المال والإعلام والأمن رداً على المأزق السياسي

أزمة مؤسسات العمل العربي المشترك

المال والإعلام والأمن رداً على المأزق السياسي
TT

المال والإعلام والأمن رداً على المأزق السياسي

المال والإعلام والأمن رداً على المأزق السياسي

ألقى الواقع العربي والإسلامي والدولي المتأزم سياسياً وأمنياً واجتماعياً، ومبادرات الرئيس الأميركي دونالد ترمب عن القدس ومرتفعات الجولان السورية، بظلاله على القمة العربية في دورتها الـ30 في العاصمة التونسية تونس، ومقرراتها ذات الصبغة السياسية والاقتصادية والأمنية. وكان على رأس الأسئلة المطروحة أمام الجميع: هل يمكن للدول العربية اليوم تجاوز تعثر الجانب السياسي في العمل العربي المشترك الذي شهد منعرجاً منذ حرب الخليج عام 1991 والتصدع الذي استفحل بعد الاجتياح الأميركي للعراق عام 2003، واندلاع سلسلة من الحروب والأزمات بعد ثورات «الربيع العربي» عام 2011؟ وهل ينجح أكثر من 6 آلاف خبير ومسؤول عربي شاركوا في «قمة تونس»، والتظاهرات الموازية لها، في إعادة ثقة المواطن العربي في وحدة مصير العرب ومؤسسات العمل العربي المشترك، على الأقل، في قطاعات التنمية والأمن والثقافة والإعلام؟ وهل ستجد جامعة الدول العربية ومنظماتها المتخصصة، مثل المنظمة العربية للتربية والثقافة والعلوم (الألكسو)، حلاً لمعضلات تمويلها وديونها؟
يلاحظ أن تصريحات أغلب الرسميين والمثقفين والإعلاميين والحقوقيين العرب قبل «قمة تونس» الأخيرة، وبعدها، كشفت عن ارتفاع منسوب التفاؤل بإعادة الثقة في العمل العربي المشترك، مع دعوات إلى الاستعاضة عن الشعارات السياسية بمنطق تقاطع المصالح والشراكة الاقتصادية، وترفيع مستوى التنسيق والتعاون في قطاعات الأمن والقضاء والتربية والثقافة والإعلام. ولقد تضمن البيان الختامي للقمة 17 نقطة، بينها قرارات مهمة حول هذه القطاعات، بما فيها ملف الوقاية من التطرّف والإرهاب عبر التنمية البشرية والاقتصادية. ونوّه أحمد أبو الغيط، أمين عام جامعة الدول العربية، وعدد من وزراء الخارجية والاقتصاد والتجارة العرب بتلك القرارات. واعتبر السفير محمود الخميري، المدير العام للشؤون العربية والإسلامية في الخارجية التونسية والناطق الرسمي باسم القمة العربية، أن القادة العرب أخذوا بعين الاعتبار التوصيات الطموحة التمهيدية التي أعدها الخبراء، ثم مؤتمر وزراء الداخلية والعدل والشؤون الاقتصادية العرب.

التنمية أو التطرف والإرهاب
لقد أكد القرار الخامس عشر الصادر عن القمة على العلاقة بين ملفات الأمن والقضاء ودعم التنمية الشاملة في النهوض بأوضاع المنطقة. ونص على «تحصين المجتمعات العربية ضدّ آفات التطرف والإرهاب، وتقليص مظاهر الإقصاء والتهميش»، وأوصى بتطوير الاستثمار في قدرات الإنسان العربي وتأهيله علمياً ومعرفياً وقيَمياً. كذلك، شدّد البيان الختامي للقمة على «تحسين مؤشرات التنمية البشرية في البلدان العربية، وتوسيع مجالات مشاركة الشباب في الشأن العام وآليات اتخاذ القرار، ودعم دوره في تحقيق التنمية الاقتصادية والنهضة الاجتماعية، إلى جانب تعزيز دور المرأة ومشاركتها في مختلف مناحي الحياة العامّة، ومزيد من توفير أسباب تمكينها اقتصادياً واجتماعياً»، مع قرار بـ«تركيز الجهود على دعم خطط التربية والتعليم والبحث العلمي، وتمكين الشباب العربي من الأخذ بناصية العلوم والتكنولوجيات الحديثة».
واعترف بيان «قمة تونس»، أيضاً، بأهمية البعدين الاقتصادي والتنموي في العمل العربي المشترك، وبالحاجة الملحة إلى مضاعفة الجهود المشتركة من أجل دفع التعاون الاقتصادي وتفعيله. وأكدت القرارات على ضرورة تكثيف الجهود من أجل رفع حجم التبادل التجاري وإقامة المشاريع الاستثمارية، بما يمكنّ من بناء «تكتل اقتصادي عربي»، يكون قادراً على الانخراط الإيجابي في المنظومة الاقتصادية العالمية، والإسهام في دفع مسارات التنمية في البلدان العربية وتوفير فرص العمل للشباب العربي.

