عليها عبر منشور بحسابه على «إكس»، موضحاً أن ملخص كلام الرئيس يشير إلى أنه رغم الأوضاع الإقليمية المعقدة، ورغم كل محاولات التهديد، والقلق المبرر والمشروع، فإن مصر دولة كبيرة وتستطيع أن تحافظ علي أمنها القومي وعلى سلامة شعبها.

وثمّن عضو مجلس النواب مصطفى بكري، كلمات السيسي، خاصة التي دعا من خلالها المصريين إلى التكاتف والوحدة، لافتاً عبر حسابه على منصة «إكس»، إلى مشاركته في الاحتفال بعيد الميلاد الجديد بحضور السيسي.

وربط مصريون بين عبارة «مصر دولة كبيرة» وما ردده السيسي قبل سنوات لقادة «الإخوان» عندما أكد لهم أن «الجيش المصري حاجة كبيرة»، لافتين إلى أن كلماته تحمل التحذير نفسه، في ظل ظهور «دعوات إخوانية تحرض على إسقاط مصر

وفي مقابل الكثير من «التدوينات المؤيدة» ظهرت «تدوينات معارضة»، أشارت إلى ما عدته تعبيراً عن «أزمات وقلق» لدى السلطات المصرية إزاء الأوضاع الإقليمية المتأزمة، وهو ما عدّه ناجي الشهابي، رئيس حزب «الجيل» الديمقراطي، قلقاً مشروعاً بسبب ما تشهده المنطقة، مبيناً أن الرئيس «مدرك للقلق الذي يشعر به المصريون».

وأوضح الشهابي، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أنه «رغم أن كثيراً من الآراء المعارضة تعود إلى جماعة الإخوان وأنصارها، الذين انتعشت آمالهم بعد سقوط النظام السوري، فإن المصريين يمتلكون الوعي والفهم اللذين يمكنّانهم من التصدي لكل الشرور التي تهدد الوطن، ويستطيعون التغلب على التحديات التي تواجههم، ومن خلفهم يوجد الجيش المصري، الأقوى في المنطقة».

وتصنّف السلطات المصرية «الإخوان» «جماعة إرهابية» منذ عام 2013، حيث يقبع معظم قيادات «الإخوان»، وفي مقدمتهم المرشد العام محمد بديع، داخل السجون المصرية، بعد إدانتهم في قضايا عنف وقتل وقعت بمصر بعد رحيل «الإخوان» عن السلطة في العام نفسه، بينما يوجد آخرون هاربون في الخارج مطلوبون للقضاء المصري.

بينما عدّ العديد من الرواد أن كلمات الرئيس تطمئنهم وهي رسالة في الوقت نفسه إلى «المتآمرين» على مصر.