اقترح محسن بلعباس، رئيس حزب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية (علماني)، مخرجاً للأزمة الحالية في الجزائر، يتمثل في تشكيل هيئة رئاسية ثلاثية تقود المرحلة الانتقالية، معتبراً أن الحراك الشعبي يستطيع أن يحكم على هذا الاقتراح، قبولاً أو رفضاً، من خلال المسيرات التي تشهدها البلاد كل يوم جمعة.
موضحاً أن الإسلاميين الجزائريين «لم يعودوا بالقوة التي كانوا عليها في نهاية الثمانينات وبداية تسعينات القرن الماضي، وليس في استطاعتهم الهيمنة على الحراك الآن».
وكان بلعباس أول من اقترح تفعيل مادة دستورية لعزل الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في ديسمبر (كانون الأول) 2012، أي قبل عام من إصابته بجلطة ظل يعاني منها حتى استقالته. وتولى بلعباس قيادة «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، خلفاً لسعيد سعدي في مارس (آذار) 2012.
وقال بلعباس في حوار مع «الشرق الأوسط»، أمس، إنه طالب بتفعيل المادة 88 من الدستور (المادة 102 في الدستور الحالي) سنة 2012، لأن بوتفليقة كان يواجه منذ ذلك الوقت متاعب صحية منعته من القيام بمهامه الرئاسية، حيث كان وقتها يعانى من قرحة، نُقِل على أثرها إلى مستشفى «فال دو غراس» الفرنسي، ولم يتمكن آنذاك من افتتاح السنة القضائية، وهو أمر كان قد اعتاد عليه منذ وصوله إلى الرئاسة عام 1999.
وأضاف بلعباس: «طالبنا آنذاك بتفعيل مادة الشغور الرئاسي، وحل البوليس السياسي، وأيضاً حل حزب جبهة التحرير الوطني لأنه يحتكر الذاكرة الوطنية منذ عام 1962 (الاستقلال)». لكن لم تلقَ هذه المطالب أيّ تجاوب عندما طُرحت. وبخصوص المرحلة الانتقالية المقبلة، اعتبر بلعباس أنه لا يمكن تسييرها بالعمل بالدستور الحالي. وقال بهذا الخصوص: «الشعب واضح في طلبه تغيير النظام كله. والحراك في الشارع قال إن الدستور اغتُصب مراراً وتكراراً. اغتصب في 2008 عندما رشح بوتفليقة لعهدة ثالثة، ثم لعهدة رابعة، وعندما انقلبوا على المجلس الشعبي الوطني، وعندما رشحوا بوتفليقة لعهدة خامسة. لا يمكن العمل بالدستور يوماً، والاستغناء عنه يوماً».
وتابع بلعباس موضحاً: «مطلب الشارع هو تغيير النظام. الشارع يقول إنا فعّلنا المادة 7 من الدستور، التي تقول إننا مصدر السلطات. والشارع يقول في حراكه إن كل الوجوه التي تورطت وتواطأت في كل المراحل السابقة، خصوصاً في مرحلة بوتفليقة، والتي تورطت في الفساد والتعديات على القوانين والدستور منذ 20 سنة، يجب أن ترحل».
لكن من يمكن أن يقود المرحلة الانتقالية؟ يجيب بلعباس: «هناك نقاش مجتمعي حول من يسيّر المرحلة الانتقالية. ففي 1992 عرفت الجزائر مرحلة انتقالية فرضها الجيش. عيّنوا المجلس الأعلى للدولة لقيادة مرحلة انتقالية، وكان الجيش يسيّرهم، باستثناء الرئيس الراحل محمد بوضياف، الذي اغتيل بعد 6 شهور. الآن هناك إمكانية، بحسب التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية، لانتخاب 3 شخصيات تشكل الهيئة العليا الانتقالية. الثلاثة تنتخبهم أسلاك القضاء والأساتذة الجامعيون والنقابات الحرة، ويجب ألا تتجاوز أعمارهم 60 سنة. والانتخاب يعطيهم نوعاً من الشرعية لا يوفرها التعيين. هذه الأسلاك شاركت في الحراك الشعبي، ولعبت أدواراً فيه»، مضيفاً: «نقترح أيضاً حكومة خلاص وطني، لا تتمثل بها الأحزاب السياسية. من يدخلها من وزراء يجب أن يأتي من المجتمع المدني. ويجب أن يكون وزير الدفاع مدنياً... قلنا كذلك إنه يجب أن تكون هناك هيئة مستقلة لمراقبة الانتخابات تتولى مراجعة قوائم الاقتراع، وصياغة قانون انتخاب يعرض على استفتاء شعبي، في نفس يوم الاستفتاء على الدستور الجديد، الذي يجب أن يكون جاهزاً خلال شهرين. أي أن الاستفتاء على الدستور وقانون الانتخاب يكون في الأسبوع الأخير من شهر يونيو (حزيران) (حزيران) المقبل».
وبسؤاله كيف يمكن قياس مدى قبول الحراك الشعبي بهذه الهيئة الرئاسية الانتقالية؟ أجاب بلعباس: «بالحوار. الشعب غير متعنّت. يقول إن هذه أهدافه، ويدعو النخبة إلى اعتماد خريطة طريق للوصول إليها. لا أحد يتكلم باسم الشارع، ولكن يوم الجمعة هو ما يحكم على النقاشات التي تجري خلال الأسبوع بخصوص تسيير المرحلة الانتقالية. هناك محاولات لاختراق حراك الشارع، ولكنّ هناك وعياً جماعياً يمنع تحقق ذلك».
وماذا عن الخوف من هيمنة الإسلاميين على الحراك، كونهم الأكثر تنظيماً في العادة؟
كجواب على هذا التساؤل يقول بلعباس: «لا أظن أنهم أكثر تنظيماً. كانوا كذلك حتى سنوات الإرهاب الأولى في التسعينات. لكن المعادلة تغيّرت الآن؛ فمنذ 1988 وحتى 1991 ساعدتهم الظروف لأن الشعب كان مستاء من الحكم الأحادي للحزب الواحد (جبهة التحرير). واستخدم الإسلاميون خطاباً راديكالياً ضد منظومة الفساد، وكان لديهم وجود قوي في المساجد وبعض الجامعات. لكن في 2019 تبدلت الأمور كثيراً. الإسلاميون كأحزاب موجودون. هناك ما بين 10 و15 حزباً إسلامياً، ولكن ليس هناك حزب منها يتفق مع حزب إسلامي آخر. الفيس (الجبهة الإسلامية للإنقاذ) لم يعودوا موجودين. هناك بعض الوجود لـ(أنصار الإنقاذ) في القبة وباب الوادي. وهناك الإسلام الاجتماعي، وهذا لا مشكلة بتاتاً فيه. الراديكالية قد تأتي من الإسلامي أو العلماني أو القومي. هي ليست حكراً على الإسلاميين. وتجربة التسعينات (سنوات العشرية الدموية) جعلت الجزائريين يقولون: لا، للراديكالية. ومنذ انطلاق الحراك في 22 فبراير (شباط) وجدنا في الشارع تنوعاً لكل الأطراف، وكلها تقبل بعضها بعضاً. هناك اقتناع بأن قوتنا في تنوعنا».
بلعباس: لا يمكن للإسلاميين الهيمنة على الحراك لافتقادهم قوة التسعينات
رئيس «التجمع من أجل الثقافة» يقترح هيئة ثلاثية «منتخبة» لقيادة المرحلة الانتقالية
بلعباس: لا يمكن للإسلاميين الهيمنة على الحراك لافتقادهم قوة التسعينات
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة