«الحراك الشعبي» يفتح شهية الجزائريين المهاجرين للعودة إلى التظاهر

بعضهم جاء من بريطانيا وكندا لضم أصواتهم للمطالبين برحيل رموز النظام

جزائريات خلال مشاركتهن في مظاهرات العاصمة أول من أمس (رويترز)
جزائريات خلال مشاركتهن في مظاهرات العاصمة أول من أمس (رويترز)
TT

«الحراك الشعبي» يفتح شهية الجزائريين المهاجرين للعودة إلى التظاهر

جزائريات خلال مشاركتهن في مظاهرات العاصمة أول من أمس (رويترز)
جزائريات خلال مشاركتهن في مظاهرات العاصمة أول من أمس (رويترز)

«أخذت إجازة من دون أجر للمجيء والمشاركة في مظاهرة الجزائر. أردت أن أكون هنا. إنه واجب»... هكذا عبرت شهرزاد قاسي «المنفية» في بريطانيا منذ 25 عاماً، التي وصلت لتضم صوتها إلى المتظاهرين المطالبين برحيل رموز النظام.
في وسط المظاهرة الكبرى التي عرفتها شوارع العاصمة، رفعت شهرزاد العلم الوطني على كتفيها، ولافتة بالإنجليزية تدعو مواطنيها في الخارج للحضور إلى الجزائر لدعم المحتجين، الذين يتظاهرون كل يوم جمعة منذ 22 فبراير (شباط) الماضي للمطالبة بسقوط «النظام» الحاكم.
ويعود كثير من الجزائريين المقيمين في الخارج إلى بلدهم الأصلي، سواء لقضاء عطلة نهاية الأسبوع، بينما يطلب آخرون إجازة للمشاركة في الحركة الشعبية غير المسبوقة. ويقيم هؤلاء عند أقارب خلال مشاركتهم هذه اللحظات التاريخية.
قالت شهرزاد أثناء مشاركتها في المظاهرة لوكالة الصحافة الفرنسية: «منذ 22 فبراير الماضي لم أعد أنام، وأصبحت مدمنة على الإنترنت لمتابعة الأحداث على مدار 24 ساعة، ولا يفوتني أي شيء على شبكات التواصل الاجتماعي».
وهذه هي المرة الثانية التي تشارك فيها شهرزاد في التظاهر. فقد وصلت إلى الجزائر الجمعة قبل الأخيرة، والتحقت بالمسيرة مباشرة من المطار. وقالت بابتسامة تعلو محياها إن استقالة الرئيس بوتفليقة، التي انتزعها المتظاهرون «مجرد بداية، ويبقى أن ترحل كل العصابة (الحاكمة)، وبناء جمهورية ثانية».
وُلدت شهرزاد في العاصمة، حيث درست علم الأحياء البحرية. وقبل 25 عاماً غادرت بلدها، على غرار كثير من الجزائريين آنذاك، هرباً من حرب أهلية قُتل فيها 200 ألف شخص، وفق حصيلة رسمية خلال 10 سنوات (1992 - 2002).
بعد عودتها إلى الجزائر، التحق بها جزء من عائلتها للمشاركة في المظاهرات. ووصل طليقها صلاح علالي من الدوحة (54 عاماً) مباشرة من المطار ليلتحق بشهرزاد وابنتهما ندى، خريجة كلية القانون، المولودة في المملكة المتحدة قبل 23 عاماً. كما شارك في المظاهرات ابن شقيقته يزيد نايت لعجيمي، وهو رجل أعمال يبلغ من العمر 36 عاماً، بعد أن وصل من لندن برفقة ندى.
وهيمن النقاش حول التغييرات التي تجري في البلاد والاحتجاجات على محادثات هؤلاء المهاجرين العائدين إلى وطنهم الجزائر. وما لفت نظر هؤلاء الجزائريين المقيمين في الخارج، هو استرجاع حرية التعبير، والطبيعة الحضارية لهذه المظاهرات، ومشاركة النساء بقوة.
وعلالي نقابي سابق، اختار المنفى بالمملكة المتحدة خلال «العشرية السوداء»، وهي التسمية التي تطلق على الحرب الأهلية، وقد مدّد عطلته أسبوعاً آخر، يُضاف إلى الإجازة غير مدفوعة الأجر للعودة إلى الوطن، وفي حقائبه جهاز مكبر للصوت يريد أن يتبرع به لجمعية. يقول علالي: «على هذا النظام أن يفهم أن هذه الثورة الشعبية لا بدّ أن تنتهي برحيله»، معبراً عن موافقته على «فترة انتقالية بإدارة شخصيات نزيهة».
وحتى ندى علالي، التي لا تعود للجزائر سوى في عطلة الصيف، قالت إنها تأثرت بـ«هذه الوحدة الشعبية من أجل هدف مشترك». فيما تحدث يزيد نايت لعجيمي بفخر عن مستوى التحضر والفكاهة لدى مواطنيهم. أما لعجيمي الذي يعيش في لندن منذ سن الثانية، فقد شارك في كل المظاهرات التي نظمها الجزائريون في العاصمة البريطانية. لكنه أصرّ على المجيء إلى الجزائر. وقال إن هذه الأحداث «تبعث على الأمل... ففي السابق كانت (الجزائر) تشعرك بالإحباط نوعاً ما». ولم يستبعد العودة للاستقرار في هذا البلد.
وفي موكب المظاهرة الصاخبة في وسط الجزائر أول من أمس، كانت هناك أيضاً خيرة، التي وصلت من مونتريال. هذه المرأة البالغة من العمر 65 عاماً، التي تعمل مربيّة أطفال، لا ترغب في ذكر اسمها بالكامل، حصلت هي الأخرى على إجازة غير مدفوعة «للمشاركة في هذه المسيرات التاريخية». وكانت قد التحقت سنة 2000 بأولادها بعدما أرسلتهم في ذروة الحرب الأهلية.
تقول خيرة بانفعال: «أولادي لديهم كل ما يحتاجونه هناك، لكنهم على استعداد للمجيء والعمل والاستثمار في بلدهم».



غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

غروندبرغ في صنعاء لحض الحوثيين على السلام وإطلاق المعتقلين

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

بعد غياب عن صنعاء دام أكثر من 18 شهراً وصل المبعوث الأممي هانس غروندبرغ إلى العاصمة اليمنية المختطفة، الاثنين، في سياق جهوده لحض الحوثيين على السلام وإطلاق سراح الموظفين الأمميين والعاملين الإنسانيين في المنظمات الدولية والمحلية.

وجاءت الزيارة بعد أن اختتم المبعوث الأممي نقاشات في مسقط، مع مسؤولين عمانيين، وشملت محمد عبد السلام المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية وكبير مفاوضيها، أملاً في إحداث اختراق في جدار الأزمة اليمنية التي تجمدت المساعي لحلها عقب انخراط الجماعة في التصعيد الإقليمي المرتبط بالحرب في غزة ومهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي بيان صادر عن مكتب غروندبرغ، أفاد بأنه وصل إلى صنعاء عقب اجتماعاته في مسقط، في إطار جهوده المستمرة لحث الحوثيين على اتخاذ إجراءات ملموسة وجوهرية لدفع عملية السلام إلى الأمام.

وأضاف البيان أن الزيارة جزء من جهود المبعوث لدعم إطلاق سراح المعتقلين تعسفياً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية.

صورة خلال زيارة غروندبرغ إلى صنعاء قبل أكثر من 18 شهراً (الأمم المتحدة)

وأوضح غروندبرغ أنه يخطط «لعقد سلسلة من الاجتماعات الوطنية والإقليمية في الأيام المقبلة في إطار جهود الوساطة التي يبذلها».

وكان المبعوث الأممي اختتم زيارة إلى مسقط، التقى خلالها بوكيل وزارة الخارجية وعدد من كبار المسؤولين العمانيين، وناقش معهم «الجهود المتضافرة لتعزيز السلام في اليمن».

كما التقى المتحدث باسم الحوثيين، وحضه (بحسب ما صدر عن مكتبه) على «اتخاذ إجراءات ملموسة لتمهيد الطريق لعملية سياسية»، مع تشديده على أهمية «خفض التصعيد، بما في ذلك الإفراج الفوري وغير المشروط عن المعتقلين من موظفي الأمم المتحدة والمجتمع المدني والبعثات الدبلوماسية باعتباره أمراً ضرورياً لإظهار الالتزام بجهود السلام».

قناعة أممية

وعلى الرغم من التحديات العديدة التي يواجهها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، فإنه لا يزال متمسكاً بقناعته بأن تحقيق السلام الدائم في اليمن لا يمكن أن يتم إلا من خلال المشاركة المستمرة والمركزة في القضايا الجوهرية مثل الاقتصاد، ووقف إطلاق النار على مستوى البلاد، وعملية سياسية شاملة.

وكانت أحدث إحاطة للمبعوث أمام مجلس الأمن ركزت على اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، مع التأكيد على أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام ليس أمراً مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وأشار غروندبرغ في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

الحوثيون اعتقلوا عشرات الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الدولية والمحلية بتهم التجسس (إ.ب.أ)

وقال إن العشرات بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

يشار إلى أن اليمنيين كانوا يتطلعون في آخر 2023 إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة الشرعية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، إلا أن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

ويحّمل مجلس القيادة الرئاسي اليمني، الجماعة المدعومة من إيران مسؤولية تعطيل مسار السلام ويقول رئيس المجلس رشاد العليمي إنه ليس لدى الجماعة سوى «الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».