مناخ الأعمال... والشفافية
الخبير الاقتصادي التونسي رضا الشكندالي رحّب بالقرارات الاقتصادية والتنموية للقمة، واعتبر أنها يمكن أن تحقّق تقدماً نوعياً نحو إزالة القيود الجمركية عند التبادل التجاري المنتجات العربية. بيد أن الشكندالي اعتبر أن الإجراءات التجارية «غير قادرة وحدها على إعطاء ديناميكية للتجارة البينية للدول العربية». واشترط تحسين مناخ الأعمال لكثير الدول العربية التي تتبوأ مراتب متأخرة في ترتيب مناخ الأعمال إقليمياً ودولياً؛ ما يفسّر ضعف الاستثمارات البينية بين الدول العربية مقارنة بما تستثمره هذه الدول خارجها. واعتبر إلياس فخفاخ، وزير المالية التونسي السابق ورئيس المجلس الوطني لحزب التكتل التونسي، أن الدول العربية «مطالبة بفتح ملفات الشفافية والحوكمة الرشيدة وبيئة الأعمال في الدول العربية، وما يتبع ذلك من أولويات، مثل التحرّر من آفات الرشوة والبيروقراطية الإدارية والتعقيدات السياسية والجبائية وغيرها» من الآفات التي تعرقل دفع الاستثمارات البينية العربية.

فجوة عميقة
إلا أن المتابع لتوزيع الثروة في البلدان العربية يلاحظ الفجوة العميقة جداً بين منطقة المغرب العربي، التي تستوعب ربع سكان الوطن العربي، لكنها لا تمتلك إلا نحو 13 في المائة من الناتج الاقتصادي للوطن العربي، ودول مجلس التعاون الخليجي التي توفر أكثر من نصف الناتج العربي، بينما لا يمثل سكانها إلا 13 في المائة من السكان. ومن ثم، فإن الفجوة عميقة جداً بين متوسط الدخل السنوي في دول الخليج العربية وفي الدول المغاربية مثلاً، وهو في الدول الخليجية أكبر بحدود 8 أضعاف دخل المواطن في دول المغرب العربي، رغم وجود دولتين نفطيتين مغاربيتين، هما الجزائر وليبيا. ويبدأ الحل، حسب وزير التجارة التونسي السابق محسن حسن، في دعم التجارة البينية للدول العربية، التي وصفها حسن بأنها «الأضعف حالياً في التكتلات الإقليمية الدولية؛ إذ لا تمثل الواردات البينية إلا نحو 13 في المائة من الواردات الإجمالية للدول العربية و12 في المائة من صادراتها. وحقاً، تعتبر منطقة المغرب العربي الأقل تعاملاً مع الدول العربية؛ إذ لا تتجاوز قيمة صادراتها ووارداتها معها الـ7 في المائة تقريباً، خلافاً للدول الخليجية التي تربطها مبادلات بينية كبيرة. وأفاد حمادي الكعلي، رئيس مجلس الأعمال التونسي السعودي، بأن «الشهر الحالي سيشهد اجتماعين مهمين في جدة والرياض بين مستثمرين سعوديين وتونسيين ووزراء اقتصاد وتجارة من البلدين لمحاولة تدارك هذه الفجوة».

تقاطع المصالح
في السياق ذاته، دعا الحبيب بن يحيى، الأمين العام السابق للاتحاد المغاربي ووزير خارجية تونس سابقاً، إلى «تطبيع شامل للعلاقات العربية - العربية»، وإلى توظيف مقررات «قمة تونس» لتحسين فرص التنمية الاقتصادية والبشرية، والتفاعل مع مشاغل الشباب والجيل الجديد، وإعطاء فرصة «لتقاطع المصالح» ثنائياً وعربياً، وإطفاء الفتن والحرائق التي تؤرق الشعوب والحكومات العربية مشرقاً ومغرباً. في حين اعتبر وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي، أن من بين ما يدفع للتفاؤل تأكيد بيان «قمة تونس» على كون «ما يجمع البلدان والشعوب العربية أكثر بكثير مما يفرّقها، وأنّ استمرار الخلافات والصراعات في المنطقة، ساهم في استنزاف الكثير من الطاقات والإمكانات العربية، وتسبب في إضعاف التضامن العربي وأثّر في الأمن القومي العربي، كما أتاح التدخل في شؤون المنطقة».

