الجزائر: «أيقونة الحراك» يطالب بابتعاد قائد الجيش عن السلطة

بوشاشي قال إن على العسكر ألا يتدخلوا في أي خيار سياسي يريده المواطنون

الجزائر: «أيقونة الحراك» يطالب بابتعاد قائد الجيش عن السلطة
TT

الجزائر: «أيقونة الحراك» يطالب بابتعاد قائد الجيش عن السلطة

الجزائر: «أيقونة الحراك» يطالب بابتعاد قائد الجيش عن السلطة

قال مراقبون بالجزائر إن إلحاق المخابرات بوزارة الدفاع، بعدما كانت تابعة لرئاسة الجمهورية، سيزيد من إحكام قائد الجيش الفريق أحمد قايد صالح، سيطرته على السلطة، ويضعه في «وضع جيد» ليصبح الرئيس الفعلي للبلاد. وفي غضون ذلك شدد المحامي والناشط البارز مصطفى بوشاشي، على أن «يكتفي الجيش بمرافقة المرحلة الانتقالية، وألا يتدخل في أي خيار سياسي يريده الجزائريون».
وأوردت وكالة الأنباء الحكومية، مساء أول من أمس، خبراً مفاده أن مصدراً مقرباً من وزارة الدفاع أعلن عن «إنهاء مهام اللواء عثمان طرطاق، مستشار لدى رئيس الجمهورية، مكلف التنسيق بين المصالح الأمنية». ونقلت الوكالة عن نفس المصدر أن «هذه الهيئة، التي سيّرها السيد طرطاق منذ 2015، صارت تحت وصاية وزارة الدفاع الوطني».
وتم تعيين طرطاق «منسقاً للمصالح الأمنية»، بمرسوم أصدره الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة، ولذلك فإن إقالته لا يمكن أن تكون، قانوناً، إلا بمرسوم رئاسي. كما أن الرئيس هو من استحدث «المصالح الأمنية» (عددها ثلاث) عام 2015، وألغى في الوقت نفسه «دائرة الاستعلام والأمن»، التي كانت تابعة لوزارة الدفاع. وإلغاؤها أول من أمس، ثم إعادتها إلى الوزارة نفسها، هو أيضاً من صلاحيات الرئيس، وليس من صلاحيات أي جهة أخرى في الدولة.
ويرجَّح أن قايد صالح، رئيس أركان الجيش والرجل القوي في الجيش، هو مَن أبعد طرطاق وضم مصالحه إلى الدفاع. علماً بأن بين الرجلين خصومة شديدة، وأن صالح كان يخشى أن يُعزل من طرف الرئاسة في عز الحراك الشعبي، لهذا مارس ضغوطاً كبيرة لإبعادهما (بوتفليقة وشقيقه)، وصرح بأنه بذلك «يحقق مطالب الشعب».
ويرى مراقبون أن الخطوة التي أقدم عليها قايد صالح (عزل طرطاق)، تعكس إرادة من جانبه لتعزيز قوته كحاكم فعلي للبلاد، خصوصاً أنه يُعزى إليه «تنحية العصابة من السلطة»، كما قال هو بنفسه في خطاب ناري ضد «جماعة الرئيس»، في الثاني من الشهر الجاري.
في غضون ذلك، قال رئيس الوزراء سابقاً علي بن فليس في مؤتمر صحافي أمس، إنه تعرض «لمضايقات من طرطاق، الذي كلف مجموعة من المخبرين بمراقبتي قرب البيت، ومجموعة أخرى تراقبني قرب الحزب»، الذي يرأسه «طلائع الحريات»، مشيراً إلى أن إقالته «جاءت في إطار التغييرات، التي فرضها الحراك الشعبي».
