تونس: تكريم أمنيين نجحوا في القضاء على اثنين من أخطر الإرهابيين

فجَّرا نفسيهما في الثالث من يناير باستعمال حزامين ناسفين

TT

تونس: تكريم أمنيين نجحوا في القضاء على اثنين من أخطر الإرهابيين

بعد نحو ثلاثة أشهر على العملية الأمنية الاستباقية الناجحة التي نفذتها وحدات الأمن التونسي المختصة في مكافحة الإرهابية بمدينة جلمة من ولاية - محافظة - سيدي بوزيد (وسط تونس)، كرّم هشام الفراتي، وزير الداخلية التونسية، عدداً من الأمنيين الذين شاركوا في تلك العملية ممن ينشطون ضمن إدارة مجابهة الإرهاب بالإدارة العامة لوحدات التدخل للأمن الوطني، وكانت العملية الأمنية قد أسفرت حينها عن القضاء على الإرهابيين التونسيين، عز الدين العلوي وغالي العمري، وهما اثنان من أخطر العناصر الإرهابية المتحصنة في الجبال الغربية للبلاد. وتمكنت وحدات الأمن التونسي المختصة في مكافحة الإرهاب من محاصرة المنزل الذي تحصن فيه الإرهابيان المنتميان إلى كتيبة «التوحيد والجهاد» عن خلية «أجناد الخلافة» المبايعة لتنظيم «داعش» الإرهابي. وكانت وحدات الأمن التونسي قد كشفت في الخامس من ديسمبر (كانون الأول) 2018 عن مصنع للمتفجرات تديره كتيبة «التوحيد والجهاد» الإرهابية، وألقت القبض على أغلب عناصر تلك المجموعة الإرهابية، وفتحت تحقيقاً أمنياً وقضائياً ضد 19 متهماً في هذه القضية. وظلت تلاحق عناصر تلك المجموعة، وعلى رأسهم عز الدين العلوي وغالي العمري، إلى أن توفرت لديها معلومات استخباراتية تؤكد تحصنهما بأحد المنازل في مدينة جلمة، وتقرر مهاجمة المكان، غير أن العنصرين الإرهابيين فجّرا نفسيهما قبل إلقاء القبض عليهما.
وكانت المجموعة الإرهابية تخطط لعمليات إرهابية وصفت بـ«الاستعراضية» لإيقاع أكثر عدد ممكن من الضحايا، وذلك من خلال استهداف رواد السوق الأسبوعية بمدينة جلمة، وكذلك مجموعة من المقرات الأمنية. وحجزت قوات الأمن التونسية أسلحة من نوع «شطاير» التي تستعملها قوات الجيش التونسي، وأحزمة ناسفة وكمية من المواد المستعملة في صناعة المتفجرات، علاوة على مجموعة من الهواتف الجوالة، ومنظار ليلي، وآلة لقيس الضغط الكهربائي. وخلال الهجوم الذي شنّته قوات مكافحة الإرهاب، فجّر الإرهابي التونسي عز الدين العلوي نفسه باستعمال حزام ناسف، وكان العلوي يقود كتيبة «التوحيد والجهاد» الإرهابية، وهو إلى جانب ذلك العقل المدبر لمخطط إرهابي يتمثل في القيام بعمليات نوعية ضد أمنيين والسيطرة على سيدي بوزيد وإقامة «إمارة داعشية» في المنطقة.
أما المتطرف غالي العمري، المتهم الثاني في هذا المخطط والذي فجّر بدوره نفسه قبل إلقاء القبض عليه حياً، فهو كذلك ينشط ضمن خلية «أجناد الخلافة»، وهو محل مراقبة ومتابعة أمنية منذ سنة 2014، وقد أوقفته أجهزة الأمن التونسية إثر اتهامه بتمجيد العمليات الإرهابية، وذلك خلال سنة 2016 قبل أن يتم إطلاق سراحه لعدم كفاية الأدلة المقدمة ضده.



اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
TT

اللاجئون الفلسطينيون يعودون إلى مخيم «اليرموك» في سوريا

اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)
اللاجئ الفلسطيني خالد خليفة يدعو لابنه المدفون في مقبرة مخيم اليرموك المدمرة (أ.ف.ب)

كان مخيم اليرموك للاجئين في سوريا، الذي يقع خارج دمشق، يُعدّ عاصمة الشتات الفلسطيني قبل أن تؤدي الحرب إلى تقليصه لمجموعة من المباني المدمرة.

سيطر على المخيم، وفقاً لوكالة «أسوشييتد برس»، مجموعة من الجماعات المسلحة ثم تعرض للقصف من الجو، وأصبح خالياً تقريباً منذ عام 2018، والمباني التي لم تدمرها القنابل هدمت أو نهبها اللصوص.

رويداً رويداً، بدأ سكان المخيم في العودة إليه، وبعد سقوط الرئيس السوري السابق بشار الأسد في 8 ديسمبر (كانون الأول)، يأمل الكثيرون في أن يتمكنوا من العودة.

في الوقت نفسه، لا يزال اللاجئون الفلسطينيون في سوريا، الذين يبلغ عددهم نحو 450 ألف شخص، غير متأكدين من وضعهم في النظام الجديد.

أطفال يلعبون أمام منازل مدمرة بمخيم اليرموك للاجئين في سوريا (أ.ف.ب)

وتساءل السفير الفلسطيني لدى سوريا، سمير الرفاعي: «كيف ستتعامل القيادة السورية الجديدة مع القضية الفلسطينية؟»، وتابع: «ليس لدينا أي فكرة لأننا لم نتواصل مع بعضنا بعضاً حتى الآن».

بعد أيام من انهيار حكومة الأسد، مشت النساء في مجموعات عبر شوارع اليرموك، بينما كان الأطفال يلعبون بين الأنقاض. مرت الدراجات النارية والدراجات الهوائية والسيارات أحياناً بين المباني المدمرة. في إحدى المناطق الأقل تضرراً، كان سوق الفواكه والخضراوات يعمل بكثافة.

عاد بعض الأشخاص لأول مرة منذ سنوات للتحقق من منازلهم. آخرون كانوا قد عادوا سابقاً ولكنهم يفكرون الآن فقط في إعادة البناء والعودة بشكل دائم.

غادر أحمد الحسين المخيم في عام 2011، بعد فترة وجيزة من بداية الانتفاضة ضد الحكومة التي تحولت إلى حرب أهلية، وقبل بضعة أشهر، عاد للإقامة مع أقاربه في جزء غير مدمر من المخيم بسبب ارتفاع الإيجارات في أماكن أخرى، والآن يأمل في إعادة بناء منزله.

هيكل إحدى ألعاب الملاهي في مخيم اليرموك بسوريا (أ.ف.ب)

قال الحسين: «تحت حكم الأسد، لم يكن من السهل الحصول على إذن من الأجهزة الأمنية لدخول المخيم. كان عليك الجلوس على طاولة والإجابة عن أسئلة مثل: مَن هي والدتك؟ مَن هو والدك؟ مَن في عائلتك تم اعتقاله؟ عشرون ألف سؤال للحصول على الموافقة».

وأشار إلى إن الناس الذين كانوا مترددين يرغبون في العودة الآن، ومن بينهم ابنه الذي هرب إلى ألمانيا.

جاءت تغريد حلاوي مع امرأتين أخريين، يوم الخميس، للتحقق من منازلهن. وتحدثن بحسرة عن الأيام التي كانت فيها شوارع المخيم تعج بالحياة حتى الساعة الثالثة أو الرابعة صباحاً.

قالت تغريد: «أشعر بأن فلسطين هنا، حتى لو كنت بعيدة عنها»، مضيفة: «حتى مع كل هذا الدمار، أشعر وكأنها الجنة. آمل أن يعود الجميع، جميع الذين غادروا البلاد أو يعيشون في مناطق أخرى».

