تقدم في مباحثات الأسرى الفلسطينيين تؤجل الإضراب

اتفاق على الهواتف العمومية وخلافات حول أجهزة التشويش

TT

تقدم في مباحثات الأسرى الفلسطينيين تؤجل الإضراب

أرجأ الأسرى الفلسطينيون إضرابا مفتوحا عن الطعام، كان مقررا أمس بعد تقدم في مباحثات بين ممثليهم وإدارة مصلحة السجون أفضت إلى الاتفاق على بعض القضايا.
وقال رئيس هيئة شؤون الأسرى والمحررين قدري أبو بكر، إن الأسرى قرروا تأجيل الإضراب المفتوح عن الطعام، بعد تسجيل تقدم في الحوار مع إدارة سجون الاحتلال. وأضاف أبو بكر للوكالة الرسمية «إن الحوار لا يزال قائما بين ممثلي الأسرى وإدارة معتقلات الاحتلال حول مطالبهم، وإن القرار النهائي بخصوص الإضراب سيعلن فور انتهاء الحوار».
وأوضح أبو بكر أنه تم الاتفاق على تركيب هواتف عمومية داخل السجون، فيما يستمر الحوار حول عددها وفي أي الأقسام ستوضع، كما تم الاتفاق على إعادة الأسرى المنقولين والمعزولين جراء الأحداث الأخيرة في سجون الاحتلال، إلى السجون التي كانوا فيها، وإنهاء عزل المعاقبين داخل الزنازين، فيما يتواصل الحوار بخصوص زيارات أهالي الأسرى من قطاع غزة.
واستعد عشرات الأسرى أمس لإضراب كان يفترض أن يلتحق به 1400 أسير في 5 معتقلات خلال أسبوع (يوم 17 الجاري)، إذا لم تستجب إدارة مصلحة السجون الإسرائيلية لطلباتهم وأهمها إزالة أجهزة التشويش التي نصبتها في أقسام المعتقلات. وأعاد الأسرى منذ الصباح وجبات الإفطار اليومية، مطلقين على الإضراب اسم معركة «الكرامة الثانية» قبل أن يتراجعوا لاحقا.
ويوجد للأسرى 4 مطالب، وهي رفع أجهزة التشويش على الهواتف الجوالة (المهرَّبة)، وتركيب هاتف عمومي لتمكينهم من التواصل مع أهلهم وذويهم كباقي الأسرى في سجون العالم، وإعادة زيارات الأهالي إلى طبيعتها، بما في ذلك السماح لأهالي أسرى «حماس» من غزة بزيارة ذويهم كباقي الأسرى، والسماح بزيارة أهالي الضفة الغربية جميعاً مرتين بالشهر، وإلغاء الإجراءات والعقوبات السابقة كافة.
لكن طلب إزالة أجهزة التشويش يعد المطلب الأبرز، والأهم الذي يصرّ الأسرى على تحقيقه، وترفض إدارة مصلحة السجون التفاوض حوله.
وقال اللواء أبو بكر رئيس هيئة شؤون الأسرى، إلى أن مطالب الحركة الأسيرة تتمحور حول إزالة أجهزة التشويش التي وضعتها إدارة السجون، أخيراً، في سجن النقب، وما يترتب عليها من أضرار صحية، وحرمان المعتقلين من مشاهدة التلفاز والاستماع إلى الإذاعة.
ورد جلعاد أردان وزير الأمن الداخلي في إسرائيل، بتأكيده رفض إزالة أجهزة التشويش من غرف الأسرى. وقال أردان إنه سيتمّ التعامل مع الإضراب عن الطعام، مشيراً إلى زيادة عدد الأطباء والمضمّدين في السجون بهدف تقديم العلاج للسجناء المضربين، ميدانياً، دون الحاجة إلى نقلهم للمستشفيات. وأعرب أردان عن أمله في أن يفشل الإضراب.
ووصف أردان المضربين بـ«الإرهابيين»، وأوعز إلى مصلحة السجون بعدم التفاوض معهم. وأضاف: «من الجنون أن يكون بإمكان الإرهابيين في السجن التواصل مع مجموعات إرهابية». وتقول إسرائيل إن الأسرى يستخدمون الاتصالات في توجيه عمليات.
وقال مسؤول في مصلحة السجون إنه تم تحديد 14 حادثاً منفصلاً لمحادثات هاتفية غير قانونية، هدفت إلى التحريض على هجمات ضد إسرائيليين في الأشهر الأخيرة. ومستغلاً ذلك، قال أردان إنه لا ينوي «الاستسلام» لمطالبهم. وتابع: «إرهابيون يموتون من الجوع هو آخر ما يزعجني».
وبناء على تعليمات أردان، أعلنت إدارة مصلحة السجون، أمس، استكمال الاستعدادات للتعامل مع الإضراب، حيث تقرر في ختام جلسة ترأسها وزير الأمن الداخلي، اتخاذ إجراءات عقابية ضد المضربين عن الطعام، ومن جملة ذلك الفصل بينهم، وإحالتهم إلى أقسام أخرى في السجون، ومنعهم من لقاء محامين.
وكشف مدير مصلحة السجون أن المجلس الأمني والسياسي المصغر (الكابنيت) يتولى إدارة المعركة مع الأسرى. وقال مسؤول في مصلحة السجون: «تقييمنا هو أن الإضراب سيحدث على مراحل. في كل مرة ستنضمّ مجموعة مختلفة من الأسرى إلى الإضراب، لتحل محل مجموعة سبقتها. إننا نعرف كيفية احتواء أي نشاط للأسرى الأمنيين، ولدينا الطواقم الطبية القادرة على توفير حلول، إذا اقتضى الأمر». وأضاف المسؤول: «سنستخدم إجراءات تم تجريبها واختبارها، مثل عقاب فوري لقادة الاحتجاج والأسرى المشاركين. وسنقوم بتعزيز قواتنا (في السجون) لمنع التصعيد».
وإذا ما واصلت إسرائيل رفض طلبات الأسرى، فإن الإضراب سيتوسع تدريجياً بالفعل بحسب الخطة الموضوعة، لكن ثمة أمل لدى الفلسطينيين بحل القضية خلال أيام. وقال المتحدث باسم هيئة شؤون الأسرى حسن عبد ربه، إنهم أعطوا مهلة لمصلحة السجون في ضوء الحوارات التي عُقدت مساءي الخميس والجمعة الماضيين.
وأضاف: «نحن بانتظار رد مصلحة السجون على المطالب».
وكانت اجتماعات قد تمت، مساء أول من أمس (الجمعة)، بين قادة أسرى «حماس» ومصلحة السجون الإسرائيلية، أفضى إلى تقدم، وليس اتفاقاً.
ووافقت إدارة مصلحة السجون على تركيب هواتف عمومية وإلغاء العقوبات المفروضة على الأسرى في سجني النقب ورامون، لكنها رفضت إزالة أجهزة حجب نطاق الاتصالات في السجون.
ورسمت مصلحة السجون قبل أسبوع صورة للوضع المتوقع، تضمنت عدداً من خيارات للتعامل مع المضربين، بما في ذلك التغذية القسرية، وهو الإجراء الذي لم يوافق عليه الأطباء في المرة السابقة التي أضرب فيها السجناء.