من جهته، ذكر المحلل السياسي محمد صالحي، وهو برلماني إسلامي سابقاً أن «طرطاق شخص خطير، وكان يجب تنحيته لأنه تآمر على الحراك، وعمل على إجهاضه... أما دستورية طريقة تنحيته من عدمها، فهو أمر جدير بالكلام والأخذ والرد. لكن مكان طرطاق أصلاً هو السجن وذلك بسبب الجرائم الفظيعة، التي ارتكبها في حق الشعب خلال التسعينات (فترة محاربة الإرهاب)، إذ لا يمكن لمجرم أن يكون مسؤولاً عن أمن مواطنيه... فهل يُعقل أن نضع على رأس جهاز الأمن شخصاً لم يكن له همّ سوى ترويع المعارضين بطرق يعرفها الجميع؟ أضف إلى ذلك أن القانون أصلاً لا يسمح بتعيين متقاعد من الجيش على رأس مديرية عسكرية، وبوتفليقة قام بتعيين طرطاق في 2015 نكاية في الجنرال توفيق (مدير المخابرات السابق)، باعتبار أن هذا الأخير هو من طرد طرطاق من المخابرات».
وأضاف صالحي موضحاً: «يبدو أن قيادة الجيش استرجعت صلاحياتها في التعيين وإنهاء المهام، باعتبار أن المنصب تابع للجيش أصلاً وليس للرئاسة. لكن من حق الحراك أن يطالب الجيش بتنحية رئيس الوزراء نور الدين بدوي، ورئيس المجلس الدستوري الطيب بلعيز، ورئيس مجلس الأمة عبد القادر بن صالح، باعتبار أن هؤلاء يشكلون خطراً على البلاد لأنهم النواة الصلبة لجماعة الرئيس المستقيل».
بدوره، لمح الناشط السياسي مصطفى بوشاشي (أيقونة الحراك) إلى احتمال أن يستأثر صالح بالسلطة، وذلك خلال مؤتمر عقده، أمس، في مدينة بجاية (شرق)، التي تعدّ من أولى المناطق التي ثارت ضد النظام.
فقد صرح بوشاشي بأن الجيش «ينبغي أن يكتفي بمرافقة الانتقال إلى الديمقراطية خلال المرحلة المقبلة. فهو لا يمكنه بأي حال أن يتدخل في السياسة، خصوصاً في ترتيب شؤون السلطة». وعدَّ كلامه موجهاً إلى قايد صالح. مبرزاً أن «الحراك لن يقبل بأي رمز من نظام بوتفليقة أن يتصدر واجهة الأحداث في المستقبل. إذ عليهم أن يرحلوا جميعاً». في إشارة إلى ابن صالح، رئيس الدولة لفترة 90 يوماً حسبما ينص عليه الدستور.
وأيّد بوشاشي مقترح عدد كبير من المتظاهرين بأن يُعهد بقيادة المرحلة الانتقالية إلى «هيئة» تتكون من 5 شخصيات، «مشهود لهم بالنزاهة ونظافة اليد، ولم يسبق لهم أن مارسوا مسؤوليات في الحكومة»، من دون ذكر أي اسم. علماً بأن بوشاشي نفسه من بين الأسماء المطروحة لتولي هذا الدور. غير أنه تحاشى الرد بوضوح على سؤال يخصه هو، طرحه عليه أحد الناشطين في بجاية.
إلى ذلك، اعتقلت الشرطة أمس، عشرات النقابيين في العاصمة، جاءوا من عدة ولايات للتظاهر في مقر «الاتحاد العام للعمال الجزائريين»، لمطالبة أمينه العام عبد المجيد سيدي السعيد بالاستقالة، أسوةً بالرئيس بوتفليقة.
وكان سيدي السعيد طيلة 20 سنة من أشد الموالين لبوتفليقة، وأخضع له النقابة التي ينتسب إليها 3 ملايين عامل، منعهم من تنظيم إضرابات بحجة «الإضرار بالاستقرار الذي تحقق بفضل سياسات الرئيس».



اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
TT

اعتقالات الحوثيين وتسليح الاقتصاد يهيمنان على إحاطة غروندبرغ

المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)
المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

تصدرت اعتقالات الحوثيين للموظفين الأمميين والإغاثيين، وتسليح الاقتصاد في اليمن، الإحاطة الشهرية للمبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ، أمام مجلس الأمن، الأربعاء، مع تأكيد المبعوث أن الحلّ السلمي وتنفيذ خريطة طريق تحقق السلام أمر ليس مستحيلاً، على الرغم من التصعيد الحوثي البحري والبري والردود العسكرية الغربية.

وقال المبعوث الأممي إنه من الضروري أن تقتنص الأطراف المعنية، والمنطقة، والمجتمع الدولي «اللحظات المحورية»، وألا تفوّت الفرصة لتحويلها إلى خطوات واضحة نحو تحقيق السلام المنشود في اليمن.

آثار مسيرة حوثية انفجرت في مبنى سكني في تل أبيب (أ.ف.ب)

ومع انهيار الاقتصاد وتدهور مستويات المعيشة، رأى غروندبرغ أنه لا يوجد أي مبرر لهذه المعاناة، وأن إنهاء الحرب في اليمن هو خيار حقيقي ومتاح، ويبقى ضمن متناول الأطراف، داعياً جميع الأطراف للانخراط بجدية مع الجهود التي يقودها لتنفيذ خريطة الطريق، والتي تهدف إلى تحقيق وقف إطلاق النار، وتنفيذ تدابير اقتصادية، تشمل دفع الرواتب بشكل مستدام، والتمهيد لعملية سياسية شاملة.

وحضّ غروندبرغ على اتخاذ الإجراءات اللازمة، وتقديم التنازلات، والتركيز الصادق على اليمن، باعتبار ذلك أمراً ضرورياً «إذا كانت الأطراف تسعى لتخفيف معاناة اليمنيين وإعادة الأمل في مستقبل يسوده السلام».

اعتقالات تعسفية

أشار المبعوث الأممي إلى اليمن في إحاطته إلى مرور 6 أشهر على بدء الحوثيين اعتقالات تعسفية استهدفت موظفين من المنظمات الدولية والوطنية، والبعثات الدبلوماسية، ومنظمات المجتمع المدني، وقطاعات الأعمال الخاصة.

وقال، رغم الإفراج عن 3 محتجزين، إن عشرات آخرين، بمن فيهم أحد أعضاء مكتبه لا يزالون رهن الاحتجاز التعسفي، «بل إن البعض يُحرم من أبسط الحقوق الإنسانية، مثل إجراء مكالمة هاتفية مع عائلاتهم». وفق تعبيره.

الحوثيون انخرطوا في ما يمسى محور المقاومة بقيادة إيران (إ.ب.أ)

ووصف المبعوث الأممي هذه الاعتقالات التعسفية بأنها «تشكل انتهاكاً صارخاً للحقوق الإنسانية الأساسية، وتسبب معاناة عميقة لأسرهم التي تعيش في حالة مستمرة من القلق والخوف على سلامة أحبائهم»، وشدّد على الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع المعتقلين، مع تعويله على دعم مجلس الأمن لتوصيل هذه الرسالة.

وأوضح غروندبرغ أن مكتبه ملتزم بشكل كبير بإطلاق سراح جميع المحتجزين على خلفية النزاع في اليمن، وقال إن هناك من قضى 10 سنوات رهن الاعتقال، داعياً الجميع إلى الوفاء بالتزاماتهم بموجب اتفاق استوكهولم، ومواصلة العمل بروح من التعاون الصادق للوفاء بهذا الملف الإنساني البالغ الأهمية، وأن تسترشد المفاوضات بالمبدأ المتفق عليه، وهو «الكل مقابل الكل».

