جبل طارق «مستعمرة تابعة للتاج البريطاني»

مدريد تسجل انتصاراً ضد لندن التي لم تعد بالنسبة للأوروبيين «واحدة منهم»

ثلاثة أعلام ما زالت ترفرف فوق الحدود الإسبانية مع جبل طارق (رويترز)
ثلاثة أعلام ما زالت ترفرف فوق الحدود الإسبانية مع جبل طارق (رويترز)
TT

جبل طارق «مستعمرة تابعة للتاج البريطاني»

ثلاثة أعلام ما زالت ترفرف فوق الحدود الإسبانية مع جبل طارق (رويترز)
ثلاثة أعلام ما زالت ترفرف فوق الحدود الإسبانية مع جبل طارق (رويترز)

لم تخرج بريطانيا بعد من الاتحاد الأوروبي؛ لكن تداعيات الـ«بريكست» بدأت ترخي بظلال ثقيلة على علاقاتها السياسية مع الدول الأوروبية. فبعد أسابيع من النقاش المتوتّر والمفاوضات والتهديدات المتبادلة، قرّر البرلمان الأوروبي، بأغلبية واسعة، تأييد المشروع الذي تقدّمت به إسبانيا حول نظام الإعفاءات من التأشيرات الذي يلحظ السماح للمواطنين البريطانيين بالدخول إلى البلدان الأعضاء في الاتحاد من غير تأشيرة دخول؛ لكنه يعتمد نصّاً يشير للمرة الأولى إلى جبل طارق بوصفه «مستعمرة تابعة للتاج البريطاني»، الأمر الذي أثار عميق الاستياء لدى حكومة لندن.
المعارك الدبلوماسية غالباً ما تدور بالأسلحة اللغوية، ولذا كفت حاشية بسيطة عند أسفل الصفحة في نص مشروع نظام التأشيرات، لنشوب معركة حامية حول جبل طارق، في بروكسل الغارقة منذ أشهر في المفاوضات حول خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي. وانتهت المعركة بفوز الفريق الإسباني الذي حصل على 502 من الأصوات، مقابل اعتراض 81 وامتناع 29 عن التصويت، واعتماد أوّل نص قانوني أوروبي يشير إلى جبل طارق كـ«مستعمرة»، قبل خروج بريطانيا من الاتحاد.
لا شك في أن مدريد قد سجّلت انتصاراً دبلوماسياً ما كان ليحصل لولا التعثّر الذي يواجه مفاوضات الـ«بريكست»؛ لكن مغانم هذا الانتصار تبقى محدودة على الصعيد العملي في الصراع الدبلوماسي، الهادئ والمديد، بين لندن ومدريد، حول الصخرة التي من سفحها انطلق طارق بن زياد لفتح الأندلس منذ أربعة عشر قرناً. فهو لن ينطوي على أي تقدّم في المطالب الإسبانية القديمة من أجل الاستخدام المشترك للمطار الذي بناه البريطانيون على لسان بحري، لم يكن ملحوظاً في معاهدات أوترخت التي بموجبها تخلّت إسبانيا عن الصخرة لبريطانيا في عام 1715، ولا في المساعي التي تبذلها مدريد من أجل السيادة المشتركة مع لندن على المستعمرة، والتي تشكّل أحد الأهداف الدبلوماسية الأساسية التي لم تتخلَّ عنها أي من الحكومات الإسبانية. لكن الخطوة تفتح مرحلة جديدة تتيح لإسبانيا التفاوض حول مستقبل جبل طارق، مدعومة من شركائها الأوروبيين، في وجه بريطانيا التي بدأت تعاني من العزلة حتى قبل الخروج من الاتحاد.
رئيسة الوزراء البريطانية لم تعلّق حتى الآن على نص الاتفاق، فيما تركز جهودها على مفاوضات الـ«بريكست» التي ستحدد نتائجها النص الذي ستتضمنه كتب التاريخ عنها في المستقبل. وليس مستغرباً ألا يكون جبل طارق بين أولوياتها التي تنحصر حاليّاً في لملمة فلول حزبها الذي يوشك على الانشطار؛ لكن قرار البرلمان الأوروبي يحمل مغزى واضحاً مفاده أن بريطانيا لم تعد بالنسبة للأوروبيين «واحدة منَّا».
وكان لافتاً كيف أن الأحزاب الإسبانية المنخرطة في حرب سياسية بلا هوادة منذ أشهر، قد تكاتفت لدعم مشروع نظام التأشيرات في البرلمان الأوروبي، في الوقت الذي كانت الحكومة البريطانية والمفوضيّة الأوروبية منهمكتين في المفاوضات حول الـ«بريكست».
وكانت الموافقة على المشروع قد سبقتها معركة أخرى انهزمت فيها بريطانيا، عندما قرر البرلمان عزل المقرر كلود موراس (من حزب العمال البريطاني) الذي اتهمه الجانب الإسباني بالتحيّز، وتم استبدال النائب البلغاري الاشتراكي سيرغي ستانيشيف به. وكان موراس قد رفض خمس محاولات لاستخدام مصطلح «مستعمرة» في متن النص، لكن عزله آثار موجة من الانتقادات ضد الحكومة الإسبانية، التي اتهمها البعض بالسعي لتحقيق مكاسب على أبواب الانتخابات العامة المقبلة أواخر هذا الشهر.
التعليق الوحيد الذي صدر عن الجانب البريطاني حتى الآن، ورد في بيان عن البعثة البريطانية في بروكسل، يتهّم البرلمانيين الإسبان باللجوء إلى «تكتيكات ترهيبية»، ويقلّل من شأن استخدام مصطلح «مستعمرة» في نص قانوني أوروبي، على أساس أنه «لا تترتّب عليه آثار عملية».
وتجدر الإشارة إلى أن بريطانيا كانت تستخدم، حتى عام 1981، مصطلح «مستعمرة» للإشارة إلى جبل طارق؛ لكنها استبدلت به منذ ذلك التاريخ الإشارة إلى «أرض بريطانية وراء البحار».



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».