بني مخيم اليرموك في عام 1957 للاجئين الفلسطينيين، لكنه تطور ليصبح ضاحية نابضة بالحياة حيث استقر العديد من السوريين من الطبقة العاملة به. قبل الحرب، كان يعيش فيه نحو 1.2 مليون شخص، بما في ذلك 160 ألف فلسطيني، وفقاً لوكالة الأمم المتحدة للاجئين الفلسطينيين (الأونروا). اليوم، يضم المخيم نحو 8 آلاف لاجئ فلسطيني ممن بقوا أو عادوا.

لا يحصل اللاجئون الفلسطينيون في سوريا على الجنسية، للحفاظ على حقهم في العودة إلى مدنهم وقراهم التي أُجبروا على مغادرتها في فلسطين عام 1948.

لكن، على عكس لبنان المجاورة، حيث يُمنع الفلسطينيون من التملك أو العمل في العديد من المهن، كان للفلسطينيين في سوريا تاريخياً جميع حقوق المواطنين باستثناء حق التصويت والترشح للمناصب.

في الوقت نفسه، كانت للفصائل الفلسطينية علاقة معقدة مع السلطات السورية. كان الرئيس السوري الأسبق حافظ الأسد وزعيم «منظمة التحرير الفلسطينية»، ياسر عرفات، خصمين. وسُجن العديد من الفلسطينيين بسبب انتمائهم لحركة «فتح» التابعة لعرفات.

قال محمود دخنوس، معلم متقاعد عاد إلى «اليرموك» للتحقق من منزله، إنه كان يُستدعى كثيراً للاستجواب من قبل أجهزة الاستخبارات السورية.

وأضاف متحدثاً عن عائلة الأسد: «على الرغم من ادعاءاتهم بأنهم مع (المقاومة) الفلسطينية، في الإعلام كانوا كذلك، لكن على الأرض كانت الحقيقة شيئاً آخر».

وبالنسبة لحكام البلاد الجدد، قال: «نحتاج إلى مزيد من الوقت للحكم على موقفهم تجاه الفلسطينيين في سوريا. لكن العلامات حتى الآن خلال هذا الأسبوع، المواقف والمقترحات التي يتم طرحها من قبل الحكومة الجديدة جيدة للشعب والمواطنين».

حاولت الفصائل الفلسطينية في اليرموك البقاء محايدة عندما اندلع الصراع في سوريا، ولكن بحلول أواخر 2012، انجر المخيم إلى الصراع ووقفت فصائل مختلفة على جوانب متعارضة.

عرفات في حديث مع حافظ الأسد خلال احتفالات ذكرى الثورة الليبية في طرابلس عام 1989 (أ.ف.ب)

منذ سقوط الأسد، كانت الفصائل تسعى لتوطيد علاقتها مع الحكومة الجديدة. قالت مجموعة من الفصائل الفلسطينية، في بيان يوم الأربعاء، إنها شكلت هيئة برئاسة السفير الفلسطيني لإدارة العلاقات مع السلطات الجديدة في سوريا.

ولم تعلق القيادة الجديدة، التي ترأسها «هيئة تحرير الشام»، رسمياً على وضع اللاجئين الفلسطينيين.

قدمت الحكومة السورية المؤقتة، الجمعة، شكوى إلى مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة تدين دخول القوات الإسرائيلية للأراضي السورية في مرتفعات الجولان وقصفها لعدة مناطق في سوريا.

لكن زعيم «هيئة تحرير الشام»، أحمد الشرع، المعروف سابقاً باسم «أبو محمد الجولاني»، قال إن الإدارة الجديدة لا تسعى إلى صراع مع إسرائيل.

وقال الرفاعي إن قوات الأمن الحكومية الجديدة دخلت مكاتب ثلاث فصائل فلسطينية وأزالت الأسلحة الموجودة هناك، لكن لم يتضح ما إذا كان هناك قرار رسمي لنزع سلاح الجماعات الفلسطينية.