وزراء الداخلية العرب
من ناحية ثانية، دعا بعض الخبراء والإعلاميين، مثل زياد كريشان، رئيس تحرير صحيفة «المغرب» التونسية، الدول العربية إلى «التواضع» ووقف رفع شعارات سياسية طموحة تتجاوز قدراتها. واقترح كريشان «إعطاء الأولوية للتنسيق الاقتصادي والأمني، وتفعيل دور الأمانة العامة لوزراء الداخلية العرب في مجالات مكافحة الجريمة المنظمة والمخدّرات والتطرّف والإرهاب، إلى جانب تشجيع بقية هيئات العمل المشترك ذات الصبغة التنموية، مثل الهيئة العربية للطاقة الذرية، ومنظمة الأسرة العربية، واتحاد إذاعات الدول العربية. وأورد عبد اللطيف عبيد، الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية، ومحمد بن علي كومان، الأمين العام لمجلس وزراء الداخلية العرب، أن التنسيق الأمني والقضائي بين الدول العربية يكاد يكون أهم إنجاز ملموس يحظى بالإجماع عربياً. ولقد ساهم خلال السنوات الـ30 الماضية في مكافحة انتشار المخدّرات والإرهاب والجريمة المنظمة والجرائم الإلكترونية والتهريب والهجرة غير القانونية؛ ما انعكس إيجاباً على الأوضاع الاقتصادية والتنموية العربية.

الأمن والتعليم والإعلام والثقافة
جدير بالذكر، أنه على بعد أمتار قليلة من مقر انعقاد القمة العربية الـ30 ناقش مئات الخبراء والمسؤولين عن قطاعات الاقتصاد والأمن والتعليم والإعلام والثقافة في جامعة الدول العربية والدول الأعضاء مشاريع بالجملة، تتصل بدعم سياسات «تقاطع المصالح» الثنائية والجماعية على «الشعارات السياسية الوحدوية الطموحة التي تبدو غير واقعية في مرحلة إعادة بناء النظامين الإقليمي والدولي»، على حد تعبير الخبير العراقي الأممي دار البصام، ووزير المالية التونسي السابق حكيم حمودة. وبحث المؤتمر، الذي شارك فيه رسميون كبار من تونس ودول عربية وإسلامية عدة، طوال 3 أيام مواضيع تنمية عربية ذات أبعاد مصيرية، من بينها: التعليم واحتياجات سوق العمل العربية، والمشاريع الصغيرة والمتوسطة وريادة الأعمال، والإعلام الحديث والاقتصاد الرقمي، والزراعة الذكية، والاستثمار والتنمية والاستقرار الأمني والتنمية الشاملة، ودور مؤسسات العمل العربي المشترك في تحقيق أهداف التنمية المستدامة في المنطقة العربية. كذلك، نظم جلسة حول التجارب والممارسات الناجحة لبعض مؤسسات العمل العربي المشترك في قطاعات الإعلام والثقافة والتربية والعلوم والتكنولوجيا والطاقة الذرية والأمن.
ولعل من أبرز نقاط القوة في هذا المؤتمر الذي عُقد على هامش القمة، أنه أصدر توصيات عملية أكدت على دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، واعتبارها «قاطرة للتنمية» وآلية ناجعة لمواجهة الكثير من التحديات، وبخاصة البطالة والفقر والتهميش في صفوف الشباب. وصدرت عن المؤتمر توصيات الملاءمة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل في المنطقة العربية، مع التأكيد على توظيف التقنيات الحديثة في الزراعة لتوفير الأمن الغذائي والأمن العربي، وفي الإعلام والتربية والتعليم.

التمويل الذاتي... قصة نجاح
وفي ظل الأزمات المالية والإدارية التي تتخبط فيها مؤسسات العمل العربي المشترك، تبدو «قصة النجاح الوحيدة» هي اتحاد إذاعات الدول العربية؛ لأنه اعتمد منذ أزمة 1990 - وتحديداً، منذ 1996 - استراتيجية شاملة وناجعة للتمويل الذاتي، حسب مديره العام المهندس عبد الرحيم سليمان. وتابع سليمان موضحاً أنه بخلاف منظمات العمل العربي المشترك التي تعتمد على الهبات أو مساهمات الدول الأعضاء، فإن اتحاد إذاعات الدول العربية اعتمد كلياً على التمويل الذاتي، وعلى مردود الخدمات الإعلامية والاتصالية التي يقدمها للدول ولمؤسسات القنوات الإذاعية والتلفزيونية ومشاهديها. وجرى تطوير نظام التمويل الذاتي، بضبط صيغة جديدة لتمويل الموازنة السنوية للاتحاد اعتباراً من عام 2017، وأعيد النظر في كيفية استثمار أموال الاتحاد لدى البنوك بصفة جذريّة. وأدى هذا الخيار إلى نتائج إيجابية جداً، واعتماد الاتحاد على موارده الذاتية في بناء مقره الجديد ومؤسسة دولية للتدريب، كما شرع في بناء فندق خاص به وضيوفه.

