قوات حفتر لاقتحام طرابلس... والسراج يعلن «النفير العام»

قلق أممي من تفاقم المواجهات... وداخلية حكومة الوفاق ترفع حالة الطوارئ إلى «الدرجة القصوى»

جانب من لقاء فائز السراج مع أنطونيو غوتيريش في طرابلس أمس حول التصعيد الأمني الجديد (أ.ف.ب)
جانب من لقاء فائز السراج مع أنطونيو غوتيريش في طرابلس أمس حول التصعيد الأمني الجديد (أ.ف.ب)
TT

قوات حفتر لاقتحام طرابلس... والسراج يعلن «النفير العام»

جانب من لقاء فائز السراج مع أنطونيو غوتيريش في طرابلس أمس حول التصعيد الأمني الجديد (أ.ف.ب)
جانب من لقاء فائز السراج مع أنطونيو غوتيريش في طرابلس أمس حول التصعيد الأمني الجديد (أ.ف.ب)

انتقلت الأزمة في ليبيا إلى مستوى سياسي وعسكري ينذر بتوتر الأوضاع من جديد، وذلك بعد أن أمر المشير خليفة حفتر، القائد العام للجيش الوطني الليبي، قواته أول من أمس، بالتحرك لقتال الجماعات الإرهابية في المنطقة الغربية التي تشمل العاصمة طرابلس، وهو ما رد عليه فائز السراج، رئيس حكومة الوفاق الوطني، بإعلان حالة النفير العام بين قواته العسكرية والأمنية للدفاع عن العاصمة، فيما حذر الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش من اندلاع معارك ضارية، داعيا الفصائل الليبية إلى ضبط النفس.
وبدا أن قوات الجيش تتجه إلى تطويق العاصمة طرابلس من الاتجاهات كافة، بعد أن دخلت أمس مدينتي صرمان وغريان جنوب وغرب المدينة، كما اقتربت أيضا من محيط مدينة سرت، دون أن تواجه مواجهة حقيقية من القوات التابعة لحكومة السراج في هذه المناطق. لكن فصائل من مدينة مصراتة الموالية لحكومة الوفاق الوطني في طرابلس أعلنت استعدادها للتصدي لتقدم القوات الموالية للمشير خليفة حفتر، التي تسيطر على شرق ليبيا.
وفي كلمة وجهها مساء أمس إلى قواته، أعلن المشير حفتر عن إطلاق عملية تحرير العاصمة طرابلس، تحت اسم «الفتح المبين»، بعدما وصل إلى مقر غرفة العمليات الرئيسية التابعة للجيش لمتابعة تقدم قواته، والعمليات العسكرية بالمنطقة الغربية. وقال حفتر مخاطبا جنوده المرابضين على تخوم طرابلس: «حان الأوان لدخول العاصمة، سنكمل مسيرة النضال والاستجابة لنداء أهلنا في العاصمة كما عاهدناهم، واليوم نزلزل الأرض تحت أقدام الظالمين». مضيفا: «لا تعتدوا على مؤسسات الدولة، ادخلوها بأمان سالمين... لا ترفعوا السلاح إلا على من رفعه في وجوهكم، ومن ترك سلاحه فهو آمن، ومن لزم بيته فهو آمن... ومن رفع الراية البيضاء فهو آمن... وسلامة أهلنا وممتلكاتهم وسلامة ضيوفنا الأجانب ومؤسساتنا أمانة بأيديكم».
وكرد فعل على هذه التطورات، أكدت قيادة القوات الأميركية العاملة في أفريقيا «أفريكوم»، ضمنيا، في معرض ردها على أسئلة لـ«الشرق الأوسط»، أنها لن تتدخل لدعم حكومة السراج في مواجهة الجيش، إذ قال الميجور ويست كارل، الناطق باسم «أفريكوم»، إن «القيادة الأميركية في أفريقيا تدرك التقارير المتعلقة بالوضع الحالي في ليبيا. ويمكنني أن أخبركم أننا نواصل دعم جهود الوساطة السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، والتقدم نحو الانتخابات الوطنية لإنهاء فترة الانتقال السياسي».
من جهتها، نددت السفارة الأميركية في ليبيا بشدة، التصعيد، وقالت في بيان لها إنها تكرر دعوة الأمم المتحدة إلى ضبط النفس. وهو الموقف نفسه الذي عبرت عنه بريطانيا، إذ قال فرانك بيكر، السفير البريطاني لدى ليبيا، إن بلاده «تشعر بقلق عميق تجاه التحركات العسكرية في ليبيا، والبيانات التصعيدية التي تساهم في تفاقم الأوضاع».
وبعدما حث جميع الأطراف على ضبط النفس، اعتبر بيكر أنه يجب التركيز الآن على المؤتمر الوطني المقبل بوصفه أفضل وسيلة لتحقيق مستقبل أفضل لجميع الليبيين.
وكان الأمين العام للأمم المتحدة، الذي أجرى أمس محادثات في العاصمة طرابلس مع فائز السراج، قد أعرب في تغريدة من طرابلس عن قلقه العميق إزاء التحركات العسكرية وخطر المواجهات في ليبيا، واعتبر أنه «لا يوجد حل عسكري في ليبيا... الحوار بين الليبيين هو وحده الذي يمكنه حل المشكلات الليبية». داعيا إلى «التهدئة وضبط النفس، بينما استعد للقاء القادة الليبيين في البلاد».
في غضون ذلك، أكد اللواء أحمد المسماري، الناطق الرسمي باسم الجيش، في مؤتمر صحافي مساء أول من أمس، أن «الجيش ملتزم مع الشعب الليبي بتحرير البلاد من الإرهاب»، مضيفا أن «أهالي طرابلس سيسعدون حينما يسمعون أزيز مقاتلات سلاح الجو في سماء العاصمة». وحذر المسماري من «بث الإشاعات حول نيات القوات المسلحة من تحركاتها العسكرية الأخيرة»، مؤكدا أن الجيش «أصبح قويا وجاهزا بكل المعايير والمقاييس الدولية».
وأمام هذه التطورات المتسارعة، أعلنت وزارة الداخلية بحكومة الوفاق الوطني الليبي، أمس، رفع حالة الطوارئ إلى الدرجة القصوى.
وأصدرت تعليماتها لـ«كل الأجهزة والوحدات الأمنية بالتصدي بقوة وشدة لأي محاولات تهدد أمن العاصمة طرابلس، واتخاذ جميع التدابير الأمنية اللازمة لذلك».
وقالت الوزارة في بيان لها أمس، إنه «في ضوء التصعيد المسلح الخطير، الذي يهدد أمن العاصمة طرابلس، ويعرض سلامة المدنيين للخطر، فإنها تؤكد التزامها الكامل بأداء واجباتها الوطنية بالتصدي بقوة وحزم لأي محاولات بائسة لزعزعة الأمن والاستقرار».
وأوضحت الوزارة أن «القوات المهاجمة للعاصمة طرابلس لا تعي حجم الخطيئة، التي ترتكبها في حق الوطن والمواطن، ولا يكون بعد ذلك من سبيل إلا مواجهة هذا الهجوم الغاشم دون أدنى تردد أو مواربة».
وحملت الوزارة في بيانها «المسؤولية الكاملة للطرف المهاجم عن النتائج الوخيمة المترتبة على هذا الهجوم»، وطالبت المجتمع الدولي بالاضطلاع بمسؤولياته الأخلاقية والقانونية، والإفصاح الصريح عن موقفه تجاه الخروقات الجسيمة، التي ما انفك الطرف المهاجم عن اقترافها إجهاضا لأي أمل في التوافق والسلام.



وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

وفد إسرائيلي بالقاهرة... توقعات بـ«اتفاق وشيك» للتهدئة في غزة

طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)
طفل يحمل أشياء تم انتشالها من مكب النفايات في خان يونس جنوب قطاع غزة (أ.ف.ب)

زار وفد إسرائيلي رفيع المستوى القاهرة، الثلاثاء، لبحث التوصل لتهدئة في قطاع غزة، وسط حراك يتواصل منذ فوز الرئيس الأميركي دونالد ترمب لإنجاز صفقة لإطلاق سراح الرهائن ووقف إطلاق النار بالقطاع المستمر منذ أكثر من عام.

وأفاد مصدر مصري مسؤول لـ«الشرق الأوسط» بأن «وفداً إسرائيلياً رفيع المستوى زار القاهرة في إطار سعي مصر للوصول إلى تهدئة في قطاع غزة، ودعم دخول المساعدات، ومتابعة تدهور الأوضاع في المنطقة».

وأكد مصدر فلسطيني مطلع، تحدث لـ«الشرق الأوسط»، أن لقاء الوفد الإسرائيلي «دام لعدة ساعات» بالقاهرة، وشمل تسلم قائمة بأسماء الرهائن الأحياء تضم 30 حالة، لافتاً إلى أن «هذه الزيارة تعني أننا اقتربنا أكثر من إبرام هدنة قريبة»، وقد نسمع عن قبول المقترح المصري، نهاية الأسبوع الحالي، أو بحد أقصى منتصف الشهر الحالي.

