«بريكست الاقتصادي»... وجهان مرّان لعملة واحدة

علم بريطاني وعلم مؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مقر البرلمان في لندن (أ. ب)
علم بريطاني وعلم مؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مقر البرلمان في لندن (أ. ب)
TT

«بريكست الاقتصادي»... وجهان مرّان لعملة واحدة

علم بريطاني وعلم مؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مقر البرلمان في لندن (أ. ب)
علم بريطاني وعلم مؤيد للخروج من الاتحاد الأوروبي قرب مقر البرلمان في لندن (أ. ب)

تتوالى فصول قصة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي الذي انضمّت إليه عام 1973، ويستمر التراشق السياسي الداخلي حاداً، والسجال السياسي مع بروكسل – عاصمة الاتحاد – فاتراً حيناً وساخناً أحياناً.
ومع مرور الوقت واقتراب الاستحقاقات، لا يزال الغموض يكتنف ولادة "بريكست" شكلاً وموعداً، فهل تكون بعملية قيصرية ويبصر النور بعد أيام "بريكست" بلا اتفاق أو فوضويّ، أم تكون الولادة طبيعية في ظل اتفاق ينظّم العلاقات المستقبلية بين "الجزيرة" و"القارة"؟
لا شك في أن لهذه المسألة طبيعة سياسية عميقة تتصل بالهوية والسيادة والشعور بالانتماء. لكن لا شك أيضاً في أن نتائجها الاقتصادية ستكون ضخمة في جانبها البريطاني، فالفريقان المتباريان هنا غير متكافئين، يضم أولهما لاعباً واحداً هو المملكة المتحدة، فيما يضم الآخر 27 لاعباً. وبالتالي فإن الفريق الثاني قادر على تلقّف النتائج السلبية وتوزيع تداعياتها على الجميع، في حين أن الفريق الأول سيتلقاها وحيداً.
ويبدو أن ثمة شبه إجماع بين الهيئات الاقتصادية والخبراء على أن النتائج الاقتصادية ستكون سلبية، لا يخالفهم في ذلك إلا بعض غلاة المتحمسين للخروج من الاتحاد فوراً بلا أي اتفاق، والتخلص من هذا "العبء"، لتستطيع بريطانيا التحرر والتحليق عالياً في سماء الازدهار. وهؤلاء غافلون حتماً عن أن الزمن تغيّر، وقواعد اللعبة الجديدة والعولمة تفرض تداخلاً أكبر بل اندماجاً بين الدول، فيما هم ينادون بالسير في الاتجاه المعاكس.
بالتدرّج من المتفائل بحذر إلى المتشائم، نرى وزير المال البريطاني فيليب هاموند يقول: " صحيح أن الخروج سيجعل الاقتصاد أصغر قليلاً، لكن إذا أتممنا الصفقة بالطريقة التي حددتها رئيسة الوزراء وتفاوضت بشأنها، سنكون قادرين تماماً على التعامل مع هذا التأثير". غير أنه أقرّ بأن بقاء بريطانيا في السوق الأوروبية الموحّدة يعطيها حتماً مزايا اقتصادية، "إذا نظرنا إلى المسألة من الناحية الاقتصادية البحتة".