السير بين الألغام
في المقابل، يعتقد بعض المثقفين العرب، مثل الخبير الفلسطيني سيف الدرين، أن مقررات مؤتمرات القادة العرب، وكذلك توصيات مؤتمرات وزراء العدل والداخلية والتجارة والاقتصاد والمالية والخارجية العرب، «قد تحال على الأرشيف ولا تجد طريقها إلى التنفيذ» إذا لم ينجح صنّاع القرار في العواصم العربية في «السير بين الألغام» واحتواء الأزمات والصراعات المدمّرة التي تشهدها المنطقة، وبالذات، في فلسطين، وليبيا، وسوريا، واليمن، والخليج.
وبحكم تعقد الأوضاع السياسية والاقتصادية الاجتماعية الداخلية في عدد من الدول العربية، وتراكم الصعوبات الاقتصادية في الدول الأوروبية – التي هي الشريك الاقتصادي الأول لكثرة منها -، دعا سياسيون تونسيون، مثل رضا بالطيب، وزير الاقتصاد والاستثمار الدولي التونسي السابق، إلى تفعيل مقترحات قديمة سبق أن قدمها بعض الخبراء الاقتصاديين العرب، مثل اعتماد برنامج «مارشال عربي»... تخصّص من خلاله مبالغ مالية رمزية لدعم اقتصاديات الدول العربية غير النفطية التي تواجه صعوبات كبيرة، مثل تونس، والأردن، وموريتانيا، وسوريا، والسودان.

مخاوف وحذر
في الأثناء، عُبّر في وسائل الإعلام التقليدية والاجتماعية التونسية والعربية عن مخاوف بالجملة من الحكومات العربية في تنفيذ توصيات الخبراء والوزراء وقرارات الملوك والرؤساء العرب، وأيضاً في التفاعل مع مطالب ممثلي المجتمع المدني والشعوب العربية، وعلى رأسها الحق في التنمية والديمقراطية والإصلاح السياسي. ولقد رحب وزير الخارجية التونسي خميس الجهيناوي بما وصفه «وجهة نظر المجتمع المدني» ومقترحاته للقادة، لكن «شرط التعبير عنها في سياق احترام القانون ومصالح البلاد وثوابتها». ويذكر أن القمة العربية التي كانت قد عقدت في تونس عام 2004 تزامنت بدورها مع تنظيم قمة موازية من قِبل نشطاء في المجتمع المدني التونسي والعربي، بمشاركة عدد كبير من الحقوقيين والإعلاميين والمثقفين. وقد تأتي الأسابيع والأشهر المقبلة بالجديد، وستكشف ما إذا كانت العواصم العربية ستنفذ مقررات القمة على الأقل في أبعادها الاقتصادية والتنموية والأمنية، أم يحصل العكس.
لكن التطورات في مجالات الشراكة الاقتصادية ورفع مستوى التنسيق الأمني ومكافحة الإرهاب والمخدرات، أمور تبقى رهينة المتغيرات الداخلية في الدول العربية، وبخاصة تلك التي تمر بمرحلة مخاض سياسي اجتماعي، كالجزائر، وتونس، والسودان، والأردن. كذلك ستكون رهينة تطورات الأوضاع الاستثنائية في البلدان التي تعاني منذ 7 سنوات من الحروب، مثل اليمن، وسوريا، وليبيا.
هذه الأوضاع الاستثنائية تؤكد الحاجة إلى «خطة بديلة» للعمل العربي المشترك، تعطى فيه الأولوية للملفات التي يوجد حولها قدر من التوافق والإجماع، مثل التنسيق الأمني، والشراكة الاقتصادية، والثقافية، والتربوية، والإعلامية.

