غرفة تجارة دمشق تفقد نصف أعضائها

TT

غرفة تجارة دمشق تفقد نصف أعضائها

فقدت غرفة تجارة دمشق المؤسسة عام 1830 وإحدى أقدم غرف التجارة في العالم العربي نحو 46 في المائة من أعضائها منذ بداية العام الجاري، وذلك على خلفية قرار صدر بداية العام بربط الحصول على السجل التجاري بتسجيل العمال بالتأمينات الاجتماعية، ما أدى إلى انخفاض حاد في واردات غرفة تجارة دمشق هذا العام من 121.7 مليون ليرة إلى 36 مليون ليرة (الدولار يساوي خمسين ليرة).
جاء ذلك في تصريحات لمدير غرفة تجارة دمشق عماد خربطلي، التي جاءت صادمة، كسابقة لم تعهدها العاصمة دمشق التي اشتهرت بتجارها على مر العصور، الذين صمدوا خلال سنوات الحرب الصعبة وواجهوا كل أنواع الصعوبات وتقلبات الحال والخسائر الفادحة، بدءا من دمار محالهم وتجاراتهم وتدهور قيمة الليرة وارتفاع الضرائب وليس انتهاء بملاحقات الجهات الحكومية من حماية المستهلك والجمارك والضرائب، ليأتي مؤخرا قرار ربط الحصول على السجل التجاري بتسجيل العمال بالتأمينات الاجتماعية ليسدد ضربة موجعة للتجار الصغار لا سيما أصحاب السجلات الفردية ممن لا يستخدمون عمالا دائمين في أعمالهم، وكذلك أصحاب السجلات التجارية ممن دمرت محلاتهم ومكاتبهم، حيث فقدوا الحق بتجديد سجلاتهم التجارية، وبينهم تجار قدماء في الغرفة. وهذا ما أثار اعتراض الغالبية من التجار على القرار لمساواته بين الصانع والتاجر من جانب، والمساواة بين أصحاب التجارات الكبرى والأعمال وصغار التجار من أصحاب المحلات الصغيرة، إذ يلزم الجميع بتسجيل العاملين لديهم في التأمينات الاجتماعية.
ويعتبر قانون التجارة في سوريا كل شخص يمارس عملاً تجارياً (بمفهوم العمل التجاري) سواء كان تجارة (جملة - تجزئة - الاستيراد - التصدير - مناقصات - تجارة عامة) حتى الصناعة والخدمات التي تنضوي ضمن مفهوم العمل التجاري؛ تحتاج إلى سجل تجاري، ومن ثم المطلوب أن يكون لدى التجار سجل تجاري، يلزمهم التسجيل في غرفة التجارة.
وكانت الحكومة قد أصدرت قرارا بإلزام كل من يزاول نشاطا تجاريا بالتسجيل للغرفة قبل حصوله على السجل التجاري، والذي رفع معدل إيرادات الغرفة، لتعود اليوم وتنخفض بشكل حاد.
وتشير أرقام غرفة تجارة دمشق إلى أن عدد التجار المسجلين في غرفة تجارة دمشق انخفض من 9789 تاجراً من بداية العام الماضي إلى 5232 خلال الفترة ذاتها من العام الجاري. مع الإشارة إلى أن عدد المنتسبين عام 2017 بلغ 16260ـ
وقالت مصادر اقتصادية في دمشق لـ«الشرق الأوسط» إنها تتوقع أن يتواصل انخفاض عدد التجار المنتسبين للغرفة، الأمر الذي سيكون له انعكاسات سلبية على السوق. ولفتت إلى أن غرفة تجارة دمشق تعتبر مؤسسة ذات نفع عام وفق قانون 131 لعام 1959 الناظم لعمل غرف التجارة في سوريا. ويهدف عملها إلى خدمة وتمثيل المؤسسات التجارية والترويج لها والدفاع عنها، لكنها في العقد الأخير «تحولت إلى مركز جباية رسوم واشتراكات باتت تثقل كاهل التجار»، وفي المقابل لا تقدم الفائدة المرجوة منها وليس لها الثقل الذي كانت تتمتع به في العقود السابقة.



الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
TT

الحوثيون يكثفون انتهاكاتهم بحق الأكاديميين في الجامعات

فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)
فعالية حوثية داخل جامعة صنعاء تضامناً مع «حزب الله» (إعلام حوثي)

كثّفت الجماعة الحوثية استهدافها مدرسي الجامعات والأكاديميين المقيمين في مناطق سيطرتها بحملات جديدة، وألزمتهم بحضور دورات تعبوية وزيارات أضرحة القتلى من قادتها، والمشاركة في وقفات تنظمها ضد الغرب وإسرائيل، بالتزامن مع الكشف عن انتهاكات خطيرة طالتهم خلال فترة الانقلاب والحرب، ومساعٍ حثيثة لكثير منهم إلى الهجرة.

وذكرت مصادر أكاديمية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن مدرسي الجامعات العامة والخاصة والموظفين في تلك الجامعات يخضعون خلال الأسابيع الماضية لممارسات متنوعة؛ يُجبرون خلالها على المشاركة في أنشطة خاصة بالجماعة على حساب مهامهم الأكاديمية والتدريس، وتحت مبرر مواجهة ما تسميه «العدوان الغربي والإسرائيلي»، ومناصرة فلسطينيي غزة.

وتُلوّح الجماعة بمعاقبة مَن يتهرّب أو يتخلّف من الأكاديميين في الجامعات العمومية، عن المشاركة في تلك الفعاليات بالفصل من وظائفهم، وإيقاف مستحقاتهم المالية، في حين يتم تهديد الجامعات الخاصة بإجراءات عقابية مختلفة، منها الغرامات والإغلاق، في حال عدم مشاركة مدرسيها وموظفيها في تلك الفعاليات.

أكاديميون في جامعة صنعاء يشاركون في تدريبات عسكرية أخضعهم لها الحوثيون (إعلام حوثي)

وتأتي هذه الإجراءات متزامنة مع إجراءات شبيهة يتعرّض لها الطلاب الذين يجبرون على حضور دورات تدريبية قتالية، والمشاركة في عروض عسكرية ضمن مساعي الجماعة لاستغلال الحرب الإسرائيلية على غزة لتجنيد مقاتلين تابعين لها.

انتهاكات مروّعة

وكان تقرير حقوقي قد كشف عن «انتهاكات خطيرة» طالت عشرات الأكاديميين والمعلمين اليمنيين خلال الأعوام العشرة الماضية.

وأوضح التقرير الذي أصدرته «بوابة التقاضي الاستراتيجي»، التابعة للمجلس العربي، بالتعاون مع الهيئة الوطنية للأسرى والمختطفين، قبل أسبوع تقريباً، وغطّي الفترة من مايو (أيار) 2015، وحتى أغسطس (آب) الماضي، أن 1304 وقائع انتهاك طالت الأكاديميين والمعلمين في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية التي اتهمها باختطافهم وتعقبهم، ضمن ما سمّاها بـ«سياسة تستهدف القضاء على الفئات المؤثرة في المجتمع اليمني وتعطيل العملية التعليمية».

أنشطة الجماعة الحوثية في الجامعات طغت على الأنشطة الأكاديمية والعلمية (إكس)

ووثّق التقرير حالتي وفاة تحت التعذيب في سجون الجماعة، وأكثر من 20 حالة إخفاء قسري، منوهاً بأن من بين المستهدفين وزراء ومستشارين حكوميين ونقابيين ورؤساء جامعات، ومرجعيات علمية وثقافية ذات تأثير كبير في المجتمع اليمني.

وتضمن التقرير تحليلاً قانونياً لمجموعة من الوثائق، بما في ذلك تفاصيل جلسات التحقيق ووقائع التعذيب.

ووفق تصنيف التقرير للانتهاكات، فإن الجماعة الحوثية نفّذت 1046 حالة اختطاف بحق مؤثرين، وعرضت 124 منهم للتعذيب، وأخضعت اثنين من الأكاديميين و26 من المعلمين لمحاكمات سياسية.

وتشمل الانتهاكات التي رصدها التقرير، الاعتقال التعسفي والإخفاء القسري والتعذيب الجسدي والنفسي والمحاكمات الصورية وأحكام الإعدام.