عواقب وخيمة

وفي ما يخص الوضع الاقتصادي في اليمن، قال المبعوث الأممي إن الأزمة تتفاقم مجدداً، مع التنبيه إلى «العواقب الوخيمة» التي تترتب على الانكماش الاقتصادي، وتجزئته، واستخدامه كأداة في الصراع.

وأكد غروندبرغ أن الفشل في دفع رواتب ومعاشات القطاع العام أدّى إلى زيادة الفقر بشكل واسع، بينما أسهم التضخم المتزايد في جعل كثير من الأسر عاجزة عن تلبية احتياجاتها الأساسية، بما في ذلك الغذاء.

تدهور الاقتصاد وانقطاع الرواتب في اليمن تسببا في جوع ملايين السكان (أ.ف.ب)

وفي شأن مساعيه، أفاد المبعوث الأممي بأن مكتبه من خلال زيارات صنعاء وعدن أوضح مفترق الطرق الحاسم الذي تواجهه الأطراف، وهو إما الاستمرار في «المسار الكارثي من النزاع غير المحسوم وتسليح الاقتصاد الذي سيؤدي بلا شك إلى خسارة الجميع، أو التعاون لحلّ القضايا الاقتصادية لتمهيد الطريق نحو النمو وتحقيق مكاسب السلام الممكنة».

وأشار إلى أن العمل جارٍ على استكشاف حلول عملية وملموسة تهدف إلى استعادة الاستقرار وتعزيز الحوار بشأن الاقتصاد اليمني، بما يشمل دفع الرواتب واستئناف صادرات النفط والغاز، بما يخدم مصلحة الشعب اليمني وترجمة الالتزامات التي تعهدت بها الأطراف في يوليو (تموز) الماضي إلى خطوات ملموسة تعود بالفائدة على جميع اليمنيين.

التصعيد العسكري

في شأن التصعيد العسكري، قال غروندبرغ إن انعدام الأمن في البحر الأحمر لا يزال يتفاقم نتيجة أعمال الحوثيين، إلى جانب الهجمات على إسرائيل، والغارات الجوية التي شنّتها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة رداً على تلك التطورات.

وأشار إلى أن هذه الأحداث التي استمرت طوال العام، قلّصت الحيز المتاح لجهود الوساطة التي يقودها. وحضّ جميع الأطراف المعنية على اتخاذ خطوات جادة لتهيئة بيئة مناسبة، تمهد الطريق لحل النزاع في اليمن، وحذّر من أن الفشل في تحقيق ذلك لن يؤدي إلا إلى تعزيز دعوات العودة إلى الحرب.

طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

وأوضح أن الأوضاع الهشّة في اليمن لا تزال مستمرة على عدة جبهات، مع تصاعد الاشتباكات بشكل متكرر في مناطق، مثل الضالع، الحديدة، لحج، مأرب، صعدة، شبوة، تعز. ما يؤدي مراراً إلى خسائر مأساوية في الأرواح.

وتصاعدت الأعمال العدائية في المناطق الشرقية من تعز - وفق المبعوث الأممي - مع ورود تقارير عن وقوع انفجارات وقصف بالقرب من الأحياء السكنية.

وفي الأسبوع الماضي فقط، أورد المبعوث في إحاطته أن طائرة من دون طيار استهدفت سوقاً مزدحمة في مقبنة بمحافظة تعز، ما أسفر عن مقتل 6 أشخاص على الأقل، وإصابة آخرين بجروح خطرة.

ودعا غروندبرغ أطراف النزاع اليمني إلى التقيد الجاد بالتزاماتهم، بموجب القانون الإنساني الدولي، لضمان حماية المدنيين والبنية التحتية المدنية. وقال إن هذه الحوادث تسلط الضوء على الحاجة الملحة للتوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار.

ولدعم جهود التهدئة، أفاد المبعوث بأن مكتبه يتواصل مع المسؤولين العسكريين والأمنيين من الطرفين، لتسهيل الحوار حول الديناميكيات الحالية، واستكشاف سبل تعزيز بناء الثقة.