العرب والتكامل الاقتصادي: أرقام وحقائق
> منذ أربعينات القرن الـ20، أسست الدول العربية «بروتوكول الإسكندرية» عام 1944، وأقرّت «ميثاق الجامعة العربية» عام 1945.
> خلال عقد الثمانينات من القرن الماضي، وُقّع على «ميثاق العمل الاقتصادي القومي» عام 1980، و«اتفاقية تيسير وتنمية التبادل التجاري بين الدول العربية» عام 1981.
> عام 1997، جرى إقرار «قواعد المنشأ العربية لتسهيل التبادل التجاري بين الدول العربية».
> عام 1988، أُعلن عن «منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى».
> أسست الدول العربية 7 اتحادات عربية في مجالات عدة تغطي النقل البري والبحري، والصناعات الهندسية، والصناعة، والزراعة، والصيد البحري، والتأمين، هي: الاتحاد العربي للنقل البري، واتحاد الموانئ البحرية العربية، والاتحاد العربي لغرف الملاحة البحرية، والاتحاد العربي للصناعات الهندسيـة، والاتحاد لغرف التجارة والصناعة والزراعة، والاتحاد العام العربي للتأمين، والاتحاد العربي لمنتجي الأسماك.
> أسست الدول العربية 9 منظمات عربية تنموية متخصّصة، هي: مجلس الوحدة الاقتصادية العربية، ومنظمة الأقطار العربية المصدرة للبترول (أوابك)، والمنظمة العربية للتنمية الإدارية، والمركز العربي لدراسات المناطق الجافة والأراضي القاحلة، والأكاديمية العربية للعلوم والتكنولوجيا والنقل البحري، ومنظمة العمل العربية، والمنظمة العربية للتنمية الزراعية، والمؤسسة العربية للاتصالات الفضائية، والمؤسسة العربية لضمان الاستثمار.
> تمثل الدول العربية مجتمعة نحو 400 مليون نسمة بناتج محلي إجمالي يناهز 354 2 مليار دولار أميركي، نصفه تقريباً من إجمالي السلع الإنتاجية والنصف الآخر من الخدمات الإنتاجية (26 في المائة) والخدمات الاجتماعية (28 في المائة).
> تمثل الصناعات الاستخراجية 41 في المائة من مجموع الإنتاج السلعي، بينما لا تمثل الزراعة والصيد البحري سوى 6 في المائة.
> تنتج دول مجلس التعاون الخليجي أكثر من نصف إجمالي الناتج المحلي للدول العربية مجتمعة (59 في المائة)، وبخاصة المملكة العربية السعودية (27 في المائة) ودولة الإمارات العربية المتحدة (16 في المائة) تليهما مصر (11 في المائة)، بينما لا تمثل دول المغرب العربي إلا 14 في المائة من مجموع إنتاج الدول العربية، رغم إنتاج الجزائر وليبيا للنفط والغاز.



لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
TT

لبنان يواجه تحدّيات مصيرية في زمن التحوّلات

جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)
جريمة اغتيال رفيق الحريري (غيتي)

يواجه لبنان جملة من التحديات السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية، خصوصاً في مرحلة التحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة وترخي بثقلها على واقعه الصعب والمعقّد. ولا شك أن أهم هذه التحوّلات سقوط نظام بشّار الأسد في سوريا، وتراجع النفوذ الإيراني الذي كان له الأثر المباشر في الأزمات التي عاشها لبنان خلال السنوات الأخيرة، وهذا فضلاً عن تداعيات الحرب الإسرائيلية وآثارها التدميرية الناشئة عن «جبهة إسناد» لم تخفف من مأساة غزّة والشعب الفلسطيني من جهة، ولم تجنّب لبنان ويلات الخراب من جهة ثانية.

إذا كانت الحرب الإسرائيلية على لبنان قد انتهت إلى اتفاق لوقف إطلاق النار برعاية دولية، وإشراف أميركي ـ فرنسي على تطبيق القرار 1701، فإن مشهد ما بعد رحيل الأسد وحلول سلطة بديلة لم يتكوّن بعد.

وربما سيحتاج الأمر إلى بضعة أشهر لتلمُّس التحدّيات الكبرى، التي تبدأ بالتحدّيات السياسية والتي من المفترض أن تشكّل أولوية لدى أي سلطة جديدة في لبنان. وهنا يرى النائب السابق فارس سُعَيد، رئيس «لقاء سيّدة الجبل»، أنه «مع انهيار الوضعية الإيرانية في لبنان وتراجع وظيفة (حزب الله) الإقليمية والسقوط المدوّي لحكم البعث في دمشق، وهذا إضافة إلى الشغور في رئاسة الجمهورية، يبقى التحدّي الأول في لبنان هو ملء ثغرات الدولة من أجل استقامة المؤسسات الدستورية».

وأردف سُعَيد، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، إلى أنه «بعكس الحال في سوريا، يوجد في لبنان نصّ مرجعي اسمه الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني، وهذا الدستور يجب أن يحترم بما يؤمّن بناء الدولة والانتقال من مرحلة إلى أخرى».

الدستور أولاً

الواقع أنه لا يمكن لمعطيات علاقة متداخلة بين لبنان وسوريا طالت لأكثر من 5 عقود، و«وصاية دمشق» على بيروت ما بين عامَي 1976 و2005 - وصفها بعض معارضي سوريا بـ«الاحتلال» - أن تتبدّل بين ليلة وضحايا على غرار التبدّل المفاجئ والصادم في دمشق. ثم إن حلفاء نظام دمشق الراحل في لبنان ما زالوا يملكون أوراق قوّة، بينها تعطيل الانتخابات الرئاسية منذ 26 شهراً وتقويض كل محاولات بناء الدولة وفتح ورشة الإصلاح.