إلا أن لمؤسسة "ستاندارد أند بور" تقديرات أخرى مبنية على وقائع حصلت منذ الاستفتاء على الخروج في 23 يونيو (حزيران) 2016. فقد خسر الاقتصاد البريطاني بعد تصويت الأكثرية لمصلحة خيار الخروج 6.6 مليار جنيه إسترليني (8.7 مليار دولار) كل فصل. وقال كبير الاقتصاديين في المؤسسة بوريس غلاس، إن خامس أكبر اقتصاد في العالم كان سينمو بنحو 3 في المائة بحلول نهاية عام 2018 لو لم تصوّت البلاد لمصلحة مغادرة الاتحاد الأوروبي، وكانت معدلات النمو الفصلية ستبلغ في المتوسط نحو 0.7 في المائة ، بدلا من 0.43 في المائة حالياً. ولفت إلى أن هبوط قيمة الجنيه الاسترليني إزاء اليورو 18 في المائة غداة الاستفتاء أوجد مداً تضخمياً لا تزال بريطانيا تعاني منه حتى الآن في ظل عملة ضعيفة، خصوصاً أن الاستيراد صار مكلفاً أكثر بما أضعف القدرة الشرائية للأفراد وأثر سلباً على مستويات الاستهلاك. والغريب أن دراسة "ستاندارد أند بور" بيّنت أن تراجع قيمة الاسترليني لم يؤدِّ إلى ارتفاع الصادرات البريطانية كما كان مأمولاً.
أما تقديرات بنك "غولدمان ساكس" الاستثماري فجاءت أسوأ، إذ اعتبر محللوه وخبراؤه أن الاقتصاد البريطاني خسر منذ الاستفتاء نحو 600 مليون جنيه استرليني في الأسبوع، أي 7.8 مليار جنيه (10.12 مليار دولار) فصلياً.
... الأخبار السيئة لا تنتهي هنا. فهناك دراسة أجريت لمصلحة الحكومة البريطانية بيّنت أن خسارة البلاد حرية التجارة مع دول الاتحاد الأوروبي والعودة إلى قواعد منظمة التجارة العالمية، ستكلفان الشركات البريطانية نحو 65.5 مليار جنيه إسترليني سنويا (82 مليار دولار). وعلى مدار 15 عاما، سيؤدي ذلك إلى تقلّص الناتج المحلي الإجمالي بنسبة تتراوح بين 5.4 في المائة و 9.5 في المائة. وبالإضافة إلى الخسائر التجارية، سيكون على لندن أن تسدد نحو 20 مليار جنيه إسترليني من الفواتير غير المدفوعة إلى الاتحاد الأوروبي.
ويبدو حجم المشكلة واضحاً عندما نعلم أن 44 في المائة من صادرات المملكة المتحدة تذهب حاليا إلى دول الاتحاد، بما يعادل 220 مليار جنيه إسترليني من 510 مليارات سنوياً، أو 12.5 في المائة من الناتج المحلي. فماذا سيحلّ بهذه التجارة إذا حصل "بريكست" فوضوي وعادت الحواجز الجمركية وضريبة القيمة المضافة على الصادرات البريطانية إلى دول التكتل؟
والاحتمال الأخير عكس آثاره تقرير لبنك إنجلترا المركزي ورد فيه أن الخروج غير المنظّم من الاتحاد الأوروبي سيؤدي إلى انكماش الاقتصاد البريطاني بنسبة 8 في المائة، فيما ستنخفض قيمة الجنيه بنسبة تصل إلى 25 في المائة، ويمكن أن تتراجع أسعار المنازل بنسبة 30 في المائة. وخلص التقرير إلى أن التداعيات الاقتصادية ستكون أسوأ مما عانته بريطانيا بسبب الأزمة المالية العالمية في 2008 - 2009.
في الختام، إشارة إلى أن تقريراً حكومياً آخر، استنتج أن الخروج وفق اتفاق رئيسة الوزراء تيريزا ماي مع بروكسل بحرفيته سيجعل اقتصاد بريطانيا أقل حجماً بما هو عليه الآن بنسبة 4 في المائة بحلول العام 2030، بدل أن يكون قد نما نحو 20 إلى 25 في المائة. وهذا يعني أن "بريكست"، قاسياً كان أو ناعماً، سيوجّه ضربة قاسية إلى الاقتصاد البريطاني خلافاً لاعتقاد الحالمين بالعظمة.