عشرات الأكاديميين لجأوا إلى طلب الهجرة بسبب سياسات الإقصاء الحوثية وقطع الرواتب (إكس)

وسبق أن كشف تقرير تحليلي لأوضاع الأكاديميين اليمنيين عن زيادة في طلبات العلماء والباحثين الجامعيين للهجرة خارج البلاد، بعد تدهور الظروف المعيشية، واستمرار توقف رواتبهم، والانتهاكات التي تطال الحرية الأكاديمية.

وطبقاً للتقرير الصادر عن معهد التعليم الدولي، ارتفعت أعداد الطلبات المقدمة من باحثين وأكاديميين يمنيين لصندوق إنقاذ العلماء، في حين تجري محاولات لاستكشاف الطرق التي يمكن لقطاع التعليم الدولي من خلالها مساعدة وتغيير حياة من تبقى منهم في البلاد إلى الأفضل.

إقبال على الهجرة

يؤكد المعهد الدولي أن اليمن كان مصدر غالبية الطلبات التي تلقّاها صندوق إنقاذ العلماء في السنوات الخمس الماضية، وتم دعم أكثر من ثلثي العلماء اليمنيين داخل المنطقة العربية وفي الدول المجاورة، بمنحة قدرها 25 ألف دولار لتسهيل وظائف مؤقتة.

قادة حوثيون يتجولون في جامعة صنعاء (إعلام حوثي)

لكن تحديات التنقل المتعلقة بالتأشيرات وتكلفة المعيشة والاختلافات اللغوية الأكاديمية والثقافية تحد من منح الفرص للأكاديميين اليمنيين في أميركا الشمالية وأوروبا، مقابل توفر هذه الفرص في مصر والأردن وشمال العراق، وهو ما يفضله كثير منهم؛ لأن ذلك يسمح لهم بالبقاء قريباً من عائلاتهم وأقاربهم.

وخلص التقرير إلى أن العمل الأكاديمي والبحثي داخل البلاد «يواجه عراقيل سياسية وتقييداً للحريات ونقصاً في الوصول إلى الإنترنت، ما يجعلهم يعيشون فيما يُشبه العزلة».

وأبدى أكاديمي في جامعة صنعاء رغبته في البحث عن منافذ أخرى قائمة ومستمرة، خصوصاً مع انقطاع الرواتب وضآلة ما يتلقاه الأستاذ الجامعي من مبالغ، منها أجور ساعات تدريس محاضرات لا تفي بالاحتياجات الأساسية، فضلاً عن ارتفاع الإيجارات.

إجبار الأكاديميين اليمنيين على المشاركة في الأنشطة الحوثية تسبب في تراجع العملية التعليمية (إكس)

وقال الأكاديمي الذي طلب من «الشرق الأوسط» التحفظ على بياناته خوفاً على سلامته، إن الهجرة ليست غاية بقدر ما هي بحث عن وظيفة أكاديمية بديلة للوضع المأساوي المعاش.

ويقدر الأكاديمي أن تأثير هذه الأوضاع أدّى إلى تدهور العملية التعليمية في الجامعات اليمنية بنسبة تتجاوز نصف الأداء في بعض الأقسام العلمية، وثلثه في أقسام أخرى، ما أتاح المجال لإحلال كوادر غير مؤهلة تأهيلاً عالياً، وتتبع الجماعة الحوثية التي لم تتوقف مساعيها الحثيثة للهيمنة على الجامعات ومصادرة قرارها، وصياغة محتوى مناهجها وفقاً لرؤية أحادية، خصوصاً في العلوم الاجتماعية والإنسانية.

وفي حين فقدت جامعة صنعاء -على سبيل المثال- دورها التنويري في المجتمع، ومكانتها بصفتها مؤسسة تعليمية، تُشجع على النقد والتفكير العقلاني، تحسّر الأكاديمي اليمني لغياب مساعي المنظمات الدولية في تبني حلول لأعضاء هيئة التدريس، سواء في استيعابهم في مجالات أو مشروعات علمية، متمنياً ألا يكون تخصيص المساعدات لمواجهة المتطلبات الحياتية للأكاديميين غير مشروط أو مجاني، وبما لا يمس كرامتهم.