غير أن المتغيّرات في سوريا، وفي المنطقة، لا بدّ أن تؤسس لواقع لبناني جديد. ووفق النائب السابق سُعَيد: «إذا كان شعارنا في عام 2005 لبنان أولاً، يجب أن يكون العنوان في عام 2024 هو الدستور أولاً»، لافتاً إلى أن «الفارق بين سوريا ولبنان هو أن سوريا لا تملك دستوراً وهي خاضعة فقط للقرار الدولي 2254. في حين بالتجربة اللبنانية يبقى الدستور اللبناني ووثيقة الوفاق الوطني المرجعَين الصالحَين لبناء الدولة، وهذا هو التحدي الأكبر في لبنان».

وشدّد، من ثم، على ضرورة «استكمال بناء المؤسسات الدستورية، خصوصاً في المرحلة الانتقالية التي تمرّ بها سوريا»، وتابع: «وفي حال دخلت سوريا، لا سمح الله، في مرحلة من الفوضى... فنحن لا نريد أن تنتقل هذه الفوضى إلى لبنان».

العودة للحضن العربي

من جهة ثانية، يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة عمّا كان الوضع عليه في العقود السابقة. ولا يُخفي السياسي اللبناني الدكتور خلدون الشريف، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن لبنان «سيتأثّر بالتحوّلات الكبرى التي تشهدها المنطقة، وحتميّة انعكاس ما حصل في سوريا على لبنان». ويلفت إلى أن «ما حصل في سوريا أدّى إلى تغيير حقيقي في جيوبوليتيك المنطقة، وسيكون له انعكاسات حتمية، ليس على لبنان فحسب، بل على المشرق العربي والشرق الأوسط برمته أيضاً».

الاستحقاق الرئاسي

في سياق موازٍ، قبل 3 أسابيع من موعد جلسة انتخاب الرئيس التي دعا إليها رئيس مجلس النواب نبيه برّي في التاسع من يناير (كانون الثاني) المقبل، لم تتفق الكتل النيابية حتى الآن على اسم مرشّح واحد يحظى بأكثرية توصله إلى قصر بعبدا.

وهنا، يرى الشريف أنه بقدر أهمية عودة لبنان إلى موقعه الطبيعي في العالم العربي، ثمّة حاجة ماسّة لعودة العرب إلى لبنان، قائلاً: «إعادة لبنان إلى العرب مسألة مهمّة للغاية، شرط ألّا يعادي أي دولة إقليمية عربية... فلدى لبنان والعرب عدوّ واحد هو إسرائيل التي تعتدي على البشر والحجر». وبغض النظر عن حتميّة بناء علاقات سياسية صحيحة ومتكافئة مع سوريا الجديدة، يلفت الشريف إلى أهمية «الدفع للتعاطي معها بإيجابية وانفتاح وفتح حوار مباشر حول موضوع النازحين والشراكة الاقتصادية وتفعيل المصالح المشتركة... ويمكن للبلدين، إذا ما حَسُنت النيّات، أن يشكلّا نموذجاً مميزاً للتعاون والتنافس تحت سقف الشراكة».

يحتاج لبنان في المرحلة المقبلة إلى مقاربة جديدة

النهوض الاقتصادي

وحقاً، يمثّل الملفّ الاقتصادي عنواناً رئيساً للبنان الجديد؛ إذ إن بناء الاقتصاد القوي يبقى المعيار الأساس لبناء الدولة واستقرارها، وعودتها إلى دورها الطبيعي. وفي لقاء مع «الشرق الأوسط»، قال الوزير السابق محمد شقير، رئيس الهيئات الاقتصادية في لبنان، إن «النهوض الاقتصادي يتطلّب إقرار مجموعة من القوانين والتشريعات التي تستجلب الاستثمارات وتشجّع على استقطاب رؤوس الأموال، على أن يتصدّر الورشة التشريعية قانون الجمارك وقانون ضرائب عصري وقانون الضمان الاجتماعي».

شقير يشدّد على أهمية «إعادة هيكلة القطاع المصرفي؛ إذ لا اقتصاد من دون قطاع مصرفي». ويشير إلى أهمية «ضبط التهريب على كل طول الحدود البحرية والبرّية، علماً بأن هذا الأمر بات أسهل مع سقوط النظام السوري، الذي طالما شكّل عائقاً رئيساً أمام كل محاولات إغلاق المعابر غير الشرعية ووقف التهريب، الذي تسبب بخسائر هائلة في ميزانية الدولة، بالإضافة إلى وضع حدّ للمؤسسات غير الشرعية التي تنافس المؤسسات الشرعية وتؤثر عليها».