ووفق المصدر، فإن هناك حديثاً عن هدنة تصل إلى 60 يوماً، بمعدل يومين لكل أسير إسرائيلي، فيما ستبقي «حماس» على الضباط والأسرى الأكثر أهمية لجولات أخرى.

ويأتي وصول الوفد الإسرائيلي غداة حديث رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو في كلمة، الاثنين، عن وجود «تقدم (بمفاوضات غزة) فيها لكنها لم تنضج بعد».

وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية، الثلاثاء، عن عودة وفد إسرائيل ضم رئيس أركان الجيش الإسرائيلي هرتسي هاليفي، ورئيس جهاز الأمن العام «الشاباك» رونين بار، من القاهرة.

وأفادت هيئة البث الإسرائيلية بأنه عادت طائرة من القاهرة، الثلاثاء، تقلّ رئيس الأركان هرتسي هاليفي، ورئيس الشاباك رونين بار، لافتة إلى أن ذلك على «خلفية تقارير عن تقدم في المحادثات حول اتفاق لإطلاق سراح الرهائن في غزة».

وكشف موقع «واللا» الإخباري الإسرائيلي عن أن هاليفي وبار التقيا رئيس المخابرات المصرية اللواء حسن رشاد، وكبار المسؤولين العسكريين المصريين.

وبحسب المصدر ذاته، فإن «إسرائيل متفائلة بحذر بشأن قدرتها على المضي قدماً في صفقة جزئية للإفراج عن الرهائن، النساء والرجال فوق سن الخمسين، والرهائن الذين يعانون من حالة طبية خطيرة».

كما أفادت القناة الـ12 الإسرائيلية بأنه جرت مناقشات حول أسماء الأسرى التي يتوقع إدراجها في المرحلة الأولى من الاتفاقية والبنود المدرجة على جدول الأعمال، بما في ذلك المرور عبر معبر رفح خلال فترة الاتفاق والترتيبات الأمنية على الحدود بين مصر وقطاع غزة.

والأسبوع الماضي، قال ترمب على وسائل التواصل الاجتماعي، إن الشرق الأوسط سيواجه «مشكلة خطيرة» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن قبل تنصيبه في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وأكد مبعوثه إلى الشرق الأوسط، ستيف ويتكوف، الاثنين، أنه «لن يكون من الجيد عدم إطلاق سراح» الرهائن المحتجزين في غزة قبل المهلة التي كررها، آملاً في التوصل إلى اتفاق قبل ذلك الموعد، وفق «رويترز».

ويتوقع أن تستضيف القاهرة، الأسبوع المقبل، جولة جديدة من المفاوضات سعياً للتوصل إلى هدنة بين إسرائيل و«حماس» في قطاع غزة، حسبما نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن مصدر مقرّب من الحركة، السبت.

وقال المصدر: «بناء على الاتصالات مع الوسطاء، نتوقع بدء جولة من المفاوضات على الأغلب خلال الأسبوع... للبحث في أفكار واقتراحات بشأن وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى». وأضاف أنّ «الوسطاء المصريين والقطريين والأتراك وأطرافاً أخرى يبذلون جهوداً مثمّنة من أجل وقف الحرب».

وخلال الأشهر الماضية، قادت قطر ومصر والولايات المتحدة مفاوضات لم تكلّل بالنجاح للتوصل إلى هدنة وإطلاق سراح الرهائن في الحرب المتواصلة منذ 14 شهراً.

وقال رئيس الوزراء القطري الشيخ محمد بن عبد الرحمن بن جاسم آل ثاني، السبت، إن الزخم عاد إلى هذه المحادثات بعد فوز دونالد ترمب بالانتخابات الرئاسية الأميركية، الشهر الماضي. وأوضح أنّه في حين كانت هناك «بعض الاختلافات» في النهج المتبع في التعامل مع الاتفاق بين الإدارتين الأميركية المنتهية ولايتها والمقبلة، «لم نر أو ندرك أي خلاف حول الهدف ذاته لإنهاء الحرب».

وثمنت حركة «فتح» الفلسطينية، في بيان صحافي، الاثنين، بـ«الحوار الإيجابي والمثمر الجاري مع الأشقاء في مصر حول حشد الجهود الإقليمية والدولية لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، والإسراع بإدخال الإغاثة الإنسانية إلى القطاع».

وأشار المصدر الفلسطيني إلى زيارة مرتقبة لحركة «فتح» إلى القاهرة ستكون معنية بمناقشات حول «لجنة الإسناد المجتمعي» لإدارة قطاع غزة التي أعلنت «حماس» موافقتها عليها.