«أوبن إيه آي» ترد على ماسك... «لا مكان للمحاكم في المنافسة»

شعار «أوبن إيه آي» يظهر أمام صورة إيلون ماسك (رويترز)
شعار «أوبن إيه آي» يظهر أمام صورة إيلون ماسك (رويترز)
TT

«أوبن إيه آي» ترد على ماسك... «لا مكان للمحاكم في المنافسة»

شعار «أوبن إيه آي» يظهر أمام صورة إيلون ماسك (رويترز)
شعار «أوبن إيه آي» يظهر أمام صورة إيلون ماسك (رويترز)

طلبت شركة «أوبن إيه آي» من قاضٍ فيدرالي في كاليفورنيا يوم الجمعة رفض طلب الملياردير إيلون ماسك لوقف تحويل صانع «تشات جي بي تي» إلى شركة ربحية.

كما نشرت «أوبن إيه آي» مجموعة من رسائل البريد الإلكتروني والرسائل النصية مع ماسك على موقعها الإلكتروني، لتدعي أنه كان قد دعم في البداية تحويل الشركة إلى ربحية قبل أن يبتعد عنها بعد فشله في الحصول على حصة أغلبية والسيطرة الكاملة على الشركة، وفق «رويترز».

مؤسس «أوبن إيه آي» ماسك، الذي أطلق لاحقاً شركة ذكاء اصطناعي منافسة تُسمى «إكس إيه آي»، قام برفع دعوى قضائية ضد «أوبن إيه آي» ورئيسها التنفيذي سام ألتمان وآخرين في أغسطس (آب) الماضي، زاعماً أنهم انتهكوا بنود العقد من خلال وضع الأرباح قبل المصلحة العامة في مساعيهم لتعزيز الذكاء الاصطناعي. وفي نوفمبر (تشرين الثاني)، طلب من القاضية إيفون جونزاليس روجرز في محكمة أوكلاند الفيدرالية إصدار أمر قضائي أولي يمنع «أوبن إيه آي» من التحول إلى هيكل ربحي.

وقالت «أوبن إيه آي» في منشورها على مدونتها إن ماسك «يجب أن يتنافس في السوق بدلاً من المحكمة».

منذ ذلك الحين، أضاف ماسك كلاً من «مايكروسوفت» وغيرها من الشركات كمدعى عليهم في دعواه، مدعياً أن «أوبن إيه آي» كانت تتآمر لإقصاء المنافسين واحتكار سوق الذكاء الاصطناعي التوليدي.

ونفت دعوى «أوبن إيه آي» في المحكمة وجود أي مؤامرة لتقييد المنافسة في السوق، وأكدت أن طلب ماسك للحصول على أمر قضائي أولي كان قائماً على «ادعاءات غير مدعومة».

وفي دعوى قضائية منفصلة، قالت «مايكروسوفت» يوم الجمعة إنها و«أوبن إيه آي» شركتان مستقلتان تسعيان لتحقيق استراتيجيات منفصلة، وتتنافسان بقوة مع بعضهما البعض ومع العديد من الشركات الأخرى. وأوضحت «مايكروسوفت» أن شراكتها مع «أوبن إيه آي» قد حفزت الابتكار بينهما وبين الآخرين.

وتأسست «أوبن إيه آي» كمنظمة غير ربحية في عام 2014، وأصبحت الوجه الأبرز للذكاء الاصطناعي التوليدي بفضل استثمارات ضخمة من «مايكروسوفت». وفي أكتوبر (تشرين الأول)، أغلقت الشركة جولة تمويل بقيمة 6.6 مليار دولار من المستثمرين، مما قد يرفع قيمة الشركة إلى 157 مليار دولار.

وقالت شركة «إكس إيه آي» التابعة لماسك في وقت سابق من هذا الشهر إنها جمعت نحو 6 مليارات دولار في تمويل الأسهم. وتعمل «أوبن إيه آي» حالياً على خطة لإعادة هيكلة أعمالها الأساسية لتصبح شركة ربحية، على أن تمتلك «أوبن إيه آي» غير الربحية حصة أقلية في الشركة الربحية.

ومن المقرر أن تستمع القاضية روجرز إلى حجج ماسك بشأن طلبه للأمر القضائي الأولي في 14 يناير (كانون الثاني).