نقطة جمارك المصنع اللبنانية على الحدود مع سوريا (آ ف ب)

لبنان ودول الخليج

يُذكر أن الفوضى في الأسواق اللبنانية أدت إلى تراجع قدرات الدولة، ما كان سبباً في الانهيار الاقتصادي والمالي، ولذا يجدد شقير دعوته إلى «وضع حدّ للقطاع الاقتصادي السوري الذي ينشط في لبنان بخلاف الأنظمة والقوانين، والذي أثّر سلباً على النمو، ولا مانع من قوننة ليعمل بطريقة شرعية ووفق القوانين اللبنانية المرعية الإجراء». لكنه يعبّر عن تفاؤله بمستقبل لبنان السياسي والاقتصادي، قائلاً: «لا يمكن للبنان أن ينهض من دون علاقات طيّبة وسليمة مع العالم العربي، خصوصاً دول الخليج... ويجب أن تكون المهمّة الأولى للحكومة الجديدة ترسيخ العلاقات الجيّدة مع دول الخليج العربي، ولا سيما المملكة العربية السعودية التي طالما أمّنت للبنان الدعم السياسي والاقتصادي والمالي».

ضبط السلاح

على صعيد آخر، تشكّل الملفات الأمنية والعسكرية سمة المرحلة المقبلة، بخاصةٍ بعد التزام لبنان فرض سلطة الدولة على كامل أراضيها تطبيقاً للدستور والقرارات الدولية. ويعتبر الخبير العسكري والأمني العميد الركن فادي داوود، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أن «تنفيذ القرار 1701 ومراقبة تعاطيها مع مكوّنات المجتمع اللبناني التي تحمل السلاح، هو التحدّي الأكبر أمام المؤسسات العسكرية والأمنية». ويوضح أن «ضبط الحدود والمعابر البرية مع سوريا وإسرائيل مسألة بالغة الدقة، سيما في ظل المستجدات التي تشهدها سوريا، وعدم معرفة القوة التي ستمسك بالأمن على الجانب السوري».

مكافحة المخدِّرات

وبأهمية ضبط الحدود ومنع الاختراق الأمني عبرها، يظل الوضع الداخلي تحت المجهر في ظلّ انتشار السلاح لدى معظم الأحزاب والفئات والمناطق اللبنانية، وهنا يوضح داوود أن «تفلّت السلاح في الداخل يتطلّب خطة أمنية ينفّذها الجيش والأجهزة الأمنية كافة». ويشرح أن «وضع المخيمات الفلسطينية يجب أن يبقى تحت رقابة الدولة ومنع تسرّب السلاح خارجها، إلى حين الحلّ النهائي والدائم لانتشار السلاح والمسلحين في جميع المخيمات»، منبهاً إلى «معضلة أمنية أساسية تتمثّل بمكافحة المخدرات تصنيعاً وترويجاً وتصديراً، سيما وأن هناك مناطق معروفة كانت أشبه بمحميات أمنية لعصابات المخدرات».