«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
TT

«الوفد» المصري يدخل أزمة جديدة بعد فصل أحد قادته

رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)
رئيس «الوفد» الحالي عبد السند يمامة وإلى جواره رئيسه الأسبق السيد البدوي خلال أحد أنشطة الحزب (حزب الوفد)

دخل حزب «الوفد» المصري العريق في أزمة جديدة، على خلفية قرار رئيسه عبد السند يمامة، فصل أحد قادة الحزب ورئيسه الأسبق الدكتور السيد البدوي، على خلفية انتقادات وجَّهها الأخير إلى الإدارة الحالية، وسط مطالبات باجتماع عاجل للهيئة العليا لاحتواء الأزمة، فيما حذَّر خبراء من «موجة انشقاقات» تضرب الحزب.

وانتقد البدوي في حديث تلفزيوني، دور حزب الوفد الراهن، في سياق حديثه عمّا عدَّه «ضعفاً للحياة الحزبية» في مصر. وأعرب البدوي عن استيائه من «تراجع أداء الحزب»، الذي وصفه بأنه «لا يمثل أغلبية ولا معارضة» ويعد «بلا شكل».

وذكر البدوي، أن «انعدام وجوده (الوفد) أفقد المعارضة قيمتها، حيث كان له دور بارز في المعارضة».

و«الوفد» من الأحزاب السياسية العريقة في مصر، وهو الثالث من حيث عدد المقاعد داخل البرلمان، بواقع 39 نائباً. في حين خاض رئيسه عبد السند يمامة، انتخابات الرئاسة الأخيرة، أمام الرئيس عبد الفتاح السيسي، وحصل على المركز الرابع والأخير.

المقر الرئيسي لحزب «الوفد» في القاهرة (حزب الوفد)

وأثارت تصريحات البدوي استياء يمامة، الذي أصدر مساء الأحد، قراراً بفصل البدوي من الحزب وجميع تشكيلاته.

القرار ووجه بانتقادات واسعة داخل الحزب الليبرالي، الذي يعود تأسيسه إلى عام 1919 على يد الزعيم التاريخي سعد زغلول، حيث اتهم عدد من قادة الحزب يمامة بمخالفة لائحة الحزب، داعين إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا.