حقائق

علاقات لبنان مع سوريا... نصف قرن من الهيمنة

شهدت العلاقات اللبنانية - السورية العديد من المحطات والاستحقاقات، صبّت بمعظمها في مصلحة النظام السوري ومكّنته من إحكام قبضته على كلّ شاردة وواردة. وإذا كان نفوذ دمشق تصاعد منذ دخول جيشها لبنان في عام 1976، فإن جريمة اغتيال الرئيس اللبناني المنتخب رينيه معوض في 22 نوفمبر (تشرين الثاني) 1989 - أي يوم عيد الاستقلال - شكّلت رسالة. واستهدفت الجريمة ليس فقط الرئيس الذي أطلق مرحلة الشروع في تطبيق «اتفاق الطائف»، وبسط سلطة الدولة على كامل أراضيها وحلّ كل الميليشيات المسلّحة وتسليم سلاحها للدولة، بل أيضاً كلّ من كان يحلم ببناء دولة ذات سيادة متحررة من الوصاية. ولكنْ ما إن وُضع «اتفاق الطائف» موضع التنفيذ، بدءاً بوحدانية قرار الدولة، أصرّ حافظ الأسد على استثناء سلاح «حزب الله» والتنظيمات الفلسطينية الموالية لدمشق، بوصفه «سلاح المقاومة لتحرير الأراضي اللبنانية المحتلّة» ولإبقائه عامل توتر يستخدمه عند الضرورة. ثم نسف الأسد «الأب» قرار مجلس الوزراء لعام 1996 القاضي بنشر الجيش اللبناني على الحدود مع إسرائيل، بذريعة رفضه «تحويل الجيش حارساً للحدود الإسرائيلية».بعدها استثمر نظام دمشق انسحاب الجيش الإسرائيلي من المناطق التي كان يحتلها في جنوب لبنان خلال مايو (أيار) 2000، و«جيّرها» لنفسه ليعزّز هيمنته على لبنان. غير أنه فوجئ ببيان مدوٍّ للمطارنة الموارنة برئاسة البطريرك الراحل نصر الله بطرس صفير في سبتمبر (أيلول) 2000، طالب فيه الجيش السوري بالانسحاب من لبنان؛ لأن «دوره انتفى مع جيش الاحتلال الإسرائيلي من جنوب لبنان».مع هذا، قبل شهر من انتهاء ولاية الرئيس إميل لحود، أعلن نظام بشار الأسد رغبته بالتمديد للحود ثلاث سنوات (نصف ولاية جديدة)، ورغم المعارضة النيابية الشديدة التي قادها رئيس الوزراء الراحل رفيق الحريري، مُدِّد للحود بالقوة على وقع تهديد الأسد «الابن» للحريري ووليد جنبلاط «بتحطيم لبنان فوق رأسيهما». وهذه المرة، صُدِم الأسد «الابن» بصدور القرار 1559 عن مجلس الأمن الدولي، الذي يقضي بانتخاب رئيس جديد للبنان، وانسحاب الجيش السوري فوراً، وحلّ كل الميليشيات وتسليم سلاحها للدولة اللبنانية. ولذا، عمل لإقصاء الحريري وقوى المعارضة اللبنانية عن السلطة، وتوِّج هذا الإقصاء بمحاولة اغتيال الوزير مروان حمادة في أكتوبر (تشرين الأول) 2004، ثمّ باغتيال رفيق الحريري يوم 14 فبراير (شباط) 2005، ما فجّر «ثورة الأرز» التي أدت إلى انسحاب الجيش السوري من لبنان يوم 26 أبريل (نيسان)، وتبع ذلك انتخابات نيابية خسرها حلفاء النظام السوري فريق «14 آذار» المناوئ لدمشق.تراجع نفوذ دمشق في لبنان استمر بعد انسحاب جيشها بضغط أميركي مباشر. وتجلّى ذلك في «الحوار الوطني اللبناني»، الذي أفضى إلى اتخاذ قرارات بينها «ترسيم الحدود» اللبنانية السورية، وبناء علاقات دبلوماسية مع سوريا وتبادل السفراء، الأمر الذي قبله بشار الأسد على مضض. وأكمل المسار بقرار إنشاء محكمة دولية لمحاكمة قتلة الحريري وتنظيم السلاح الفلسطيني خارج المخيمات - وطال أساساً التنظيمات المتحالفة مع دمشق وعلى رأسها «الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين - القيادة العامة» - وتحرير المعتقلين اللبنانيين في السجون السورية. حرب 6002مع هذا، بعد الحرب الإسرائيلية على لبنان في يوليو (تموز) 2006، التي أعلن «حزب الله» بعدها «الانتصار على إسرائيل»، استعاد النظام السوري بعض نفوذه. وتعزز ذلك بسلسلة اغتيالات طالت خصومه في لبنان من ساسة ومفكّرين وإعلاميين وأمنيين - جميعهم من فريق «14 آذار» - وتوّج بالانقلاب العسكري الذي نفذه «حزب الله» يوم 7 مايو 2008 محتلاً بيروت ومهاجماً الجبل. وأدى هذا التطور إلى «اتفاق الدوحة» الذي منح الحزب وحلفاء دمشق «الثلث المعطِّل» في الحكومة اللبنانية، فمكّنهم من الإمساك بالسلطة.يوم 25 مايو 2008 انتخب قائد الجيش اللبناني ميشال سليمان رئيساً للجمهورية، وفي 13 أغسطس (آب) من العام نفسه عُقدت قمة لبنانية ـ سورية في دمشق، وصدر عنها بيان مشترك، تضمّن بنوداً عدّة أهمها: «بحث مصير المفقودين اللبنانيين في سوريا، وترسيم الحدود، ومراجعة الاتفاقات وإنشاء علاقات دبلوماسية، وتبنّي المبادرة العربية للسلام». ولكن لم يتحقق من مضمون البيان، ومن «الحوار الوطني اللبناني» سوى إقامة سفارات وتبادل السفراء فقط.ختاماً، لم يقتنع النظام السوري في يوم من الأيام بالتعامل مع لبنان كدولة مستقلّة. وحتى في ذروة الحرب السورية، لم يكف عن تعقّب المعارضين السوريين الذي فرّوا إلى لبنان، فجنّد عصابات عملت على خطف العشرات منهم ونقلهم إلى سوريا. كذلك سخّر القضاء اللبناني (خصوصاً المحكمة العسكرية) للتشدد في محاكمة السوريين الذين كانوا في عداد «الجيش السوري الحرّ» والتعامل معهم كإرهابيين.أيضاً، كان للنظام السوري - عبر حلفائه اللبنانيين - الدور البارز في تعطيل الاستحقاقات الدستورية، لا سيما الانتخابات الرئاسية والنيابية وتشكيل الحكومات، بمجرد اكتشاف أن النتائج لن تكون لصالحهم. وعليه، قد يكون انتخاب الرئيس اللبناني في 9 يناير (كانون الثاني) المقبل، الاستحقاق الأول الذي يشهده لبنان من خارج تأثير نظام آل الأسد منذ نصف قرن.