ووصف عضو الهيئة العليا للحزب فؤاد بدراوي قرار فصل البدوي بـ«الباطل»، موضحاً لـ«الشرق الأوسط» أن «لائحة الحزب تنظم قرارات فصل أي قيادي بالحزب أو عضو بالهيئة العليا، حيث يتم تشكيل لجنة تضم 5 من قيادات الحزب للتحقيق معه، ثم تُرفع نتيجة التحقيق إلى (الهيئة العليا) لتتخذ قرارها».

وأكد بدراوي أن عدداً من قيادات الحزب «دعوا إلى اجتماع طارئ للهيئة العليا قد يُعقد خلال الساعات القادمة لبحث الأزمة واتخاذ قرار»، معتبراً أن «البدوي لم يخطئ، فقد أبدى رأياً سياسياً، وهو أمر جيد للحزب والحياة الحزبية».

ويتخوف مراقبون من أن تتسبب الأزمة في تعميق الخلافات الداخلية بالحزب، مما يؤدي إلى «موجة انشقاقات»، وقال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور طارق فهمي لـ«الشرق الأوسط» إن «مشكلة فصل البدوي قد تؤدي إلى موجة انشقاقات داخل الحزب، وهي ظاهرة مرشحة للتفاقم في الحياة السياسية المصرية خلال الفترة القادمة، فمشكلة (الوفد) مثل باقي الأحزاب... لا توجد قناعة بتعدد الآراء والاستماع لجميع وجهات النظر».

وأكد فهمي أن «اجتماع الهيئة العليا لحزب (الوفد) لن يحل الأزمة، والحل السياسي هو التوصل إلى تفاهم، للحيلولة دون حدوث انشقاقات، فمشكلة (الوفد) أنه يضم تيارات وقيادات كبيرة تحمل رؤى مختلفة دون وجود مبدأ استيعاب الآراء كافة، وهو ما يؤدي إلى تكرار أزمات الحزب».

وواجه الحزب أزمات داخلية متكررة خلال السنوات الأخيرة، كان أبرزها إعلان عدد من قياداته في مايو (أيار) 2015 إطلاق حملة توقيعات لسحب الثقة من رئيسه حينها السيد البدوي، على خلفية انقسامات تفاقمت بين قياداته، مما أدى إلى تدخل الرئيس عبد الفتاح السيسي في الأزمة، حيث اجتمع مع قادة «الوفد» داعياً جميع الأطراف إلى «إعلاء المصلحة الوطنية، ونبذ الخلافات والانقسامات، وتوحيد الصف، وتكاتف الجهود في مواجهة مختلف التحديات»، وفق بيان للرئاسة المصرية حينها.

وأبدى فهمي تخوفه من أن «عدم التوصل إلى توافق سياسي في الأزمة الحالية قد يؤدي إلى مواجهة سياسية بين قيادات (الوفد)، ومزيد من قرارات الفصل، وهو ما سيؤثر سلباً على مكانة الحزب».

في حين رأى نائب مدير «مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» في مصر الدكتور عمرو هاشم ربيع، أن «(الوفد) سيتجاوز هذه الأزمة كما تجاوز مثلها»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «الأزمة ستمر مثل كثير من الأزمات، لكنها لن تمر بسهولة، وستحدث عاصفة داخل الحزب».

واستنكر ربيع فصل أحد قيادات حزب ليبرالي بسبب رأيه، قائلاً: «من الغريب أن يقوم رئيس حزب ليبرالي ينادي بحرية التعبير بفصل أحد قياداته بسبب رأيه».

كان البدوي قد أعرب عن «صدمته» من قرار فصله، وقال في مداخلة تلفزيونية، مساء الأحد، إن القرار «غير قانوني وغير متوافق مع لائحة الحزب»، مؤكداً أنه «لا يحق لرئيس الحزب اتخاذ قرار الفصل بمفرده».

وأثار القرار ما وصفها مراقبون بـ«عاصفة حزبية»، وأبدى عدد كبير من أعضاء الهيئة العليا رفضهم القرار، وقال القيادي البارز بحزب «الوفد» منير فخري عبد النور، في مداخلة تلفزيونية، إن «القرار يأتي ضمن سلسلة قرارات مخالفة للائحة الحزب، ولا بد أن تجتمع الهيئة العليا لمناقشة القرار».

ورأى عضو الهيئة العليا لحزب «الوفد» عضو مجلس النواب محمد عبد العليم داوود، أن قرار فصل البدوي «خطير»، وقال في مداخلة تلفزيونية إن «القرار لا سند له ولا مرجعية».

وفي يوليو (تموز) الماضي، شهد الحزب أزمة كبرى أيضاً بسبب مقطع فيديو جرى تداوله على نطاق واسع، على منصات التواصل الاجتماعي، يتعلق بحديث لعدد من الأشخاص، قيل إنهم قيادات بحزب «الوفد»، عن بيع قطع أثرية؛ مما أثار اتهامات لهم بـ«الاتجار غير المشروع في الآثار».